شجاعة فتاة
ذات يوم، جاءت فتاة إلى النبى صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أباها الذى زوجها من ابن عمها بغير علمها، وأنه قد فعل ذلك ليرفع من مكانة ابن أخيه، فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر إليها: فإما أن ترضى بما صنع أبوها، أو تطلب إنهاء الزواج.
ولكن الفتاة أخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم أنها قد وافقت على ما صنع أبوها، وإنما أرادت أن تعلم النساء أن ليس للأب أن يجبر ابنته على الزواج ممن تكره.
شجاعة عالم
ذات يوم، جاء أحد الناس إلى سلطان العلماء العز بن عبد السلام-رحمه الله-واستفتاه فى أمر ما، فأفتاه العز، وبعد أن انصرف الرجل ظهر للعز أنه قد أخطأ فى فتواه.
فلم يصر العز على خطئه، وعمل ما يجب أن يعمله كل إنسان شجاع فى مثل هذا الموقف، فاستأجر مناديًا ينادى فى البلاد أن من استفتى العز فى كذا فلا يأخذ بالفتوى، فإن العز قد أخطأ.
وهكذا رجع العز عن فتواه، ولم يبال بما سيقال عنه، لأنه أرضى الله، وتدارك عاقبة فتواه.

الزوج الوفى
كانت أم المؤمنين السيدة خديجة- رضى الله عنها- مثالا للزوجة الوفية مع النبى صلى الله عليه وسلم ؛ تفرح لفرحه، وتحزن لحزنه، وتسانده فى الشدائد، وتتحمل معه الكثير من المتاعب فى سبيل الله، فكان صلى الله عليه وسلم يقدر لها هذا العطاء، ويعرف لها هذا الفضل.
وبعد أن ماتت- رضى الله عنها- بقى صلى الله عليه وسلم وفيًا لها؛ يكرم صديقاتها، ويفرح إذا رأى أحدًا من أهلها، ويذكرها دائمًا بالخير، ويثنى عليها.
وذات مرة، أكثر صلى الله عليه وسلم من الثناء عليها أمام أم المؤمنين عائشة- رضى الله عنها-فأخذتها الغيرة، وقالت له:هل كانت إلا عجوزًا أبدلك الله خيرًا منها؟
فغضب صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، وقال لها
والله ما أبدلنى الله خيرًا منها؛ آمَنَتْ بى إذ كفر الناس، وصدقتنى إذ كذبنى الناس، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس، ورزقنى الله منها الولد دون غيرها من النساء).
الوفاء للوطن
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مكة حبَّا كبيرًا، فهى بلده الذى ولد فيه، وفيها بيت الله الحرام، وعلى أرضها نزل الوحى لأول مرة.
ولما اشتد إيذاء المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فى مكة، أمره الله -تعالى- بالهجرة إلى المدينة.
فلما خرج صلى الله عليه وسلم من مكة نظر إليها نظرة المحب الوفى، وأخذ يودِّعها، وهو يقول
والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أُخرجت منك ما خرجت).
وبعد ثمانى سنوات، كتب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يعود إلى مكة فاتحًا ومنتصرًا، بعد أن اضطر إلى الخروج منها، فدخلها النبى صلى الله عليه وسلم فرحًا مسروراً، وعفا عن أهلها برغم ما فعلوه معه.
وهكذا يكون الوفاء للوطن، والمسلم يكون محبَّا لوطنه، حريصًا على مصلحته، وفيَّا له.
الأوفياء
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته على القبائل القادمة إلى مكة لزيارة البيت الحرام، فى مواسم الحج.
وفى أحد المواسم، أقبلت جماعة من المدينة، فقابلهم النبى صلى الله عليه وسلم ، ودعاهم إلى الإسلام، فشرح الله صدورهم للإيمان.
فقال لهم صلى الله عليه وسلم

ألا تبايعون رسول الله؟).
فقالوا:علام نبايعك؟
فقال لهم: (على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، ولا تسألوا الناس شيئًا).
فبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على ذلك، وصدقوا فى بيعتهم، ووفُّوا بعهدهم، حتى إن بعضهم كان إذا سقط منه سوطه، لا يسأل أحدًا أن يناوله إيَّاه؛ وذلك وفاء لعهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يسألوا أحدًا شيئًا.
