أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي (سورة النساء ) (2)وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل

﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا۟ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] وَالْعَبْد إِذا عمل بِمَا علم؛ أورثه الله علم مَا لم يعلم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً). ابن تيمية: 2/293.





﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُوا۟ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] فأخبر سبحانه أنه لم يكتب ذلك علينا رفقاً بنا؛ لئلا تظهر معصيتنا؛ فكم من أمر قصرنا عنه مع خفته، فكيف بهذا الأمر مع ثقله؟ لكن أما والله لقد ترك المهاجرون مساكنهم خاوية، وخرجوا يطلبون بها عيشة راضية. القرطبي: 6/446.





﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُوا۟ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ۖ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٦٦﴾] يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من: قتل النفوس والخروج من الديار؛ لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم، وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي أن يلحظ العبدُ ضد ما هو فيه من المكروهات لتخف عليه العبادات. السعدي: 185.





﴿ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٨﴾] وفي ضمن ذلك مدح من يفهم عن الله وعن رسوله، والحث على ذلك، وعلى الأسباب المعينة على ذلك من الإقبال على كلامهما وتدبره، وسلوك الطرق الموصلة إليها. السعدي: 189.





﴿ قُلْ مَتَٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] ومتاع الدنيا منفعتها والاستمتاع بلذاتها، وسماه قليلاً لأنه لا بقاء له، وقال النبي ﷺ: (مثلي ومثل الدنيا كراكب قال قيلولة تحت شجرة ثم راح وتركها). القرطبي: 6/463.





﴿ ۚ وَقَالُوا۟ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلَآ أَخَّرْتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلْءَاخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] أي: ولو فرض أنه مدّ في آجالكم إلى أن تملوا الحياة، فإن كل منقطع قليل، مع أن نعيمها غير محقق الحصول، وإن حصل كان منغصاًً بالكدورات. البقاعي: 2/283.





﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوٓا۟ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٧﴾] لعل أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة [تنبيه] على أن الجهاد مع النفس مقدم، وما لم يتمكن المسلم في الانقياد لأمر الله تعالى بالجود بالمال لا يكاد يتأتى منه الجود بالنفس، والجود بالنفس أقصى غاية الجود. الألوسي: 5/85.





﴿ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] والمراد بكيد الشيطان تدبيره؛ وهو ما يظهر على أنصاره من الكيد للمسلمين والتدبير لتأليب الناس عليهم. ابن عاشور: 5/124.





﴿ فَقَٰتِلُوٓا۟ أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] وإنما وصفهم جل ثناؤه بالضعف لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب، ولا يتركون القتال خوف عقاب، وإنما يقاتلون حمية، أو حسداً للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، والمؤمنون يقاتل من قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله، ويترك القتال إن تركه على خوف من وعيد الله في تركه؛ فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل، وبما له من الغنيمة والظفر إن سلم، والكافر يقاتل على حذر من القتل، وإياس من معاد. الطبري: 8/547.





﴿ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓا۟ أَوْلِيَآءَ ٱلشَّيْطَٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٧٦﴾] بحسب إيمان العبد يكون جهاده في سبيل الله، وإخلاصه، ومتابعته، فالجهاد في سبيل الله من آثار الإيمان ومقتضياته ولوازمه، كما أن القتال في سبيل الطاغوت من شعب الكفر ومقتضياته. السعدي: 187.





﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا۟ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٦﴾] تعليم لنوع من مكارم الاخلاق ومحاسن الأعمال؛ فالمعنى: إذا مَنَّ الله تعالى عليكم بعطية فابذلوا الأحسن من عطاياه، أو تصدقوا بما أعطاكم، وردوه إلى الله تعالى على يد المستحقين، والله تعالى خير الموفقين. الألوسي: 5/104.





﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا۟ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٦﴾] ما أحسن جعلها تالية لآية الجهاد؛ إشارة إلى أن من بذل السلام وجب الكف عنه ولو كان في الحرب، وأن من مقتضيات هاتين الآيتين أن مبنى هذه السورة على الندب إلى الإحسان والتعاطف والتواصل، ومن أعظمه القول اللين؛ لأنه ترجمان القلب الذي به العطف، ومن أعظم ذلك الشفاعة والتحية. البقاعي: 2/292.





﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُۥ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٥﴾] الشفاعة الحسنة هي الإصلاح بين الناس، والشفاعة السيئة هي المشي بالنميمة بين الناس. البغوي: 1/568





﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُۥ نَصِيبٌ مِّنْهَا ۖ وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُۥ كِفْلٌ مِّنْهَا ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٥﴾] الشفاعة الحسنة هي: الشفاعة في مسلم لتفرج عنه كربة، أو تدفع مظلمة، أو تجلب إليه خيراً، والشفاعة السيئة بخلاف ذلك. ابن جزي: 1/201.





﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] أي: تناقضاً كما في كلام البشر، أو تفاوتاً في الفصاحة. لكن القرآن منزّه عن ذلك؛ فدل على أنه كلام الله. وإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافاً في شيء من القرآن، فالواجب أن يتهم نظره ويسأل أهل العلم، ويطالع تآليفهم حتى يعلم أن ذلك ليس باختلاف. ابن جزي: 1/200.





﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرً ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] ودلت هذه الآية، وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) [محمد: 24] على وجوب التدبر في القرآن ليُعرف معناه. القرطبي: 6/477.





﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٢﴾] من فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين. السعدي: 190.





﴿ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٠﴾] تسليط الله تعالى المشركين على المؤمنين هو بأن يقدرهم على ذلك، ويقويهم؛ إما عقوبة ونقمة عند إذاعة المنكر وظهور المعاصي، وإما ابتلاء واختباراً... وإما تمحيصاًً للذنوب. القرطبي: 6/511.





﴿ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٩﴾] (فإن تولوا) أي: أعرضوا عن المهاجرة. وهذا إنذار لهم قبل مؤاخذتهم، إذ المعنى: فأبلغوهم هذا الحكم فإن أعرضوا عنه ولم يتقبلوه فخذوهم واقتلوهم، وهذا يدل على أن من صدر منه شيء يحتمل الكفر لا يؤاخذ به حتى يُتَقدَّم له، ويُعَرَّف بما صدر منه، ويعذر إليه، فإن التزمه يؤاخذ به، ثم يستتاب. ابن عاشور: 5/152.





﴿ فَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٩﴾] وهذا يستلزم عدم محبتهم؛ لأن الولاية فرع المحبة، ويستلزم أيضاًً بغضهم وعداوتهم؛ لأن النهي عن الشيء أمر بضده. السعدي: 192.





﴿ فَمَا لَكُمْ فِى ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓا۟ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] وقد جعل الله ردهم إلى الكفر جزاءً لسوء اعتقادهم، وقلة إخلاصهم مع رسوله ﷺ؛ فإن الأعمال تتوالد من جنسها؛ فالعمل الصالح يأتي بزيادة الصالحات، والعمل السيء يأتي بمنتهى المعاصي. ابن عاشور: 5/150.





﴿ فَمَا لَكُمْ فِى ٱلْمُنَٰفِقِينَ فِئَتَيْنِ وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوٓا۟ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٨﴾] أي: فما لكم تفرقتم في أمر المنافقين فِئَتَيْنِ -أي: فرقتين- ولم تتفقوا على التبرؤ منهم؟ والاستفهام للإنكار والنفي، والخطاب لجميع المؤمنين، لكن ما فيه من معنى التوبيخ متوجه إلى بعضهم؛ وذلك أن فرقة من المؤمنين كانت تميل إليهم، وتذب عنهم، وتواليهم، وفرقة منهم تباينهم وتعاديهم، فنهوا عن ذلك، وأمروا بأن يكونوا على نهج واحد في التباين والتبرؤ منهم؛ لأن دلائل نفاقهم وكفرهم ظاهرة جلية. القاسمي: 1/200.





﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] إخبار بأن حديثه وأخباره وأقواله في أعلى مراتب الصدق، بل أعلاها؛ فكل ما قيل في العقائد والعلوم والأعمال مما يناقض ما أخبر الله به فهو باطل؛ لمناقضته للخبر الصادق اليقيني، فلا يمكن أن يكون حقاً. السعدي: 191.





﴿ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَٰمَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٨٧﴾] الكاذب إنما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعاً، أو يدفع به عنها ضراً، والله -تعالى ذكره- خالق الضر والنفع، فغير جائز أن يكون منه كذب. الطبري: 8/593.





﴿ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] أي: فكما هداكم بعد ضلالكم فكذلك يهدي غيركم، وكما أن الهداية حصلت لكم شيئاً فشيئاً، فكذلك غيركم. فنظر الكامل لحاله الأولى الناقصة، ومعاملته لمن كان على مثلها بمقتضى ما يعرف من حاله الأولى، ودعاؤه له بالحكمة والموعظة الحسنة من أكبر الأسباب لنفعه وانتفاعه. السعدي: 195.

(سورة النساء ) (2)وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل





﴿ كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوٓا۟ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] وهذه تربية عظيمة؛ وهي أن يستشعر الإنسان عند مؤاخذته غيره أحوالا كان هو عليها تساوي أحوال من يؤاخذه؛ كمؤاخذة المعلم التلميذ بسوء إذا لم يقصر في إعمال جهده، وكذلك هي عظيمة لمن يمتحنون طلبة العلم؛ فيعتادون التشديد عليهم وتطلب عثراتهم. ابن عاشور: 5/168.





﴿ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِٱلدُّنْيَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (تبتغون) أي: حال كونكم تطلبونه طلبا حثيثا بقتله. (عرض الحياة الدنيا) أي: بأخذ ما معه من الحطام الفاني، والعرض الزائل، أو بإدراك ثأر كان لكم قبله؛ روى البخاري في التفسير، ومسلم في آخر كتابه عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- (ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام) قال: كان رجل في غُنَيْمَةٍ له، فلحقه المسلمون فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته، فأنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك إلى قوله: (عرض الحياة الدنيا). البقاعي: 2/299.





﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (فَتَبَيَّنوا) أي: اطلبوا بالتأني والتثبت بيان الأمور والثبات في تلبسها، والتوقف الشديد عند منالها؛ وذلك بتميز بعضها من بعض، وانكشاف لبسها غاية الانكشاف، ولا تقدموا إلا على ما بان لكم. (ولا تقولوا) قولاً،فضلاً عما هو أعلى منه، لمن (ألقى) أي: كائنا من كان (إليكم السلام) أي: بادر بأن حيَّاكم بتحية الإسلام، ملقياً قياده(لست مؤمناً). البقاعي: 2/299.





﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] (فَتَبَيَّنوا) أي: اطلبوا بالتأني والتثبت بيان الأمور والثبات في تلبسها، والتوقف الشديد عند منالها؛ وذلك بتميز بعضها من بعض، وانكشاف لبسها غاية الانكشاف، ولا تقدموا إلا على ما بان لكم. (ولا تقولوا) قولاً،فضلاً عما هو أعلى منه، لمن (ألقى) أي: كائنا من كان (إليكم السلام) أي: بادر بأن حيَّاكم بتحية الإسلام، ملقياً قياده(لست مؤمناً). البقاعي: 2/299.









﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُوا۟ وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَنْ أَلْقَىٰٓ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَٰمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٤﴾] وفي هذا من الفقه باب عظيم؛ وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر. القرطبي: 7/51.





﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٢﴾] في هذا: الإخبار بشدة تحريمه، وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصاً عظيماً، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك؛ فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى؛ وأي أذى أشد من القتل؟. السعدي: 192.





﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًٔا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُوا۟ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٢﴾] لما كان الخطأ مرفوعاً عن هذه الأمة، فكان لذلك يظن أنه لا شيء على المخطئ؛ بيَّن أن أمر القتل ليس كذلك؛ حفظاًً للنفوس؛ لأن الأمر فيها خطر جداًً، فقال مغلظاً عليه، حثاً على زيادة النظر والتحري عند فعل ما قد يقتل: (فتحرير) أي: فالواجب عليه تحرير (رقبة) أي: نفس؛ عبر بها عنها لأنها لا تعيش بدونها. البقاعي: 2/297.




﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] المهاجر له إحدى الحسنيين: إما أن يرغم أنف أعداء الله ويذلهم بسبب مفارقته لهم، واتصاله بالخير والسعة، وإما أن يدركه الموت ويصل إلى السعادة الحقيقية والنعيم الدائم. الألوسي: 5/128.


﴿ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] كل من نوى خيراًً ولم يدركه فهو موفيه إياه توفية ما يلتزمه الكريم. البقاعي: 2/305.





﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدْ فِى ٱلْأَرْضِ مُرَٰغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَن يَخْرُجْ مِنۢ بَيْتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٠﴾] رغب في الهجرة بما يسلي عما قد يوسوس به الشيطان من أنه لو فارق رفاهية الوطن وقع في شدة الغربة، وأنه ربما تجشم المشقة فاخترم قبل بلوغ القصد. البقاعي: 2/304.





﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِىٓ أَنفُسِهِمْ قَالُوا۟ فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ قَالُوٓا۟ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهَاجِرُوا۟ فِيهَا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٧﴾] أي: ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة والتباعد ممن كان يستضعفكم؟! وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي. القرطبي: 7/64.





﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِىٓ أَنفُسِهِمْ قَالُوا۟ فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا۟ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ قَالُوٓا۟ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةً فَتُهَاجِرُوا۟ فِيهَا ۚ فَأُو۟لَٰٓئِكَ مَأْوَىٰهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٧﴾] نزلت في قوم من أهل مكة كانوا قد أسلموا حين كان الرسول ﷺ بمكة، فلما هاجر أقاموا مع قومهم بمكة، ففتنوهم فارتدوا، وخرجوا يوم بدر مع المشركين؛ فكثروا سواد المشركين، فقتلوا ببدر كافرين، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، ولكنهم أكرهوا على الكفر والخروج، فنزلت هذه الآية فيهم. رواه البخاري عن ابن عباس. ابن عاشور: 5/174.





﴿ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿٩٥﴾ دَرَجَٰتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٥﴾] تأمل حسن هذا الانتقال من حالة إلى أعلى منها؛ فإنه نفى التسوية أولاًً بين المجاهد وغيره، ثم صرَّح بتفضيل المجاهد على القاعد بدرجة، ثم انتقل إلى تفضيله بالمغفرة والرحمة والدرجات. السعدي: 195.





﴿ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ﴾ [سورة النساء آية:﴿٩٥﴾] إذا فَضَّلَ الله تعالى شيئاًً على شيء، وكل منهما له فضل، احترز بذكر الفضل الجامع للأمرين؛ لئلا يتوهم أحدٌ ذَم المفضل عليه؛ كما قال هنا: (وكلاًًّ وعد الله الحسنى). السعدي: 195.





﴿ وَلَا تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٥﴾] قال العلماء: ولا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قوم أن يجادل فريق منهم فريقاً عنهم ليحموهم ويدفعوا عنهم؛ فإن هذا قد وقع على عهد النبي ﷺ، وفيهم نزل قوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيماً). القرطبي: 7/116.





﴿ وَلَا تَهِنُوا۟ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا۟ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٤﴾] إن الألم لا ينبغي أن يمنعكم؛ لأن لكم خوفا من الله تعالى ينبغي أن يحترز عنه فوق الاحتراز عن الألم، وليس لهم خوف يلجئهم الى الألم، وهم يختارونه لإعلاء دينهم الباطل، فما لكم والوهن. الألوسي: 5/138.





﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُوا۟ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٣﴾] يأمر الله تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف، وإن كان مشروعاًً مرغباً فيه أيضاً بعد غيرها، ولكن ههنا آكد؛ لما وقع فيها من التخفيف في أركانها، ومن الرخصة في الذهاب والإياب، وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها. ابن كثير: 1/521.





﴿ وَخُذُوا۟ حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَٰفِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] لما كان الأمر بالحذر من العدو موهما لغلبته واعتزازه؛ نفى ذلك الإيهام بالوعد بالنصر، وخذلان العدو؛ لتقوى قلوب المأمورين، ويعلموا أن التحرز في نفسه عبادة. الألوسي: 5/137.





﴿ فَإِذَا سَجَدُوا۟ فَلْيَكُونُوا۟ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] هذه الآية تدل على أن صلاة الجماعة فرض عين من وجهين: أحدهما: أن الله تعالى أمر بها في هذه الحالة الشديدة؛ وقت اشتداد الخوف من الأعداء وحَذَرْ مهاجمتهم؛ فإذا أوجبها في هذه الحالة الشديدة فإيجابها في حالة الطمأنينة والأمن من باب أولى وأحرى. والثاني: أن المصلين صلاة الخوف يتركون فيها كثيراًً من الشروط واللوازم، ويعفى فيها عن كثير من الأفعال المبطلة في غيرها، وما ذاك إلا لتأكد وجوب الجماعة؛ لأنه لا تعارض بين واجب ومستحب، فلولا وجوب الجماعة لم تترك هذه الأمور اللازمة لأجلها. السعدي: 198.





﴿ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا۟ فَلْيُصَلُّوا۟ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] وتدل الآية الكريمة على أن الأَوْلَى والأفضل أن يصلوا بإمام واحد، ولو تضمن ذلك الإخلال بشيء لا يخل به لو صَلُّوها بعدة أئمة؛ وذلك لأجل اجتماع كلمة المسلمين واتفاقهم، وعدم تفرق كلمتهم، وليكون ذلك أوقع هيبة في قلوب أعدائهم. السعدي: 198.





﴿ وَلْيَأْخُذُوا۟ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٢﴾] وهذا يدل على تأكيد التأهب والحذر من العدو في كل الأحوال، وترك الاستسلام؛ فإن الجيش ما جاءه مصاب قط إلا من تفريط في حذر. القرطبي: 7/109.





﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١١﴾] (وكان الله عليماً حكيماً) ومن علمه وحكمته أنه يعلم الذنب وما صدر منه، والسبب الداعي لفعله، والعقوبة المترتبة على فعله، ويعلم حالة المذنب؛ أنه إن صدر منه الذنب بغلبة دواعي نفسه الأمارة بالسوء مع إنابته إلى ربه في كثير من أوقاته، أنه سيغفر له، ويوفقه للتوبة، وإن صدر منه بتجرؤه على المحارم؛ استخفافا بنظر ربه، وتهاونا بعقابه، فإن هذا بعيد من المغفرة، بعيد من التوفيق للتوبة. السعدي: 201.





﴿ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُۥ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١١﴾] لكن إذا ظهرت السيئات فلم تُنكَر عَمَّت عقوبتُها، وشمل إثمُها، فلا تخرج أيضاًً عن حكم هذه الآية الكريمة؛ لأن من ترك الإنكار الواجب فقد كسب سيئة. السعدي: 201.

(سورة النساء ) (2)وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل




﴿ أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُۥ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٠﴾] وسمي ظلم النفس ظلماًً؛ لأن نفس العبد ليست ملكاً له يتصرف فيها بما يشاء، وإنما هي ملك لله تعالى؛ قد جعلها أمانة عند العبد، وأمره أن يقيمها على طريق العدل، بإلزامها للصراط المستقيم علماًً وعملاًً، فيسعى في تعليمها ما أمر به، ويسعى في العمل بما يجب؛ فسعيه في غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة، وعدول بها عن العدل. السعدي: 201.




﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوٓءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُۥ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٠﴾] وروي عن علي-رضي الله عنه- أنه قال:...حدثني أبو بكر -وصدق أبو بكر- قال: ما من عبد يذنب ذنباً ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له، ثم تلا هذه الآية: (ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً). القرطبي: 7/117.





﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] جعلت خيانة الغير خيانة لأنفسهم؛ لأن وبالها وضررها عائد عليهم. الألوسي: 5/140.




﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] (يختانون أنفسهم): يظلمونها باكتساب المعاصي وارتكاب الآثام... (إن الله لا يحب من كان خواناً أثيما) كثير الخيانة، مفرطاً فيها، أثيما... وقال أبو حيان: أتى بصيغة المبالغة فيهما ليخرج منه من وقع منه الإثم والخيانة مرة، ومن صدر منه ذلك على سبيل الغفلة وعدم القصد. الألوسي: 5/141.




﴿ وَلَا تُجَٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٠٧﴾] فإن الخوان هو: الذي تتكرر منه الخيانة، والأثيم هو: الذي يقصدها، فيخرج من هذا التشديد: الساقط مرة واحدة، ونحو ذلك مما يجيء من الخيانة بغير قصد أو على غفلة. ابن عطية: 2/110.




﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٠﴾] أي: تزييناًً بالباطل، خداعاًً ومكراًً وتلبيساًً، إظهاراًً لما لا حقيقة له -أو له حقيقة سيئة- في أبهى الحقائق، وأشرفها، وألذها إلى النفس، وأشهاها إلى الطبع؛ فإن مادة «غر» و«رغ» تدل على الشرف والحسن ورفاهة العيش. البقاعي: 2/321.




﴿ وَلَءَامُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٩﴾] وذلك يتضمن: التسخط من خلقته، والقدح في حكمته، واعتقاد أن ما يصنعون بأيديهم أحسن من خلقة الرحمن، وعدم الرضا بتقديره وتدبيره. السعدي: 204.




﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٩﴾] قيل: أمنيهم ركوب الأهواء، وقيل: أمنيهم ألا جنة ولا نار ولا بعث، وقيل: أمنيهم إدراك الآخرة مع ركوب المعاصي. البغوي: 1/600.




﴿ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٨﴾] فإن قال قائل: وكيف يتخذ الشيطان من عباد الله نصيباً مفروضاً؟ قيل: يتخذ منهم ذلك النصيب بإغوائه إياهم عن قصد السبيل، ودعائه إياهم إلى طاعته، وتزيينه لهم الضلالَ والكفر؛ حتى يزيلهم عن منهج الطريق، فمن أجاب دعاءَه واتَّبع ما زينه له فهو من نصيبه المعلوم، وحظّه المقسوم. الطبري: 9/212.




﴿ وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٥﴾] (ويتبع غير سبيل المؤمنين) استدل الأصوليون بها على صحة إجماع المسلمين، وأنه لا يجوز مخالفته؛ لأن من خالفه اتبع غير سبيل المؤمنين. ابن جزي: 1/210.




﴿ أَوْ إِصْلَٰحٍۭ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٤﴾] النِّزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء، والأموال، والأعراض، بل وفي الأديان. السعدي: 202.




﴿ لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍۭ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١١٤﴾] قال الأوزاعي: ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة إصلاح ذات البين، ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار. القرطبي: 7/129.

﴿ وَأَن تَقُومُوا۟ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٧﴾] وهذا يشمل: القيام عليهم بإلزامهم أمر الله، وما أوجبه على عباده، فيكون الأولياء مكلفين بذلك؛ يلزمونهم بما أوجبه الله. ويشمل: القيام عليهم في مصالحهم الدنيوية بتنمية أموالهم، وطلب الأحظ لهم فيها، وأن لا يقربوها إلا بالتي هي أحسن، وكذلك لا يحابون فيهم صديقاً ولا غيره، في تزوج وغيره، على وجه الهضم لحقوقهم، وهذا من رحمته تعالى بعباده؛ حيث حث غاية الحث على القيام بمصالح من لا يقوم بمصلحة نفسه. السعدي: 206.

﴿ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] وهذا من باب الترغيب في اتباعه؛ لأنه إمام يقتدى به؛ حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له؛ فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه. ابن كثير: 1/530.




﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَٰهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] فالذي أسلم وجهه لله هو الذي يُخلص نيّته لله ويبتغي بعمله وجه الله.ا ابن تيمية: 2/345.




﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما؛ أي: يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متابعًاً للشريعة؛ فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد؛ فمن فقد الإخلاص كان منافقا؛ وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً. ابن كثير:2/530.




﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَٱتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ حَنِيفًا ۗ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٥﴾] لما عبر تعالى عن كمال الاعتقاد بالماضي؛ شرط فيه الدوام والأعمال الظاهرة بقوله: (وهو) أي: والحال أنه (محسن) أي: مؤمن مراقب، لا غفلة عنده أصلاً، بل الإحسان صفة له راسخة؛ لأنه يعبد الله كأنه يراه. البقاعي: 2/324.




﴿ مَن يَعْمَلْ سُوٓءًا يُجْزَ بِهِۦ وَلَا يَجِدْ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿١٢٣﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُو۟لَٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٣﴾] (من يعمل سوءًا يجز به): وعيد حتم في الكفار، ومقيد بمشيئة الله في المسلمين. (ومن يعمل من الصالحات): دخلت من للتبعيض رفقاً بالعباد؛ لأن الصالحات على الكمال لا يطيقها البشر. ابن جزي: 1/211.




﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۖ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٢﴾] فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من: أنواع المآكل والمشارب اللذيذة، والمناظر العجيبة، والأزواج الحسنة، والقصور، والغرف المزخرفة، والأشجار المتدلية، والفواكه المستغربة، والأصوات الشجية، والنعم السابغة، وتزاور الإخوان، وتذكرهم ما كان منهم في رياض الجنان، وأعلى من ذلك كله وأجل: رضوان الله عليهم، وتمتع الأرواح بقربه، والعيون برؤيته، والأسماع بخطابه الذي ينسيهم كل نعيم. السعدي: 205.




﴿ مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۚ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٤﴾] عند (الله) أي: الذي له الكمال المطلق، (ثواب الدنيا): الخسيسة الفانية، (والآخرة) أي: النفيسة الباقية؛ فليطلبها منه؛ فإنه يعطي من أراد ما شاء. ومن علت همته عن ذلك فأقبل بقلبه إليه، وقصر همه عليه فلم يطلب إلا الباقي؛ جمع سبحانه وتعالى له بينهما؛ كمن يجاهد لله خالصاً؛ فإنه يجمع له بين الأجر والمغنم. البقاعي: 2/333.




﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِـَٔاخَرِينَ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٣٣﴾] قال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره. ابن كثير: 1/535.




﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوٓا۟ أَن تَعْدِلُوا۟ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا۟ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) معناه: العدل التام الكامل في الأقوال، والأفعال، والمحبة، وغير ذلك، فرفع الله ذلك عن عباده؛ فإنهم لا يستطيعون. ابن جزي: 1/213.




﴿ وَلَن تَسْتَطِيعُوٓا۟ أَن تَعْدِلُوا۟ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا۟ كُلَّ ٱلْمَيْلِ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] لاتجوروا على المرغوب عنها كل الجور؛ فتمنعوها حقها من غير رضا منها، واعدلوا ما استطعتم؛ فان عجزكم عن حقيقة العدل لا يمنع عن تكليفكم بما دونها من المراتب التى تستطيعونها. الألوسي: 5/162.




﴿ وَإِن تُصْلِحُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٩﴾] (وإن تصلحوا) ما بينكم وبين زوجاتكم؛ بإجبار أنفسكم على فعل ما لا تهواه النفس، احتساباً وقياماً بحق الزوجة، (فإن الله كان غفوراً رحيماً): يغفر ما صدر منكم من الذنوب والتقصير في الحق الواجـب، ويرحمكم كما عطفتم على أزواجكم ورحمتموهن. السعدي: 207.

﴿ وَأُحْضِرَتِ ٱلْأَنفُسُ ٱلشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٨﴾] (وإن تحسنوا) أي: توقعوا الإحسان بالإقامة على نكاحكم وما نُدِبتم إليه من حسن العشرة وإن كنتم كارهين. (وتتقوا) أي: توقعوا التقوى بمجانبة كل ما يؤذي نوع أذى؛ إشارة إلى أن الشحيح لا محسن، ولا متق. (فإن الله كان بما تعملون خبيراً) أي: بالغ العلم به، وأنتم تعلمون أنه أكرم الأكرمين؛ فهو مجازيكم عليه أحسن جزاء. البقاعي: 2/329.

﴿ وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ ٱلْأَنفُسُ ٱلشُّحَّ ﴾ [سورة النساء آية:﴿١٢٨﴾] جبلت النفوس على الشح؛ وهو عدم الرغبة في بذل ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له؛ فالنفوس مجبولة على ذلك طبعاًً؛ أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضده؛ وهو السماحة، وهو بذل الحق الذي عليك، والاقتناع ببعض الحق الذي لك. السعدي: 207








قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
القران الكريم كاملاً بصوت السديس .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت الحصري 2025 .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
ترتيب سور القرآن حسب النزول غايتي الجنة القرآن الكريم
فوائد سور القران هبة الرحمان2 المنتدي الاسلامي العام
تحميل القرآن الكريم كاملاً لمشارى راشد mp3 حبيبة أبوها القرآن الكريم


الساعة الآن 10:13 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل