عدلات

عدلات (https://adlat.net/index.php)
-   القرآن الكريم (https://adlat.net/forumdisplay.php?f=92)
-   -   تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (https://adlat.net/showthread.php?t=349288)

امانى يسرى 08-08-2017 04:02 PM

تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
 

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...7%D9%86-3j.gif


إن التوسلَ إلى الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- بأنه سريعُ الحساب، واستحضارَ هذا المعنى لهو من أعظم ما يداوي أمراض القلوب؛ التي تحصل بسبب الظلم ومن مخالفةٍ لشرع الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- بالبغي والإفساد في الأرض: من سفكٍ للدماء وانتهاك للأعراض، وقتلٍ للأطفال، وتهديم للبيوت، واغتصاب للأموال، وسلب للأراضي والبلاد، فما أكثرَ الظلم الواقع في هذه الأرض، وخصوصًا على عباد الله المؤمنين الموحدين.

وإن مما يداوي قلب المؤمن ويشفي صدره
ما أعده الله -تعالى- للكافرين والظالمين من حساب في الآخرة، وما ينتظرهم يوم القيامة من عذاب أليم، قال الله -تعالى-: (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ . عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ . هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (المطففين:34-36).
وكذلك مما يداوي قلب المؤمن ويشفي صدره: أن يتدبر كتاب الله -تعالى- فإن فيه الشفاء؛ قال الله -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء:82)، فيشهد ما فيه من أخبار هلاك الظالمين، قال -تعالى-: (فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (العنكبوت:40).
وكذلك مما يداوي قلب المؤمن ويشفي صدره: أن يشهد أسماء الله -تعالى- وصفاته، وأن يتعبد لله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- بمقتضاها، فيشهد إهلاك الله -تعالى- للظالمين بيقين قلبه قبل أن يرى بعينه؛ فيدعو الله -تعالى- بها،
وإن شهود عدل الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- وسرعة حسابه؛ لهو من أعظم الأمور التي تجعل العبد -وإن كان مظلومًا في أشد درجات الظلم وهو يرى أهله وإخوانه والمسلمين من حوله يتعرضون لأنواع الظلم- يرى أن الله -تعالى- لا يظلم الناس شيئًا، وأنه سريع الحساب، وأنه -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- هو العليم الحكيم.
فعند ذلك؛ ينزِلُ البَردُ على قلبه، ويحصل له من أنواع الخيرات ما يستمد بها طاقة يسير بها على الطريق، مع بقاء كراهيته للظلم والظالمين، ومع استمرار دعائه وتضرعه وانكساره لله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png-
وقد يملي الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- للظالمين ويؤخرهم فترة -مدة من الزمن- حتى يظنَّ أكثر الناس أنهم لن يُعاقبوا، مع أن الله -تعالى- سريعُ الحساب، فكيف ذلك وقد تمر على الناس قرون يزداد فيها الظلم والعدوان؟! هذا لنعلم أن الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- قد قسَّم الأخلاق والأعمال، والأحوال بين الناس قسمة عدل، وهو -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- حكم قسط، سريع الحساب.
عن أبي موسى -https://vb.tafsir.net/images/smilies/anho.png- قال: قال رسول الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/slah.png-: (إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ). قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) (رواه البخاري ومسلم).




https://t2.gstatic.com/images?q=tbn:...78kbOdUruE8coQ



قال النبي -https://vb.tafsir.net/images/smilies/slah.png-: (إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا) (رواه مسلم).
أتظنون أن قاسيَ القلب الذي يعذب الناسَ ويظلمهم يؤلم الناسَ أكثر مما يتألم هو؟!
لا والله. بل إن ألمه أشدُّ، يكفي أن السماء تبغضه، وأهل السماء يبغضونه والأرض تبغضه، وأهلَ الأرض يبغضونه، ومن حوله من أهل الأرض جميعًا يلعنونه، والدواب تلعنه، حتى النملة في جحرها تلعنه، والجعلان، وما تبكي عليه السموات والأرض حين موته، كما قال الله -تعالى-: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (الدخان:29)، بل نفوسهم تبغضهم، كما قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ) (غافر:10).
تأمل في (إِذْ)؛ أي: حين، فإنما أبغضتهم أنفسهم من حين دُعوا إلى الإيمان فكفروا (إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ) ليس فقط تبغضهم نفوسُهم في الآخرة حين يرون العذابَ، وحين يرون ما قدموا لأنفسهم من هلاكٍ أبديّ، وعذاب سرمدي، إنما تبغضهم أنفسُهم حين دُعوا إلى الإيمان فكفروا، ومقتُ الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- أشد من ذلك، وإن كان الناس قد لا يعرفون ما سبب هذه البغضاءِ، وما سبب هذه القسوة.




https://t2.gstatic.com/images?q=tbn:...78kbOdUruE8coQ



ولكن إذا أردتَ أن تعلم أن قسوة القلب عقوبةٌ للعبد يتألم بها أكثرَ من ألم المُعذَّب المُتألم؛ فتدبر قول الله -تعالى- عن اليهود الملاعين: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ) (المائدة:13)، فالله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- بيَّن أنه لعنهم؛ أي: أبعدهم، والبعدُ عن الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- سببُ كل ألم، وسببٌ كل شقاءٍ وتعاسةٍ
فإذا تعجبت كيف تصل القلوبُ إلى هذه الدرجة من القسوة؟! فاعلم أن ذلك بسبب؛ لعن الله -تعالى-، وبغضه ومقته -تعالى- لهذا العبد، وإلا فالراحمون يرحمهم الرحمن، كما قال النبي -https://vb.tafsir.net/images/smilies/slah.png-: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).
ولو قدِّر لك أن ترى حياة الظالمين من داخلها وممن يعاملونهم من المقربين منهم من: خدامهم وأعوانهم، وجنودهم؛ لرأيت عجبًا من الشقاءِ المحيط بهم من كل جانب، ولو رأيتهم مع أهليهم وأولادهم وأزواجهم؛ لوجدتَّ من ذلك عجبًا؛ ولذا تجدهم يحاولون الهروب دائمًا بالمسكراتِ، والمخدراتِ والخمر، وأنواع اللذات التي يريدون أن يغيبوا بها عن الوعي؛ لكي لا يدركوا قدرَ الألم الذي هم فيه؛ بسبب بغض الله -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png- لهم، وهذا من سرعة حسابه -https://vb.tafsir.net/images/smilies/3za.png-.


فلنوقن إذن أن الله -تعالى- سريعُ الحساب يغيِّر موازين الأرض في لحظات، ويمكِّن لعباده المؤمنين، ويفتح لهم من أنواع الخير ما يثبِّت به أفئدتهم، وما يقوي قلوبهم؛ فلا نستعجل: (خُلِقَ الإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (الأنبياء:37)


ياسر البرهامى

موقع صوت السلف



https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...%D9%86-311.gif

العدولة هدير 08-08-2017 07:05 PM

رد: تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
 
جزاكى الله خيرا حبيبتى

أم أمة الله 09-08-2017 05:55 PM

رد: تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
 
بارك الله فيكِ

حياه الروح 5 14-02-2018 02:01 PM

رد: تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
 


الساعة الآن 05:36 AM