عدلات

عدلات (https://adlat.net/index.php)
-   المنتدي الاسلامي العام (https://adlat.net/forumdisplay.php?f=4)
-   -   كن مجانياً تكن ربانياً (https://adlat.net/showthread.php?t=372420)

امانى يسرى 18-10-2018 02:42 AM

كن مجانياً تكن ربانياً
 

إنّ الإنسان إذا تشبّع بالإسلام غدت المجانيّة صفة من صفاته ، ولم يعد الربح يعني له الكثير ولا القليل .. فقد تجاوز بإيمانه ضرورة النقد المادّي ، فهو يعلم علم اليقين أن هناك نقوداً أخرى ، لها قيمة أكبر ، تأتيه من جهة أعظم ، فلا يحرص على أن يأخذ - أو يطالب - بأجر كل عمل يعمله .

موسى عليه السلام كان أحوج ما يكون للطعام ، للمسكن ، للهدوء النفسي ، ومع ذلك لم يحرص على أخذ أجر لسقياه بنتي شعيب عليه السلام .. لأن الذي يطعمه ويسكنه ويهدّئ من روعه هو الله ، وقد رآه سبحانه عندما سقى للفتاتين .. هذا يكفي .

"
ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ " (القصص:24) بكل هدوء وسكينة ، دلالة على أنّه انتهى دوره ، سقى لهما ثم تولّى إلى الظل ، ما أجمل السعي في خدمة الآخرين بدون مقابل ، إنّها من أعظم خصال الرجال.

ما أجمل يوم أن توصل الماشين بسيّارتك، فإذا نزل وأراد أن يدفع أجر توصيلك له ، تخبره بأنّك لا تريد منه شيئاً .. أنت ساعتها عظيم .

ما أجمل يوم أن تعطي جارك سيّارتك ، ليستخدمها دون مقابل ، أو تساعد كبيراً يعبر الشارع ، أو تحمل طفلا كاد أن يسقط ! ثم تتولّى إلى الظل .

إن أولئك المجّانيين - من المجّانية - يأخذون أكثر مما يعطون وهم لا يشعرون ، هذا قانون الله في مملكته ، لا تبديل لقانون الله .

المجانيّ يأخذ الطمأنينة ، ويأخذ الرضا عن الذات ، ويأخذ الراحة النفسيّة ، ويأخذ الأجر من الله ، ويعوّضه الله بركة في رزقه ، وصحّة في جسده ، وصلاحاً في أولاده .. كل هذا وهو لا يشعر .. لأنّه تعامل مع الله ، لا مع الناس .




https://scontent.faly2-1.fna.fbcdn.n...36&oe=5C5AF3E8

لماذا لا يكون جزء من عملنا لله ، وما كان لله يبقى ، وما كان لغيره يفنى .. لماذا لا نسقي للناس ثم نتولّى إلى الظل بهدوء .

هذا موسى، لم يكن يحلم بكل ما حصل عليه ، لقد سقى للفتاتين دون مقابل ، لم يكن يتاجر مع العالمين ، كان يتاجر مع رب العالمين .. فلم يمض كثير من الوقت حتى عادت إحداهما تمشي على استحياء تقول له : "
إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا " (القصص:25)! جاءته المكافأة الدنيويّة فوق كل الأجور التي أتت من الله .. والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

زراعة الخير فن ! وتحتاج إلى وقت لتثمر ! من المؤكد أنّ هاتين الفتاتين ليستا أوّل من يسقي لهما موسى .

ليستا أوّل من يسدي موسى لهما معروفا ، لقد قدم خدماته للكثير قبلهما !، من ناكري الجميل ، ومن المتجاهلين للمعروف .. هناك من دعا له، وهناك من أهمله ، بل وهناك من وقع موسى بسببه في ورطة "
فَاسْتَغَاثَهُالَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ "(القصص:15) .

ولكن موسى لا يأبه ، لأنّه يريد الأجر من الله ، لذلك كانت ثمرة هذا الخير المبذول أن وجد موسى عند شعيب عليه السلام ، العمل الشريف ، والمسكن الهادئ ، والزوجة الرضيّة .. وهل يريد الإنسان في حياته فوق هذه المطالب ؟.

ثم بعد ذلك تأتيه الرسالة، نعم الرسالة شأنها عظيم ، ولن يصطفي الله لرسالته إلا الرجال الأفذاذ ، الرجال المتفانين.

يستحيل أن يصطفي رب العزّة لشرف الرسالة رجلاً متخاذلاً ، رجلاً جباناً ، رجلاً بخيلاً .. لا بد أن يكون النبيّ على خلق عظيم .. إذن تلك المجانيّة من أسباب اصطفائه رسولاً ، لأنّها دعامة من الدعامات الخلقيّة التي كان يتحلّى بها عليه السلام ..

من المؤكد أن الله تعالى لن يصطفيك لتكون نبيّاً لحسن خلقك ، أو مجانيّتك ، لأنّه لا نبيّ بعد محمد عليه الصلاة والسلام ، ولكن ثق أنّ حسن خلقك يؤهلك لنيل الشرف الديني والدنيوي ، لأن عالم السر والنجوى ينظر للخلْق فيختار أصفاهم "
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ "(القصص:68) فتهيّأ بالأعمال الصالحة لتكون صفيّ الله في شأن من الشؤون! الله أعلم بذلك الشأن ..

نافق وكن دجالاً كيفما شئت ! ولكن لن تنطلي حيلك على الله ، لذلك دائماً يقع المنافق في شر أعماله ، بقدر ما يبتسم للدنيا ، فإنّه يجد التقطيب منها .. لأن مقلب القلوب يعلم كل شيء عنه ، فلن تحب القلوب شخصاً يبغضه علام الغيوب !

أحدهم يحدّث بأنّه يتساهل في العادة مع البائعين في الريال والريالين ، فيقبض أضعاف ما يتساهل فيه، فصاحب المغسلة يغسل له بنصف القيمة ! وصاحب البقالة يتساهل معه، ويدينه إن لم يكن معه مالا ، يقول : ويكفيني الابتسامة والرضا والحب الذي أراه في ملامح البائعين ... إن كان سيكلفني ذلك الإحساس ريالين، فإنّي سأدفعهما دون تردد ، وأنا الرابح ..

إنّ الصبر والمداومة هما سرا قبول الله العمل ومباركته ، فلا تظن أنّك بأول بادرة مجانيّة ستجد المقابل ، ستأتيك إحداهما تمشي على استحياء ! المسألة ليست منطقيّة بالقدر الذي تظن ، إنّها إلهيّة أكثر منها منطقيّة ، بل لا تفكر بالمقابل ، فالتفكير فيه أوّل دليل على عدم الصدق ، كن شهماً وحسب ، كن رجلاً مثل موسى ، قدّم المعروف ثم تولّى إلى الظل ..

قد تأتيك جائزة من الله في المرّة العاشرة أو العشرين يبلغ ثمنها كل ما قدّمت من مجانيّات ، وزيادة .. فالله خير وأبقى ..

ولا ينبغي للمسلم أن يغفل عن آخرته ، فليكن لك عمل تدّخره عند الله ، نعم قد يكافئك الله مكافئة دنيويّة ، ولكن ليكن التطلع إلى الآخرة هو الأهم ، ما أجمل أن ترى شيئاً جميلاً عملته لله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .. وتذكّر أن الله خير ، وأبقى ..



ضى القمر 2000 18-10-2018 12:43 PM

رد: كن مجانياً تكن ربانياً
 
روووووووووووعة يسلموووووووووو

نور الأصيل 22-10-2018 09:46 AM

رد: كن مجانياً تكن ربانياً
 
جزاك الله خيرا


الساعة الآن 04:24 PM