بسم الله و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من الأسئلة تؤرق الكثير من المرضى وأصحاب الإبتلاءات
وتطرح على الأطباء والرقاةوأهل العلم منها
كم تدوم مدة العلاج؟
متى سيرفع الله عنى هذا المرض ؟
هل سيشفنى الله ...؟
والله لوعلم الناس ما فى المرض والإبتلاء من خير كثير و أجر كبير
لتمنى الأصحاء المرض و البلوى
لكن لا تتمنوا ذالك ... لاتتمنوا ملاقاة العدو ولكن لقيتموه فأثبتوا
فقد لاتصبر وتجزع عن ذالك ...فتخسر
أخي المريض شفاك الله اعلم أنَّ الله -سبحانه وتعالى- لم يخلق شيئًا إلا وفيه نعمةٌ إمَّا على جميع
عباده أو على بعضهم، وأنَّ الله خلق البلاء نعمة أيضًا، إمَّا على المبتلي أو على غير المبتلي حتَّى
إنَّ ألم الكفار في نار جهنَّم نعمةٌ ولكنَّها في حقِّ غيرهم من العباد من النّعم، فلولا الليل لما
عرف قدر النَّهار، ولولا المرض لما عرف قدر الصِّحَّة وكذا الفقر والسَّماء والجنَّة ففرح أهل الجنَّة
ورؤية أهل النَّار وما هم فيه من العذاب.
وكم من بلاءٍ يكون نعمةً على صاحبه قرب عبد تكون الخيرة له فى الفقر والمرض ولو صحَّ بدنه
وكثر مالع لبطر وبغى.
قال -تعالى-: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}
الشُّورى: 27].
فإليك أخي المريض فوائد هذه النِّعمة:
1- الصَّبر
فإنَّ الله -تعالى- إنَّما خلقه للابتلاء والامتحان فيستخرج منهم عبودية السَّراء وهي الشُّكر وعبودية
الضَّراء وهي الصَّبر وهذا لا يتمُّ إلا بأن يقلب الله الأحوال على العبد حتَّى يتبيَّن صدق عبوديته لله
-تعالى- ويتعرَّض بذلك العبد للثَّواب.
قال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
[البقرة: 155-157].
2- تمحيص وتكفير الذُّنوب والخطايا
إنَّ المرض قد يكون عقوبةٌ على ذنبٍ وقع من العبد، وتعجيل العقوبة للمؤمن في الدُّنيا خيرٌ له،
حتَّي تكفر عنه ذنوبه ويلقى الله وما عليه خطيئه فساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا
والذُّنوب تكفِّرها المصائب والالآم والأمراض.
قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشُّورى: 30].
وقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدُّنيا،
وإذا أراد الله بعبده الشَّرَّ أمسك عنه بذنبه حتَّى يوافي به يوم القيامة»
[رواه التِّرمذي 2396 وقال الألباني: حسن صحيح].
3- رفع الدَّرجات والمنزلة وحصول الأجر العظيم:
من فوائد المرض أنَّ العبد إذا صبر عليه فإنَّه يثاب بكتابة الحسنات له ورفع الدَّرجات وحصول الأجور العظيمة.
قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما من مسلمٍ يشاك شوكةً فما فوقها إلا كتبت له بها درجة، ومحيت عنه خطيئة»
[رواه مسلم 2572]
4- سبب في دخول الجنَّة:
لا تنال الجنَّة إلا بما تكرهه النَّفس من أحوال الدُّنيا المتقلبة فبهذه المكاره ينال العبد
الجنَّة والرُّضوان من الله -تعالى- قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «حفَّت الجنَّة بالمكاره،
وحفَّت النَّار بالشَّهوات» [رواه مسلم 2822].
5- النَّجاة من النَّار:
عن أبي هريرة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: أنَّه عاد مريضًا ومعه أبو هريرة ومن وعك كان به
فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أبشر فإنَّ الله يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن
في الدُّنيا لتكون حظه من النَّار في الآخرة» [رواه ابن ماجه 2811 وصحَّحه الألباني].
6- سببٌ في ردِّ العبد إلى مولاه وخالقه
من فوائد المرض وغيره من المصائب أنَّه يرد العبد الشَّارد عن ربِّه إليه ويذكره بمولاه بعد
أن كان غافلًا ويكفُّه عن معصيته بعد أن كان منهمكًا فيها.
قال -تعالى-: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168].
وقال -تعالى-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}
[الأنعام: 42].
فالمرض يريك فقرك وحاجتك إلى الله -عزَّ وجلَّ- وأنَّه لا يغنى لك عنه طرفة عينٍ.
وقال سفيان بن عينية -رحمه الله-: "ما يكره العبد خيرٌ له ممَّا يحبّ؛ لأنَّ ما يكرهه يهيجه للدُّعاء وما يحبُّه يليه".
وقال شيخ الاسلام ابن تيمة -رحمه الله-: "مصيبةٌ تقبل بها على الله خيرٌ لك من نعمةٍ تنسيك ذكر الله".
7- طهارة القلب من الأمراض
وفي ذلك يقول ابن القيّم -رحمه الله-:
"لولا محن الدُّنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا".
فانتفاع القلب والرُّوح بالألام والأمراض لا يحس به إلا من فيه حياة فصحة القلوب والأرواح موقوفة على آلام الأبدان ومشاقها.
8- تذكير المؤمن بحال إخوانه المرضى
فإن تعرض المؤمن للابتلاء بالأمراض يجعله يتذكر إخوانه المرضي الَّذين طالما غفل عنهم في حالة صحَّته.