
أحاديث وأقاويل منتشره على النت وليس لها مصدر صحيح
هل ثبت أن السيدة هاجر أم إسماعيل عليه السلام هي أول من اختتن، وأول من ثقبت أذنها من النساء؟
السؤال:
هل صحيح أنه حين ولدت السيدة هاجر إسماعيل عليه السلام غارت منها السيدة سارة فأقسمت أن تقطع أحد أعضائها ، فأمرها زوجها إبراهيم عليه السلام أن تبر قسمها بثقب أذنيها ، فأصبحت سنة ؟ وهل كان ذلك بسبب الغيرة ؟
الجواب:
الحمد لله
روى ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب" (ص 31) من طريق إسرائيل، والبيهقي في "شعب الإيمان" (11/124) ، وابن عساكر في "التاريخ" (69/186) من طريق الثوري ، كلاهما عن أبى إسحاق ، عن حارثة بن مضرّب ، عن على بن أبى طالب رضي الله عنه :
" أَنَّ سَارَةَ لَمَّا وهبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ ، فَأَصَابَهَا ، غَارَتْ سَارَةُ ، فَحَلَفَتْ لَتغَيِّرَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، فَخَشِيَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ تَقْطَعَ أُذُنَيْهَا ، أَوْ تَجْدَعَ أَنْفَهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْفِضَهَا ، وَتَثْقُبَ أُذُنَيْهَا " .
_وأبو إسحاق كان قد اختلط وتغير حفظه ، لكن سماع الثوري منه - وكذا إسرائيل - كان قبل الاختلاط ، إلا أنه كان مدلسا ، وصمه بالتدليس حسين الكرابيسي ، وأبو جعفر الطبري ، وابن حبان ، وغيرهم .
انظر: "تهذيب التهذيب" (8/ 66) .
_وحارثة بن مضرب ثقة ، وثقه ابن معين وغيره .
انظر : "التهذيب" (2/167) .
فإن كان أبو إسحاق سمعه من حارثة فالإسناد صحيح .
_وبعض أهل العلم يصحح حديث الثوري عن أبي إسحاق مطلقا ، وخاصة في روايته عن التابعين، فإذا انضم إلى ذلك أن الخبر موقوف ليس مرفوعا فاحتمال ثبوته قوي.
_إلا أن مقتضى أصول علم الحديث أن هذا الإسناد ضعيف ؛ لأن أبا إسحاق مدلس وقد عنعنه .
وروى ابن عساكر في "تاريخه" (69/ 187) من طريق الواقدي عن محمد بن صالح عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال:
" كانت سارة تحت إبراهيم خليل الرحمن ، فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا ، فلما رأت ذلك وهبت له هاجر أمة لها قبطية ، فولدت لإبراهيم إسماعيل عليهما السلام ، فغارت من ذلك سارة ، ووجدت في نفسها، وعتيت على هاجر، فحلفت أن تقطع منها ثلاثة أشراف ، فقال لها إبراهيم: هل لك أن تبري يمينك ؟ ، قالت: كيف أصنع؟ قال: ( اثقبي أذنيها واخفضيها )، والخفض هو الختان " .
_وهذا إسناد واه ، الواقدي متروك متهم ، كذبه الشافعي ، وأحمد ، والنسائي ، وغيرهم ، وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث .
"تهذيب التهذيب" (9 /326) .
_وقد ذكر هذه القصة غير واحد من أهل العلم .
ينظر :
"التمهيد" لابن عبد البر (21/60) ، "تحفة المودود" لابن القيم (190) ، "البداية والنهاية" لابن كثير (1/ 154) .
_ولم يجزم أحد ممن ذكرها من أهل العلم ، فيما وقفنا عليه ، بثبوتها ، أو صحة إسنادها .
_
ولم ينقل في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
_والأثر المروي فيها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : في إسناده مقال ، كما تقدم ، مع أن في الاحتجاج به ، في مثل ذلك الأمر السابق : نظرا ، لا يخفى ،
فالله أعلم بحقيقة الحال .
والله أعلم .

المراجع
الإسلام سؤال وجواب