الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين ,
سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم ..
وبعد

مقدمة
عندما يسمع غير المسلم القرآن الكريم يفر منه وكأن خلفه أسدٌ سيأكله !! فما الذي يخيفه في قلبه تجاه القرآن ؟
والغريب أن بعضهم ممن صدقوا مع أنفسهم يقول القرآن جميل وأحب أسمعه ولكن لا أفهمه !! ومن هذا الموقف ومواقف أخرى أحسست بشئ في القرآن الكريم يؤثر في الإنسان بصورة كبيرة إما يهرب منه متهماً القرآن باتهامات مشركي قريش وإما أن يستسلم له ويؤمن به !!
ولكن لم يكون في عقلي تصور أو شئ محدد فلا أعرف لماذا القرآن هكذا ولا أعرف كيف وما هو في القرآن حتى يؤمن به الشخص عند سماعه !! ولكن عندما قرأت كتاب " التصوير الفني في القرآن " للشيخ سيد قطب وجدت فيه تفسيراً لما أجده في داخلي وكأنه يتحدث عن ما بداخلي بدون أن أجد له تفسيراً دقيقاً ..
التصوير الفني في القرآن
من العنوان يتضح لنا أن هذا التصوير ليس في كتاب للتفسير وإنما بين دفتي المصحف الذي يقرأه كل مسلم ويسمعه وفيه يجد الحلاوة المنعدمة في غيره من الكتب وإن لم يكن مدركاً لكل المعاني التي يقرأها ويحبها بسبب الفقر اللُغوي الذي أصبنا به ولكن في القرآن شيئاً آخر يجذب من يسمعه ويقرأه ولعله إن عاد لكتاب تفسير حتى يحدد ما هذا فلن يجد حلاوة ما بداخله مثلما فعل مؤلف الكتاب الشيخ سيد قطب فعندما عاد لكتب أهل العلم من المفسرين لم يجد ما كان يجده من حلاوة القرآن الذي أسلم المشوقة اللذيذة ولكن للأسف لقد طُمست تلك المعالم وذلك من إعجاز القرآن الكريم لأن لو وجدها أحد في غير القرآن الكريم لزال إعجاز القرآن الكريم ..
فبدأ المؤلف البحث ولم يكن يبحث في كتب التفسير أو غيره من كتب أهل العلم ولكن بحث فقط في القرآن ذاته فلم يجد إلا جمال العرض وتنسيق الأداء وبراعة الإخراج وكأن القرآن الكريم يجعلك تقرأ فيه وأنت تعيش في تلك الصورة التي يعرضها لك بإحساسك كاملاً ..
تأثير القرآن
لا يستطيع عاقل إنكار تأثير القرآن على الإنسان حتى وإن لم يفهمه ولكن لا يجب علينا أن ننسى أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بترتيل القرآن الكريم حيث قال :
{ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا } المُزمل 4 ..
ترتيل القرآن وقرأته بالأحكام والضوابط التي وضعها الله سبحانه وتعالى وأوحى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما كان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وبصوت يُظهر جمال القرآن الكريم فهذا أمر من الله تعالى ويجب أن نلاحظ شيئاً أن هذه الآية من أوائل الآيات التي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لأهمية ترتيل القرآن الكريم في أول الدعوة الإسلامية ..
وليس معنى هذا أن القرآن الكريم كان سبباً في إسلام كل الصحابة رضي الله عنهم ولكن في الحقيقة أن الأسباب لدخولهم الإسلام كانت عدة
فمنها شخص النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر الصديق رضي الله عنه والسيدة خديجة رضي الله عنها وعلي رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه زيد رضي الله عنه فهؤلاء لم يدخلوا الإسلام بسبب سماعهم للقرآن الكريم وإنما دخلوا الإسلام لشخص النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعرفونه ويعرفون صدقه وأمانته فلا يمكن أن يدعي شيئا كذباً على بشر فضلاً عن كذبه على الله عز وجل
البعض الآخر أسلم بسبب نبوءات كتب أهل الكتاب عن النبي صلى الله عليه وسلم كسلمان الفارسي رضي الله عنه , والبعض الآخر أسلم بسبب القرآن الكريم كالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..
بين الإيمان والإنكار
تأثير القرآن الكريم قائم لا شك ولا مجال للإنكار فعندما يسمعه الإنسان يجذبه بحلاوته وجماله الذي لا يستطيع إنسان أن يقاومه , جميعهم يشهدون له بالحق فمنهم من يؤمن به كعمر بن الخطاب ومنهم من يتهم القرآن باتهامات باطلة حتى يبرر لنفسهِ عدم إيمانه به كالوليد بن المغيرة ..
عمر بن الخطاب
قصة إيمان عمر فيها روايات فمنها رواية عطاء ومجاهد ومنها رواية ابن إسحاق :
• أما رواية عطاء ومجاهد وقد نقلها ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بحيح تذكر أن عمر رضي الله عنه قال : ( كنت للإسلام مباعداً , وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها , وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش .. فخرجت أريد جلسائي أولئك , فلم أجد منهم أحداً , فقلت : لو أنني جئت فلاناً الخمار ! وخرجت فجئته , فلم أجده , قلت : لو أنني جئت الكعبة فطفت بها سبعاً أو سبعين ! فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة , فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي .. فقلت حين رأيته : والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول ! وقام بنفسي أنني لو دنوت منه أسمع لأروّعنَّه , فجئت من قِبَل الحجر , فدخلت تحت ثيابها , ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة . فلما سمعت القرآن رقَّ له قلبي فبكيت , ودخلني الإسلام )
• وأما رواية ابن إسحاق فهي تقول ما ملخصه : إن عمر خرج متوشحاً بسيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابه قد اجتمعوا في بيت عند الصّفا , وهم قريب من أربعين بين رجال ونساء .
وفي الطريق لقيه نعيم بن عبد الله فسأله عن وجهته , فأخبره بغرضه , فحذره بني عبد مناف , ودعاه أن يرجع إلى بعض أهله : ختنه سعيد بن زيد بن عمرو , وأخته فاطمة بنت الخطاب زوج سعيد , فقد صبآ عن دينهما .
فذهب إليهما عمر , وهناك سمع خبّابا يتلو عليهما القرآن , فاقتحم الباب , وبطئ بختنه سعيد , وشج َّ أخته فاطمة .. قم أخذ الصحيفة بعد حوار , وفيها سورة طه , فلما قرأ صدراً منها قال : ( ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! ) . ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه فكبَّر النبي صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحابه أن عمر قد أسلم ) ..
وكل الروايات تؤكد تأثير القرآن عليه وكان السبب الرئيسي في دخوله إلى الإسلام هو سماعه للقرآن الكريم !!
يتبع