المطلب الثالث عشر: أشجار النار
في النار أشجار، ومن هذه الأشجار شجرة الزقوم، وهي شجرة لا نفع فيها، فهي لا ظل لها ينعمون به،ومنظرها بشع فطلعها كأنه رؤوس الشياطين، وما الظن بشجرة تنبت في أصل الجحيم، وإنما القصد من وضع هذه الشجرة هو تعذيبهم بها فيأكلون من ثمارها ظناً منهم أنه ينفعهم، فما يزيدهم إلا عذابا، فإذا أكلوا بدأ يغلي في بطونهم، فيفزعون يبحثون عن الماء ليطفيء الغليان الذي في بطونهم فيشربون من ماء الحميم يكرعون منه كرعاً فيقطع أمعاءهم ويتضاعف العذاب عليهم.
قال تعالى: (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)([1016])،وقال تعالى: (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ* لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ)([1017]).
وقال تعالى: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ)([1018]).
وهي الشجرة الملعونة في القرآن كما في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً)([1019]).
فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس، قال: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) هي شجرة الزقوم)([1020]).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ)([1021]) فطعمها علقم، فإذا دخل الجوف أخذ يغلي، وصدق الله: (إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ)، إنها حقاً فتنة وأي فتنة.