وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ
[الحجر:56]، لكنها حقيقة مشاهدة وواقع لا ينكر، والواقع أن غياب الأمل وضياع الحلم وانحطاط الهدف كارثة مروّعة حلّت على المسلمين، ومصيبة مهولة لا يرجى في وجودها نجاة، لا بد أن الذي زرع اليأس في قلوب بعض المسلمين هو أمر تعاظم في النفوس الواهنة، وحدث أكبرته القلوب الضعيفة فخضعت حصول خضوعاً مذلاً، وركعت حين كان يرجى لها القيام.
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
[الأنفال:30]، يا إخوتي وأحبابي! كل ما ذكرناه من جرائم ومكائد ومؤامرات وتزوير وتشويه وخيانات وعمالات ونفاق وكذب، كل هذا يدخل تحت كلمة:
ويمكرون
، خذ الجانب الآخر من المقابلة:
وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
[الأنفال:30]، فالله يا إخوة! يقابل مكرهم بمكره:
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
[الزمر:67].
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى
[الأنفال:17]،
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا
[الطارق:15-16]، سبحانه وتعالى:
وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ
[النمل:50-51].
يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
[لقمان:16]، أو إذا أطلق المتآمرون صاروخاً أو رصاصة أتسقط بغير علمه سبحانه؟! إذا كان يعلم بسقوط أوراق الشجر عبر الزمان والمكان فكيف بسقوط الصواريخ؟!
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ * قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ * وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
[الأنعام:59-67].
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم:47]، هكذا بهذه الصياغة العجيبة المعجزة:
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم:47]، والله لو لم تنزل من آيات البشرى غيرها لكفت، هذا الإله القادر المقتدر يتعهد بنصر المؤمنين ويجعله حقاً عليه سبحانه، وحتى لا يشط الخيال بأحدنا، فيظن أن هذا نصر في الآخرة فقط بدخول الجنة، أما الدنيا فليسدها الكافرون، قال سبحانه:
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ
[غافر:51]، هكذا الوعد نصر في الدارين في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، إن وجد المؤمنون فلا بد لهم من نصر، هكذا وعد، وهو سبحانه لا يخلف الميعاد.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
[النور:55]، فإذا توفر الإيمان والعمل الصالح والعبادة الخالصة دون الشرك به سبحانه؛ كان الاستخلاف في الأرض، وكان التمكين للدين، وكان الأمن بعد الخوف، من الذي وعد بذلك؟ إنه جبار السماوات والأرض مالك الملك ذو الجلال والإكرام سبحانه.
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا
[الحشر:2]، أنتم أيها المؤمنون المقاتلون المجاهدون! لما رأيتم مناعة الحصون وبأسها ظننتم أن اليهود لن يهزموا:
مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا
[الحشر:2]، أي: اليهود،
أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ
[الحشر:2]، ماذا حدث؟
فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ
[الحشر:2]، ثم ما هي الغاية؟
فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ
[الحشر:2]، الغاية من القصة أن نعتبر، القرآن ليس تأريخاً لما سبق، القرآن كتاب عظيم ينبض بالحياة ويهدي إلى صراط مستقيم.
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
[النجم:3-4].
وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ
[ص:88].
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
[آل عمران:123]، رأينا المسلمين ينصرون في اليمامة بـ 12.000 ضد 40.000 من المرتدين، رأينا خالد بن الوليد يفتح العراق بـ 18.000 ألفاً من الرجال، فيدك حصون الفرس في 15 موقعة متتالية دون هزيمة، وكانت أقل جيوش الفرس 60.000 ، رأينا المسلمين في القادسية ينصرون بـ 32.000 من الرجال على 240.000 ألفاً من الفرس، رأينا المسلمين في نهاوند ينصرون بـ 30.000 على 150.000 من الفرس، رأينا المسلمين في تستر ينصرون بـ 30.000 على 150.000 من الفرس، حدث ذلك في موقعة تستر 80 مرة دون هزيمة، يلتقي المسلمون فيها مع الفرس فيهزمونهم، رأينا المسلمين ينصرون في اليرموك بـ 39.000 على 200.000 من الروم، رأينا المسلمين ينصرون في وادي .... في فتح الأندلس بـ 12.000 على 100.000 قوطي أسباني، رأينا ذلك وأمثاله مئات بل الآلاف من المرات.
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم:47]، ويفتح الله له الدولتين، وتكون انتصارات بلا هزائم، وتمكين بلا ضعف، وأمن بلا خوف.
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ
[الروم:4-6]؟
وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
[الروم:47].
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا
[آل عمران:112]؟ أليسوا الذين قال عنهم ربنا:
لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ
[الحشر:14]؟ أليسوا الذين قال عنهم ربنا:
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
[البقرة:96]؟ هؤلاء هم اليهود:
أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
[التوبة:13-15]، إن كان اليهود أو كانت الأرض جميعاً معهم أتخشونهم؟ أتخشون كثرتهم وأحزابهم وتجمعهم؟ ألم يخاطبهم الله وأمثالهم بقوله:
وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
[الأنفال:19]؟ أتخشون عدتهم؟ ألم يقل ربنا:
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
[آل عمران:12]؟ أتخشون أموالهم؟ ألم يقل ربنا:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
[الأنفال:36]؟ أتخشون عقولهم وجوارحهم؟ ألم يصفهم ربنا بقوله:
لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
[الأعراف:179].
وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ
[يونس:24]، انفجر الصاروخ الكامل بعد ثوان معدودات من إطلاقه وأمام أعينهم؛ ليزيد من حسرتهم.
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
[القمر:11-12]، شاهدنا عاصفة ثلجية تدفن السيارات تماماً وتغلق الشوارع وتوقف الحياة ثلاثة أيام متصلة في نيويورك المدينة العصرية الحديثة.
لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ
[آل عمران:196-197]،
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ
[الأنفال:59].
حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
[يوسف:110]، أي: ظن أقوامهم الكفار أن الرسل قد كذبوا:
جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
[يوسف:110]، في هذه اللحظة التي ظن فيها الجميع الرسول وقومه أن الأمر قد وصل إلى نهايته في التكذيب والظلم والإعراض والشك، في هذه اللحظة التي وصل فيها الأذى للدعاة مداه، وقد ثبت الدعاة على مبادئهم، هنا في هذه اللحظة فقط جاءهم نصرنا، اسمع أيضاً إلى قوله تعالى:
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ
[البقرة:214]، ماذا حدث للذين من قبلكم؟
مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ
[البقرة:214]، في هذه اللحظة التي بلغ فيها السيل الزبى، وبلغ الصبر نهايته، في هذه اللحظة المجيدة يقول سبحانه:
أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
[البقرة:214].
أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
[البقرة:214]، ألم تلاحظ في السيرة النبوية أن أشد لحظات الابتلاء للمؤمنين كانت في غزوة الأحزاب حيث وصفها ربنا بقوله:
وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا
[الأحزاب:10-11]، ألم تلحظ أنه بعد غزوة الأحزاب دخل المسلمون في فتح يتلوه فتح؟ بعد أشد لحظات المجاهدة جاءت الحديبية ثم مكة ثم الطائف ثم جزيرة العرب بكاملها، أمجاد تعقبها أمجاد، وأيام نصر وفرح وتمكين.
مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ
[الحج:15]، أرأيت صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانوا في الأحزاب لا يأمنون على شيء؟ كيف كانوا محاصرين ومهددين؟ ثم هم يستمعون إلى بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمور تفوق الخيال، فإذا هم مصدقون وبالبشرى موقنون، انظروا كيف يحكي البراء رضي الله عنه: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضرب الحجر ويقول: بسم الله، ثم ضرب ضربة وقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر فقال: الله أكبر! أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني) ، والصحابة في هذا الحصار يستمعون إلى بشرى فتح الشام وفارس واليمن، ويصدقون عن يقين، وكأنهم يرونه رأي العين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
[النحل:97]، واعلم أنه كلما حسن عملك عظم أجرك، وكلما زاد جهدك كمل ثوابك، وأنك إن لم تر النصر بعينيك فسيراه أبناؤك وأحبابك.
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
[آل عمران:139]، أتعلمون أيها الإخوة! متى نزلت هذه الآية؟ نزلت بعد أحد، هل كان نزولها بعد هزيمة؟ نعم. ليعلم الله المؤمنين أن العزة والعلو لا يتأثران بهزيمة مرحلية ولا يرتبطان بنصر مرئي، ولا يعتمدان على تمكين مشاهد؛ ليعلم الله المؤمنين أن الأيام دول، وأن للتاريخ دورات، فلهذا دورة ولهذا دورة، أما الدورة الأخيرة فللمؤمنين.
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا
[فاطر:44].
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا
[المائدة:3].
لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
[الأنفال:63]، أنتم الأعلون؛ لأن الملائكة تثبتكم:
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا
[الأنفال:12]، أنتم الأعلون؛ لأن الطمأنينة في قلوبكم:
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
[آل عمران:126].
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ
[المؤمنون:109-111]، أنتم أيها المؤمنون! الفائزون.
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
[العنكبوت:69].
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
[غافر:44].
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| كيف نحبب الصلاة لأبنائنا ؟!! | نايلية وفخر ليا | فتيات تحت العشرين | 17 | 28-03-2021 01:00 PM |
| نصائح لمطبخك للحصول على طبخ مثالي، نصائح لمطبخك للحصول على أكل صحي ،بعض ا | أم أمة الله | استشارات ونصائح مطبخية | 1 | 19-02-2020 04:46 AM |
| الأحاديث الصحيحة فى الموت والقبر | حياه الروح 5 | السنة النبوية الشريفة | 2 | 27-12-2018 05:23 AM |
| [♥] المدارس قربت ومش عارفه تجيبى كتب خارجية إيه لولادك؟ طب تعالى وهتستفيدى [♥] | ♥العدوله لولو♥ | العناية بالطفل | 38 | 20-09-2018 02:07 PM |
| موسوعة حلويات الشيف أسامة بالصور | ام عمر يحيي | الحلويات الشرقية والغربية | 10 | 21-05-2018 11:48 AM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع