أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي “وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا”

“وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا”
إنها كلماتٌ يسيرات، و لكنها تُزيح ضيقاً وزن الجبال من قلبٍ ثَقُلَت عليه الهموم وتراكمت عليه الغموم. قالها الرَّحْمَن لرسولِه (ﷺ) كي يُثَبِّت بها فؤادَه، وليقتدي به المؤمنون في ثباته وصبره، لعلهم ينالوا هذه العناية الإلهية إذا وضعهم اللهُ بأعْيُنِه كما وضع أنبيائه ورسله. وقوله تعالى :“بِأَعْيُنِنَا” هنا لا تعني مجرد الرؤية، فالله على كل شيء شهيد، وهو بصيرٌ بالمؤمنين والكافرين. وإنما تعني “العناية الإلهية” التي يخصُّ بها اللهُ عِبَادَه المؤمنين الصابرين .



فقوله تعالى : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [الطور:48]، فالتسبيح هنا له سر في تقوية القلب، تعزيز النفس، الصبر على صعوبات الحياة، تحقيق النجاح، تحصيل السعادة، الرضا، القرب؛ ولذلك إدمان التسبيح مجرب أنه ترياق خاصة للناس الذين يواجهون مواقف صعبة أو عمل شاق ، فكل إنسان يواجه تحديات، فالتسبيح هنا له سر عظيم. وقوله تعالى : ((حِينَ تَقُومُ)) فالمعنى: حين تقوم من النوم فالتسبيح مشروع، فأول ما يصحو الإنسان يسبح ويحمد ربه؛ وفي صحيح البخاري : (عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ . ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي . أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ » ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) [الطور:48]، قال بعضهم: من الظهيرة، من القيلولة؛ لأنهم كانوا يقيلون قبل صلاة الظهر، فإذا صحا من القيلولة سبح ربه واستعد. (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) يعني: من مجلسك، وهذا ما يسمى بكفارة المجلس؛ ففي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. إِلاَّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ »



(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) ، فإن الذي يضعه الله بأعينه قد نال الستر الأعظم ، والحماية المطلقة ،التي لا تتأثر بما حولها من ظروفٍ مُعادية. بل إِنَّ المؤمن – الذي بأعيُنِ الله – قد يحميه اللهُ من المصائب وكيد الأعداء بدون عِلْمِه! ـ فقد يخطط لهُ الأعداءُ ، وينصبون له الفخ ، وهو لا يعلم أن هؤلاء أعداء، ولا ينتبه لما ينصبون له من فخاخ، إلا أنَّ الله يقيه سيئات ما مكروا ،دون أن يعلم أنه قد دخل عرين السباع المفترسة وخرج منه سالماً! ،



ففي قصة موسى (عليه السلام)، قال الله تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (26) 28) غافر، ففرعون قد همّ بالبطش بموسى وقَتْلِه، واستعاذ موسى (ﷺ) بالله، فسخَّرَ اللهُ لموسى رجلاً من آل فرعون، أدخلَ في قلبه الإيمان فآمن بما جاء به، ليدافع عن موسى ويثني فرعون عن ما كان يهمُّ به. ولَم يُخبرُنا عز وجل أن موسى عليه السلام كان على علمٍ بهذا الرجل ، أو بما قام به من دفاعٍ عنه داخل القصر الفرعوني.


إِنَّ اللهَ قد يُسخر من الأدوات البسيطة والضعيفة ما يحمي به عباده من الطامَّات الكبرى. إنها أدواتٌ قد يسخر منها الظالمون للعباد، فإذا بتلك الأدوات تنجي الذين بأعيُن ربهم، وتملأُ قلوبَ ظالميهم غيظاً وندماً جزاءً على ظلمهم. ونجد في كتابِ الله درساً رائعاً في قصة نوح (ﷺ)، حين طفح به الكيل من قَوْمِه، (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) القمر 10، فكان الرَّد الالهي المُدَمِّر : (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) القمر (11) 14) ،

وهنا يدرك المؤمن الدرس المستفاد : أنه إِن كان بأعيُن الله فما عليه إلا أن يصبر على ما أمره الله، ولا يستصغر أي أداة أو وسيلة قد ينجيه اللهُ بها من محنته ،طالما هذه الوسيلة لا تخالف شرع الله. فمن كان بأعيُنِ الله فهو في حمايةٍ مطلقة لا تتأثر بما حولها من ظروف، بل وقد يكون اللهُ حاميهِ من مكائدٍ ومصائبٍ دون أن يدري وبطُرُقٍ لا علم له بها ، ولكن كيف لنا أن نكون بأعيُنِ الله؟ هو طريق واحد لا غير: الاقتداء بالأنبياء. الاقتداء بثباتهم على الحق والصبر عليه؛ الاقتداء بحبهم لله وتعبُّدِهم له، وبحبهم للخير وبغضهم للشر، قال الله تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (89) ،(90) الانعام



حامد ابراهيم




“وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا”







{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور : ٤٨]

رسالة إلى كل من ضاقت به الأقدار : ما دمت مؤمن بالله ، خاضع إليه.. فعين الله سترعاك ،
{فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} بالله عليك.. كيف تشعر وانت تقرأها؟ أمع الله جرح لايبرأ ؟!.. أمع الله كسر لايجبر؟!.. أي أذى يصيبك ورحمة الله تحوطك ، واقدار الله تسير معك تسددك وتنهض بك؟! فكن معه ليكون معك..


لا أحد يخاف على مقام النبي صلى الله عليه وسلم فهو ليس بحفظ الله وحمايته فقط ، بل بعينه التي لاتنام .

{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} لاشيء يمنحنا قوة الصبر على آلامنا مثل اليقين بأن ربنا الرحيم يرانا ونحن نتألم.. فإذا رأيت الله يحجب عنك الدنيا ويكثر عليك الشدائد فاعلم أنك عزيز عنده ، وإنه يسلك بك طريق أوليائه ويطلب منك الصبر الذي يليه الفرج والسعة .. وما زال الصبر من شيم النفوس الكبيرة التي تأبى أن تشتكي لغير الله ، فجميع البشر ليس لهم من الأمر شيئا ، والأمر كله لله











الساعة الآن 02:27 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل