وعن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصني. قال: (اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وإن شئت أنبأتك بما هو أملك بك من هذا كله).
قال: (هذا). وأشار بيده إلى لسانه صلى الله عليه وسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكفِّر اللسان؛ فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججججججججججججت اعوججججججججججججنا).
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يضمنُ لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)
وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء من الجسد إلا يشكو ذرَب اللسان على حدَّته)
وصح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (والذي لا إله غيره؛ ما على ظهر الأرض من شيء أحوج إلى طول سجنٍ من لسان)
وعن أسلم أن عمر رضي الله عنه دخل يومًا على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه، فقال عمر: مَه، غفر الله لك. فقال له أبو بكر: إن هذا أوْردني شرَّ الموارد
أقسام الكــــــلام
ويدلك على فضل الصمت أمرٌ، وهو أن الكلام أربعة أقسام:
1- قسم هو ضررٌ محض
2- وقسم هو نفع محض
3- وقسم هو ضررٌ ومنفعة
4-قسم ليس فيه ضررٌ ولا منفعة
أما الذي هو ضرر محض فلا بد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تفي بالضرر وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر فهو فُضُول ،
والاشتغال به تضييع زمان، وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع؛ فقد سقط ثلاثة أرباع الكلام وبقي رُبع، وهذا الربع فيه خطر،
إذ يمتزجُ بما فيه إثم، من دقيق الرياء والتصنُّع والغيبة وتزكية النفس، وفضول الكلام، امتزاجًا يخفى دركُه، فيكون الإنسان به مخاطرًا
ومن عرف دقائق آفات اللسان، علم قطعًا أن ما ذكره صلى الله عليه وسلم هو فصلُ الخطاب، حيث قال: (من صمت نجا).
فلقد أوتي والله جواهر الحكم، وجوامع الكلم، ولا يعرف ما تحت آحاد كلماته من بحار المعاني إلا خواصُّ العلماء تعلموا الصمت كما تعلمه الأسلاف.
قال مورّق العجْلي رحمه الله: تعلمت الصمتَ في عشر سنين، وما قلتُ شيئًا قط -إذا غضبتُ- أندمُ عليه إذا زال غضبي.
إبراهيم بن أدهم: قال أبو إسحاق الفزراي: كان إبراهيم بن أدهم رحمه الله يطيل السكوت، فإذا تكلم ربَّما انبسط. قال: فأطال ذات يومٍ السكوت،
فقلتُ: لو تكلَّمتَ؟ فقال: الكلام على أربعة وُجوه: فمن الكلام كلامٌ ترجو منفعته، وتخشى عاقبته، والفضل في هذا: السلامة منه.
ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته، فأقلُّ ما لك في تركه خِفَّة المؤنة على بدنك ولسانك. ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته وتأمن عاقبته،
فهذا قد كفي العاقل مؤنته. ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته، فهذا الذي يجب عليك نشره.
قال خلف بن تميم: فقلتُ لأبي إسحاق: أراهُ قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام؟ قال: نعم
عن أم حبيب زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمرٌ بالمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله"
الصمــت زيـن والسـكوت سـلامة فإذا نطقت فلا تكــن مكثـاراً
فـإذا نــدمت على ســكوتك مـرة فلتندمـن علـى الكلام مـراراً
وقال محمد بن النضر الحارثي: كان يقال: كثرة الكلام تذهب بالوقار وقال محارب: صحبنا القاسم بن عبد الرحمن، فغلبنا بطول الصمت،
وسخاء النفس، وكثرة الصلاة وعن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يجلسون فأطولهم سكوتًا أفضلهم في أنفسهم.
وقال فضيل بن عياض رحمه الله: ما حجٌّ ولا رباطٌ ولا اجتهاد أشد من حبس اللسان، ولو أصبحت يُهمُّك لسانُك أصبحتَ في غمٍّ شديد
وقال رحمه الله: سجن اللسان سجن المؤمن، وليس أحد أشدَّ غمًّا ممن سجن لسانه وعن عمر بن عبد العزيز
قال: إذا رأيتم الرجل يُطيل الصمت ويهرب من الناس، فاقتربوا منه؛ فإنه يُلَقَّن الحكمة وقال رجل لعبد الله بن المبارك رحمه الله:
ربما أردتُ أن أتكلَّمَ بكلام حسن، أو أُحدِّث بحديث فأسكتُ، أريد أن أُعوِّد نفس السكوت. قال: تُؤجَرُ في ذلك وتشرُف به
منقول