أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر








. (اقترب للناس حسابهم):
احذر .. الموت يقترب والغفلة كما هي.

.(لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم):
أي شرفكم وعزكم، يعلِّمنا الله أن العز الحقيقي بالقرآن والإيمان لا بالأموال والتطاول في البنيان والعمران.

. ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ):
بقدر عنايتك بالقرآن تزداد عزا وشرفا عند الله وعند الناس.

﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ﴾:
الحق قذيفة تمزق الباطل وتُجهِز عليه، بشرط أن يكون الحق حقا كاملا، والباطل باطلا كاملا.

(قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ( ذكر ربهم ) معرضون):
ذكر الله هو الذي يحفظك، ومن أعرض عن الذكر فقد نزع حماية الله عنه.

. (مسني الضر):
تعلم أدب الطلب وفن الخطاب، وكأنه قال لربه: علمه بحالي يغنيه عن سؤالي.

﴿ أني مسّني الضر ﴾ ؛ فنسب الضر والمرض للمجهول تأدباً مع الله،
ولما أراد الخير نسبه إلى رحمة الله: ﴿ وأنت أرحم الرٰحمين﴾.

﴿أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين﴾ :
قال ابن القيم: جمع في هذا الدعاء بين حقيقة التوحيد وإظهار الفقر والفاقة إلى ربه، ووجود طعم المحبة في المتملق له، والإقرار له بصفة الرحمة، وأنه أرحم الراحمين، والتوسل إليه بصفاته سبحانه، وشدة حاجته وهو فقره، ومتى وجد المبتلى هذا كشف عنه بلواه، وقد جرب أنه من قالها سبع مرات ولا سيما مع هذه المعرفة كشف الله ضره.
قال النبي ﷺ : «ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرِّج عنه؟
دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» . صحيح الجامع رقم: 2605

. (فنادى في الظلمات):
في ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل،
ومع هذا: (فاستجبنا له)..
لا مستحيل مع الله!

(وكذلك ننجي المؤمنين):
ليست ليونس وحده، بل لكل مؤمن دعا بدعاء يونس، وافتقر افتقار يونس، ليس الدعاء كلاما باللسان بل حالا بالجَنان.

( لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ):
صحّ عن حذيفة -رضي الله عنه- موقوفاً عليه: يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء الغريق .


جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

قال الله عن أهل الجنة: (ﻻ يسمعون حسيسها):
فلا كدر للمؤمن في الجنة بأدنى صوت، فالجنة انتهاء الألم وانتهاء الحزن وانتهاء الهم ووانتهاء كل ما يمس راحتك.

.(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)
: قال ابن زيد: نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون، نختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فيما يحبون، وكيف صبرهم فيما يكرهون.
البلاء ليس بالضرورة أن يكون شرا، فالبلاء امتحان، فإن نجحت فيه كان خيرا، وإن لم تنجح كان شرا،
ولما نجح إبراهيم في الامتحان كافأه الله بالإمامة:
{وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} [البقرة: 124]

.﴿وَلَايَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾:
قال قتادة: إن الكافر قد صُمَّ عن كتاب الله لا يسمعه، ولا ينتفع به، ولا يعقله، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان.

.(ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة):
قال القرطبي: «أي زيادة، لأنه دعا في إسحاق، وزيد يعقوب من غير دعاء، فكان ذلك نافلة، أي زيادة على ما سأل»، فاصدق مع الله في الطلب، وسيعطيك فوق ما تمنيت.

. (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ):
كان بعض الصالحين يدعو: يا مُعلِّم إبراهيم علِّمني، ويا مفهِّم سليمان فهِّمني.

.﴿وذِكْرى للْعابِدينَ﴾:
لم خص العابدين بالذكر؟!
قال ابن كثير: «وجعلناه في ذلك قدوة، لئلا يظن أهل البلاء أنما فعلنا بهم ذلك لهوانهم علينا،
وليتأسوا به في الصبر على مقدورات الله وابتلائه لعباده بما يشاء، وله الحكمة البالغة في ذلك».

. ﴿وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ﴾:
قال القرطبي: «ابتليناه ليعظم ثوابه غدا، ﴿وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ﴾ أي وتذكيرا للعباد، لأنهم إذا ذكروا بلاء أيوب وصبره عليه ومحنته له -وهو أفضل أهل زمانه- وطَّنوا أنفسهم على الصبر على شدائد الدنيا نحو ما فعل أيوب، فيكون هذا تنبيها لهم على إدامة العبادة، واحتمال الضرر».



يتبع


جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر



#2

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾:
قال السعدي: «والحكمة في دخول الأصنام النار، وهي جماد لا تعقل، وليس عليها ذنب، بيان كذب من اتخذها آلهة، وليزداد عذابهم».

. ﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ﴾:
المؤمنون غدا في أمان وبلا أحزان! قال ابن عباس: الفزع الأكبر أهوال يوم القيامة والبعث،
وقال الحسن: هو وقت يؤمر بالعباد إلى النار، وقال سعيد بن جبير والضحاك: هو إذا أطبقت النار على أهلها، وذُبِحَ الموت بين الجنة والنار.

. عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله ﷺخطيبا بموعظة، فقال: «يا أيها الناس .. إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا،
{كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} [الأنبياء: 104]».

.﴿ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر﴾:
أتاك الذكر دون أن تتعب في الوصول إليه، وصلك وأنت متكئ على سريرك، أو مستريح على أريكتك، مع أنه الذي ينبغي أن يؤتى، وتُقطَع إليه المسافات،
فأي تدليل وأي عناية؟!.

. ﴿ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾:
طلبوا منك آية كونية كالتي جاء بها الأنبياء الذين سبقوك، ولما لم يؤمن بها أقوامهم أهلكناهم، ولو أعطيناك نفس الآيات ولم يؤمن بها قومك لأهلكناهم كما أهلكنا السابقين،
لذا اقتضت حكمتنا ورحمتنا أن نمنع عنهم ما طلبوه، وإلا هلكوا.

. (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾:
للإنكار أي أن الكافرين من أمتك- يا محمد- لن يؤمنوا بالخوارق التي طلبوها متى جاءتهم؛ لأنهم لا يقلون عتوا وعنادا عن الذين سبقوهم، فأهلكهم الله.

.﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾:
الباطل يحمل بذور فنائه! قال الآلوسي: «وفي (إذا) الفجائية، والجملة الاسمية: ﴿هُوَ زَاهِقٌ﴾ من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان ما لا يخفى، فكأنه زاهق من الأصل».

. ﴿وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ ﴾:
قال القرطبي: «نزلت حين قالوا: نتربص بمحمد ريب المنون، وذلك أن المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون: شاعر نتربص به ريب المنون، ولعله يموت كما مات شاعر بنى فلان،
فقال الله تعالى: قد مات الأنبياء قبلك يا محمد، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك».

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ﴾:
للإنكار والنفي، ورحم الله الإمام الشافعى حيث قال:
تمنى أناس أن أموت، وإن أمُتْ ... فتلك سبيلٌ لستُ فيها بأوحَدِ
فقل للذي يبغى خلاف الذي مضى ... تهيَّأ لأخرى مثلها، وكأن قد

.﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾:
قال سيد قطب: «إن الابتلاء بالخير أشد وطأة، فكثيرون يصمدون أمام الابتلاء بالشر، ولكن القلة القليلة هي التي تصمد للابتلاء بالخير.
كثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف، وقليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة.
كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان، فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل. وقليلون هم الذين يصبرون على الثراء ومغرياته وما يثيره من أطماع.
كثيرون يصبرون على الكفاح والجراح، وقليلون هم الذين يصبرون على الدعة، ولا يصابون بالحرص الذي يذل أعناق الرجال».

. ﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾:
لما ذكر الله المستهزئين برسوله ﷺ وقَع في نفوس الصحابة سرعة انتقام الله من المستهزئين، فأخبرهم بسنته في الإمهال، وأنه سيريهم آيات انتقامه وعلامات اقتداره على من خالف أمره وعصاه.

. ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾:
قال القرطبي: «يدل بظاهره على أن لكل مكلف ميزانا توزن به أعماله، فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة.
وقيل: يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله».

. ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾:
ذكر المفسِّرون رجلين دخلا على داود، أحدهما صاحب زرع، والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الزرع لداود: إن غنم هذا قد نفشت في حرثي، فلم تُبقِ منه شيئا، فحكم داود لصاحب الزرع أن يأخذ غنم خصمه في مقابل إتلافها لزرعه، ثم التقيا بسليمان- عليه السلام- فأخبراه بحكم أبيه، فدخل سليمان على أبيه فقال له: يا نبي الله، إن القضاء غير ما قضيت، ادفع الغنم إلى صاحب الزرع لينتفع بها، وادفع الزرع إلى صاحب الغنم ليقوم عليها حتى يعود كما كان، ثم يعيد كل منهما إلى صاحبه ما تحت يده، فيأخذ صاحب الزرع زرعه، وصاحب الغنم غنمه، فقال داود: القضاء ما قضيت يا سليمان.

.﴿ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ﴾:
هو صاحب الحكم الأنسب في هذه القضية؛ لأن داود اتجه في حكمه إلى مجرد التعويض لصاحب الحرث، وهذا عدل فحسب.
أما حكم سليمان فقد تضمن مع العدل البناء والتعمير، وهذا هو العدل الإيجابى في صورته الهادفة البانية.

. ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾:
مرَّ النبي ﷺ على أبي موسى الأشعري، وهو يتلو القرآن من الليل، فوقف واستمع إليه وقال: « لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود»، وفي رواية:
«أما إِنِّي لو عَلِمْتُ بِمَكانِك لَحَبَّرْتُهُ لك تحبيرًا».
والتحبير: التحسين والتزيين، وفي هذا جواز تحسين الصوت وتجويد التلاوة لأجل انتفاع السامعين.

﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾:
قال صاحب الكشاف: «فإن قلتَ: لم قدَّم الجبال على الطير؟ قلت: لأن تسخيرها وتسبيحها أعجب، وأدل على القدرة، وأدخل في الإعجاز، لأنها جماد، والطير حيوان، إلا أنه غير ناطق، رُوِيَ أنه كان يمر بالجبال مسبحا وهي تجاوبه، وقيل: كانت تسير معه حيث سار».
.قال صاحب الكشاف: «ألطف- أيوب- في السؤال، حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب. ويحكى أن عجوزا تعرضت لسليمان بن عبد الملك فقالت: يا أمير المؤمنين، مشت جرذان- أى فئران- بيتي على العصى!! فقال لها: ألطفت في السؤال، لا جرم لأجعلنها تثب وثب الفهود، وملأ بيتها حبا» .

يتبع

#3

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

السلام عليكم
يسلموا عدولتي
بارك الله فيكي

إظهار التوقيع
توقيع : دوما لك الحمد
#4

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

#5

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

(وذكر للعابدين):
وخص- سبحانه- العابدين بالذكرى، لأنهم أكثر الناس بلاء وامتحانا.
ففي الحديث الشريف: «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل» .
وفي حديث آخر: «يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه».

. ﴿وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾:
الكل سيرجع إلى الله تعالى ليجازيه بما يستحق يوم القيامة،
وقد نفت الآية عن الأذهان ما قد يتبادر من أن هلاك الكافرين بالعذاب في الدنيا، قد ينجيهم من عقاب يوم القيامة.

﴿وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾:
وفي إلقاء أصنامهم معهم في النار مع أنها لا تعقل، زيادة في حسرتهم وتبكيتهم، حيث رأوا بأعينهم مصير ما كانوا يتوهمون من ورائه المنفعة،
فهو عذاب نفسي مع العذاب البدني الحسي.

.﴿وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾:
أي وهم في جهنم لا يسمعون ما يريحهم، وإنما يسمعون ما فيه توبيخهم وعذابهم..

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾:
أخرج مسلم وأبو داودوالترمذي عن ثوبان قال:
قال رسول الله ﷺ: «إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتى سيبلغ ملكها ما زويَ لي منها».

. (وتتلقاهم الملائكة):
حفل استقبال ملائكي يليق بأهل الجنة، جاري الإعداد له من الآن!

.﴿لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَر﴾:
تنمحي كلمة الحزن من قاموس أهل الجنةابتداء من يوم القيامة ووصولا إلى حياة الأبد في الجنة.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾:
قال ابن القيم:«عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته.أما أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة.وأما أعداؤه المحاربون له: فالذين عُجِّل قتلهم وموتهم خير لهم لأن حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة.وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته.وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الايمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم.وأما الأمم النائية عنه: فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض، فأصاب كل العالمين النفع برسالته».

.﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌعَظِيمٌ﴾:
بدأت سورة الحج بذكر يوم القيامة؛ لأن الحج هو أشبه مشاهد الدنيا بيوم الحشر.

﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾:
قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: لم قيل مُرْضِعَةٍ دون مرضع؟
قلت: المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبى، والمرضع: التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به، فقيل: مرضعة، ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه، وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة عن إرضاعها»

.﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾:
هناك ارتباط عكسي بين العلم والجدال، كلما قل (العلم) زاد (الجدال).

.﴿ومن الناس من يعبد الله على حرف...خسر الدنيا والآخرة﴾:
حرف: أي على حال واحدة، فإذا تغيَّرت ترك ما كان عليه من عبادة ربه.

.﴿يَدْعُوالَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾:
قال ابن القيم: «إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمَّله ممن تعلق به وصل».

. ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها﴾:
قرأها الفضيل بن عياض فبكى،
وقال: «والله ما طمعوا في الخروج، وإن الأيدي لموثوقة، والأرجل لمقيدة، وكلما رفعهم لهيبها يصيرون في أعلاها، فردَّدهم الزبانية بمقامع من حديد إلى أسفلها».

.﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً﴾:
رجالا أي على أقدامهم، بمعنى مشاة، وليس المراد الذكور.
قال ابن عباس: «ما آسى على شيء فاتني إلا أن لا أكون حججت ماشيا، فإني سمعت الله يقول: ﴿يأتوك رجالا﴾».

.﴿ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾:
ومن شعائر الله: المصحف، فلا تضعه على الأرض، ولا خلف ظهرك، ولا تضع فوقه كتابا، ولا تضع فيه ورقة هامة، فليس أهم منه.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿فإذا وجبت جنوبها﴾:
ليس الوجوب الذي بمعنى الإلزام؛ بل المعنى: سقطت جنوبها بعد نحرها أي الإبل.

.﴿وأطعموا القانع﴾:
وهو الفقير المتعفف الذي لا يُعلَم حاله، فمن أعمال الاتقياء البحث عن الفقراء.

. ﴿إن الله يدافع عن الذين آمنوا﴾:
الله معك بقدر إيمانك، فالإيمان صمام أمان.

.﴿ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ﴾:
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳدافع ﺍﻟﻠﻪ عنك، فما مصير من يعاديك؟!

.﴿مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ﴾:
قال ابن جزي: «نزلت في قوم من الأعراب، كان أحدهم إذا أسلم فاتفق له ما يعجبه في ماله وولده قال:
هذا دين حسن، وإن اتفق له خلاف ذلك تشاءم به، وارتدّ عن الإسلام».

#6

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

﴿يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾:
قال ابن جزي: «فيها إشكالان: الأول كونه وصف الأصنام بأنها لا تضر ولا تنفع، ثم وصفها بأن ضرّها أقرب من نفعها، فنفى الضرّ ثم أثبته،
فالجواب: أن الضر المنفي أولا يراد به ما يكون من فعلها وهي لا تفعل شيئا، والضر الثاني: يراد به ما يكون بسببها من العذاب وغيره».

﴿والشمس والقمر والنجوم﴾:
لم ذكر هذه الثلاثةا؟! ق
ال ابن كثير: «إنما ذكر هذه على التنصيص؛ لأنها قد عبدت من دون الله، فبيَّن أنها تسجد لخالقها، وأنها مربوبة مسخرة».

. (اقترب للناس حسابهم﴾[الأنبياء 1]:
احذر .. الموت يقترب والغفلة كما هي.

. ﴿ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر﴾[الأنبياء: 2]:
أتاك الذِّكر دون أن تتعب في الوصول إليه، وصلك وأنت متكئ على سريرك، أو مستريح على أريكتك، مع أنه الذي ينبغي أن يؤتى، وتُقطَع إليه المسافات،
فأي تدليل هذا وأي عناية؟!.

. ﴿لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾[الأنبياء: 3]:
السير سير القلب، لو صفا لصفا العمل، ولو كان لاهيا لفسد العمل.

. ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾[الأنبياء: 3]:
حين يعجز الجبان عن المواجهة، ويفشل عند التحدي، لابد وأن يلجأ إلى النجوى.

سين: النجوى لا تكون إلا خفية، فما فائدة قوله: ﴿وأسروا﴾ النجوى.
جيم: معناه: بالغوا في إخفائها، بحيث لا يفطن أي أحد لمناجاتهم.

﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾[الأنبياء: 3]:
كيف عرف النبي ﷺ ما أسرّوه في أنفسهم، وهو قولهم: ﴿هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾؟!
والجواب: إن الله -الذي لا تخفى عليه خافية- أخبره،
فكيف لم يؤمنوا بعدما شهدوا معجزة هذا الإخبار؟!
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[الأنبياء: 4]:
اطلع الله على نجواهم، فأطلع عليها رسوله، فلم يتم لهم ما أرادوه من الإسرار من الكيد للإضرار،
ولا عجب، فهو السميع لكل ما يتكلمون به، والعليم بما تنطوي عليه ضمائرهم.

﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ [الأنبياء:12]:
الهروب من الموت، هل نجح فيه أحد؟!

﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء:14]:
لا يندم ظالم إلا في الوقت الضائع، ولا يعرف الحق إلا عند نزول الموت.
هل تتأخر توبتك حتى تعاين الموت؟!
أتطول غيبتك حتى تكتمل خسارتك؟!
ألا إن أشد بلاء أهل العصيان هو في حصول الإيمان بعد فوات الأوان.

﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ [الأنبياء:15]:
هول المفاجأة وشدة العذاب جعلتهم يستمرون في صيحة: ﴿يا ويلنا﴾، فلم تختص فقط بوقت الدهشة،
بل رددها بهستيرية تنِمُّ على فزع شديد، ما أمكنهم النطق بها حتى تمام هلاكهم.

. ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [الأنبياء:16]:
لم يخلق الله شيئا إلا لحكمة بالغة، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها.

﴿وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنبياء: 27]:
كن ملائكيا! لا يعملون قط ما لم يأمر به الله، ولا يعشتغلون إلا بطاعته وتنفيذ أوامره، وتقديم ﴿بأمره﴾ على ﴿يعملون﴾ لإفادة القصر.

. ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: 28]:
دليل على شفاعة الملائكة لأقوام، وأن الله يقبل شفاعتهم..
اللهم اجعلنا منهم.

﴿وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: 28]:
ليس للملائكة ذنب ويخشونه، فكيف بأصحاب الذنوب؟!
أصل الخشية خوف مع تعظيم، ولذا خصَّ الله بها العلماء، ومن لم يعرف الله حقا فكيف يعظِّمه؟
ومن لم يعظِّمه فكيف يخشاه؟!
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: 32]:
محفوظ عن السقوط على الأرض، أو أن تقع بعض أجرامها على الأرض، أو حفظناها من الانشقاق حتى ميعاد يوم القيامة، أو حفظناها من استراق الشياطين للسمع بالشُّهب الحارقة.

. ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: 32]:
كل سقف لابد له من أعمدة، لكن بناء السماء ليس له أي أعمدة! فكيف أعرضوا عن الإيمان بعد هذه الآية العظيمة؟!

. ﴿وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: 32]:
لو تأمل الناس في ما تكشفه وكالة الفضاء NASA كل يوم عن النجوم والمجرات، لآمنوا بخالق هذا الكون العظيم.

. ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [الأنبياء: 33]:
ما أجمل الْقَائِل:
تَأمل سطور الكائنات فَإِنَّها .. إِلَى الْملك الْأَعْلَى إِلَيْك رسائلُ
وَقد خطّ فِيهَا لَو تَأَمَّلت خطها: أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل

﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: 35]:
قال ابن زيد: «نبلوهم بما يحبون وبما يكرهون، نختبرهم بذلك لننظر كيف شكرهم فيما يحبون، وكيف صبرهم فيما يكرهون».

﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: 35]:
البلاء ليس بالضرورة أن يكون شرا، فالبلاء امتحان، فإن نجحت فيه كان خيرا، وإن لم تنجح كان شرا، ولما نجح إبراهيم في الامتحان كافأه الله بالإمامة
فقال: ﴿وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾ [البقرة: 124].

﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا﴾ [الأنبياء: 36]:
كل من استُهزِئ به لاستمساكه بالحق، فله نصيب من ميراث رسول الله ﷺ.
. أن يهزأ أهل الباطل بأهل الحق، وأن يسخر السفيه من العاقل، فتلك والله أذية كبيرة، وقعها على صدور المؤمنين كوقع الصخر، لكن لنا تسلية بما جرى لرسول الله ﷺ.

﴿سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ﴾[الأنبياء :37]:
لما ذكر الله المستهزئين برسوله ﷺ وقَع في نفوس الصحابة سرعة انتقام الله من المستهزئين، فأخبرهم بسنته في الإمهال، وأنه سيريهم آيات انتقامه وعلامات اقتداره على من خالف أمره وعصاه.

. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنبياء: 38]:
استعجال العذاب واستبطاء وعد الله خصلة من خصال الكفار.


#7

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [الأنبياء: 39-40]:
رفَع الله الحزن عن قلب رسوله ﷺ والتابعين له بأن كشف ما أعدَّه لصاحب الاستهزاء من العذاب الشديد.

﴿بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [الأنبياء: 40]:
من صفات عذاب نار الآخرة: المباغتة! وفي الآية خوف وترقب وألم نفسي يفوق العذاب الحسي.
. العقوبة إذا أتت فجأة كانت أشد، وسنّة الله في انتقامه من أعدائه أن يباغتهم وقتَ انغماسهم فى النِّعم.

. ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾[الأنبياء: 41]:
سبب ثان لرفع الحزن عن قلب رسول الله ﷺ بعد استهزائهم به، وذلك بتسليته بما جرى للرسل من قبله، والإخبار عن عاقبة المستهزئين بهم،
والمعنى: فكذلك سيحيق بهؤلاء وبال استهزائهم.

. ﴿قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ( ذكر ربهم ) معرضون﴾ [الأنبياء 42]:
ذكر الله هو الذي يحفظك، ومن أعرض عن الذكر فقد نزع حماية الله عنه.

﴿وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾[الأنبياء: 50]:
وَصْف الله للقرآن بأنه «مُبارَكٌ» هو إخبار عن دوامه وحفظه.

. ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ﴾[الأنبياء: 55]:
هذه حياة أكثر البشر؛ يظنون الحياة لعبا ولهوا، ويتناولون أمر الدين بلا جدية، ووصل الأمر بالبعض أن تناول ثوابت الدين بالاستخفاف والمزاح،
فحذارِ أن تكون منهم.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر
. ﴿قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾[الأنبياء: 56]:
أعرَضَ إبراهيم عن اتهامهم له بكونه من اللاعبين، ليعيد الحوار إلى جوهر القضية بإقامة البرهان على توحيد الله الذي خلق السماوات والأرض،
بل وخلق حتى الأصنام التي يعبدونها بالباطل.

﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾[الأنبياء: 57]:
هذا فعل الواثق بربه، وعزم من وطَّن نفسه على مقاساة المكروه في سبيل نصرة دينه.

. ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾[الأنبياء: 58]:
الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الأقوال!
كانت حيلة إبراهيم أن حطَّم الأصنام بفأسه إلا الصنم الأكبر، فلم يحطِّمْه، لعلهم إليه يرجعون، فيسألون الصنم: كيف لم تدفع عن إخوانك الصغار؟!

. ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾[الأنبياء: 59]:
أصنام كثيرة في أعراف الناس تحتاج اليوم إلى تحطيم، لكنها تحتاج لصاحب حجة قوية، وجدال عقلي، وإقناع منطقي.

. قال ابن عباس: «ما أرسل الله نبيا إلا شابا. ثم قرأ:
﴿سمعنا فتى يذكرهم﴾».
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾[الأنبياء :69]:
أتى جبريل- عليه السلام- إلى إبراهيم، فقال له: ألك حاجة؟
فقال إبراهيم: أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم!!
. ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾[الأنبياء :69]:
قال ابنُ عطاء:
«وكنْ أَيُّها الأَخْ إبراهيميّاً إذْ زُجَّ به في المنجنيق، فتعرَّض له جبريل فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا، وأما إلى ربي، فبلى.
فانظرْ كيف رفع هِمَّتَهُ عن الخلق، ووجَّهَهَا إلى الملك الحقِّ، فلم يستغث بجبريل، ولا احتال على السؤال،
بل رأى رَبَّهُ تعالى أقربَ إليه من جبريل ومن سؤاله، فلذلك سَلَّمَهُ من نمرودَ ونكاله، وأنعم عليه بنواله وأفضاله».

﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾[الأنبياء: 70]:
من حفر لأولياء الله حفرة وقع فيها، ومن كان مشغولا بالله لم يتولَّ الانتقام عنه إلا الله.

. ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء: 71]:
هي أرض الشام.
قال القرطبي: «بورِك فيها بكثرة الأنبياء، وإنزال الشرائع التي هي طريق السعادتين، وبكثرة النعم والخصب والثمار وطيب عيش الغنيِّ والفقير».

﴿ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة﴾ [الأنبياء: 72]:
قال القرطبي: «أي زيادة، لأنه دعا في إسحاق، وزيد يعقوب من غير دعاء، فكان ذلك نافلة، أي زيادة على ما سأل»،
فاصدق مع الله في الطلب، وسيعطيك فوق ما تمنيت.

﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾[الأنبياء: 74]:
حكمةٌ تهديه إلى ما يجب فعله أو تركه، وعلما كثيرا لما ينبغي علمه وفهمه، ومن أوتي حكمة وعلما، فقد حاز بعض ميراث النبوة.

. ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾[الأنبياء: 74]:
قرية سدوم هي القرية التي كانت تعمل الأعمال الخبيثة، وعلى رأسها الشرك بالله، وقطع الطريق، لكن الذنب الأشهر: فاحشة قوم لوط.


#8

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر





﴿وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾[الأنبياء: 75]:
الصلاح سبب النجاة!
والرحمة هنا هي إنجاؤه من قومه بفضل صلاحه.

. ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾[الأنبياء: 76]:
دعوة صادقة من قلب خاشع كانت سبب النجاة من هذا الكرب العظيم.

﴿فاستجبنا﴾؛
الاستجابة أمر محسوم لكل داع الصادق، لكن متى وكيف؟
الله وحده أعلم وأحكم في تدبيره؛ وتدبيره كله خير.

. ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾[الأنبياء 90]:
جاءت هذه الآية بعد ذكر دعاء الأنبياء واستجابة الله لهم، إرشادا لنا إلى طريق إجابة الدعاء الذي سلكوه: المسارعة إلى الخيرات، مع الدعاء وخشوع القلب.

. ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [الأنبياء: 91]:
كانت مريم صوامة قوامة، لكن الله أخبرنا هنا أن أعظم كراماتها: عفتها، فلتفاخِر بوسام العفة كل فتاة مؤمنة.

. ﴿وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 91]:
أما مريم فآياتها ظهور الحمل من غير زوج، وأن رزقها كان يأتيها من الجنة عن طريق الملائكة.
وأما آيات عيسى، فكلامه في المهد، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وغيرها.

. ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]:
الرابطة الأولى التي تربطنا جميعا: رابطة الدين. قال ابن عباس: «دينكم دين واحد».

. ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ [الأنبياء: 93]:
كان مقتضى السياق أن يُقال: (وتقطعتم)، إلا أن الكلام صُرِف إلى الغيبة عن طريق الالتفات، كأن الله يقص ما أفسدوه على الآخرين، ويقبِّح عندهم أفعالهم،
ويقول لهم: ألا ترون إلى عظيم ما ارتكبوه! جعلوا أمر دينهم بينهم قِطَعا وتفرَّقوا فيه، كما تتوزع الجماعة الشيء ويقسِّمونه.

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ [الأنبياء: 94]:
عمل الصالحات الذي ينفع في الآخرة هو ما صاحَبه الإيمان، وأما العمل الصالح للكافر من صدقات وأعمال بِرٍّ، فينال أجره عليه في الدنيا، ولا يجد منه في الآخرة شيئا.

. ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ [الأنبياء: 94]:
تسجيل الملائكة لعملك الصالح عملية في غاية الدقة، فلن يبخسك الله من حقك مثقال ذرة، ليُثيبك عليه أحوج ما تكون إليه.

. ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: 96]:
لا أحد يعلم أين هم الآن؟! فقد حجبهم الله منذ عهد ذي القرنين، لكنهم موجودون يقينا لأن الله أخبرنا بهذا.
. في الكلام بلاغة بالحذف، أي حتى إذا فُتِح سد يأجوج ومأجوج. قال ابن عباس: «من كل شرَف يُقبِلون»، أي لكثرتهم يخرجون من كل ناحية، والحدَب هو ما ارتفع من الأرض.

. ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ [الأنبياء: 97]:
أي يوم القيامة، أو وعد الله بدكِّ سدِّ يأجوج ومأجوج، وخروجهم على الناس، فلا يخلف الله وعده مهما تأخَّر، ولا يكون إلا ما وعد الله أن يكون.

. ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنبياء: 97]:
شخصت أبصارهم كما يقع للمبهوت، وسببه رؤية ما لم تتوقعه، ولم يحسبوا حسابه، حتى لم يستطِع أحدٌ منهم حتى أنْ يطرف بجفنه، فما أقساها من لحظة على أصحابها.
. ﴿يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 97]

. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾[الحج: 1]:
بدأت سورة الحج بذكر يوم القيامة؛ لأن الحج هو أشبه مشاهد الدنيا بيوم الحشر.

. ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾[الحج: 5]:
استدلال بمشهد واقعي حيَّ نراه جميعا عيانا؛ لتدلِّل على إمكان إحياء الأموات، مثل إنبات النبات.

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

. ﴿وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[الحج: 6]:
قال ابن تيمية:
«الله خلق كل شيء، وهو على كل شيء قدير، ومن جعل شيئا من الأعمال خارجا عن قدرته ومشيئته، فقد ألحد في أسمائه وآياته».

﴿قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ﴾[الحج: 19]:
قال الآلوسى: «وكأنه شبَّه إعداد النار المحيطة بهم بتقطيع ثياب وتفصيلها لهم على قدر جثثهم، ففي الكلام استعارة تمثيلية تهكمية، وليس هناك تقطيع ثياب ولا ثياب حقيقة، وكأن جمْع الثياب للإيذان بتراكم النار المحيطة بهم، وكون بعضها فوق بعض، وعبَّر بالماضي ﴿قُطِّعَتْ﴾، لأن الإعداد قد وقع».

. ﴿يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾[الحج: 20]:
من فرط حرارة الحميم يؤثِّر في باطنهم نفس تأثيره في ظاهرهم، فتذاب به أحشاؤهم كما تذاب به جلودهم.

. ﴿وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾[الحج: 21]:
إحباط كل محاولات الهروب من النار! كلما أرادوا الهروب من جهنم، ضربت الخزنة رؤوسهم بها حتى تردَّهم إليها.
هذه بتلك! طابت أقوالهم في الدنيا، فطاب أقوالهم يوم القيامة، حتى قالوا على أبواب الجنة:
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ﴾

. ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾[الحج: 26]:
شارِك في تطهير البيت الحرام إن قمتَ بزيارته! وتطهير البيت هو من كل خبث معنوي كالبدع والمعاصي وظلم الناس وبث الخصال الذميمة، ومن كل خبث حسي كالأقذار ونحوها، ليكون مجهَّزا للطائفين والقائمين فيه.

. ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً﴾[الحج: 27]:
رجالا أي على أقدامهم، بمعنى مشاة، وليس المراد الذكور.

. يا كل داعية صادق:
ألا تشعر بالفخر أنك تسير في موكب العظماء من سادة الأنبياء، فيه نوح وإبراهيم وموسى وكثيرون ممن سار في نفس الطريق الذي تسير فيه اليوم،
فيا لروعة هذا الشرف والمجد!

. ﴿فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾[الحج:44]:
في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله ﷺ قال: «إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِتْه». صحيح الجامع رقم: 1822

. ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج:78]:
قال الحسن البصري: «إن الرجل ليجاهد فِي الله حق جهاده وَمَا ضرب بِسيف». ويعني بها جهاد الحجة والبيان.

. ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا﴾ [الحج:78]:
فهم الكثيرون خطأ أن إبراهيم عليه السلام هو الذي سمانا المسلمين، والصحيح أن الله هو سمانا المسلمين من قبل نزول هذا القرآن في ملل الأنبياء المتقدمين والكتب السابقة: الزبور والتوراة والإنجيل، وسمانا كذلك مسلمين في هذا القرآن.

. ﴿هو اجتباكم﴾ [الحج:78]:
اصطفانا نحن أمة محمد، فكنا خير الأمم، ونبينا خير الأنبياء، وديننا أتم الأديان وآخرها، وفي مقابل هذا التشريف كان التكليف، والتكليف هو دعوة الناس وأن نكون شهداء عليهم.

. ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[الحج: 78]:
هذه الآية أصل قاعدة فقهية هامة وهي: (المشقة تجلب التيسير).

. ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[الحج: 78]:
رحم الله الإمام القرطبي حين قال: «رفع الحرج إنما هو لمن استقام على منهاج الشرع، وأما السُّرّاق وأصحاب الحدود فعليهم الحرج، وهم جاعلوه على أنفسهم بمفارقتهم الدين».


رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع عشر

أدوات الموضوع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ حياه الروح 5 شخصيات وأحداث تاريخية
جوانب من الحياة الشخصية والاجتماعية لسيف الله (خالد بن الوليد)رضي الله عنه المشتاقة الى رسول الله قصص الانبياء والرسل والصحابه
خــالـــد بن الولـــيـــد الـمـتـألـقـة شخصيات وأحداث تاريخية
[قصص مرعبة] روايه صائد الإنس كامله , قصص وروايه رعب عن الجن حياه الروح 5 قصص - حكايات - روايات
الحموالموت sho_sho قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 04:01 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل