﴿وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا﴾
أي وأحسن عاقبة لكم؛ فإن الله يُحسن لكم عليه الجزاء.
إذا كان هذا في شأن العدل بالأموال، فكيف بالعدل في الأقوال.
فوالله ما عدل أحدٌ في قوله-مع عدو أو صديق-
إلا كانت عاقبته إلى خير في الدنيا قبل الآخرة.
﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾
من لطائف هذه الآية، قيل: إنها سألت الجار قبل الدّار.
إذا عصفت أمواج الفتن، وتتابعت المِحن، وحار الحليم،
فتذكّر أنه ﴿لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ﴾
لا تـشغلك حياتك الصغيرة عن حياتك الكبيرة.
ثم تقول:﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
هناك أُناسٌ أُولِعوا بالغيبة حتى إن بعضهم إذا قيل له: لا تغتب أخاك. قال: والله ما سألت عنه، أقول هذا الكلام في وجهه! مسكين،
ما يدري أن هذا هو الهمز الذي قال الله تعالى فيه:
﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ قال الربيع بن أنس: الهُمزة: يهمزه في وجهه، واللمزة: من خلفه.
الرفعة بيد الله﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ﴾ والسقوط بأمر الله﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾
فلا الإعلام يرفعك، ولا الحاقد يُسقطك، فلا تهتمّ لهذا ولا ذاك، فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمٰن يُقلّبها كيف شاء.
﴿إنّ الذين آمَنوا وعمِلُوا الصّالحاتِ سيَجعَلُ لَهمُ الرَّحْمٰنُ وُدًّا﴾
سيجعل الله لهم محبة في قلوب العباد، وقبولًا يتسلّل للفؤاد.
ووالله لَنَزْعُ جبل من الأرض=أهون من نَزعِ تلك المحبة من قلوب العباد. يا مسكين، أتظنك قادرًا على نزع محبة أرساها الله لوليّه في قلوبٍ أمرها بيده!
ليس بينك وبين الخير الذي لا ينقطع=إلا الصدق مع الله.
﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللّهَ لَكانَ خَيرًا لهمْ﴾ خيرٌ من ماذا ؟
لقد أطلق الله ذلك، لِيَذهب فكرك إلى كلّ مذهبٍ حسن. خيرٌ من حظوظ النّفس. خير مما في أيدي الخلق. خير مما معك. خير مما فاتك. خير من الدنيا وما فيها. اُصدق مع الله وسترى.
﴿إنّ الله يُمْسِك السموات والأرض أن تزولا ولَئِن زَالَتا إِنْ أَمسَكَهمَا منْ أحدٍ من بَعده ۚ إنه كان حليمًا غَفورًا﴾
قال ابن القيم: تأمل خَتْم هذه الآية باسمين من أسمائه، وهما (الحليم، والغفور)
كيف تجد تحت ذلك=أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لَمَا استقرت السماوات والأرض
وللرجال عليهنّ درجة والله (عزيز حكيم)﴾
﴿فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلًا إن الله كان (عليًّا كبيرًا) ﴾
لما ذكر الله ولاية الرجل على زوجته=
ختم الآيتين بأسماء عظيمة ترهيبًا للرجل من أن يظلمها.
- فيا أيّها الزوج الظالم، اعلم أنك ضعيف ذليل صغير، وأنّ معها العزيز العلي الكبير
﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَر﴾
أصح الأقوال في تفسير الآية، وأوقعها في النفس، وأبعثها للطمأنينة=ما قاله ابن عباس:
"ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه"
وقد قال الله في الحديث القدسي:"فإنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم"
هل هناك أعظم من ذكر الله لك؟
هل يُدرك صاحب المكر السيئ أنه يمكر بنفسه؟
فلْيرفق بنفسه إِذَن!
﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾
الله عزوجل يقول في كتابه العزيز (وليس الذكر كالأنثى) ثم يخرج علينا من يقول: المساواة بين الجنسين!!!
أيظننا ندع شرع الله الحق ونوافقه هو على انتكاسته؟!
رب أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واحفظنا من شر دعاة الباطل ما حيينا