أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وا

ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه  من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وا

ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه
من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه  من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وا
ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه  من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وا
.الباب الأول: في النكاح:
وفيه مسائل:.المسألة الأولى: تعريف النكاح، وأدلة مشروعيته:
أ- تعريف النكاح:
النكاح لغة: الضم والجمع والتداخل، يقال: مأخوذ من:

تناكحت الأشجار، إذا انضم بعضها إلى بعض، أو من: نكح المطر الأرض، إذا اختلط بثراها.
وشرعاً: عقد يتضمن إباحة استمتاع كل من الزوجين بالآخر، على الوجه المشروع.
ب- أدلة مشروعية النكاح:
الأصل في مشروعية النكاح: الكتاب والسنة والإجماع.
فقد دل على مشروعية النكاح آيات كثيرة: منها قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]. وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32].
وأحاديث كثيرة، منها حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء». وحديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم».
وقد أجمع المسلمون على مشروعية النكاح.

.المسألة الثانية: الحكمة في مشروعية النكاح:
لقد شرع الله سبحانه وتعالى النكاح لحكم سامية يمكن إجمالها في الآتي:
1- إعفاف الفروج؛ إذ خلق الله تعالى هذا الإنسان، وغرز في كيانه الغريزة الجنسية، فشرع الله الزواج؛ لإشباع هذه الرغبة، ولعدم العبث فيها.
2- حصول السكن والأنس بين الزوجين وحصول الراحة والاستقرار. قال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
3- حفظ الأنساب وترابط القرابة والأرحام بعضها ببعض.
4- بقاء النسل البشري، وتكثير عدد المسلمين، لإغاظة الكفار بهم، ولنشر دين الله.
5- الحفاظ على الأخلاق من الهبوط والتردي في هاوية الزنى والعلاقات المشبوهة.

.المسألة الثالثة: حكم النكاح واختيار الزوجة:
1- حكم النكاح: يختلف حكم النكاح من شخص لآخر:
أولاً: يكون واجباً إذا كان الشخص يخاف على نفسه من الوقوع في الزنى؛ وكان قادراً على تكاليف الزواج ونفقاته؛ لأن الزواج طريق إعفافه، وصونه عن الوقوع في الحرام. فإن لم يستطع فعليه بالصوم، وليستعفف حتى يغنيه الله من فضله.
ثانياً: يكون مندوباً مسنوناً إذا كان الشخص ذا شهوة ويملك مؤنة النكاح، ولا يخاف على نفسه الزنى، لعموم الآيات والأحاديث الواردة في الحث على الزواج والترغيب فيه.
ثالثاً: يكون مكروهاً إذا كان الشخص غير محتاج إليه، بأن كان عِنِّيناً، أو كبيراً، أو مريضاً لا شهوة لهما. والعِنِّين: الذي لا يقدر على إتيان النساء، أو لا يشتهيهن.
2- اختيار الزوجة ومقومات ذلك:
ويسن نكاح المرأة ذات الدين والعفاف والأصل الطيب والحسب والجمال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

«تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يَدَاكَ». فيحرص على ذات الدين في المقام الأول، ويجعل ذلك أساس الاختيار لا غيره، ويسن أيضاً اختيار الزوجة الولود، لحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
«تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة». ويسن اختيار البكر؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له:

«فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك»، إلا إذا كانت هناك مصلحة ترجح نكاح الثيب، فيقدمها على البكر؛ ويختار الجميلة؛ لأنها أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأَدْعى لمودته.




ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه  من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب واملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه  من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وا
يتبـــــع







إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.المسألة الرابعة: من أحكام الخطبة، وآدابها:
الخِطبة: هي إظهار الرغبة في الزواج بامرأة معينة، وإعلام وليها بذلك.
ومن أحكام الخطبة وآدابها:
1- تحرم خطبة المسلم على خطبة أخيه الذي أجيب لطلبه ولو تعريضاً، وعلم الثاني بإجابة الأول؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك»؛ وذلك لما في التقدم للخطبة من الإفساد على الأول، وإيقاع العداوة.
2- يحرم التصريح بخطبة المعتدة البائن؛ لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] فيجوز له التعريض، كأن يقول: وددت أن ييسر الله لي امرأة صالحة، أو: إني أريد الزواج، فنَفْي الحرج عن المعرِّض بالخطبة يدل على عدم جواز التصريح، فقد يحملها الحرص على الزواج على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها. وأما المعتدة الرجعية، فيحرم حتى التعريض؛ لأنها في حكم الزوجات.
3- من استشير في خاطب أو مخطوبة وجب عليه أن يذكر ما فيهما من محاسن ومساوئ، ولا يكون ذلك من الغيبة، بل من النصيحة المرغب فيها شرعاً.
4- الخطبة مجرد وعد بالزواج، وإبداء الرغبة فيه، وليست زواجاً، لذا يبقى كل من الخاطب والمخطوبة أجنبياً عن الآخر.

.المسألة الخامسة: حكم النظر إلى المخطوبة:
من أراد أن يخطب امرأة يشرع ويسن له النظر إلى ما يظهر منها عادة، كوجهها وكفيها وقدميها، لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه: «أن امرأة جاءت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي، فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه». وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنظرت إليها؟»، قال: لا، قال: «فاذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً».
وحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل». قال: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها

ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها.
والحكمة من ذلك: أن النظر أدعى لحظوتها في نفسه، ومن ثم أدعى للألفة والمحبة ودوام المودة بينهما، كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمغيرة وقد خطب امرأة:

«انظر إليها فإنه أحرى أن يُؤْدَمَ بينكما». أي: تكون بينكما المحبة والاتفاق.
.المسألة السادسة: شروط النكاح وأركانه:
1- شروط النكاح: يشترط في النكاح الآتي:
1- تعيين كل من الزوجين: فلا يصح عقد النكاح على واحدة لا يُعيِّنها كقوله: "زوجتك بنتي" إن كان له أكثر من واحدة، أو يقول: "زوجتها ابنك" إن كان له عدة أبناء. بل لابد من تعيين ذلك بالاسم: كفاطمة ومحمد، أو بالصفة: كالكبرى أو الصغرى.
2- رضا كل من الزوجين بالآخر: فلا يصح نكاح الإكراه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن».
3- الولاية في النكاح: فلا يعقد على المرأة إلا وليها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا نكاح إلا بولي»، ويشترط في الولي أن يكون: رجلاً، بالغاً، عاقلاً، حراً، عدلاً ولو ظاهراً.
4- الشهادة على عقد النكاح: فلا يصح إلا بشاهدي عدل مسلمين، بالغين، عدلين، ولو ظاهراً؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل، وما كان غير ذلك فهو باطل». قال الترمذي: (العمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن بعدهم من التابعين وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلا بشهود..). واشتراط الشهادة في النكاح احتياط للنسب خوف الإنكار.
5- خلو الزوجين من الموانع التي تمنع من الزواج، من نسب أو سبب، كرضاع ومصاهرة واختلاف دين، ونحو ذلك من الأسباب؛ كأن يكون أحدهما محرماً بحج، أو عمرة.
2- أركان النكاح: وأركان النكاح التي بها قوامه ووجوده هي:
1- العاقدان: وهما الزوج والزوجة الخاليان من موانع الزواج التي سبقت الإشارة إليها، والآتي ذكرها

في بحث المحرمات.
2- الإيجاب: وهو اللفظ الصادر من الولي، أو من يقوم مقامه «وكيلاً» بلفظ إنكاح أو تزويج.
3- القبول: وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بلفظ: قبلت، أو: رضيت هذا الزواج.
ولابد من تقدم الإيجاب على القبول.


رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والرد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال
يتبـــــع


إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.المسألة السابعة: المحرمات في النكاح:
المحرمات في النكاح قسمان: قسم التحريم المؤبد، وقسم التحريم المؤقت.
القسم الأول: المحرمات تأبيداً:
يحرم تأبيداً أربع عشرة امرأة، سبع يحرمن بالنسب وسبع بالسبب. ويقصد بالتأبيد عدم جواز نكاحهن أبداً، مهما كانت الأحوال. ولهذه الحرمة ثلاثة أسباب: القرابة، والمصاهرة، والرضاع.
أولاً: المحرمات بالقرابة:
1- الأم وأم الأم وأم الأب. ويعبر عنهن بأصول الإنسان.
2- البنت وبنت البنت وبنت الابن. ويعبر عنهن بفروع الإنسان.
3- الأخت الشقيقة أو الأخت لأب أو الأخت لأم. ويعبر عنهن بفروع الأبوين.
4- بنت الأخ الشقيق، وبنت الأخ لأب وبنت الأخ لأم.
5- بنت الأخت الشقيقة أو لأب أو لأم.
6- العمة وهي أخت الأب، ومثلها عمة الأب وعمة الأم. ويعبر عنهن بفروع الجدين من جهة الأب.
7- الخالة وهي أخت الأم ومثلها خالة الأم وخالة الأب. ويعبر عنهن بفروع الجدين من جهة الأم.
فهؤلاء النسوة لا يجوز نكاح واحدة منهن بحال. لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23].
ثانياً: المحرمات بالمصاهرة:
ويحرم بها الآتي:
1- زوجة الأب ومثلها زوجة الجد أب الأب وزوجة الجد أب الأم. ويعبر عنهن بزوجات الأصول. لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء: 22].
2- زوجة الابن، وزوجة ابن الابن، وابن البنت أيضاً، وهكذا زوجات الفروع.
لقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23].
3- أم الزوجة، ومثل أمها جميع أصولها من النساء كأم أم الزوجة؛ لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]. وهؤلاء الثلاثة يحرمن بمجرد العقد، سواء دخل بالسبب المُحَرِّم أو لم يدخل.
4- بنت الزوجة وهي المسماة بالربيبة، فهي حرام على زوج أمها؛ لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]. ولا يشترط في التحريم أن تكون الربيبة تربَّتْ في حجر زوج أمها، وإنما ذكر قيد الحجر لبيان الغالب. فهذه البنت تحرم على الرجل إذا دخل بأمها، فإن لم يدخل بها، كأن طلق الأم، أو ماتت قبل الدخول، فإنه يجوز له نكاح ابنتها.
لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23].
5- يحرم على المرأة زوج أمها، وزوج ابنتها، وابن زوجها، وأبو زوجها.
ثالثاً: المحرمات بالرضاع:
يحرم بالرضاع سبع نسوة، ذكر القرآن الكريم منهن اثنتين، وألحقت السنة بهن خمساً.
أ- المحرمات بالقرآن الكريم:
1- الأم بالرضاع. وهي المرأة التي أرضعتك، ويلحق بها أمها، وأم أمها، وأم أبيها.
2- الأخت بالرضاع. وهي التي رضعتْ من أمك أو رَضَعْتَ من أمها أو رضعت أنت وهي من امرأة واحدة، أو رضعت من زوجة أبيها، أو رضعت هي من زوجة أبيك، لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].
ب- المحرمات بالسنة المطهرة:
1- بنت الأخ من الرضاع.
2- بنت الأخت من الرضاع.3- العمة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أبيك.
4- الخالة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أمك.
5- البنت من الرضاع. وهي التي رضعت من زوجتك، فيكون الرجل أباً لها من الرضاع.
ودليل تحريم هؤلاء النساء من السنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة». وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بنت حمزة رضي الله عنهما: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة مما يحرم من الرحم».
القسم الثاني: المحرمات تأقيتاً:
يحرم تأقيتاً عدة نساء يمكن تقسيمهن إلى نوعين:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض.
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع:
1- الجمع بين الأختين، سواء كانتا من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً. لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23].
2- الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها،

أو بنت ابنتها.
والقاعدة هنا: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى. ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها».
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى». كما أجمع العلماء على هذا التحريم.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض:
1- يحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه} [البقرة: 235].
2- يحرم تزوج من طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
3- يحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها؛ لحديث عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكَحُ، ولا يخطب».
4- يحرم تزوج الكافر بالمرأة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].
5- ويحرم على الرجل المسلم أن يتزوج الكافرة إلا الكتابية، فيجوز له أن يتزوج بها، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]. يعني: فهن حل لكم.
6- يحرم على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة، إلا إذا خاف على نفسه الزنى، ولم يقدر على مهر الحرة، أو ثمن الأمة، فيجوز حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25].
7- يحرم على العبد المسلم أن يتزوج سيدته؛ لأن العلماء أجمعوا على ذلك، وللمنافاة بين كونها سيدته وكونه زوجاً لها.
8- يحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح.

.المسألة الثامنة: حكم نكاح الكتابية:
لقد أباح الإسلام نكاح الحرائر من أهل الكتاب؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5].
وقد أجمع العلماء على جواز نكاح نساء أهل الكتاب.
ويقصد بأهل الكتاب الذين يجوز نكاح نسائهم: أهل التوراة والإنجيل؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156].

رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والرد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

يتبـــــع

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#4

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.الباب الثاني: في الصداق وحقوق الزواج وواجباته، ووليمة العرس:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف الصداق، ومشروعيته، وحكمه:
أ- تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]. وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: «مالي في النساء من حاجة»، فقال رجل: زوجنيها، قال: «أعطها ثوباً... الحديث»، وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ؟»،- يعني: ما شأنك وما أمرك؟- فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: «ما أصدقتها؟» قال: وزن نواة من ذهب، فقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة». وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.

.المسألة الثانية: حدُّه، وحكمته، وتسميته:
أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المرأة الواهبة نفسها: «أعطها، ولو خاتماً من حديد». فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
و- شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1- أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال

مغصوب يعلمانه.
2- أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.

.المسألة الثالثة: حكم المغالاة في الصداق:
يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:

«من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها». واليُمْن: البركة.
2- عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة).
3- وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية.3- العمة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أبيك.
4- الخالة من الرضاع. وهي التي رضعت مع أمك.
5- البنت من الرضاع. وهي التي رضعت من زوجتك، فيكون الرجل أباً لها من الرضاع.
ودليل تحريم هؤلاء النساء من السنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة». وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بنت حمزة رضي الله عنهما: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة مما يحرم من الرحم».
القسم الثاني: المحرمات تأقيتاً:
يحرم تأقيتاً عدة نساء يمكن تقسيمهن إلى نوعين:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض.
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع:
1- الجمع بين الأختين، سواء كانتا من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً. لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23].
2- الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها،

أو بنت ابنتها.
والقاعدة هنا: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى. ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها».
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى». كما أجمع العلماء على هذا التحريم.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض:
1- يحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه} [البقرة: 235].
2- يحرم تزوج من طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
3- يحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها؛ لحديث عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكَحُ، ولا يخطب».
4- يحرم تزوج الكافر بالمرأة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221].
5- ويحرم على الرجل المسلم أن يتزوج الكافرة إلا الكتابية، فيجوز له أن يتزوج بها، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]. يعني: فهن حل لكم.
6- يحرم على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة، إلا إذا خاف على نفسه الزنى، ولم يقدر على مهر الحرة، أو ثمن الأمة، فيجوز حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25].
7- يحرم على العبد المسلم أن يتزوج سيدته؛ لأن العلماء أجمعوا على ذلك، وللمنافاة بين كونها سيدته وكونه زوجاً لها.
8- يحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح.


رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والرد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال
يتبـــــع


إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#5

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.المسألة الثامنة: حكم نكاح الكتابية:
لقد أباح الإسلام نكاح الحرائر من أهل الكتاب؛ لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5].
وقد أجمع العلماء على جواز نكاح نساء أهل الكتاب.
ويقصد بأهل الكتاب الذين يجوز نكاح نسائهم: أهل التوراة والإنجيل؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156].

.الباب الثاني: في الصداق وحقوق الزواج وواجباته، ووليمة العرس:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف الصداق، ومشروعيته، وحكمه:
أ- تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24]. وقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: «مالي في النساء من حاجة»، فقال رجل: زوجنيها، قال: «أعطها ثوباً... الحديث»، وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ؟»،- يعني: ما شأنك وما أمرك؟- فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: «ما أصدقتها؟» قال: وزن نواة من ذهب، فقال: «بارك الله لك، أولم ولو بشاة». وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.

.المسألة الثانية: حدُّه، وحكمته، وتسميته:
أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في المرأة الواهبة نفسها: «أعطها، ولو خاتماً من حديد». فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وقوله تعالى: {فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
و- شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1- أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال مغصوب يعلمانه.
2- أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.

.المسألة الثالثة: حكم المغالاة في الصداق:
يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1- حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها». واليُمْن: البركة.
2- عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما أصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة).
3- وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية.

.المسألة الرابعة: الحقوق الزوجية:
إذا وقع عقد النكاح صحيحاً ترتب عليه كثير من الحقوق بين الزوجين، وهي:
أولاً: حقوق الزوجة:
للزوجة على زوجها حقوق مالية كالصداق والنفقة، وحقوق معنوية غير مالية، كالعدل، وإحسان العشرة، وطيب المعاملة. وتفصيل ذلك على النحو التالي:
1- المهر: وهو حق للزوجة على زوجها؛ لقوله تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]، وغير ذلك من الأدلة التي سبق ذكرها.
2- النفقة والكسوة والسكنى: فيجب على الزوج تحصيلها للمرأة؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]. ولقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
ولحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق الزوجة؟ فقال: «أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت».
ولحديث جابر رضي الله عنه في خطبة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف».
3- إعفاف الزوجة بالجماع؛ مراعاة لحقها ومصلحتها في النكاح، ودفعاً للفتنة عنها، لعموم قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه} [البقرة: 222].
وقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي بُضْع أحدكم صدقة» يعني: الجماع.
4- حسن مَعاشرتها، ومعاملتها بالمعروف؛ لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] فيكون حَسَنَ الخلق مع زوجته رفيقاً بها، صابراً على ما يصدر منها، محسناً للظن بها. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«خيركم خيركم لأهله».
5- العدل بين نسائه في المبيت والنفقة، لمن كانت له أكثر من زوجة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً…} [النساء: 3]. وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع...».
ثانياً: حق الزوج:
وحق الزوج على زوجته أعظم من حقها عليه؛ لقوله سبحانه {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله، حتى تؤدي حق زوجها عليها كله».
ومن حقوق الزوج على زوجته:
1- حفظ سره وعدم إفشائه لأحد؛ لقوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34].
2- وجوب طاعته في المعروف؛ لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34].
3- تمكينه من نفسها إذا دعاها إلى فراشه، ما لم يكن هناك مانع شرعي؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح».
4- المحافظة على بيته وماله وأولاده وحسن تربيتهم، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته... والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها». وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ولكم عليهن أن لا يُوْطئن فرشكم أحداً تكرهونه».
5- المعاشرة بالمعروف، وحسن الخلق، وكف الأذى عنه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قَاتَلَكِ الله، فإنما هو دخيل يوشك أن يفارقك إلينا». والدخيل: الضيف والنزيل.
ثالثاً: الحقوق المشتركة بين الزوجين:
أغلب الحقوق الماضي ذكرها حقوق مشتركة بين الزوجين، وبخاصة حق الاستمتاع، وما يتبعه من حقوق، وكذا تحسين كل من الزوجين خلقه لصاحبه، وتحمل أذاه ومعاشرته بالمعروف، فلا يماطله بحقه ولا يَتَكَرَّهُ لبذله، ولا يتبعه أذىً ومنةً؛ لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقوله سبحانه وتعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خيركم خيركم لأهله».
كما يسن للزوج إمساك زوجته حتى مع كراهته لها؛ لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19].

.المسألة الخامسة: إعلان النكاح:
يسن إعلان النكاح، وإظهاره، وإشاعته، والضرب عليه بالدف؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فصل ما بين الحرام والحلال الصوت، والدف في النكاح»، ويكون الضرب بالدف للنساء دون الرجال، شرط ألا يصحب ذلك فحش في القول، أو ما يخالف الشرع.
.المسألة السادسة: الوليمة في النكاح:
الوليمة: طعام العرس يدعى إليه الناس ويجمعون.
ويسنُّ عمل وليمة للنكاح؛ لحديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه تزوج امرأة فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أوْلِمْ ولو بشاة»، و«أولم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على زينب رضي الله عنها بخبز ولحم»، و«أولم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعض نسائه بمدين من شعير».

.المسألة السابعة: حكم إجابة دعوة وليمة العرس:
يجب على من دعي لوليمة عرس أن يجيب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها»، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله».
شروط إجابة دعوة وليمة العرس:
1- أن تكون هي الوليمة الأولى، فإن أولم في أكثر من يوم استحب في الثاني، وكره في الثالث؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة. ومن سَمَّعَ سمع الله به».
2- أن يكون الداعي مسلماً؛ فلا تجب إجابة دعوة الكافر.
3- أن يكون الداعي من غير العصاة المجاهرين بالمعصية، وألا يكون ظالماً أو صاحب مال حرام.
4- أن تكون الدعوة معينة؛ فإن دعاه في جمع فلا تجب الإجابة.
5- أن يكون القصد من الدعوة التودد والتقرب، فإن دعاه لخوف منه، أو طمع في جاه، فلا تجب الإجابة.
6- ألا يكون في الوليمة منكر، كخمر وغناء ومعازف واختلاط رجال بنساء، فإن وجد شيء من ذلك فلا تجب الدعوة؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر». فإن كان المدعو يستطيع إزالة المنكر بحضوره وجب عليه الحضور، وإجابة الدعوة، وإزالة المنكر؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

.الباب الثالث: في الخلع، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته:
أ- تعريف الخلع:
الخُلْعُ لغة: مأخوذ من خلع الثوب؛ لأن كلاً من الزوجين لباس للآخر.
وشرعاً: فُرْقَةٌ تجري بين الزوجين على عوض تدفعه المرأة لزوجها، بألفاظ مخصوصة.
ب- مشروعية الخلع:
الخلع مشروع؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتًُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرُدِّينَ عليه حديقته؟»، قالت: نعم. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة».

رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال.المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة به، والحكمة منه:
أ- أحكام الخلع:
تتلخص أحكام الخلع في الآتي:

1- أن الخلع جائز لسوء العشرة بين الزوجين، ولا يقع إلا بعوض مالي، تفرضه الزوجة للزوج.
2- لا يقع من غير الزوجة الرشيدة؛ لأن غير الرشيدة لا تملك التصرف لنقص الأهلية.
3- إذا خالع الرجل امرأته ملكت المرأة بذلك أمر نفسها، ولم يبق للزوج عليها من سلطان، ولا رجعة له عليها.
4- لا يلحق المخالعة طلاق، أو ظهار، أو إيلاء، أثناء عدتها من زوجها الذي خالعها، لأنها تصير أجنبية عن زوجها.
5- يجوز الخلع في الحيض والطهر الذي جامعها فيه؛ لعدم الضرر عليها بذلك، فإن الله سبحانه أطلقه، ولم يقيده بزمن دون زمن.
6- يحرم على الرجل أن يؤذي زوجته ويمنعها حقوقها، حتى يضطرها إلى خلع نفسها؛ لقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19].
7- يكره للمرأة ويحظر عليها مخالعة زوجها مع استقامة الحال ودون سبب يقتضيه، كأن يكون الزوج معيباً في خَلْقِهِ ولم تطق المرأة البقاء معه، أو كان سَيِّئاً في خُلُقِهِ، أو خافت ألا تقيم حدود الله.
ب- الحكمة من مشروعية الخلع:
من المعلوم أن الزواج ترابط بين الزوجين وتعاشر بالمعروف. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
فهذه ثمرة النكاح، فإذا لم يتحقق هذا المعنى، فلم توجد المودة من الطرفين أو لم توجد من الزوج وحده، فساءت العشرة، وتعسَّر العلاج، فإن الزوج مأمور بتسريح الزوجة بإحسان؛ لقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. فإذا وجدت المحبة من جانب الزوج دون الزوجة بأن كرهت خُلُق زوجها، أو كرهت نقص دينه، أو خافت إثماً بترك حقه، فإنه في هذه الحالة يباح للمرأة طلب فراقه على عوض تبذله له، وتفتدي به نفسها؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].


رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والرد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال
يتبـــــع

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#6

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.الباب الرابع: في الطلاق:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى:
معناه، وأدلة مشروعيته، وحكمته:
أ- تعريف الطلاق:
الطلاق لغة: التخلية، يقال: طَلَقَت الناقة إذا سرحت حيث شاءت.
وشرعاً: حل قيد النكاح أو بعضه.
ب- مَن يصح طلاقه:
يصح إيقاع الطلاق من الزوج البالغ العاقل المميز المختار الذي يعقله، أو من وكيله، فلا يقع طلاق غير الزوج، ولا الصبي، ولا المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا الغضبان غضباً شديداً لا يدري معه ما يقول.
ج- مشروعية الطلاق:
الأصل في الزواج استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين، وقد شرع الله تعالى أحكاماً كثيرة وآداباً جمّة في الزواج لاستمراره، وضمان بقائه. إلا أن هذه الآداب قد لا تكون مرعيَّة من قبل الزوجين أو أحدهما، فيقع التنافر بينهما حتى لا يبقى مجال للإصلاح، فكان لابد من تشريع أحكام تؤدي إلى حل عقدة الزواج على نحو لا تهدر فيه حقوق أحد الزوجين، ما دامت أسباب التعايش قد باتت معدومة فيما بينهما.
والطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقد قال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] ومن السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر: «ليراجعها، فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها». وأجمع علماء الأمة على جواز الطلاق ومشروعيته.
د- حكمة مشروعيته:

شرع الطلاق لأن فيه حلاً للمشكلات الزوجية عند الحاجة إليه، وبخاصة عند عدم الوفاق، وحلول البغضاء التي لا يتمكن الزوجان معها من إقامة حدود الله، واستمرار الحياة الزوجية، وهو بذلك من محاسن الدين الإسلامي.

.المسألة الثانية: حكم الطلاق، وبيد من يكون؟
الأصل في الطلاق أن يكون جائزاً، مباحاً، عند الضرورة والحاجة إليه؛ كسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، ويكره من غير حاجة إليه؛ لإزالته النكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها: من إعفاف نفسه، وطلب النسل، وغير ذلك.
ويحرم الطلاق في بعض الأحوال، كما سيأتي بيانه في الكلام على الطلاق البدعي، وقد يكون واجباً على الشخص؛ كما لو علم بفجور زوجته وتبين زناها، لئلا يكون ديوثاً، ولئلا تُلْحق به ولداً من غيره، وكذا لو كانت الزوجة غير مستقيمة في دينها، كما لو كانت تترك الصلاة، ولم يستطع تقويمها.

.المسألة الثالثة: ألفاظ الطلاق:
وألفاظ الطلاق تنقسم إلى قسمين:
1- ألفاظ صريحة: وهي الألفاظ الموضوعة له، التي لا تحتمل غيره، وهي لفظ الطلاق وما تصرَّف منه، من فعل ماض، مثل: طلَّقتك، أو اسم فاعل، مثل: أنت طالق، أو اسم مفعول، مثل: أنت مطلقة. فهذه الألفاظ تدل على إيقاع الطلاق، دون الفعل المضارع أو الأمر، مثل: تطلقين واطلقي.
2- ألفاظ كنائية: وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، مثل قوله لزوجته: أنت خلية، وبرية، وبائن، وحبلك على غاربك، والحقي بأهلك، ونحوها.
والفرق بين الألفاظ الصريحة وألفاظ الكناية في الطلاق: أن الصريحة يقع بها الطلاق ولو لم ينوه، سواء كان جادّاً أو هازلاً أو مازحاً؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة». وأما الكناية فلا يقع بها طلاق، إلا إذا نواه نية مقارنة للفظه؛ لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وغيره، فلا يقع إلا بنيته، إلا إذا وجدت قرينة تدل على أنه نواه، فلا يصدق قوله.

.المسألة الرابعة: طلاق السنة وحكمه:
أ- طلاق السُّنَّة:
يقصد بطلاق السنة: الطلاق الذي أذن فيه الشارع، وهو الواقع طبقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك بأمرين:
1- عدد الطلاق. 2- حال إيقاعه.
فالسنة إذا اضطر الزوج إلى الطلاق: أن يطلق طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ويتركها فلا يتبعها طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، أي: في الوقت الذي يَشرعن فيه في استقبال العدة وهو الطهر، إذ زمن الحيض لا يحسب من العدة.
قال ابن عمر وابن عباس وجماعة في هذه الآية: الطهر من غير جماع.
ب- حكم طلاق السنة:
أجمع العلماء على أن طلاق السنة واقع؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، أي في زمن الطهر.

.المسألة الخامسة: الطلاق البدعي وحكمه:
أ- الطلاق البدعي:
هو الطلاق الذي يوقعه الرجل على الوجه المحرم الذي نهى عنه الشارع، ويكون بأحد أمرين:
1- عدد الطلاق. 2- حال إيقاعه.
فإن طلقها ثلاثاً بلفظ واحد، أو متفرقات في طهر واحد، أو طلقها وهي حائض أو نفساء، أو طلقها في طهر جامعها فيه، ولم يتبيَّن حملها، فإن هذا طلاق بدعيُّ محرمٌ، منهيٌّ عنه شرعاً، وفاعله آثم.
فالطلاق البدعي في العَدَد يحرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230].- يعني الثالثة- والطلاق البدعي في الوقت يستحب له مراجعتها منه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمراجعتها. وإذا راجعها وجب عليه إمساكها حتى تطهر، ثم إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها.
ب- حكم الطلاق البدعي:
يحرم على الزوج أن يطلق طلاقاً بدعياً، سواء في العدد أو الوقت؛ لقوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، أي: طاهرات من غير جماع، ولأن ابن عمر رضي الله عنهما لما طلق زوجته وهي حائض، أمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمراجعتها.
ويقع الطلاق البدعي كالسُّنيّ؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر ابن عمر بمراجعة زوجته، ولا تكون الرجعة إلا بعد وقوع الطلاق، وحينئذ تحسب هذه التطليقة من طلاقها.

.المسألة السادسة: الرَّجْعة:
أ- تعريفها: لغة: المرة من الرجوع. وشرعاً: إعادة زوجته المطلقة طلاقاً غير بائن إلى ما كانت عليه قبل الطلاق بدون عقد.
ب- مشروعيتها: دلَّ على مشروعية الرجعة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} [البقرة: 228] وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231] أي بالرجعة.
وأما السنة: فحديث ابن عمر الماضي ذكره، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مره فليراجعها» وأجمع العلماء على أنَّ من طلق دون الثلاث فإن له الرجعة في العدة.
ج- الحكمة منها: الحكمة من الرجعة إعطاء الزوج الفرصة إذا ندم على إيقاع الطلاق وأراد استئناف العشرة الزوجية، فيجد الباب مفتوحاً أمامه، وهذا من رحمة الله- عز وجل- بعباده ولطفه بهم.
د- شروطها: تصح الرجعة بشروط، وهي:
1- أن يكون الطلاق دون العدد الذي يملكه الزوج، وهو ثلاث تطليقات للحر واثنتان للعبد، فإن استوفى عدد الطلاق لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
2- أن تكون المطلقة مدخولاً بها؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة وغير المدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
3- أن يكون الطلاق بغير عوض؛ لأن العوض في الطلاق جعل لتفتدي المرأة نفسها من الزوج، ولا يحصل لها ذلك مع الرجعة، فلا تحل إلا بعقد جديد برضاها.
4- أن يكون النكاح صحيحاً، فلا رجعة إذا طلق في نكاح فاسد. فإذا لم يصح الزواج لم يصح الطلاق؛ لأنه فرعه، وإذا لم يصح الطلاق، لم تصح الرجعة.
5- أن تكون الرجعة في العدة، لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] أي: في العدة.
6- أن تكون الرجعة منجزة، فلا تصح معلقة؛ كقوله: إذا حصل كذا فقد راجعتك.
هـ- بم تحصل الرجعة؟
1- تحصل الرجعة باللفظ، كقوله: راجعت امرأتي، ورددتها، وأعدتها، وأمسكتها، ورجَّعتها.
2- وتحصل بوطء الزوجة إذا نوى بذلك رجعتها.
و- من أحكام الطلاق الرجعي:
1- المطلقة طلاقاً رجعياً زوجة ما دامت في العدة، لها ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن، وعليها ما عليهن من لزوم المسكن، ولها أن تتزين له، ويخلو بها ويطؤها، ويرث كل منهما صاحبه.
2- لا يشترط في الرجعة رضا المرأة أو وليها، لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228].
3- ينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة، وتعتد بثلاث حِيَض، فإذا طهرت الرجعية من الحيضة الثالثة ولم يرتجعها زوجها، بانت منه بينونة صغرى، فلم تحل له إلا بعقد جديد بشروطه: من ولي وشاهدي عدل.
4- تعود الرجعية، والبائن التي تزوجها زوجها، على ما بقي لها من عدد الطلاق.
5- فإذا استوفى ما يملك من عدد الطلاق فطلقها ثلاثاً، حرمت عليه، وبانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح.

.الباب الخامس: في الإيلاء:
1- تعريف الإيلاء، ودليله:
أ- تعريف الإيلاء:

الإيلاء لغة: مأخوذ من الأليَّة بمعنى اليمين، يقال: آلى فلان يُولي إيلاءً وأليَّة أي: أقسم.
وشرعاً: أن يحلف زوج بالله أو بصفة من صفاته- وهو قادر على الوطء- على ترك وطء زوجته في قبلها أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر.
ب- دليله:
قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ , وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227].
2- شروط الإيلاء:
أ- أن يكون من زوج يمكنه الوطء، فلا يصح من عاجز عن الوطء لمرض لا يرجى برؤه، أو شلل، أو جبّ كامل.
ب- أن يحلف بالله أو صفة من صفاته، لا بطلاق أو عتق أو نذر.
ج- أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر.
د- أن يحلف على ترك الوطء في القُبل- الفرج-، فلو حلف على ترك الوطء في الدبر لم يكن مولياً؛ لأنه لم يترك الوطء الواجب.
هـ- أن تكون الزوجة ممن يمكن وطؤها، أما المرأة المتعذر وطؤها كالرَّتقاء والقَرْنَاء، فلا يصح الإيلاء منها.
3- حكمه:
الإيلاء محرم في الإسلام؛ لأنه يمين على ترك واجب، فإذا أقسم الزوج على عدم جماع زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر فهو مولٍ، فإن حصل منه وطء لها وتكفير عن يمينه قبل انتهاء الأربعة أشهر فقد فاء، أي: رجع إلى فعل ما تركه، والله يغفر له ما حصل منه، وان أبى أن يطأ بعد مضي المدة، وطلبت المرأة ذلك منه، فإن الحاكم يأمره بأحد أمرين:
1- الرجوع عن يمينه ووطء زوجته، ويكفر عن اليمين.
2- أو الطلاق، إن أبى إلا التمسك بيمينه.
فإن رفض الأمرين السابقين فإن القاضي يطلق عليه، أو يفسخ؛ لأنه يقوم مقام المولي عند امتناعه، والطلاق تدخله النيابة. فإن انقضت مدة الإيلاء، وبأحد الزوجين عذر يمنع الجماع، أمر الزوج أن يفيء بلسانه فيقول: متى قدرت جامعتك؛ لأن القصد بالفيئة تَرْكُ ما قصده من الإضرار بها. وألحق الفقهاء بالمولي في هذه الأحكام مَنْ ترك وطء زوجته إضراراً بها بلا يمين، أكثر من أربعة أشهر، وهو غير معذور.
4- من أحكام الإيلاء:
- ينعقد الإيلاء من كل زوج يصح طلاقه، مسلماً كان أم كافراً، حراً أم عبداً، ومن الغضبان والمريض، ومن الزوجة التي لم يدخل بها؛ لعموم الآية.
- في هذا التشريع الحكيم من الله سبحانه- بأمر المولي بالوطء أو الطلاق- إزالة للظلم والضرر عن المرأة، وإبطال لما كانوا عليه في الجاهلية من إطالة مدة الإيلاء.
- لا ينعقد الإيلاء من مجنون، ومغمى عليه؛ لعدم تصورهما ما يقولان، فالقصد معدوم منهما.


رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والرد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال
يتبـــــع



إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#7

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

.الباب السادس: في الظهار:
1- تعريف الظهار وحكمه:
أ- تعريف الظهار:
الظهار لغة: مأخوذ من الظهر.
وشرعاً: أن يُشَبِّه الرجل زوجته في الحرمة بإحدى محارمه، بنسب، أو رضاع أو مصاهرة، أو ببعضها، فيقول الرجل إذا أراد الامتناع عن الاستمتاع بزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي، أو أختي أو غيرهما، فمتى فعل ذلك فقد ظاهر من امرأته.
ب- حكمه:
الظهار حرام؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} إلى قوله تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2]. وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أنكره واعتبره يميناً مكفرة؛ رحمة من الله سبحانه وتيسيراً على عباده.
فيحرم عل المظاهر والمظاهر منها استمتاع كل منهما بالآخر- بجماع ودواعيه، كالقبلة، والاستمتاع بما دون الفرج- قبل التكفير؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمظاهر: «لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به».
2- كفارة الظهار:
كفارة الظهار مرتبة على النحو الآتي:
أ- عتق رقبة مؤمنة، سليمة من العيوب.

ب- فإن لم يجد الرقبة أو لم يجد ثمنها، صام شهرين قمريين متتابعين، لا يفصل بين الشهرين إلا بصوم واجب كصوم رمضان، أو إفطار واجب كالإفطار للعيد وأيام التشريق، والإفطار للمرض والسفر.
ج- فإن لم يستطع الصوم، فيطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مد من البر، أو نصف صاع من غيره، من قوت البلد؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا …} الآيتين [المجادلة: 3، 4]. ولحديث سلمة بن صخر البياضي لما جعل امرأته عليه كظهر أمه أمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فالإطعام.
فإن جامع المظاهر قبل أن يكفِّر كان آثماً عاصياً، ولا تلزمه إلا كفارة واحدة، وتبقى الكفارة معلقة في ذمته حتى يُكَفِّر، وتحريم زوجته عليه باق أيضاً حتى يكفِّر.

.الباب السابع: في اللعان:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف اللعان، ودليل مشروعيته، وحكمته:
1- تعريف اللعان:
اللعان لغة: مصدر لاعَنَ، مأخوذ من اللعن وهو الطرد والإبعاد.
وشرعاً: شهادات مؤكدات بالأيمان، مقرونة باللعن من جهة الزوج وبالغضب من جهة الزوجة، قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنى في حق الزوجة. وسُمِّي اللعان بذلك؛ لقول الرجل في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ولأن أحدهما كاذب لا محالة، فيكون ملعوناً.
2- دليل مشروعية اللعان:
يستدل على تشريع اللعان بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ...} الآيات [النور: 6- 10].
وبحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قد قضى الله فيك وفي امرأتك» قال: فتلاعنا

في المسجد وأنا شاهد.
وفي رواية: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3- الحكمة من مشروعية اللعان:
والحكمة من مشروعية اللعان للزوج: ألاّ يلحقه العار بزناها، ويفسد فراشه، ولئلا يلحقه ولد غيره، وهو لا يمكنه إقامة البينة عليها في الغالب، وهي لا تقر بجريمتها، وقوله غير مقبول عليها، فلم يبق سوى حلفهما بأغلظ الأيمان، فكان في تشريع اللعان؛ حلاً لمشكلته، وإزالة للحرج، ودرءاً لحد القذف عنه، ولما لم يكن له شاهد إلا نفسه مُكِّنت المرأة أن تعارض أيمانه بأيمان مكررة مثله، تدرأ بها الحد عنها، وإلا وجب عليها الحد. وإن نكل الزوج عن الأيمان وجب عليه حد القذف، وإن نكلت هي بعد حلفه صارت أيمانه مع نكولها بَيِّنَةً قوية، لا معارض لها، ويقام عليها الحد حينئذ.

.المسألة الثانية: شروطه وكيفيته:
1- شروط صحة اللعان:
1- أن يكون بين زوجين مكلفين (بالغين عاقلين)؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6].
2- أن يقذف الرجل امرأته بالزنى، كقوله: يا زانية، أو: رأيتك تزنين، أو: زنيت.
3- أن تُكَذِّبَ المرأة الرجل في قذفه هذا، ويستمر تكذيبها له إلى انقضاء اللعان.
4- أن يتم اللعان بحكم حاكم.
2- كيفية اللعان وصفته:

صفة اللعان: أن يقول الزوج عند الحاكم أمام جَمْع من الناس: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنى، يقول ذلك أربع مرات، ويشير إليها إن كانت حاضرة، ويسمِّيها إن كانت غائبة بما تتميز به. ثم يزيد في الشهادة الخامسة- بعد أن يعظه الحاكم ويحذره من الكذب-: وعليَّ لعنة الله، إن كنت من الكاذبين.
ثم تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنى، ثم تزيد في الشهادة الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6- 9].

.المسألة الثالثة: الأحكام المترتبة على اللعان:
إذا تم اللعان فإنه يترتب عليه ما يأتي:
1- سقوط حد القذف عن الزوج.

2- ثبوت الفرقة بين الزوجين، وتحريمها عليه تحريماً مؤبداً، ولو لم يفرق الحاكم بينهما.
3- ينتفي عنه نسب ولدها ويلحق بالزوجة، ويتطلب نَفْيُ الولد ذِكْرَه صراحة في اللعان، كقوله: "أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى، وما هذا بولدي". لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعن بين رجل وامرأته ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة.
3- وجوب حد الزنى على المرأة، إلا أن تلاعن هي أيضاً؛ فإن نكولها عن الأيمان مع أيمانه بينةٌ قوية، توجب إقامة الحد عليها.

.الباب الثامن: في العدة والإحداد:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف العدة ودليل مشروعيتها، والحكمة منها:
1- تعريف العِدَّة:
العِدَّةُ لغة: اسم مصدر من عَدَّ يَعُدُّ، عَدّاً، وهي مأخوذة من العَدَد والإحصاء؛ لاشتمالها عليه من الأقراء والأشهر.
وشرعاً: اسم لمدة معينة تتربصها المرأة؛ تعبداً لله عز وجل، أو تفجعاً على زوج، أو تأكداً من براءة رحم.
والعدة من آثار الطلاق، أو الوفاة.
2- دليل مشروعية العدة:
الأصل في وجوب العدة ومشروعيتها: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]. وقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]. وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
وأما السنة: فحديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه: (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نُفِسَت بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت)، وغير ذلك من الأحاديث.
3- الحكمة من مشروعية العدة:
الحكمة من ذلك: استبراء رحم المرأة من الحمل؛ لئلا يحصل اختلاط الأنساب. وأيضاً: إتاحة الفرصة للزوج المُطَلِّق ليراجع نفسه إذا ندم، وكان طلاقه رجعياً. وأيضاً: صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة عن حمل.

.المسألة الثانية: أنواع العدة:
تنقسم عدة المرأة إلى قسمين:
1- عدة وفاة. 2- عدة فراق.
أولاً: عدة الوفاة:
هي عدة تجب على من مات عنها زوجها، ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- أو تكون غير حامل.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل ولو بعد ساعة من وفاة زوجها؛ لقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
ولحديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه «أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت».
وإن كانت غير حامل: فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه تعتد مطلقاً سواء أدخل بها الزوج، أم لم يدخل. لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 234]، ولم يرد ما يخصص هذه الآية.
ثانياً: عدة الفراق:
هي العدة التي تجب على المرأة التي فارقت زوجها بفسخ، أو طلاق، أو خلع بعد الوطء، ولا يخلو الحال فيها من أمور:
- أن تكون حاملاً.
- أن تكون غير حامل.
- لا ترى الحيض لصغر، أو آيسة لكبر.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل؛ لعموم قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].
وإن كانت غير حامل وهي من ذوات الحيض: فعدتها بمرور ثلاثة أطهار بعد الفراق؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [البقرة: 228].
وإن كانت لا ترى الحيض بأن كانت صغيرة أو آيسة لكبر سن: فعدتها تنتهي بمرور ثلاثة أشهر على فراقها. لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].
حكم المطلقة قبل الدخول بها:
إذا فارق الزوج زوجته بفسخ أو طلاق قبل الدخول بها فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]. ولا فرق بين الزوجات المؤمنات، والكتابيات، في هذا الحكم باتفاق أهل العلم، وذكر المؤمنات هنا من باب التغليب.

.المسألة الثالثة: التزامات العدة، وما يترتب عليها:
1- عدة الطلاق:
إذا كانت المرأة معتدة من زوجها عدة طلاق، فلا يخلو الحال من أمرين:
- أن يكون طلاقها رجعياً.
- أن يكون طلاقها بائناً.
أولاً: المعتدة من طلاق رجعي:
يترتب للمعتدة من طلاق رجعي ما يلي:
1- وجوب السكنى لها مع الزوج إذا لم يكن هناك مانعٌ شرعيٌ.
2- وجوب النفقة لها من مؤنة، وكسوة، وغير ذلك.
3- يجب عليها ملازمة السكن ولا تفارقه إلا لضرورة؛ لقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ...} [الطلاق: 6]، ولقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
4- يحرم عليها التعرض لخطبة الرجال؛ إذ هي حبيسة على زوجها، فهي في حكم الزوجة؛ لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228].
ثانياً: إذا كانت معتدة بطلاق بائن:
ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- وإما أن تكون غير حامل.
أولاً: إن كانت حاملاً: فيترتب لها ما يلي:
1- وجوب السكنى على الزوج؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1].
2- النفقة؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُن} [الطلاق: 6].
3- ملازمة البيت الذي تعتد فيه، وعدم الخروج منه إلا لحاجة؛ لقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1].

ودليل خروجها لحاجة:
حديث جابر رضي الله عنه قال: طُلِّقت خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: «بلى اخرجي، فجُدِّي نخلك، فإنك عسى أن تَصَدّقي، أو تفعلي معروفاً».
ثانياً: إن كانت غير حامل: فيثبت لها ما يثبت للحامل إلا النفقة، وما يتبعها كالملبس فلا يثبت لها؛ لحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها حين طلقها زوجها تطليقة كانت بقيت لها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: «لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً».
2- عدة المتوفى عنها:
يلزم المعتدة من وفاة زوجها الأحكام التالية:
1- يجب عليها أن تعتد في المنزل الذي مات فيه زوجها، وهي فيه، ولو مؤجراً أو معاراً؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفريعة بنت مالك: «امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله». وفي رواية: «امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعيُ زوجك...». ولا يجوز تحولها إلى غيره إلا لعذر، كأن تخاف على نفسها البقاء فيه، أو تحول عنه قهراً أو لغير ذلك، فيجوز لها التحول حيث شاءت؛ للضرورة.
2- ملازمة البيت الذي تعتد فيه وعدم الخروج منه لغير حاجة. ويجوز لها الخروج من بيتها لحوائجها نهاراً لا في الليل؛ لأن الليل مظنة الفساد، فلا تخرج فيه من غير ضرورة، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحاجات.
3- يجب عليها الإحداد على زوجها مدة العدة، وسيأتي الكلام على أحكام الإحداد تفصيلاً.
4- ليس لها النفقة، لانتهاء الزوجية بالموت.

.المسألة الرابعة: في الإحداد:
تعريف الإحداد، ودليل مشروعيته:
1- تعريف الإحداد:

الإحداد لغة: الامتناع، يقال: حادٌّ ومُحِدٌّ، إذا تركت المرأة الزينة والطيب.
وشرعاً: هو ترك المرأة الزينةَ، والطيب، وغير ذلك مما يُرَغِّبُ فيها، ويدعو إلى جماعها.
2- دليل مشروعية الإحداد:
الإحداد واجب على المرأة المتوفى عنها؛ لحديث أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً». وحديث أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: «كنا نُنهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْب …» الحديث.
ويجب في حقِّ المرأة المُحِدَّة ما يلي:
1- المنع عن مظاهر الزينة والطيب، فتمنع من لبس الثياب ذات الألوان الزاهية، ولا تكتحل، ولا تلبس الحلي ذهباً أو فضة أو غيرهما، ولا تستعمل شيئاً من الأصباغ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: (المتوفى عنها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا المُمَشَّق، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل)، ولحديث أم عطية الأنصارية المتقدم قبل قليل.
2- وجوب ملازمتها بيتها الذي تعتد فيه ولا تخرج إلا لحاجة؛ لحديث الفُريعة بنت مالك رضي الله عنها الماضي ذكره.
.الباب التاسع: في الرضاع:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف الرضاع، ودليل مشروعيته، وحكمه:
1- تعريف الرضاع:
الرضاع لغة- بفتح الراء ويجوز كسرها-: مص اللبن من الثدي، أو شربه.
وشرعاً: هو مص طفل دون الحولين لبناً ثاب عن حمل، أو شربه أو نحوه.
2- دليل مشروعية الرضاع:
الرضاع مشروع؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6].
ولقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 233].
3- حكم الرضاع:
حكم الرضاع حكم النسب في تحريم النكاح، وثبوت المحرمية، وإباحة الخلوة والنظر. فهو موجب للقرابة ناشر للتحريم بشروطه.
والدليل على التحريم بالرضاع: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وذلك في سياق بيان المحرمات من النساء.
وأما السنة: فحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرضاعة تُحَرِّم ما تحرم الولادة». وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بنت حمزة: «إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم».
وأما الإجماع: فقد أجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاع.
.المسألة الثانية: شروط الرضاع المحرم، وما يترتب على قرابة الرضاع:
1- شروط الرضاع المحرم:
لا يعد الرضاع موجباً للقرابة، وناشراً للتحريم، إلا بشرطين وهما:
1- أن يكون الإرضاع خلال السنتين الأوليين من عمر الرضيع، فلا يؤثر الرضاع بعد السنتين؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، مع قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14].
ولحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام». ومعنى فتق الأمعاء: وصل إليها ووسعها؛ فالرضاع المحرم هو ما كان في الصغر، وقام مقام الغذاء، وذلك حيث يكون الرضيع طفلاً فيسدُّ اللبن جوعه وينبت لحمه.
2- أن ترضعه خمس رضعات مشبعات فأكثر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يُحَرِّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهن فيما يقرأ من القرآن). وهذا مما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
ولو وصل اللبن إلى جوف الطفل بغير الرضاع، كأن يقطر في فمه، أو يشربه في إناء ونحوه، فحكمه حكم الرضاع، بشرط أن يحصل من ذلك خمس مرات.
2- ما يترتب على قرابة الرضاع:
يترتب على القرابة الناشئة بسبب الرضاع حكمان، وهما:
1- حكم يتعلق بالحرمة.
2- حكم يتعلق بالحل.
أما ما يتعلق بالحرمة: فإنَّ الإرضاع له من التأثير في حرمة النكاح مثل ما لقرابة النسب؛ فأمك من الرضاع وان علت، وبنتك وإن سفلت، وأختك لأبويك أو لأحدهما، محرمات عليك بسبب هذه القرابة التي جاءت

عن طريق الرضاع.
وأما ما يتعلق بأثر الحل: فإن كل ما يحل بينك وبين قريبة لك من النسب كالأم والبنت، يحل بينك وبين من بينك وبينها رضاعة، فيحل بينهما النظر والخلوة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة».
.المسألة الثالثة: إثبات الرضاع:
يثبت الرضاع بشهادة امرأة واحدة مرضية معروفة بالصدق، شهدت بذلك على نفسها أو على غيرها، أنها أرضعت طفلاً في الحولين خمس رضعات؛ وذلك لحديث عقبة بن الحارث قال: تزوجت امرأة، فجاءت امرأة فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «وكيف وقد قيل؟ دعها عنك» أو نحوه، ولأن هذه شهادة على عورة، فتقبل فيها شهادة النساء منفردات عن الرجال، كالولادة.
.الباب العاشر: في الحضانة، وأحكامها:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: في تعريف الحضانة، وحكمها، ولمن تكون؟
أ- تعريف الحضانة:
لغة: تربية الصغير ورعايته، مشتقة من الحِضْن، وهو الجنب؛ لأن المربي والكافل يضم الطفل إلى جنبه.
والحاضن والحاضنة: الموكلان بالصبي يحفظانه ويرعيانه.
والحضانة شرعاً: هي القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأمره، وتربيته بما يصلحه بدنياً ومعنوياً، ووقايته عما يؤذيه.
ب- حكمها: وهي واجبة في حق الحاضن إذا لم يوجد غيره، أو وجد ولكن المحضون لم يقبل غيره؛ لأنه قد يهلك، أو يتضرر بترك الحفظ، فيجب حفظه عن الهلاك، والوجوب الكفائي يكون عند تعدد الحاضنين.
ج- لمن تكون؟: والحضانة تكون للنساء والرجال من المستحقين لها، إلا أن النساء يقدمن في الحضانة على الرجال؛ لأنهن أشفق وأرفق بالصغار، وإذا لم يكن لهن حق في الحضانة تصرف إلى الرجال؛ لأنهم على الحماية والصيانة وإقامة مصالح الصغار أقدر.
وحضانة الطفل تكون لوالديه إذا كان النكاح قائماً بينهما، أمَّا إذا تفرقا فالحضانة للأم ما لم تنكح زوجاً أجنبياً من المحضون؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمرأة التي طلقها زوجها وأراد أن ينتزع ولدها منها: «أنتِ أحق به ما لم تنكحي».
ومقتضى الحضانة: حفظ المحضون، وإمساكه عما يؤذيه، وتربيته حتى يكبر، وعمل جميع ما هو في صالحه: مِنْ تعهد طعامه، وشرابه، وغسله، ونظافته ظاهراً وباطناً، وتعهُّد نومه، ويقظته، والقيام بجميع حاجاته، ومتطلباته.
.المسألة الثانية: في شروط الحاضن، وموانع الحضانة:
1- الإسلام: فلا حضانة لكافر على مسلم؛ لأنه لا ولاية له على المسلم، وللخشية على المحضون من الفتنه في دينه وإخراجه من الإسلام إلى الكفر.
2- البلوغ والعقل: فلا حضانة لصغير ولا مجنون ولا معتوه؛ لأنهم عاجزون عن إدارة أمورهم، وفي حاجة لمن يحضنهم.
3- الأمانة في الدين والعفة: فلا حضانة لخائن وفاسق؛ لأنه غير مؤتمن، وفي بقاء المحضون عندهما ضرر عليه في نفسه وماله.
4- القدرة على القيام بشؤون المحضون بدنياً ومالياً: فلا حضانة لعاجز لكبر سن، أو صاحب عاهة كخرس وصمم، ولا حضانة لفقير معدم، أو مشغول بأعمال كثيرة يترتب عليها ضياع المحضون.
5- أن يكون الحاضن سليماً من الأمراض المعدية: كالجذام ونحوه.
6- أن يكون رشيداً: فلا حضانة لسفيه مبذر لئلا يتلف مال المحضون.
7- أن يكون الحاضن حراً: فلا حضانة لرقيق؛ لأن الحضانة ولاية، وليس الرقيق من أهل الولاية.
وهذه الشروط عامة في الرجال والنساء. وتزيد المرأة شرطاً آخر، وهو: أن لا تكون متزوجة من أجنبي من المحضون؛ لأنها تكون مشغولة بحق الزوج، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنتِ أحق به ما لم تنكحي». وتسقط الحضانة بوجود مانع من الموانع المذكورة، أو زوال شرط من شروط استحقاقها السابقة.
.المسألة الثالثة: من الأحكام المتعلقة بالحضانة:
- إذا سافر أحد أبوي المحضون سفراً طويلاً، ولم يقصد به المضارة، وكان الطريق آمناً، فالأب أحق بالحضانة، سواء أكان هو المسافر أم المقيم؛ لأنه هو الذي يقوم بتأديب الولد والمحافظة عليه، فإذا كان بعيداً ضاع الولد.
- إذا كان السفر لبلد قريب دون مسافة القصر، فالحضانة للأم، سواء أكانت هي المسافرة أم المقيمة؛ لأنها أتم شفقة ويمكن لأبيه الإشراف عليه، وتعهد حاله.
أما إذا كان السفر طويلاً ولحاجة، وكان الطريق غير آمن فالحضانة تكون للمقيم منهما.
- وتنتهي الحضانة عند سن السابعة، ويخير الذكر بعدها بين أبويه، فيكون عند من اختار منهما؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا غلام! هذا أبوك وهذه أمك؛ فخذ بيد أيهما شئت» فأخذ بيد أمه فانطلقت به، وقضى بالتخيير أيضاً: عمر وعليّ رضي الله عنهما، ولا يخير إلا إذا بلغ عاقلاً، وكان الأبوان من أهل الحضانة.
وقيد التخيير بالسبع؛ لأنه أول سن أمر فيه الشارع بمخاطبته بالصلاة. فإن اختار الولد أباه كان عنده ليلاً ونهاراً ليؤدبه ويربيه، ولا يمنعه من زيارة أمه، وان اختار أمه صار عندها ليلاً وعند أبيه نهاراً؛ ليؤدبه ويربيه، ولأن النهار وقت قضاء الحوائج، وعمل الصنائع.
والأنثى إذا بلغت سبع سنين فإنها تكون عند أبيها؛ لأنه أحفظ لها وأحق بولايتها من غيره، ولقربها من سن التزويج، والأب وليها وإنما تخطب منه، وهو الأعلم بالكفء ممن يتقدَّمون لها، ولا تمنع الأم من زيارتها عند عدم المحظور كخوف الفساد عليها أو غير ذلك. فإن كان الأب عاجزاً عن حفظها؛ لشغله، أو لكبره، أو لمرضه، أو لقلة دينه. والأم أصلح وأقدر فإنها أحق بها.
وكذلك إذا تزوج الأب وجعلها عند زوجته، تؤذيها وتقصر في حقها، فالأم أحق بالحضانة.
- أجرة الحضانة- سواء أكان الحاضن أماً أم غيرها- مستحقة من مال المحضون إن كان له مال، أو من مال وليه ومن تلزمه نفقته، إن لم يكن له مال.
.الباب الحادي عشر: في النفقات، وفيه مسألتان:
.المسألة الأولى: تعريف النفقة وأنواعها:
أ- تعريف النفقة:
النفقة لغة: مأخوذة من الإنفاق، وهو في الأصل بمعنى الإخراج والنفاد، ولا يستعمل الإنفاق إلا في الخير.
وشرعاً: كفاية من يَمُونُه بالمعروف قوتاً، وكسوة، ومسكناً، وتوابعها.
ب- أنواع النفقات:
1- نفقة الإنسان على نفسه.
2- نفقة الفروع على الأصول.
3- نفقة الأصول على الفروع.
4- نفقة الزوجة على الزوج.
أولاً: نفقة الإنسان على نفسه:
يجب على المرء أن يبدأ في الإنفاق على نفسه إن قدر على ذلك؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال: أعتق رجل من بني عُذرة عبداً له عن دُبُر إلى أن قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: «ابدأ بنفسك فتصدَّق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك …» الحديث.
ثانياً: نفقة الفروع:
فيجب على الوالد وإن علا نفقة ولده وإن سفل؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]. فأوجب على الوالد نفقات رضاعة الولد، ولحديث عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف».
ثالثاً: نفقة الأصول:
فتجب نفقة الوالدين على ولدهما، لقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. وقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23]، ومن الإحسان الإنفاق عليهما، بل إن ذلك من أعظم الإحسان إلى الوالدين.
ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه»، ولحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من طيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم».
رابعاً: نفقة الزوجة:
تجب نفقة الزوجة على الزوج؛ لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، ولحديث جابر رضي الله عنه في سياق حجة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جابر المتقدم: «فإن فضل شيء فلأهلك».
ولحديث عائشة المتقدم أيضاً، وفيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف».
فيلزم الزوج نفقة زوجته قوتاً، وسكنى، وكسوة بما يصلح لمثلها.
وهذه النفقة تجب للزوجة التي في عصمته، وكذا المطلقة طلاقاً رجعياً، ما دامت في العدة. وأما المطلقة البائن فلا نفقة لها، ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً فلها النفقة، لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6].
.المسألة الثانية: نفقة المماليك والبهائم:
أولاً: نفقة المماليك:
أ- حكم النفقة على المماليك: يجب على السيد نفقة مملوكه من قوت وكسوة وسكن بالمعروف، لقوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب: 50]. وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «للمملوك طعامه وكسوته».
ويجب الرفق بهم وعدم تحميلهم فوق طاقتهم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».
ب- تزويج المملوك وإنكاحه: إن طلب الرقيق نكاحاً زوجه سيده؛ لقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، ولأنه يخشى وقوعه في الفاحشة إذا ترك إعفافه. وإذا طلبت الأمة نكاحاً؛ خيَّرها سيدها بين وطئها، أو تزويجها، أو بيعها إزالة للضرر عنها.
ثانياً: نفقة البهائم:
يجب على من ملك بهيمة إطعامها، وسقيها، والقيام بشؤونها، ورعايتها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت هزلاً».
فدل ذلك على وجوب النفقة على الحيوان المملوك؛ لأن دخول المرأة النار كان بسبب ترك الإنفاق على الهرة، ومثلها باقي الحيوانات المملوكة.
فإن عجز مالك البهيمة عن الإنفاق عليها، أجبر على بيعها، أو تأجيرها، أو ذبحها إن كانت مما يؤكل؛ لأن بقاءها في ملكه مع عدم الإنفاق عليها ظلم، والظلم تجب إزالته.

تم بحمد الله فقه النكاح والطلاق
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#8

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

جزاكِ الله خيرا

وادخلكِ الفردوس الاعلي

تسلم ايدك علي التعب

إظهار التوقيع
توقيع : النجمة الذهبية
#9

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النجمة الذهبية
جزاكِ الله خيرا
وادخلكِ الفردوس الاعلي
تسلم ايدك علي التعب





الله يرضى عليكِ ويبارك فيكِ

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#10

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

ربنا يكرمك ملف كامل فعلا
#11

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال

جزاك الله خيرا ادعوا لي بالزوج الصالح
#12

افتراضي رد: ملف كامل عن النكاح(الزواج) كلــــه كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب وال


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صابرين عبده
ربنا يكرمك ملف كامل فعلا

الله يبارك فيكِ ويرضى عليكِ وينفعنا بما يعلمنا جميعا


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ilham89
جزاك الله خيرا ادعوا لي بالزوج الصالح
جزانا واياكِ يارب ييسر لكِ بخير زوج يرضى عليه يسعدك ويفرحك ياغالية

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#13

افتراضي رد: ملف كامل عن الزواج والطلاق كلــــه من كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب

الله يجزيكى خير تسلمى


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
عقيدة الشيعة والخطر قادم dodo modo المنتدي الاسلامي العام
منهاج الصالحين موسوعة الدعاء من الكتاب والسنة ريموووو كتب اسلامية
موسوعة علماء العرب اماني 2011 شخصيات وأحداث تاريخية
كتاب أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب و الاذاعيين ريموووو مكتبة عدلات
كتاب معجزات الشفاء في منتجات النحل ( الكتاب كامل ) التداوى بالعسل مكتبة عدلات


الساعة الآن 10:16 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل