أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=378942
702 4
#1

افتراضي مدرسة قيام الليل




مدرسة قيام الليل


إنها المدرسة التي تخرج منها عظماء الإسلام, رهبان الليل وهم فرسان النهار, صفوا أقدامهم بين يدي الله في جوف الليل حيث لا يعلم بهم أحد إلا الله, وسقطت دموعهم على خدودهم تغسل قلوبهم.
لجؤوا إلى ربهم فرارًا وإنابة واعترافًا بحقه سبحانه عليهم, رجاء رضاه, فرضي عنهم, وأورثهم وضاءة في وجوههم, وأنوارًا في جوارحهم, واستقامة في أعمالهم, وإخلاصًا في قلوبهم, وفراسة في سرائرهم...

فهم يرون بنور الله سبحانه, ويتمتعون بلذة الصلاة في جوف الليل أكثر مما يتمتع أهل اللهو بأحب لهو إليهم، فصارت الصلاة في جوف الليل من أكبر القيم في حياتهم ومن أثبت الأعمال التي يداومون عليها, بل صارت كجزء لا يتجزأ من قلوبهم, فترى قلوبهم تضطرب شوقًا لصلاة الليل, وترفرف فرحًا بقدوم الليل لأنها ستقف بين يدي ربها مطمئنة خاشعة منيبة.
1ـ ليلُنا وليلهم, ما الفرق بينهما؟!
وإنا إذا أردنا مقارنة ليلنا بليل الصالحين, أصابتنا الصدمة الكبرى والفجعة الموجعة والألم الشديد.
فليلنا لهو وليلهم ذكر, وليلنا نوم وليلهم قيام, وليلنا لغو وليلهم سجود, وليلنا سهو وليلهم بكاء, وليلنا ضحك وليلهم توبة, {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 81].
إن حياتهم - رضي الله عنهم - كانت في الليل إشفاقًا وفي النهار إنفاقًا, وحالنا غطيط في الليل يسمعه القاصي قبل الداني, وشح بالنهار أوصلنا للصراع على الدرهم والدينار والجنيه والريال واليورو والدولار!! فأي فرق بين الحياتين؟! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
إن أسرار القرآن كانت تبوح لهم في الليل, والخوف والرجاء يتسابقان إليهم في الدجى, أما نحن.. فالليل لنا مأوى المعاصي والذنوب, وقلَّ فينا تائب إذا أقبل الليل أن يتوب!
* في صحيح مسلم أن عائشة - _رضي الله عنها_ - سئلت: متى يقوم الرسول "_صلى الله عليه وسلم_"؟ قالت: كان إذا سمع الصارخ وثب, تقول: وثب ولم تقل قام...
ونحن ما ننتفع بالصارخ - الديك - إلا إذا ذبحناه وشربنا مرقه؟! فلذلك ما أحبنا الديك!! وكأنه غيَّر موعد الصياح, أو أدركته هو الآخر الغفلة!
2ـ وصف أهل الليل من القرآن:
قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر:9].
وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ. كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:15 - 18].
وقال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ. يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 113, 114].
وقال تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 15ـ 17].
3ـ عقدةٌ أما لها من حل؟
* عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ أن رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد, يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد, فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة, فإن توضأ انحلت عقدة, فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطًا طيب النفس, وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) (1), وفي رواية: (فيصبح نشيطًا طيب النفس قد أصاب خيرًا, وإن لم يفعل أصبح كسلانًا خبيث النفس لم يصب خيرًا)(2).
وعن جابر بن عبد الله _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": (ما من ذكر ولا أنثى إلا على رأسه جرير معقود حين يرقد بالليل, فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة, وإذا قام فتوضأ وصلى انحلت العقد وأصبح خفيفًا طيب النفس قد أصاب خيرًا)(3).
قال الألباني رحمه الله: "في تفسير العقد أقوال, والأقرب أنه على حقيقته, بمعنى السحر للإنسان ومنعه من القيام, كما يعقد الساحر مَن سَحَره, كما أخبر بذلك المولى تعالى ذكره في كتابه: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} فالذي خُذِل يعمل فيه والذي وفق يصرف عنه"(4).
فهي عقد يعقدها الشيطان على مؤخرة رءوس الناس إن هم ناموا, وهدف الشيطان ومراده أن ينام الناس طول ليلهم فلا يقوموا ليذكروا الله سبحانه بالليل أو ليقيموا الصلاة.
وهذه العقد التي يعقدها الشيطان على مؤخرة الرأس, إنما تؤثر فيمن خذل ولم يوفق للطاعة, وهي لا تؤثر فيمن هدي ووفق للطاعة, وأمام كل إنسان نائم ثلاث عقد كثلاث جدر تحول بينه وبين النشاط والعبادة وطيب النفس.
فالأولى تنحل إذا استيقظ فذكر الله فور استيقاظه, والثانية تنحل إذا هو قام من فوره فتوضأ, والثالثة تنحل إذا هو كبر وبدأ في صلاته, وإذا انحلت عقده الثلاث أصبح نشيطًا بغير مُعوق ولا مُثبط ولا مُكسل ولا مُثقل, وأصبح طيب النفس بغير اكتئاب ولا هم ولا ضيق ولا حزن, فيسهل عليه عندئذ أن يصيب من الخير ويفعل الصالحات.
وإن لم يفعل وظل نائمًا فضيع وقت الليل وجوفه وضيع وقت السحر ثقلت مهمته للقيام لصلاة الفجر وصعبت عليه, فإن لم يقم ليصلي الفريضة فلا عجب عندئذ أن يصبح خبيث النفس قد طالته الهموم والأحزان, وقد ضاق صدره واسود وجهه وصعبت عليه الطاعات, بل يكاد أن يضيق من الصالحات ثم هو لم يصب خيرًا.
فمن تأمل في هذا الحديث العظيم وجد أنه هدية من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يهديها لكل عبد صالح فيعلمه ما لا يمكن أن يتعلمه بغير الوحي, ويزيح له الستار عما يحدث له بغير أن يرى أو يشعر ويرشده للتغلب على تلك المعوقات ويدله على مفتاح النشاط وطيب النفس والإقبال على الله.
فأي إخلاص في نصح الأمة هذا الإخلاص, وأي حرص على هدايتها هذا الحرص؟ والله إني لأحبك يا رسول الله فوق نفسي وأهلي ومالي والناس أجمعين, _صلى الله عليه وسلم_.
قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128].
4 ـ النبي "_صلى الله عليه وسلم_" يدعونا لقيام الليل, فهل من مجيب؟
* عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) (5).
* وعن عبد الله بن سلام _رضي الله عنه_ قال: أول ما قدم رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" انجفل الناس إليه, فكنت فيمن جاءه, فلما تأملت وجهه واستبنته, عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب, قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أنه قال: (أيها الناس, أفشوا السلام, وأطعموا الطعام, وصلوا الأرحام, وصلوا بالليل والناس نيام, تدخلوا الجنة بسلام) (6).
* وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته, فإن أبت نضح في وجهها الماء, ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها, فإن أبى نضحت في وجهه الماء) (7).
* وعن علي _رضي الله عنه_ أن النبي "_صلى الله عليه وسلم_" طرقه وفاطمة ليلاً, فقال: (ألا تصليان؟)(8).
5ـ النبي _صلى الله عليه وسلم_ وقيام الليل:
* عن عائشة _رضي الله عنها_ قالت: كان النبي "_صلى الله عليه وسلم_" يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه, فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبدًا شكورًا) (9).
* وعن أنس _رضي الله عنه_ قال: كان رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه, ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا, وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليًا إلا رأيته ولا نائمًا إلا رأيته"(10).




* وعن عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين
آية, قبل أن يرفع رأسه, ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر, ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة"(11).
* وعن عائشة _رضي الله عنها_ قالت: ما كان رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة, يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن, ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن, ثم يصلي ثلاثًا, فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال: (يا عائشة, إن عينيّ تنامان, ولا ينام قلبي)" (12).
* وعن عائشة _رضي الله عنها_ أن النبي "_صلى الله عليه وسلم_" كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي(13).
* وعن جابر _رضي الله عنه_ قال: سئل رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": أي الصلاة أفضل؟ قال: (طول القنوت)(14).
* وعن حذيفة _رضي الله عنه_ قال: صليت مع النبي "_صلى الله عليه وسلم_" ذات ليلة, فافتتح البقرة فقلت: يركع بعد المئة, ثم مضى, فقلت: يصلي بها في ركعة, فمضى, فقلت: يركع بها, ثم افتتح النساء فقرأها, ثم افتتح آل عمران فقرأها, يقرأ مُترسِّلاً, إذا مر بآية فيها تسبيح سبح, وإذا مر بسؤال سأل, وإذا مر بتعوذ تعوذ, ثم ركع فجعل يقول: (سبحان ربي العظيم), فكان ركوعه نحوًا من قيامه, ثم قال: (سمع الله لمن حمده, ربنا لك الحمد), ثم قام طويلاً قريبًا مما ركع, ثم سجد فقال: (سبحان ربي الأعلى) فكان سجوده قريبًا من قيامه(15).
6ـ ثواب قيام الليل وأجره:
* عن أبي مالك الأشعري _رضي الله عنه_ عن النبي "_صلى الله عليه وسلم_" قال: (إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام) (16).
* وعن جابر _رضي الله عنه_ قال: سمعت رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" يقول: (إن في الليل لساعة, لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه, وذلك كل ليلة) (17).
* وعن أبي أمامة الباهلي _رضي الله عنه_ عن رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_" قال: (عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم, وقربة إلى ربكم, ومكفرة للسيئات, ومنهاة عن الإثم) (18).
* عن أبي سعيد _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": (من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين - زاد النسائي: جميعًا - كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات) (19).
* وعن أبي الدرداء _رضي الله عنه_ عن النبي "_صلى الله عليه وسلم_" قال: (ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم: الذي إذا انشكفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل, فإما أن يقتل, وإما أن ينصره الله ويكفيه, فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه؟ والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل, فيقول: يَذَرُ شهوته ويذكرني ولو شاء رقد, والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا, فقام من السحر في ضراء وسراء) (20).
* وعن ابن مسعود _رضي الله عنه_ عن النبي "_صلى الله عليه وسلم_" قال: (عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه, من بين أهله وحبِّه إلى صلاته, فيقول الله جل وعلا: أيا ملائكتي, انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته, رغبة فيما عندي, وشفقة مما عندي. ورجل غزا في سبيل الله وانهزم أصحابه, وعلم ما عليه في الانهزام, وما له في الرجوع, فرجع حتى يهريق دمه, فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي, رجع رجاءً فيما عندي, وشفقة مما عندي حتى يهريق دمه) (21).
* وفي رواية: (إن الله ليضحك إلى رجلين: رجل قام في ليلة باردة من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ ثم قام إلى الصلاة, فيقول الله عز وجل لملائكته: ما حمل عبدي هذا على ما صنع؟ فيقولون: ربنا رجاء ما عندك, وشفقة مما عندك, فيقول: فإني قد أعطيته ما رجا وأمنته مما يخاف...) (22).
* وعن عمرو بن عنبسة _رضي الله عنه_ أنه سمع النبي "_صلى الله عليه وسلم_" يقول: (أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر, فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله تعالى في تلك الساعة فكن) (23).
* وعن عبد الله بن عمرو بن العاص _رضي الله عنه_ما قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين, ومن قام بمئة آية كتب من القانتين, ومن قام بألف آية كتب من المقَنْطرين) (24).
7ـ تحذير النبي "_صلى الله عليه وسلم_" من ترك الصلاة بالليل:
* عن ابن مسعود _رضي الله عنه_ قال: ذكر عند النبي "_صلى الله عليه وسلم_" رجلٌ نام ليلة حتى أصبح, قال: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه) (25).
* وعن عبد الله بن عمرو بن العاص _رضي الله عنه_ما قال : قال لي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: (يا عبد الله, لا تكن مثل فلان, كان يقوم الليل فترك قيام الليل) (26).
* وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله "_صلى الله عليه وسلم_": (إن الله يبغض كل جعظري جواظ, صخاب في الأسواق, جيفة بالليل, حمار بالنهار, عالمٌ بأمر الدنيا, جاهلٌ بأمر الآخرة) (27).
* وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_م عن أبيه أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل), قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً(28).
8ـ ليل الصالحين(29):
قال الفضيل بن عياض: أدركت أقوامًا يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة, إنما هو على الجنب, فإذا تحرك قال: ليس هذا لك, قومي خذي حظك من الآخرة.
قال الحسن: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة المال, فقيل له: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهًا؟ قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره.
وعن ثابت البناني قال: ما شيء أجده في قلبي ألذ عندي من قيام الليل.
وكان شداد بن أوس إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم, فيقول: اللهم إن النار أذهبت النوم, فيقوم فيصلي حتى يصبح.
قال عمرو بن ذر: لما رأى العابدون الليل قد هجم عليهم, ونظروا إلى أهل الغفلة قد سكنوا إلى فرشهم ورجعوا إلى ملاذهم من النوم، قاموا إلى الله فرحين مستبشرين بما قد وهب لهم من حسن عادة السهر وطول التهجد, فاستقبلوا الليل بأبدانهم وباشروا الأرض بصفاح وجوههم, فانقضى عنهم الليل وما انقضت لذتهم من التلاوة, ولا ملَّت أبدانهم من طول العبادة, فأصبح الفريقان وقد ولَّى عنهم الليل بربح وغبن, أصبح هؤلاء قد ملوا النوم والراحة, وأصبح هؤلاء متطلعين إلى مجيء الليل للعادة, شتان ما بين الفريقين.
وقال مالك بن دينار: لو استطعت أن لا أنام لم أنم, مخافة أن ينزل العذاب وأنا نائم, ولو وجدت أعوانًا لفرقتهم ينادون في منار الدنيا كلها: يا أيها الناس: النار, النار.
وقال إبراهيم بن شماس: كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام, وهو يحيي الليل.
وكان عمرو بن دينار يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثًا ينام, وثلثًا يدرس حديثه, وثلثًا يصلي.
وكان طاوس إذا اضطجع على فراشه يتقلى عليه كما تتقلى الحبة على المقلاة, ثم يثب ويصلي إلى الصباح ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين.
وقيل للأحنف: إنك كبير, والصوم يضعفك, قال: إني أعده لسفر طويل, وكانت عامة صلاة الأحنف بالليل, وكان يضع أصبعه على المصابيح ثم يقول: حَسِّ, ويقول: ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا؟
وذكر الذهبي عن أسد بن عمرو، أن أبا حنيفة رحمه الله صلى العشاء والصبح بوضوء - واحد - أربعين سنة.
وذكر الذهبي عن موسى بن طريف: كانت الجارية تفرش لعلي بن بكار(30), فيلمسه بيده ويقول: والله إنك لطيب, والله إنك لبارد, والله لا علوتك الليلة, وكان يصلي الفجر بوضوء العتمة.
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد: وكان عثمان - _رضي الله عنه_ - يصوم النهار ويقوم الليل إلا هجعة من أوله.
وقـال الذهبي: قال محمد بن يحيى بن منده: لم يُحدِّث ببلدنا منذ أربعين سنة أوثق من أحمد بن مهدي(31), وصنف "المسند" ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة, صاحب عبادة, رحمه الله. ....
( يتبع ...)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم 1091, أبواب التهجد, ومسلم 776/ مسافرين/ باب ما روي فيمن نام الليل حتى أصبح, وقافية الرأس: مؤخرة الرأس.
(2) أخرجه ابن ماجه وهو صحيح. (انظر: صحيح الترغيب والترهيب رقم 609).
(3) رواه ابن خزيمة في صحيحه, وهو صحيح. (انظر: صحيح الترغيب والترهيب رقم 610), والجرير: هو الحبل.
(4) صحيح الترغيب والترهيب للألباني, ص252, ج1.
(5) رواه مسلم 2/ صيام/ 821/ ح202.
(6) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح, ورواه ابن ماجه وإسناده صحيح, (صحيح الترغيب والترهيب رقم 613), وانجفل يعني أسرع.
(7) رواه أبو داود والنسائي وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 621.
(8) متفق عليه (وطرقه: يعني أتاه ليلاً) البخاري 3/ ح1127/ فتح, ومسلم 1/ مسافرين/ 206.
(9) متفق عليه, البخاري 8/ ح4836/ فتح, ومسلم 4/ منافقين/ 2171/ ح79.
(10) رواه البخاري 3/ ح1141/ فتح.
(11) رواه البخاري 2/ ح994/ فتح.
(12) متفق عليه, البخاري 3/ ح1147/ فتح, ومسلم 1/ مسافرين/ 5090/ ح125.
(13) متفق عليه، البخاري 3/ ح1146/ فتح, ومسلم 1/ مسافرين/ 510/ ح129.
(14) رواه مسلم 1/ مسافرين/ 520/ ح165. (والقنوت يعني القيام).
(15) رواه مسلم 1/ مسافرين/ 536, 537/ ح203.
(16) رواه ابن حبان في صحيحه, وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 614.
(17) رواه مسلم 1/ مسافرين/ 521/ ح166, ورواه أحمد في مسنده.
(18) رواه الترمذي وحسنه الألباني (ترغيب برقم 620).
(19) رواه أبو داود 2/ ح1309, والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني (ترغيب 622).
(20) رواه الطبراني وحسنه الألباني (صحيح الترغيب والترهيب برقم 625).
(21) رواه أحمد وحسنه الألباني (ترغيب 626).
(22) رواه الطبراني وحسنه الألباني (ترغيب 626).
(23) رواه الترمذي وصححه الألباني (ترغيب 624).
(24) رواه أبو داود وحسنه الألباني, وقال الألباني: "قال الحافظ: من سورة تبارك إلى آخر القرآن ألف آية والله أعلم. (ترغيب جـ1, ص262, حديث رقم 635).
(25) متفق عليه (البخاري 6/ ح3270/ فتح), ومسلم (1/ مسافرين/ 537/ ح205).
(26) متفق عليه (البخاري 3/ ح1152/ فتح), ومسلم (2/ صيام/ 814/ ح185).
(27) رواه ابن حبان وحسنه الألباني (ترغيب رقم 645).
(28) متفق عليه (البخاري 3/ ح1122/ فتح), ومسلم (4/ فضائل/ 1927/ ح140).
(29) هذه الآثار: راجع فيها: تهذيب سير أعلام النبلاء، روضة الزاهدين، أين نحن من أخلاق السلف.
(30) قال الذهبي: علي بن بكار: الإمام الرباني العابد أبو الحسن البصري الزاهد, مات سنة 207هـ.

موقع المسلم




مدرسة قيام الليل




#2

افتراضي رد: مدرسة قيام الليل

بارك الله فيكِ

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: مدرسة قيام الليل

اللهم باارك
#4

افتراضي رد: مدرسة قيام الليل

رزقكن الله سعادة الدارين
#5

افتراضي رد: مدرسة قيام الليل

( سبق في الجزء الأول من المقال أن تحدثنا حول معنى قيام الليل في الإسلام وقارنا مقارنة بسيطة حول ليلنا وليل الذين قامت على أيديهم أمة الإسلام من الصحابة والأولين , ثم تحدثنا حول صفات أهل الليل في القرآن الكريم وفي السنة النبوية , كما تحدثنا عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في قيامه وعبادته , كما تحدثنا عن ثواب قيام الليل وفضله , ثم نظرنا نظرة لليل الصالحين كيف هو .. ونكمل معا في الجزء الثاني ما يتعلق بنصائح عملية وتربوية حول تلك العبادة العظيمة )
9ـ طلبة العلم وقيام الليل([1]):
إن طالب العلم الصادق يختلف ليله عن ليل اللاهين والغافلين, فليله عبادة ووقوف بين يدي الله سبحانه, يسأله من فضله, ويستغفره من تقصيره في حقه, ويدعوه بما يحب, ويناجيه مم يشكو.
وإن قومًا من طلبة العلم ادعوا طلبهم للعلم وأهملوا ليلهم وقيامه فعلتهم غبرةٌ وحسرة, وشق عليهم العلم وساءت أخلاقهم, ذلك أنهم باتوا ليلهم يغطون في نوم عميق, فما أيقظهم إلا حر الشمس!!
ولم يكن العلماء يظنون أن هناك من طلبة العلم ولا من أهله من ينام الليل كله ولا يكون له عبادة فيه, بل كانوا ينكرون على من يقصر فيه.
قال أبو عصمة البيهقي: "بت ليلة عند أحمد بن حنبل, فجاء بالماء فوضعه، فلما أصبح, نظر في الماء فإذا هو كما كان, فقال: سبحان الله, رجل يطلب العلم لا يكون له ورد بالليل!"
وذكر ابن الجوزي والذهبي أن طاوسًا جاء في السحر يطلب رجلاً فقالوا: هو نائم, قال: ما كنت أرى أن أحدًا ينام في السحر.
وعن أبي الأحوص قال: آلى محمد بن النضر على نفسه ألا ينام إلا ما غلبته عينه.
قال أبو بكر الأنباري: كان أبو عبيد رحمه الله يقسم الليل أثلاثًا؛ فيصلي ثلثه, وينام ثلثه, ويصنف الكتب ثلثه.
وعن نافع أنه قال: كان ابن عمر رضي الله عنه يحيي الليل صلاة ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فأقول: لا, فيعاود الصلاة إلى أن أقول: نعم, فيقعد ويستغفر ويدعو حتى يصبح.
وعن داود بن إبراهيم أن الأسد حبس ليلةً الناس في طريق الحج, فدق الناس بعضهم بعضًا, فلما كان السحر ذهب عنهم, فنزلوا وناموا, وقام طاوس يصلي, فقال له رجل: ألا تنام؟ فقال: وهل ينام أحد السحر؟!
10ـ كيف نربي أنفسنا على قيام الليل؟!

لا شك أن هذه العبادة العظيمة - قيام الليل - هي كنز من الكنوز الإيمانية الغالية, ولكنها - وكما هو مشاهد - من العبادات التي قد صارت غريبة على مجتمع المسلمين في هذه الأزمان... وما ذلك إلا لبعدهم عن إحياء سنة النبي e, وهي عبادة لا ينالها إلا المخلصون الصادقون الذين هم قد وقر الإيمان في قلوبهم, فيفضلون الوقوف بين يدي ربهم في جوف الليل حيث لا يراهم الناس, يفضلون ذلك على لذات الدنيا الأخرى.
وكم نحن بحاجة إلى التربية على تلك العبادة العظيمة, ولكننا وللأسف الشديد نكتفي بأن نستمع فيها إلى موعظة, أو نذكر أنفسنا أن هناك عبادة تسمى عبادة الليل, أو أن نقرأ عنها في كتب الرقائق, ثم نحن بعد كل ذلك يصعب علينا العمل بها ويشق علينا الثبات عليها, فتمر علينا الأيام, ويغزو الشيب مفارقنا, بل يدق الموت أبوابنا ونحن لا نزال بعيدين عن تلك العبادة العظيمة.
ولا شك أن هناك من الخطوات والأعمال ما ييسر علينا أن نربي أنفسنا على هذه العبادة ولكننا قد نغفل عنها, ونحن نقف معك عند بعض هذه الخطوات التي تعيننا على قيام الليل والله الموفق:
أ - عقد العزم والنية على قيام الليل:
فكثير منا يتمنى أن يقوم الليل ولكنه لم يعقد عزمه ونيته على ذلك ولم يؤكد بما لا يدع مجالاً للتردد أنه يريد أن يقيم هذه العبادة, فتظل عبادته في مجال التمني لا غير ولا يخطو في سبيل العمل أي خطوة, فمن كان عنده سفر هام بالليل يجد نفسه يقوم من نومه وبغير أن يوقظه أحد, ذلك لأنه عقد عزمه ونيته أن يسافر ويشعر بأهمية السفر وأهمية ما يريده منه, وكذلك فإنه من علم قيمة هذه العبادة الكريمة وعقد عزمه على أن يقوم واستعان بالله في ذلك ودعا الله أن يقيمه بين يديه في جوف الليل وكرر الدعاء, فلا شك أنه يكون قد خطا خطوة قوية في طريق قيامه بالليل.
ب - تعاون أهل البيت على قيام الليل:
وهذا التعاون الذي أقصده إنما يتأتى بعد أن يبين لهم رب البيت منزلة قيام الليل ويحببهم فيه ثم يقسم الأدوار ويهتم بأمر القيام ويتابع ذلك, فإن في ذلك دفع لجميع أهل البيت للانتظام في تلك العبادة.
ولقد كان ذلك التعاون هو حال السلف الصالحين, وإليك هذه الأمثلة:
* حديث النبي "صلى الله عليه وسلم": (رحم الله امرأة قامت من الليل ثم أيقظت زوجها فصلى, فإن أبى نضحت الماء في وجهه) ([2]).
وذكر الذهبي عن إبراهيم بن وكيع قال: كان أبي - وكيع - يصلي, فلا يبقى في دارنا أحد إلا صلى, حتى جارية لنا سوداء.
وذكر الإمام أحمد في الزهد: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان هو وامرأته وخادمه يتعقبون الليل, يصلي هذا ثم يطرقهم فيقومون فيصلي هذا, وهكذا.
وذكر الذهبي أن زيد بن الحارث كان يقسم الليل ثلاثة أجزاء بينه وبين أولاده.
وكان الحسن بن علي يأخذ من الليل أوله, وكان الحسين يأخذ من آخره.
وكان سليمان التيمي يدعو أهله ليتنافسوا في ليلهم ويقول: هلموا حتى نجزئ الليل, فإن شئتم كفيتكم أوله, وإن شئتم كفيتكم آخره.
وقال وكيع بن الجراح: كان علي والحسن ابنا صالح بن حي وأمهم قد جزءوا الليل ثلاثة أجزاء.
جـ - النوم على طهارة بنية القيام:
وقد ورد في ذلك أحاديث صحيحة تحث على الطهارة قبل النوم مع استصحاب نية القيام, وأن العبد إذا فعل ذلك كتب له أجر ما نوى.
* عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": (من بات طاهرًا بات في شِعاره مَلَك, فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرًا) ([3]).
* وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (ما من مسلم يبيت طاهرًا يتعار من الليل, فيسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه) ([4]).
* وعن أبي الدرداء رضي الله عنه يَبْلغ به النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل, فغلبته عينه حتى أصبح, كتب له ما نوى, وكان نومه صدقة عليه من ربه)([5]).
د - كراهة الحديث بعد العشاء:
عن أبي برزة قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لا يبالي بتأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل, وكان لا يحب النوم قبلها ولا الحديث بعدها([6]).
قال الإمام النووي: "وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر, ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه أو عن صلاة الصبح, قال: ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات ومصالح الدنيا"([7]).
وبعض الناس يحلو لهم السهر بعد العشاء في الأحاديث الدنيوية والتنزه وقضاء الأوقات ويعتادون النوم قبل السحر([8]) بقليل, فأنى لهم أن يصلوا نافلة أو حتى يستيقظوا لفريضة!!
ولكن ينبغي على كل من يريد أن يصلي قيام الليل أن يأوي إلى بيته في أول الليل, فيتفقد حال أهله وأولاده ساعة ثم ينام.
وعلى كل طالب علم أو ملتزم بسنة النبي "صلى الله عليه وسلم" أن يحرص على عدم اللغو في الحديث بعد العشاء أو تضييع أوقاته إلا فيما ينفع في الطاعات.
قال الإمام النووي: "والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها, أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه, وذلك كمدارسة العلم وحكايات الصالحين, ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس, ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة, ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم, والحديث في الإصلاح بين الناس والشفاعة إليهم في خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, قال: ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها, واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير..." ([9]).
قال الذهبي: قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يقرأ كل يوم سبعًا, وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء, ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو.
هـ - أسباب أخرى معينة على قيام الليل:
ذكر أهل العلم أسبابًا أخرى تعين على قيام الليل نذكرها لك باختصار لعله أن يكون فيها الشفاء:
· لا تكثر الأكل بالليل لأنه سبب لغلبة النوم, وليتخير من طعام الليل ما يسهل هضمه وليس ما يطول هضمه كالبقول واللحوم والبيض, فإنها تستقر في المعدة طويلاً, وتجعل الدم يجتمع عند المعدة فيسبب الخمول والنوم.
· لا تتعب نفسك بالنهار في الأعمال التي تتعب الجسد وتضعف الأعصاب, فإن كنت ولابد أن تفعل ذلك فلا تترك القيلولة لتريح جسدك من التعب والمشقة ولتستريح من عناء جهدك ولتستطيع أن تقوم من ليلك, ولقد أوصى النبي e بنوم القيلولة, وكان يفعله الصالحون ويحافظون عليه.
· طهر قلبك من الحقد على المسلمين ومن الحسد لهم ومن النظر إلى متاعهم وما أنعم الله عليهم, فإن ذلك مرض في القلب يعوقك عن القيام بين يدي الله.
قال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك.
واشتكى شاب إلى الحسن عدم قيام الليل فقال له الحسن: قيدتك خطاياك.
وقال الحسن: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل.
11ـ نصائح للمربين:
· لابد للمربي أن يكون قدوة للناس في صلاة الليل فلا يمكن أن يأمرهم بها ولا يفعلها.
· يجب أن يصحب تدريس فضل قيام الليل تطبيق عملي للقيام, وأذكر أن بعض أساتذتنا - حفظه الله - كان يقرأ علينا باب قيام الليل من كتاب مختصر منهاج القاصدين, ثم يأخذنا لنقوم الليل في أحد المساجد, وكان لذلك أثر كبير علينا لا ينسى.
· يحسن أن يفرق المربي بين صلاة الليل في جماعة وصلاة الليل مفردًا, وعليه أن يدفع طلبته للصلاة فرادى ما استطاع إلى ذلك؛ لأنها أقوى تأثيرًا على النفس وأدعى للإخلاص وأرجى أن يتعود الإنسان على الصلاة وحده, وهي أصل صلاة الليل.
· يحسن بالمربي أن لا يجمع الناس لصلاة الليل في وقت يتفقون عليه, حذرًا من الوقوع في الحرج الشرعي, إذ إنه لا دليل على جواز تحديد وقت معين لصلاة الليل جماعة في مسجد والانتظام عليه([10]), ولكن عليه - إن كان لوجود الناس أهمية ما - أن يصلوا بغير اتفاق على موعد ولا دعوة للناس, ولكن أن يستغل ظروف وجودهم في مكان ما فيقف للصلاة فيصلون خلفه والله تعالى أعلم([11]).
· على المربي أن يتفقد المتعلمين ويتابعهم في عبادة قيام الليل وأن يحثهم على التعود عليها والانتظام عليها, ويحسن أن يكون ذلك مع كل فرد على حدة, وإن لم يتيسر له أن يكلم كلاً على حدة فيسألهم في مجلسه مذكرًا إياهم بالإخلاص وعدم مراعاة الناس وبالصدق والتجرد, فعن إسحاق بن إبراهيم قال: كنا في مجلس الثوري([12]) وهو يسأل رجلاً رجلاً عما يصنع في ليله فيخبره, حتى دار القوم فقالوا: يا أبا عبد الله قد سألتنا فأخبرناك, فأخبرنا أنت كيف تصنع في ليلك؟ فقال: لها عندي أول نومة تنام ما شاءت لا أمنعها, فإذا استيقظت فلا أقيلها والله.
· يمكن الاستعانة بطرق مختلفة للايقاظ - إن صعب على الناس الاستيقاظ - فيمكن أن يتعاونوا فيما بينهم لإيقاظ بعضهم بعضًا عن طريق الهاتف أو أي وسيلة أخرى, ويمكن كذلك لكل إنسان أن يكتب لنفسه جدولاً للمحاسبة على قيام الليل, فيحاسب نفسه كم قصر وكم أدى, فيدفعه علمه بالتقصير إلى التقدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) انظر في هذه الآثار: صفة الصفوة، تهذيب سير أعلام النبلاء.
([2]) سبق تخريجه ص 385 وهو صحيح.
([3]) رواه ابن حبان وصححه الألباني (الترغيب برقم 596) والشعار: هو الثوب أو الغطاء.
([4]) رواه أبو داود وصححه الألباني (صحيح أبي داود والترغيب برقم 597). (ويتعار: يعني يستيقظ).
([5]) رواه النسائي وصححه الألباني (صحيح النسائي والترغيب برقم 600).
([6]) متفق عليه واللفظ لمسلم (البخاري 2/ 771/ فتح), ومسلم (1/ مساجد/ 447/ 236).
([7]) شرح صحيح مسلم للنووي, جـ3 ص158.
([8]) السحر: آخر الليل.
([9] ) شرح صحيح مسلم للنووي جـ3، ص 158.
([10]) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فلو أراد الناس أن يجتمعوا على قيام الليل في المساجد جماعة في غير رمضان لكان هذا من البدع, ولا بأس أن يصلي الإنسان جماعة في غير رمضان في بيته لفعل الرسول e, فقد صلى بابن عباس وابن مسعود وحذيفة بن اليمان جماعة في بيته لكن لم يتخذ ذلك سنة راتبة ولم يكن أيضًا يفعله في المسجد" اهـ. الممتع جـ4 ص83.
([11]) وانظر: الاختيارات العلمية لشيخ الإسلام ص64, والاعتصام للشاطبي .
([12]) صفة الصفوة ، 3/98، دار الكتب العلمية.

موقع المسلم






قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الأسباب المعينة على قيام الليل كثيرة منها أم أمة الله المنتدي الاسلامي العام
قيام الليل شعار الصالحين هبه شلبي المنتدي الاسلامي العام
الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل أم أمة الله فتاوي وفقه المرأة المسلمة
فَضْلُ قِيامِ الليْلِ الـمـتـألـقـة المنتدي الاسلامي العام
اكثر من نصيحه تجعلك تقيم الليل مصر المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 09:13 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل