مرضه ووفاته ومدفنه
قال صالح بن أحمد بن حنبل واصفاً مرضَ أبيه قُبيل وفاته:
«لما كان في أول يوم من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء،
فدخلتُ عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس تنفساً شديداً،
وكنت قد عرفت علته، وكنت أمرِّضُه إذا اعتل، فقلت له:
«يا أبة، علام أفطرت البارحة؟»،
قال: «على ماء باقلَّاء»،
ثم أراد القيام فقال: «خذ بيدي»، فأخذت بيده،
فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكأ علي،
وكان يختلف إليه غيرُ متطبب كلهم مسلمون،
وكثُر الناس، فقلت: «يا أبةِ قد كثر الناس»، قال: «فأي شيء ترى؟»،
قلت: «تأذن لهم فيدعون لك»، قال: «أستخير الله»،
فجعلوا يدخلون عليه أفواجاً حتى تمتلئ الدار،
فيسألونه ويدعون له ثم يخرجون ويدخل فوج آخر،
وكثر الناس وامتلأ الشارع وأغلقنا باب الزقاق، وجاء رجل من جيراننا قد خضب فدخل عليه فقال: «إني لأرى الرجلَ يُحيي شيئاً من السنة فأفرح به»، فدخل فجعل يدعو له، فجعل يقول: «له ولجميع المسلمين»،
وجاء رجل فقال: «تلطَّفْ لي بالإذن عليه، فإني قد حضرت ضربه يوم الدار وأريد أن أستحله»،
فقلت له: «فأمسك»، فلم أزل به حتى قال: «أدخله»، فأدخلته
، فقام بين يديه وجعل يبكي وقال: «يا أبا عبد الله، أنا كنت ممن حضر ضربك يوم الدار، وقد أتيتك، فإن أحببتَ القِصاص فأنا بين يديك، وإن رأيتَ أن تُحلَّني فعلت»،
فقال: «على أن لا تعود لمثل ذلك»،
قال: «نعم»، قال: «قد جعلتك في حل»،
فخرج يبكي، وبكى من حضر من الناس،
وكان له في خُريقة قُطيعات، فإذا أراد الشيء أعطينا من يشتري له، فقال لي يوم الثلاثاء وأنا عنده: «انظر في خريقتي شيء؟»، فنظرت فإذا فيها درهم،
فقال: «وجِّه فاقتَضِ بعض السكان»، فوجهت فأعطيت شيئاً،
فقال: «وجِّه فاشتر تمراً وكفِّر عني كفارة يمين»،
فوجهت فاشتريت وكفرت عنه كفارة يمين،
وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك،
فأخبرته فقال: «الحمد لله»،
وقال: «اقرأ علي الوصية»، فقرأتها عليه فأقرَّها.»
ومات أحمد بن حنبل في وقت الضحى من يوم الجمعة في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241هـ،
وهو ابن سبع وسبعين سنة، ودُفن بعد العصر،
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل:
«توفي أبي في يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين».
و يقعُ مرقده في منطقة الحيدرخانة ببغداد في مسجد عارف اغا الواقع بالقرب من جامع حسن باشا
دفن بمقبرة باب حرب هو الربض الواقع شمال غرب الكاظمية الحالية ، ونقلت رفات الامام احمد بن حنبل الى مسجد عارف أغا أيام فيضان نهر دجلة سنة 1937م