أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي سورة البقرة (5)(وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل)

﴿ لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُوا۟ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى ٱلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٣﴾] أي: يظن الجاهل بحالهم أنهم أغنياء؛ لقلة سؤالهم، والتعفف هنا هو عن الطلب. (تعرفهم بسيماهم): علامة وجوههم؛ وهي ظهور الجهد والفاقة، وقلة النعمة، وقيل: الخشوع، وقيل: السجود. (لا يسألون الناس إلحافا): الإلحاف هو الإلحاح في السؤال؛ والمعنى: أنهم إذا سألوا يتلطفون ولا يلحون. وقيل: هو نفي السؤال والإلحاح معا. ابن جزي: 1/127.

﴿ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٢﴾] لا تنفقوا إلا لأجل طلب وجه الله تعالى، أو إلا طالبين وجهه سبحانه؛ لا مؤذين، ولا مانين، ولا مرائين، ولا متيممين الخبيث. الألوسي: 3/46.

﴿ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧١﴾] فيه دلالة إلى أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء. ابن كثير: 1/305.
﴿ إِن تُبْدُوا۟ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِىَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧١﴾] ففي هذا: أن صدقة السر على الفقير أفضل من صدقة العلانية، وأما إذا لم تؤت الصدقات الفقراء فمفهوم الآية أن السر ليس خيراً من العلانية، فيرجع في ذلك إلى المصلحة: فإن كان في إظهارها إظهار شعائر الدين وحصول الاقتداء ونحوه فهو أفضل من الإسرار. السعدي: 116.


﴿ وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُۥ ۗ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنْ أَنصَا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٠﴾] ففي إفهامه أن الله آخذ بيد السخي وبيد الكريم كلما عثر، فيجد له نصيراًً، ولا يجد الظالم بوضع القهر موضع البر ناصراًً. البقاعي: 1/525.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨١﴾] من علم أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير، والجلي والخفي، وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة؛ أوجب له الرغبة والرهبة. السعدي: 117-118.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٨﴾] الربا والإيمان لا يجتمعان، وأكثر بلايا هذه الأمة- حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع، والانتقام بالسنين- إنما هو مِن عملِ مَن عمِلَ بالربا. البقاعي: 1/541.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٧﴾] وخص الصلاة والزكاة بالذكر، وقد تضمنهما عمل الصالحات؛ تشريفاً لهما، وتنبيهاً على قدرهما؛ إذ هما رأس الأعمال: الصلاة في أعمال البدن، والزكاة في أعمال المال. القرطبي: 4/403.




﴿ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٦﴾] وهذا لأن الجزاء من جنس العمل؛ فإن المرابي قد ظلم الناس، وأخذ أموالهم على وجه غير شرعي؛ فجوزي بذهاب ماله، والمحسن إليهم بأنواع الإحسان ربه أكرم منه، فيحسن عليه كما أحسن على عباده. السعدي: 117.





﴿ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٦﴾] عن ابن عباس رضي الله عنهما: (يمحق الله الربا) يعني: لا يقبل منه صدقة، ولا جهادا، ولا حجاً، ولا صلة. (ويربي الصدقات) أي: يثمرها ويبارك فيها في الدنيا، ويضاعف بها الأجر والثواب في العقبى، (والله لا يحب كل كفار) بتحريم الربا، (أثيم) فاجر بأكله. البغوي: 1/302.

﴿ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰا۟ وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَٰتِ ۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٦﴾] ولا بد من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة؛ وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من الكسب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم، يأكل أموال الناس بالباطل. ابن كثير: 1/312.

﴿ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَوٰا۟ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَٰنُ مِنَ ٱلْمَسِّ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٧٥﴾] يُبعث كالمجنون؛ عقوبة له، وتمقيتاً عند جميع أهل المحشر. القرطبي: 4/390.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] وختم آيات هذه المعاملات بصفة العلم بعد الأمر بالتقوى في غاية المناسبة -لما يفعله المتعاملون من الحيل التي يجتلب كل منهم بها الحظ لنفسه- والترغيب في امتثال ما أمرهم به. البقاعي: 1/549.

﴿ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علّمه؛ أي: يجعل في قلبه نوراً يفهم به ما يُلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقاناً؛ أي: فيصلاً يفصل به بين الحق والباطل. القرطبي: 4/464.


﴿ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] والعدالة شرط؛ وهي أن يكون الشاهد مجتنبا للكبائر، غير مصر على الصغائر، والمروءة شرط؛ وهي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء؛ وهي: حسن الهيئة، والسيرة، والعشرة، والصناعة. فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيء منها ما يستحي أمثاله من إظهاره في الأغلب؛ يعلم به قلة مروءته، وترد شهادته. البغوي: 1/309.

﴿ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌۢ بِٱلْعَدْلِ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] أن يكون الكاتب عارفاًً بكتابة الوثائق، وما يلزم فيها كل واحد منهما، وما يحصل به التوثق؛ لأنه لا سبيل إلى العدل إلا بذلك. السعدي: 118.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] والتداين من أعظم أسباب رواج المعاملات؛ لأن المقتدر على تنمية المال قد يعوزه المال؛ فيضطر إلى التداين ليظهر مواهبه في التجارة، أو الصناعة، أو الزراعة، ولأن المترفه قد ينضب المال من بين يديه، وله قِبَل به بعد حين، فإذا لم يتداين اختل نظام ماله. ابن عاشور: 3/98.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] الأمر بكتابة جميع عقود المداينات... لشدة الحاجة إلى كتابتها؛ لأن بدون الكتابة يدخلها الغلط، والنسيان، والمنازعة، والمشاجرة شر عظيم. السعدي: 118.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ ۚ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٢﴾] الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقياً فما يضره الكتاب. القرطبي: 4/431.


﴿ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٦﴾] وقوله: (واعفُ عنا) أي: فيما بيننا وبينك مما تعلمه من تقصيرنا وزللنا. (واغفر لنا) أي: فيما بيننا وبين عبادك؛ فلا تظهرهم على مساوينا وأعمالنا القبيحة. (وارحمنا) أي: فيما يستقبل؛ فلا توقعنا بتوفيقك في ذنب آخر. ولهذا قالوا: إن المذنب محتاج إلى ثلاثة أشياء: أن يعفو الله عنه فيما بينه وبينه، وأن يستره عن عباده؛ فلا يفضحه به بينهم، وأن يعصمه؛ فلا يوقعه في نظيره. السعدي: 1/324. ﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ ۗ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٦﴾] جاءت العبارة في الحسنات بـــــ(لها) من حيث هي مما يفرح المرء بكسبه ويسر بها، فتضاف إلى ملكه. وجاءت في السيئات بـــــــ(عليها) من حيث هي أثقال وأوزار، ومتحملات صعبة، وهذا كما تقول: «لي مال»، و«علي دين». القرطبي: 4/500.
﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٦﴾] فأصل الأوامر والنواهي ليست من الأمور التي تشق على النفوس، بل هي غذاء للأرواح، ودواء للأبدان، وحمية عن الضرر؛ فالله تعالى أمر العباد بما أمرهم به رحمة وإحساناً. السعدي: 120.
﴿ وَقَالُوا۟ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٤﴾] وتقديم السمع والطاعة على طلب الغفران لما أن تقدم الوسيلة على المسئول أقرب إلى الإجابة والقبول. الألوسي: 3/69.

﴿ وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا۟ كَاتِبًا فَرِهَٰنٌ مَّقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِى ٱؤْتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ ۗ وَلَا تَكْتُمُوا۟ ٱلشَّهَٰدَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٌ قَلْبُهُۥ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٣﴾] وقد اشتملت هذه الأحكام الحسنة التي أرشد الله عباده إليها على حكم عظيمة ومصالح عميمة؛ دلت على أن الخلق لو اهتدوا بإرشاد الله لصلحت دنياهم مع صلاح دينهم؛ لاشتمالها على العدل والمصلحة، وحفظ الحقوق، وقطع المشاجرات والمنازعات، وانتظام أمر المعاش. السعدي: 119-120.


﴿ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُۥٓ ءَاثِمٌ قَلْبُهُۥ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٣﴾] خص القلب بالإثم إذ الكتم من أفعاله، وإذ هو المضغة التي بصلاحها يصلح الجسد كله. القرطبي: 4/478.

﴿ فَلْيُؤَدِّ ٱلَّذِى ٱؤْتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ ﴾ [سورة البقرة آية:﴿٢٨٣﴾] وقد أمر سبحانه بالتقوى عند الوفاء حسبما أمر بها عند الإقرار؛ تعظيما لحقوق العباد، وتحذيرا عما يوجب وقوع الفساد. الألوسي: 3/63.


الكلم الطيب





قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
سورة البقرة (2)(وقفات تدبرية من كتاب القرآن تدبر وعمل) امانى يسرى القرآن الكريم
كم وردت كلمة .. فى القرآن الكريم ؟ فتوى العلماء في الإجازالعددى في القرآن أسماء حامد القرآن الكريم
ثلاثون نصيحة لحفظ القرآن ثلاثون وصية للبدء بحفظ القرآن عہاشہقہة الہورد القرآن الكريم
تحميل القرآن الكريم كاملا بصوت العجمى mp3 حبيبة أبوها القرآن الكريم


الساعة الآن 08:52 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل