﴿ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٣﴾] أي: أحزن. القرطبي:9/287.
﴿ ٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا۟ فِيهَا ۚ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٢﴾] أي: كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها. ابن كثير:2/223.
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩١﴾] أخبر تعالى أنهم أخذتهم الرجفة؛ وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه، وتوعدوهم بالجلاء. ابن كثير:2/223.
﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ لَنُخْرِجَنَّكَ يَٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا ۚ قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَٰرِهِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٨﴾] إن التزام الدين عن إكراه لا يأتي بالغرض المطلوب من التدين؛ وهو تزكية النفس، وتكثير جند الحق، والصلاح المطلوب. ابن عاشور:9/7.
﴿ قَالَ ٱلْمَلَأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٨٨﴾] وهم الأشراف والكبراء منهم؛ الذين اتبعوا أهواءهم، ولَهوا بلذاتهم، فلما أتاهم الحق ورأوه غير موافق لأهوائهم الرديئة ردوه، واستكبروا عنه. السعدي:296.
﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٠٣﴾] أي: انظر يا محمد كيف فعلنا بهم، وأغرقناهم عن آخرهم بمرأىً من موسى وقومه، وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه، وأشفى لقلوب أولياء الله موسى وقومه من المؤمنين به. ابن كثير:2/225-226.
﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ مِنۢ بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَٰهُم بِذُنُوبِهِمْ ۚ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٠٠﴾] (ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون)أي: إذا نبههم الله فلم ينتبهوا، وذكرهم فلم يتذكروا، وهداهم بالآيات والعبر فلم يهتدوا؛ فإن الله تعالى يعاقبهم، ويطبع على قلوبهم، فيعلوها الران والدنس، حتى يختم عليها، فلا يدخلها حق، ولا يصل إليها خير، ولا يسمعون ما ينفعهم، وإنما يسمعون ما به تقوم الحجة عليهم. السعدي:298.
﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] قال الحسن البصري -رحمه الله-: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مُشْفِقٌ، وَجِل، خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن. ابن كثير:2/224.
﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفاً وجلاً أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان. السعدي:298.
﴿ أَفَأَمِنُوا۟ مَكْرَ ٱللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلْقَوْمُ ٱلْخَٰسِرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٩﴾] ومكر الله واستدراجه إياهم بما أنعم عليهم في دنياهم. البغوي:2/132.
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٦﴾] أهل القرى لو آمنوا بقلوبهم إيماناً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله تعالى ظاهراً وباطناً بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات السماء والأرض. السعدي:298.
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰٓ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذْنَٰهُم بِمَا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿٩٦﴾] وقوله: (بركات من السماء والأرض) مراد به حقيقته؛ لأن ما يناله الناس من الخيرات الدنيوية لا يعدو أن يكون ناشئا من الأرض؛ وذلك معظم المنافع، أو من السماء؛ مثل ماء المطر، وشعاع الشمس، وضوء القمر، والنجوم، والهواء والرياح الصالحة. ابن عاشور:9/22.
﴿ وَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٠﴾] وأعظم من تبين له الحق العظيم: أهل الصنف والسحر، الذين يعرفون من أنواع السحر وجزئياته ما لا يعرفه غيرهم، فعرفوا أن هذه آية عظيمة من آيات الله، لا يدان لأحد بها. السعدي:300.
﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ ﴿١١٥﴾ قَالَ أَلْقُوا۟ ۖ فَلَمَّآ أَلْقَوْا۟ سَحَرُوٓا۟ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسْتَرْهَبُوه ُمْ وَجَآءُو بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٥﴾] تأدبوا مع موسى -عليه السلام- فكان ذلك سبب إيمانهم. القرطبي:9/296.
﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلْقِىَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ ٱلْمُلْقِينَ ﴿١١٥﴾ قَالَ أَلْقُوا۟ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٥﴾] قيل: الحكمة في هذا -والله أعلم- ليرى الناس صنيعَهم، ويتأملوه، فإذا فرغوا من بهرجهم ومحالهم؛ جاءهم الحق الواضح الجلي بعد التطلب له، والانتظار منهم لمجيئه، فيكون أوقع في النفوس، وكذا كان. ابن كثير:2/227.
﴿ وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوٓا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴿١١٣﴾ قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ ٱلْمُقَرَّبِي ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٣﴾] قال فرعون للسحرة، إذ قالوا له: إن لنا عندك ثوابًا إن نحن غلبنا موسى؟ قال: نعم، لكم ذلك، وإنكم لممن أقرِّبه وأدْنيه مني. الطبري:13/26.
﴿ وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوٓا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١٣﴾] (قالوا) لفرعون (إن لنا لأجرًاً) أي: جُعلا ومالا. البغوي:2/135.
﴿ قَالُوٓا۟ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٍ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١١١﴾] والشأن أن يكون ملأ فرعون عقلاء أهل سياسة، فعلموا أن أمر دعوة موسى لا يكاد يخفى، وأن فرعون إن سجنه أو عاند تحقق الناس أن حجة موسى غلبت، فصار ذلك ذريعة للشك في دين فرعون، فرأوا أن يلاينوا موسى، وطمعوا أن يوجد في سحرة مصر من يدافع آيات موسى، فتكون الحجة عليه ظاهرة للناس. ابن عاشور:9/44.
﴿ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ) وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِىَ بَيْضَآءُ لِلنَّٰظِرِينَ *قَالَ ٱلْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٌ ﴾ (فألقى) موسى (عصاه) في الأرض (فإذا هي ثعبان مبين) أي: حية ظاهرة تسعى، وهم يشاهدونها. (ونزع يده) من جيبه (فإذا هي بيضاء للناظرين) من غير سوء، فهاتان آيتان كبيرتان دالتان على صحة ما جاء به موسى وصدقه، وأنه رسول رب العالمين، ولكن الذين لا يؤمنون لو جاءتهم كل آية لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم. السعدي:1/299.
﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٠﴾] (بالسنين) أي: بالجدب والقحط؛ تقول العرب: مستهم السنة؛ أي: جدب السنة، وشدة السنة، وقيل: أراد بالسنين: القحط سنة بعد سنة، (ونقص من الثمرات): بإتلاف الغلات بالآفات والعاهات، قال قتادة: أما السنين فلأهل البوادي، وأما نقص الثمرات فلأهل الأمصار، (لعلهم يذَّكَّرون) أي: يتعظون؛ وذلك لأن الشدة ترقق القلوب، وترغبها فيما عند الله عز وجل. البغوي: 2/139.
﴿ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَك ُمْ فِى ٱلْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٩﴾] وجاء بفعل الرجاء دون الجزم تأدبا مع الله تعالى، وإقصاء للاتكال على أعمالهم؛ ليزدادوا من التقوى، والتعرض إلى رضى الله تعالى ونصره. ابن عاشور:9/62.
﴿ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] اجعل لنا طاقة لتحمل ما توعدنا به فرعون، ولما كان ذلك الوعيد مما لا تطيقه النفوس؛ سألوا الله أن يجعل لنفوسهم صبرا قويا، يفوق المتعارف؛... فإن الإفراغ صب جميع ما في الإناء،... ودعوا لأنفسهم بالوفاة على الإسلام إيذانا بأنهم غير راغبين في الحياة، ولا مبالين بوعيد فرعون، وأن همتهم لا ترجو إلا النجاة في الآخرة، والفوز بما عند الله، وقد انخذل بذلك فرعون، وذهب وعيده باطلا. ابن عاشور:9/56.
﴿ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] أي: عظيماً، كما يدل عليه التنكير؛ لأن هذه محنة عظيمة تؤدي إلى ذهاب النفس، فيحتاج فيها من الصبر إلى شيء كثير؛ ليثبت الفؤاد، ويطمئن المؤمن على إيمانه، ويزول عنه الانزعاج الكثير. السعدي:300.
﴿ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلَّآ أَنْ ءَامَنَّا بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٦﴾] قال عطاء: ما لنا عندك من ذنب تعذبنا عليه (إلا أن آمنا بآيات ربنا). البغوي:2/138.
﴿ قَالُوٓا۟ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٥﴾] وعذابه أشد من عذابك، ونكاله على ما تدعونا إليه اليوم وما أكرهتنا عليه من السحر أعظم من نكالك، فلنصبر اليوم على عذابك لنخلص من عذاب الله. ابن كثير:2/228.
﴿ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِى ٱلْمَدِينَةِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٢٣﴾] وموسى-عليه السلام- لا يعرف أحدا منهم، ولا رآه، ولا اجتمع به، وفرعون يعلم ذلك، وإنما قال هذا تسترا وتدليسا على رعاع دولته وجهلتهم، كما قال تعالى: (فاستخف قومه فأطاعوه) [الزخرف: 54]؛ فإن قوما صدقوه في قوله: (فقال أنا ربكم الأعلى) [النازعات: 24] من أجهل خلق الله، وأضلهم. ابن كثير:2/228.
﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُوا۟ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٧﴾] يعني: بتمامها نفاذ ما وعدهم به من النصر على فرعون، وإهلاكه. ابن تيمية:3/194.
﴿ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلْأَرْضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٧﴾] قد أخبر الله بأنه بارك في أرض الشام في آيات: منها قوله: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها). ابن تيمية:3/194.
﴿ ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَٰهُ مْ فِى ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنْهَا غَٰفِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٦﴾] أي: أغرقناهم جزاء على تكذيبهم بالآيات، والغفلة: ذهول الذهن عن تذكر شيء... وأريد بها التغافل عن عمد؛ وهو الإعراض عن التفكر في الآيات، وإباية النظر في دلالتها على صدق موسى. ابن عاشور:9/75.
﴿ فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَٰهُ مْ فِى ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا وَكَانُوا۟ عَنْهَا غَٰفِلِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٦﴾] (وكانوا عنها):...عن الآيات؛ أي: لم يعتبروا بها حتى صاروا كالغافلين عنها. القرطبي:9/315.
﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٍ مُّفَصَّلَٰتٍ فَٱسْتَكْبَرُوا ۟ وَكَانُوا۟ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٣﴾] وسمى الله هاته آيات لأنها دلائل على صدق موسى؛ لاقترانها بالتحدي، ولأنها دلائل على غضب الله عليهم. ابن عاشور:9/70.
﴿ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَٰذِهِۦ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا۟ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ ۗ أَلَآ إِنَّمَا طَٰٓئِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣١﴾] (ولكن أكثرهم لا يعلمون) أن ما لحقهم من القحط والشدائد إنما هو من عند الله - عز وجل- بذنوبهم. القرطبي:9/308.
﴿ فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُوا۟ لَنَا هَٰذِهِۦ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣١﴾] أي: نحن مستحقون لها، فلم يشكروا الله عليها. السعدي:301.
﴿ ۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَٰنَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٣﴾] قيل: قال على جهة الإنابة إلى الله والخشوع له عند ظهور الآيات، وأجمعت الأمة على أن هذه التوبة ما كانت عن معصية؛ فإن الأنبياء معصومون. القرطبي:10/439.
﴿ وَلَٰكِنِ ٱنظُرْ إِلَى ٱلْجَبَلِ فَإِنِ ٱسْتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوْفَ تَرَىٰنِى ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٣﴾] فإنه أكبر منك، وأشد خلقا، (فلما تجلى ربه للجبل) فنظر إلى الجبل لا يتمالك، وأقبل الجبل فدك على أوله، ورأى موسى ما يصنع الجبل؛ فخر صعقا. ابن كثير:2/235.
﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٢﴾] استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون، ووصَّاه بالإصلاح وعدم الإفساد، هذا تنبيه وتذكير، وإلا فهارون-عليه السلام- نبي شريف كريم على الله، له وجاهة وجلالة. ابن كثير:2/234.
﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٢﴾] ولما ذهب موسى إلى ميقات ربه قال لهارون موصيا له على بني إسرائيل من حرصه عليهم وشفقته: (اخلفني في قومي) أي: كن خليفتي فيهم، واعمل فيهم بما كنت أعمل، (وأصلح) أي: اتبع طريق الصلاح، (ولا تتبع سبيل المفسدين): وهم الذين يعملون بالمعاصي. السعدي:302.
﴿ قَالَ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٠﴾] والمراد بالعالمين: أمم عصرهم. وتفضيلهم عليهم بأنهم ذرية رسول وأنبياء، وبأن منهم رسلا وأنبياء، وبأن الله هداهم إلى التوحيد والخلاص من دين فرعون بعد أن تخبطوا فيه، وبأنه جعلهم أحرارا بعد أن كانوا عبيدا، وساقهم إلى امتلاك أرض مباركة، وأيدهم بنصره وآياته، وبعث فيهم رسولا ليقيم لهم الشريعة، وهذه الفضائل لم تجتمع لأمة غيرهم يومئذ. ابن عاشور:9/84.
﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَى ٱجْعَل لَّنَآ إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٨﴾] وكان وصف موسى إياهم بالجهالة مؤكَّدًا؛ لما دلت عليه الجملة الاسمية من كون الجهالة صفة ثابتة فيهم، وراسخة من نفوسهم، ولولا ذلك لكان لهم في بادي النظر زاجر عن مثل هذا السؤال. ابن عاشور:9/82.
﴿ وَجَٰوَزْنَا بِبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتَوْا۟ عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا۟ يَٰمُوسَى ٱجْعَل لَّنَآ إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٣٨﴾] (إِنَّكُم قَومٌ تَجهَلُونَ): وأي جهل أعظم من جهل من جهل ربه وخالقه، وأراد أن يسوِّي به غيره ممن لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورًا؟! السعدي:302.
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] إذا كان المصحفُ الذي كُتِب فيه طاهرًا لا يمسُّه إلاّ البدن الطاهر، فالمعاني التي هي باطنُ القرآن لا يمسُّها إلاّ القلوبُ المطهرة، وأما القلوب المنجسة لا تمسُّ حقائقَه، فهذا معنىً صحيح؛ قال تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق). قال بعض السلف: أَمنَعُ قلوبَهم فهمَ القرآن. ابن تيمية:3/198.
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] قال بعض السلف: لا ينال العلم حيي ولا مستكبر، وقال آخر: من لم يصبر على ذُلِّ التعلم ساعة بقي في ذُلِّ الجهل أبداً. ابن كثير:2/237.
﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ ءَايَٰتِىَ ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَإِن يَرَوْا۟ كُلَّ ءَايَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا۟ بِهَا وَإِن يَرَوْا۟ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٦﴾] قال ابن عباس: «يريد: الذين يتجبرون على عبادي، ويحاربون أوليائي حتى لا يؤمنوا بي»؛ يعني: سأصرفهم عن قبول آياتي، والتصديق بها؛ عوقبوا بحرمان الهداية لعنادهم للحق؛ كقوله: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) [الصف: 5]. البغوي:2/152.
﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا۟ بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُو۟رِيكُمْ دَارَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٥﴾] فدل على أن فيما أنزل حسن وأحسن. ابن تيمية:3/198.
﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا۟ بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُو۟رِيكُمْ دَارَ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٥﴾] (فخذها بقوة) أي: بجد واجتهاد، وقيل: بقوة القلب، وصحة العزيمة؛ لأنه إذا أخذه بضعف النية؛ أداه إلى الفتور. البغوي:2/152.
﴿ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِى وَبِكَلَٰمِى ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٤﴾] فلما منعه الله من رؤيته بعد ما كان متشوقاً إليها، أعطاه خيراً كثيراً. السعدي:302.
﴿ قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٤٤﴾] يذكر تعالى أنه خاطب موسى بأنه اصطفاه على عالمي زمانه برسالاته وكلامه، ولا شك أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم من الأولين والآخرين، ولهذا اختصه الله بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين؛ الذي تستمر شريعته إلى قيام الساعة، وأتباعه أكثر من أتباع الأنبياء كلهم. ابن كثير:2/236.
﴿ إِنْ هِىَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشَآءُ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٥﴾] أي: محنتك، واختبارك، وابتلاؤك؛ كما ابتليت عبادك بالحسنات والسيئات ليتبين الصبار الشكور من غيره، وابتليتهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليتبين المؤمن من الكافر، والصادق من الكاذب، والمنافق من المخلص؛ فتجعل ذلك سببا لضلالة قوم وهدي آخرين. ابن تيمية:3/208.
﴿ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٥﴾] أي: أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء -الذين طلبوا الرؤية حين قالوا: أرنا الله جهرة، والذين عبدوا العجل- فمعنى هذا إدلاء بحجته، وتبرؤ من فعل السفهاء، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة. ابن جزي:1/318.
﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلْأَلْوَاحَ ۖ وَفِى نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٤﴾] قال سهل بن عبد الله: «... وأصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله». ويدل على ذلك قوله تعالى: (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون). ابن تيمية:3/208.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُفْتَرِينَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٢﴾] أعقبهم ذلك ذلا وصغارا في الحياة الدنيا، وقوله: (وكذلك نجزي المفترين) نائلة لكل من افترى بدعةً؛ فإن ذل البدعة ومخالفة الرشاد متصلة من قلبه على كتفيه، كما قال الحسن البصري: «إن ذل البدعة على أكتافهم؛ وإن هملجت بهم البغلات، وطقطقت بهم البراذين».... وقال سفيان بن عيينة: كل صاحب بدعة ذليل. ابن كثير:2/238.
﴿ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِى وَكَادُوا۟ يَقْتُلُونَنِى ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] وإنما قال (ابن أم) ليكون أَرَقَّ وأنجع عنده، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه. ابن كثير: 2/238.
﴿ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] والعجلة: التقدم بالشيء قبل وقته، وهي مذمومة، والسرعة: عمل الشيء في أول أوقاته، وهي محمودة. القرطبي:9/338.
﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوْمِهِۦ غَضْبَٰنَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِنۢ بَعْدِىٓ ۖ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٠﴾] لتمام غيرته عليه الصلاة والسلام، وكمال نصحه وشفقته. السعدي:303.
﴿ وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِۦ يَعْدِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية:﴿١٥٩﴾] وكأن الإتيان بهذه الآية الكريمة فيه نوع احتراز مما تقدم؛ فإنه تعالى ذكر فيما تقدم جملةً من معايب بني إسرائيل المنافية للكمال، المناقضة للهداية، فرُبَّمَا توهم متوهم أن هذا يعم جميعَهم، فذكر تعالى أن منهم طائفةً مستقيمة، هاديةً مَهْدِيَّةً. السعدي:306.