﴿ مَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٦﴾] أي: لا تحزن؛ فإني مهلكهم ومنقذك منهم، فحينئذ دعا نوح عليهم. البغوي:2/398.
﴿ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٣﴾] (وما أنتم بمعجزين) أي: بفائتين، وقيل: بغالبين بكثرتكم؛ لأنهم أعجبوا بذلك؛ كانوا ملأوا الأرض سهلا وجبلا. القرطبي:11/106.
﴿ قَالُوا۟ يَٰنُوحُ قَدْ جَٰدَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَٰلَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٢﴾] ومن الجدال ما هو محمود؛ وذلك إذا كان مع كافر حربي في منعته، ويطمع في الجدال أن يهتدي، ومن ذلك هذه الآية، ومنه قوله تعالى: (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل: 125] إلى غير ذلك من الأمثلة. ومن الجدال ما هو مكروه؛ وهو ما يقع بين المسلمين بعضهم في بعض في طلب علل الشرائع، وتصور ما يخبر الشرع به من قدرة الله، وقد نهى النبيﷺ عن ذلك، وكرهه العلماء، والله المستعان. ابن عطية:3/166.
﴿ قَالُوا۟ يَٰنُوحُ قَدْ جَٰدَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَٰلَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّٰدِقِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٢﴾] الجدل في الدين محمود؛ ولهذا جادل نوح والأنبياء قومهم حتى يظهر الحق، فمن قبله أنجح وأفلح، ومن رده خاب وخسر، وأما الجدال لغير الحق حتى يظهر الباطل في صورة الحق فمذموم، وصاحبه في الدارين ملوم. القرطبي:11/105.
﴿ وَيَٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٠﴾] أي: مَن يخلصني؛ أي: ينجيني (من الله) أي: من عقابه؛ لأن طردهم إهانة تؤذيهم بلا موجب معتبر عند الله، والله لا يحب إهانة أوليائه. ابن عاشور:12/56.
﴿ وَيَٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٠﴾] أي: من يمنعني من عذابه؛ فإن طردهم موجب للعذاب والنكال الذي لا يمنعه من دون الله مانع. السعدي:381.
﴿ وَمَآ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ ۚ إِنَّهُم مُّلَٰقُوا۟ رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّىٓ أَرَىٰكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٢٩﴾] (وما أنا بطارد الذين آمنوا): هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين. (إنهم ملاقوا ربهم) أي: صائرون إلى ربهم في المعاد، فيجزي من طردهم. القرطبي:2/397.
﴿ وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَٰكِمِينَ ﴿٤٥﴾ قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍ ۖ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٨﴾] (فقال ربِّ إن ابني من أهلي) أي: وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟! (قال يا نوح إنه ليس من أهلك) أي: الذين وعدت إنجاءهم؛ لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك؛ ولهذا قال: (وأهلك إلا من سبق عليه القول)، فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحا عليه السلام. ابن كثير:2/429.
﴿ قَالَ سَـَٔاوِىٓ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ ٱلْمَآءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٣﴾] فلا يعصم أحدا جبل ولا غيره، ولو تسبب بغاية ما يمكنه من الأسباب لمَا َنجا إن لم ينجه الله. السعدي:382.
﴿ وَقَالَ ٱرْكَبُوا۟ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤١﴾] التعليل بالمغفرة والرحمة رمز إلى أن الله وعَده بنجاتهم؛ وذلك من غفرانه ورحمته. ابن عاشور:12/74.
﴿ وَقَالَ ٱرْكَبُوا۟ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْر۪ىٰهَا وَمُرْسَىٰهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤١﴾] وفي هذه الآية دليل على ذكر البسملة عند ابتداء كل فعل. القرطبي:11/121.
﴿ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٠﴾] وجملة (وما آمن معه إلا قليل) اعتراض لتكميل الفائدة من القصة في قلة الصالحين. ابن عاشور:12/73.
﴿ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٠﴾] أي: من كل صنف من أصناف المخلوقات ذكر وأنثى؛ لتبقى مادة سائر الأجناس. السعدي:382.
﴿ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٣٨﴾] جعل قومه يمرون به وهو في عمله، ويسخرون منه، ويقولون: يا نوح، لقد صرت نجاراً بعد النبوة! البغوي:2/399.
﴿ وَيَٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا۟ مُجْرِمِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٢﴾] وفي الآية دليل على أن الاستغفار والتوبة سبب لنزول الأمطار...والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن الكفر، ثم عن الذنوب؛ لأن التوبة من الذنوب لا تصح إلا بعد الإيمان. ابن جزي: 1/399.
﴿ تِلْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَٱصْبِرْ ۖ إِنَّ ٱلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٩﴾] كما صبر نوح -عليه السّلام- فكانت العاقبة له، كذلك تكون العاقبة لك على قومك. ابن عاشور:12/93.
﴿ قِيلَ يَٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلَٰمٍ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٨﴾] فبارك الله في الجميع حتى ملأوا أقطار الأرض ونواحيها. السعدي:383.
وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِىٓ أَكُن مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٧﴾] طلب المغفرة ابتداء... ثم أعقبها بطلب الرحمة؛ لأنّه إذا كان بمحل الرضى من الله كان أهلاً للرحمة. ابن عاشور:12/88.
﴿ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِىٓ أَكُن مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٧﴾] فبالمغفرة والرحمة ينجو العبد من أن يكون من الخاسرين. السعدي:383.
﴿ قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍ ۖ فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ ۖ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٦﴾] (فلا تسألن ما ليس لك به علم) أي: ما لا تعلم عاقبته ومآله، وهل يكون خيراً، أو غير خير. السعدي:382.
﴿ قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ﴾ [سورة هود آية:﴿٤٦﴾] قال الجمهور: ليس من أهل دينك، ولا ولايتك، فهو على حذف مضاف، وهذا يدل على أن حكم الاتفاق في الدين أقوى من حكم النسب. القرطبي 11/134.
﴿ قَالُوا۟ يَٰصَٰلِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَآ ۖ ﴾ [سورة هود آية:﴿٦٢﴾] أي: قد كنا نرجوك، ونؤمل فيك العقل والنفع، وهذا شهادة منهم لنبيهم صالح أنه ما زال معروفاً بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وأنه من خيار قومه. السعدي:385.
﴿ فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴾ [سورة هود آية:﴿٦١﴾] وفي هذه الآية... قربٌ يقتضي إلطافه تعالى بهم، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم؛ ولهذا يقرن باسمه القريب اسمه المجيب. السعدي:385.
﴿ وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا۟ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا۟ رُسُلَهُۥ وَٱتَّبَعُوٓا۟ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٩﴾] من عصى رسولاً واحداً لزمه عصيان جميعهم؛ فإنهم متفقون على الإيمان بالله، وعلى توحيده. ابن جزي:1/400.
﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَٰهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٨﴾] لأن أحداً لا ينجو إلا برحمة الله تعالى، وإن كانت له أعمال صالحة. القرطبي:11/146.
﴿ فَإِن تَوَلَّوْا۟ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِۦٓ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٧﴾] (ولا تضرونه شيئاً): بتوليكم وإعراضكم؛ إنما تضرون أنفسكم، وقيل: لا تنقصونه شيئاً إذا أهلككم؛ لأن وجودكم وعدمه عنده سواء. البغوي:2/409.
﴿ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌۢ بِنَاصِيَتِهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٦﴾] أي: نفس تدب على الأرض..... (إلا هو آخذ بناصيتها) أي: يصرفها كيف يشاء، ويمنعها مما يشاء. القرطبي:11/143.
﴿ ۖ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ ﴿٥٥﴾ إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌۢ بِنَاصِيَتِهَآ ۚ إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٥٥﴾] وهذا القول مع كثرة الأعداء يدل على كمال الثقة بنصر الله تعالى. القرطبي:11/143.
﴿ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٠﴾ وَٱمْرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ ﴾ [سورة هود آية:﴿٧٠﴾] إنا أرسلنا إلى قوم لوط؛ لنهلكهم، فضحكت سارة استبشاراً بهلاكهم؛ لكثرة فسادهم، وغلظ كفرهم وعنادهم. ابن كثير:2/433.
﴿ فَلَمَّا رَءَآ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا۟ لَا تَخَفْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٧٠﴾] قال قتادة: وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير، وإنما جاء بشر. البغوي:2/412.
﴿ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴾ [سورة هود آية:﴿٦٩﴾] في هذه الآية من أدب الضيف أن يعجل قراه، فيقدم الموجود الميسر في الحال، ثم يتبعه بغيره إن كان له جِدة، ولا يتكلف ما يضر به. القرطبي:11/159.
الكلم الطيب