الدنيا في السنة النبوية
قال صلى الله عليه وسلم: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء"( ) فمن هذا الحديث يتضح لنا أن الدنيا هذه لا تعدل عند الله جناح بعوضة.
ويقول الرسول صلى الله عليه و سلم: "ألا الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم"( ).
حجم الدنيا وأبعادها في الدراسات العلمية الحديثة
عظمة هذا الكون
يحتوي هذا الكون على عدد كبير من المجرات يقدر مائتي ألف مليون مجرة من أمثال مجرتنا ( درب التبانة)
وبالرغم من ذلك لا تشكل إلا أقل من 5 بالمائة من البناء الكوني، أما الـ 95 بالمائة الباقية فهي مادة مظلمة لا تُرى
وكل مجرة تحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم يمكن اعتبارها من حيث الحجم على غرار الشمس وتوابعها ومن الغبار والغازات المنتشرة بين أرجاء النجوم
ومجرتنا علي هيئة قرص مفلطح يبلغ قطره مائة ألف سنة ضوئية, ويبلغ سمكه عشر هذه القيمة ( أي عشرة آلاف من السنين الضوئية).
وتقدر السنة الضوئية بنحو9.5 مليون مليون كيلو متر.
تخيل كم يبلغ قطر مجرتنا 100000 سنة ضوئية x 9.5 مليون مليون كم = 950000 مليون مليون كم
نشأة الكون
حقيقة اكتشفت في الثلث الأول من القرن العشرين أن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب أحيانا من سرعة الضوء ( المقدرة بحوالي300000 كيلو متر في الثانية), وقد سبق القرآن الكريم كل تلك المعارف بأكثر من 13 قرنا إذ يقول الحق ( تبارك وتعالي) : والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ( الذاريات:47)
وإذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن إلي الوراء مع الزمن فإن كافة ما في الكون من صور المادة والطاقة والمكان والزمان لابد أن تلتقي في جرم واحد, انفجر بأمر من الله تعالي فنشر مختلف صور الطاقة, والمادة الأولية, للكون في كل اتجاه, ومن المواد الأولية تخلقت العناصر علي مراحل متتالية, وبدأ الكون في الاتساع, ومع اتساعه تحولت مادة الكون إلي سحابة من الدخان الذي خلقت منه الأرض وكل أجرام السماء, وما يملأ المسافات بينها من مختلف صور المادة والطاقة, وظل الكون في التمدد والتوسع منذ لحظة الانفجار العظيم إلي يومنا, وإلي أن يشاء الله.
والانسحاق الشديد هو عملية معاكسة لعملية الانفجار الكوني الكبير تماما.
وقد سبق القرآن الكريم كل تلك المعارف بالتحدث عن ذلك الانفجار سبقها بأكثر من 13 قرنا إذ يقول الحق ( تبارك وتعالي): أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ {30} الأنبياء
الأرض
الأرض هي أحد كواكب المجموعة الشمسية التسعة, وهي الثالثة بعدا عن الشمس, وتفصلها عنها مسافة تقدر بنحو 150 مليون كيلو متر , والأرض عبارة عن كوكب شبه كروي, له غلاف صخري, وتتلخص بعض أبعاده وخصائصه في النقاط التالية:
م العنصر يقدر بـ
1 متوسط قطر الأرض 12742 كيلو مترا
2 مساحة سطح الأرض 510 ملايين كيلو مترا مربعا
3 منها مساحة اليابسة 148 مليون كيلو مترا مربعا
4 أعلي ارتفاع عليها 8848 مترا
5 ومنها مساحة المسطحات المائية 362 مليون كيلو مترا مربعا
6 أعمق أعماق المحيطات 11033 مترا
7 حجم الأرض 108 ملايين كيلو مترا مكعبا
8 كتلة الأرض 6000 مليون مليون مليون طنا
إن أقرب أجرام السماء إلينا هو القمر الذي يبعد عنا في المتوسط بمسافة(383942 كيلومترا), وتقدر كتلته بنحو سبعين مليون مليون مليون طن, ويدور في مدار حول الأرض يقدر طوله بنحو2.4 مليون كيلومتر بسرعة متوسطة تقدر بنحو كيلومتر واحد في الثانية, وهي نفس سرعة دورانه حول محوره, ولذلك يري منه وجه واحد لأهل الأرض.
قام العلماء بتصوير جزء صغير من مجرتنا درب التبانة لمنطقة تسمى m13 وهي عبارة عن تجمع للنجوم يحوي أكثر من 100000 نجم، ويبعد عنا 25000 سنة ضوئية، وهذا التجمع هو واحد من 150 تجمعاً في مجرتنا. وكل نجم من هذه النجوم هو شمس كشمسنا أو أكبر منها.
وكما سبق أن الكون يحوي مئات البلايين!! وبالرغم من ذلك لا تشكل إلا أقل من 5 بالمائة من البناء الكوني، أما الـ 95 بالمائة الباقية فهي مادة مظلمة لا تُرى.
حجم الإنسان بالنسبة للكون
فإذا ما تأملنا لهذا الكون العظيم فكم سيكون حجم الإنسان بالنسبة للأرض وكم سيكون حجم الأرض بالنسبة للمجموعة الشمسية وكم سيكون حجم المجموعة الشمسية بالنسبة للمجرة وكم سيكون حجم المجرة بالنسبة للمجرات الباقية سنقول واثقين مطمئنين لقول الله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾[غافر: 57]
ولو قلنا فرضاً إن هذه المجرات الهائلة هي السماء الدنيا - السماء الأولى- أو فرضاً السموات السبع ولم يكتشف من هذا الكون الهائل المليء بالمجرات إلا أقل من 5 بالمائة من البناء الكوني، فكم تساوي هذه المجرات مع الأشياء التي لم تعرف إلى الآن بالنسبة للكرسي.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن ذلك بمثال تقريبي يبين فيه عظمة هذا الكرسي فقد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة "( )
والكرسي هو الذي بين يدي العرش فالكرسي قد وسع السماوات والأرض مع عظم السماوات ومع عظم الأرض، قال تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾[البقرة: 255]
والكرسي صغير أيضاً بالنسبة إلى العرش، كما ورد أن الكرسي نسبته إلى العرش كحلقه ملقاة بأرض فلاة.
فهذا دليل على عظم هذا الكرسي ثم عظم هذا العرش( ).
فمن هذه الأرقام نعرف عظمة هذا الكون وهذه الدنيا التي نعيش فيها ومهما تصورنا عظمتها واتساعها فهي لا تساوي جناح بعوضة كما نطق بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء
الإيمان بحقارة الدنيا مع العمل فيها.
(ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم) رواه الترمذي وحسنه.
أي: مبغوضة من الله، واستثنى: (إلا ذكر الله وما والاه) وما كان في معناه من أعمال البر والخير، ويدخل في ذلك التكسب للإنفاق على النفس والأولاد والصدقة من المال المكتسب
ومن أمثلة احتقار الدنيا
عمر رضي الله عنه -وهو أمير المؤمنين- حين قدم الشام ، قال لأمير الجيش أبي عبيدة أمين الأمة رضي الله عنهم جميعاً: اذهب بنا إلى منزلك.
من أهداف عمر رضي الله عنه حين قدم الشام أن يزور بيت أميره ليثلج صدره برؤية مظهرٍ نادرٍ
من مظاهر احتقار الدنيا الفانية
فقال أبو عبيدة: [[وما تصنع عندي؟ إن تريد إلا أن تعصر عينيك، قال: لا بد، فدخل عمر ، فلم يرَ في بيت أمير الجيش شيئاً يرد البصر، فقال: أين متاعك؟ لا أرى إلا لبداً وصحفةً وشناء، وأنت الأمير، أعندك من طعام؟ فقام أبو عبيدة إلى جونةٍ، فأخذ منها كسيرات خبزٍ يابسة وقدمها إلى أمير المؤمنين عمر ، فلم يتمالك نفسه حينما رأى ذلكم البيت الذي كأنما هجر من دهر، وذلكم الطعام الخشن، فأجهش ونشج، فقال له أبو عبيدة: قد قلت لك إن تريد إلا أن تعصر عينيك يا أمير المؤمنين، يكفينا ما يبلغ المقيل، فأجهش أخرى، وقالها في تواضع كبير من رجلٍ كبير.. غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة]]
ولا خوف على المسلم من التعلق بالدنيا إذا كان المال عنده بمثابة الدابة (سيارة مثلا) يركبها في تنقله فهو يحصل المال للحاجة ولكن القلب ليس متعلقاً بهذه الحاجة ( السيارة)، ولا ينام على ذكره، ويصحو عليه، ويراه في منامه.
يتبع