أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

الدرس[1]
إنَّ الحمد لله نحمده َ وَنَسْتَعِيْنُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوْذُ بِاللَّهِ تَعَالَىْ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِىَ الْلَّهُ تَعَالَىْ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا الَلّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ، (آل عمران: 102)﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾( النساء:1).




﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
(الأحزاب: 70،71 )
أَمَّا بَعْــــدُ .........
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلَّهِ تَعَالَي وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرِّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِهِ وَكُلْ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ الْنَّارِ الْلَّهُمَّ صَلّىِ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ
وأقول أيضًا صحيح، لأن السيرة النبوية شأنها شأن الأشياء التي نقلت إلينا عن طريق الأسانيد، ودخل فيها كثير من الأشياء التي تحتاج إلى تمحيص، فدخول الأحاديث الضعيفة، أو الأحداث التي لا أصل لها في السيرة النبوية، كدخول الأحاديث الضعيفة في وسط الأحاديث النبوية، فمثلا اشتهر بين الناس أن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب ودخل الغار أن فيه شجرة نبتت، وفيه حمامتين باضوا فعلا هذا موجود بالأسانيد بالسيرة ولكن غير صحيح.

لم يصح إسناد لحكاية الحمامتين ولا لحكاية الشجرة التي نبتت مع أنها مشتهرة جدًا ويتداولها الواعظون والكتاب إذا تناولوا هجرة النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم ، إلى غير ذلك من الأحداث التي نريد أن نجليها حتى نقف على حقيقة انتشار الدعوة الإسلامية ولما نجحت الدعوة الإسلامية في حياة النبي

فإذا علمنا ذلك زال كثير من التخبط الذي يعيش فيه الشباب الذين يتناسون حقيقة انتشار الدعوة الإسلامية، فيريد على حد قول بعضهم: نريد أن نبدأ من حيث انتهى النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم ، وهذا قول شنيع لو تدبره قائله؛ لأنه قد يؤول به إلى الكفر، هذا القول قد يؤل به إلى الكفر لكنه يقول ذلك جهلا منه؛ لأن معنى أن يبدأ من حيث انتهى كأن الرسالة ما تمت، فهو سيكمل المسيرة فكأن المسألة ممتدة لا نهاية لها، ولم تتم وهذا خطأ لو علمه قائله ما تكلم به.


إنما حياة النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم منذ أن بعثه الله تعالى حتى التحق بالرفيق الأعلى حياة يمكن أن تبدأ في كل عصر، يعني لو عاش الإنسان في بيئة جاهلة، أو لو عاش في بيئة كافرة، كأن يعيش مثلا في دولة من دول الكفر التي تمارس أشياء أفظع مما كان يمارسه أهل الجاهلية الحضارة الحديثة يفعلون أشياء العرب الجاهليون كانوا يأنفون أن تتردى بهم الحال إلى مثل ما تردى به أولئك الذين يتشدقون بالمدنية، فلم تكن مثلا تجد في العرب اللواط، اللواط هذا وهو أن يأتي الرجل الرجل، هذا ما كنت تراه في العرب لما جبلوا عليه من الأنفة والعز.

وإن كانت هذه الأنفة كانت تؤدي إلى كثير من البلايا والمصائب لكنها الحقيقة رفعت العرب إلى منزلة عظيمة، وكان هذا أحد الأسباب التي شرفها الله تعالى بأن أنزل عليها خاتمة الرسالات النبوية، فترى هنا في الحضارة هذه: لو أن رجلا مثلا ذهب إلى بلد من بلاد الكفر، كيف يمكن له أن يدعو الناس إلى الإسلام؟

لابد أن يبدأ كما بدأ النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم ، أن يبدأ بتعليمهم التوحيد، وهذا هو أس الأمر ثم بعد أن يجد منهم جلدًا وبدءوا يتجاوبون معه، يمكن أن يفرض عليهم شيئا، وهذا صريح جلي في حديث إرسال معاذ كما في الصحيحين قال: «أنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وإياك وكرائم أموالهم واتقي دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
فأنت تنظر وهؤلاء قوم أهل كتاب، بخلاف الجاهلية الأولى الجاهلية الأولى كانوا على دين إبراهيم تعالى، العرب القدماء كانوا على دين إبراهيم تعالى، ولم يكن يعرف في جزيرة العرب آنذاك لا اليهودية ولا النصرانية، لم تكن تُعرف في جزيرة العرب، وإنما كانت موجودة في أطراف اليمن آنذاك وبدءوا دخول الجزيرة العربية بعد ذلك، فكان العرب على دين إبراهيم تعالى، حتى جاء عمرو بن لحي لعنه الله.
أول من بحر البحيرة وسيب السوائب ووضع الأصنام في مكة،
عمرو بن لحي لعنه الله وكان رجلا مشهورًا عندهم بصلة الرحم ومشهورا بعتق الرقاب وبالصدقة وكانوا يعتبرونه من كبار العلماء والأولياء، حتى رحل عمرو بن لحي هذا إلى الشام، والشام هي مهد الرسالات السماوية، فلما ذهب إلى الشام وجدهم يعبدون الأصنام فاستحسن ذلك جدًا، ولأن هذه مهد الرسالات فتصور أن هذا من القربات التي يمكن أن ينقلها إلى جزيرة العرب، فهو أول من غير دين إبراهيم تعالى في جزيرة العرب: عمرو بن لحي لعنه الله فاصطحب معه من الشام هُبل،ووضعه في جوف الكعبة وصار بعد ذلك مناة، ثم جاءوا بعد ذلك باللات، ثم جاءوا بعد ذلك بالعزى، وصارت هذه هي الأصنام الرئيسية بالنسبة لأهل مكة.
جزاء عمر بن لحي:فأول من غير دين إبراهيم وغير جزيرة العرب وأدخل الأصنام فيها هو عمرو بن لحي، فما كان جزاءه وعاقبته، قال النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم كما في صحيح البخاري «لقد رأيت عمرو بن لحي يجر قُصبه في النار» القُصب: الأمعاء، «يجر قُصبه في النار فهو أول من بدل دين إبراهيم وبحر البحيرة وسيب السوائب».
المراد بالبحيرة: ذبيحة يذبحونها لطواغيتهم، وكذلك بالنسبة للسوائب إذا ولدت الناقة عشرة بطون إناث فإنهم يسيبونها لألهتهم فلا يركبونها ولا يستخدمونها ولا ترد من حمى، وكذلك المراد بالوصيلة والحام:، الوصيلة إذا ولدت الناقة أنثيين وراء بعضهم، فوصلت أنثى بأنثى فهذه لا يركبونها وينذرونها لألهتهم وكذلك الحام و هو الفحل من البقر أو من الجاموس، إذا ولدت فحلا فينذرونه لألهتهم فلا يُركب ولا يُرد من مرعى ولا يستطيع أحد أن يناله بأذى.
لذلك قال الله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [المائدة: 103]، ويقولون أن هذا مما أمرهم الله تعالى به لألهتهم،.
تلبية الجاهليين :لم يقتصر الأمر على ذلك بل بنو بيوتًا تشبه الكعبة وجعلوا لها سدنة، وكانوا يطوفون بها يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا ملكته وما ملك،مثل هذا،فهذا كان تلبية الجاهليين حول هذه الأشياء التي صنعوها تشبه الكعبة إذن لو أردنا أن نلقي ضوء على الجزيرة العربية قبل دخول الإسلام لأن هذا مهم جدًا، حتى تعرف كيف غير الإسلام هؤلاء الأجلاف، الحرب بين الأوس والخزرج ظلت أربعين سنة لأجل خلاف تافه بينهم، أربعين سنة مات فيه ألوف مؤلفة لما تنظر إلى الأوس والخزرج بعد أن دخلا في الإسلام لا تتصور أن هؤلاء هم الذين تقاتلوا قبل ذلك، كيف تحول هذا العربي الجاهلي بالإسلام وصار إنسانًا يقود الناس ولا يُقاد بعد إن كان جلفًا غبيًا لا يعرف شيئا ولا يهتدي إلى شيء.
فالحاصل بالنسبة للديانات الموجودة كان عبادة الأصنام وقلنا أن عمرو بن لحي هو الذي بدل دين إبراهيم، وأن اليهودية والنصرانية لم يكن لها وجود يؤثر في جزيرة العرب آنذاك،.




#2

افتراضي رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

العلاقات الاجتماعية في جزيرة العرب: فإذا ألقينا الضوء على العلاقات الاجتماعية في جزيرة العرب، وجدنا إن هناك طبقة الأشراف وأولئك كانوا السادة وكانوا كثيرًا ما يترفعون عن الدنايا، وكان السواد الأعظم من عامة الناس، كانوا يمارسون أشياء لا يمكن أن نسميها إلا دعارة، وضرب من المجون والخلاعة والفاحشة، تصور السيدة عائشة رضي الله عنها كما رواه أبو داود في سننه وهو حديث صحيح قالت:
أنواع النكاح في جزيرة العرب:«كان النكاح في جزيرة العرب على أربعة أنحاء –أي أربعة أنواع: النوع الأول:- النكاح الذي تعرفونه اليوم وهو أن يخطب الرجل وليته –يذهب الرجل يطلب البنت من وليها ويصدقها هذا نوع من النكاح.- النوع الثاني: أن المرأة كانت إذا طهرت يقول لها زوجها استبضعي من فلان -يرسلها إلى رجل آخر حتى يأتيها ولا يقربها حتى يرى منها الحمل وذلك رجاء نجابة الولد يهجن ، فيغير من هنا لهنا كي يكون الولد نجيبًا وينتقي أفضل الناس من جهة الشكل والجسم والشجاعة حتى يكون الولد عريقًا في النسب- ولا يأتيها ولا يقربها حتى يتأكد أنها حملت من ذلك الإنسان.- النوع الثالث: من النكاح كانت المرأة يدخل عليها العشرة كل يصيبها ما تمتنع من أحد حتى إذا حملت جاءت بهم جميعًا وقالت هو ابنك -مثلا تشير على واحد تقول هذا ولدك- فلا يستطيع أن يمتنع منها فينسب الولد إليه.
النوع الرابع :وهن البغايا اللواتي كنا يمارسن هذا الزنا فكن يضعن على بيوتهن راية حمراء لكل رجل يريد هذه الفعلة، فيدخل عليها رجال متتابعون فإذا وضعت أشارت إلى فلان أن هذا ولدك فالتقى به فلا يستطيع أن يمنعه».

هذا كان الشيء السائد في الجاهلية وما كانوا يرون به بأسا، وما كانوا يرون به غضاضة، وحديث عبد بن زمعة هذا مشهور في صحيح البخاري واختصم عليه سعد بن أبي وقاص وآخر.

فيبدوا أنهم لما يكونوا يرون أن هذه جريمة في مجتمع الجزيرة العربية، فتصور أنساب تختلط ويذهب الحق إلى غير مستحقه، هذا يحدث فوضى شنيعة في الجزيرة العربية، ويحدث تفككًا اجتماعيًا لعدم انتساب الولد إلى أب واحد، فتجد المرأة الواحدة لها أولاد هذا من فلان، وهذا من فلان، وهذا من أبيه.

والله تعالى جعل الرابطة بين أصحاب الدم تختلف عن الرابطة بين بقية الناس، وسماهم النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم سماهم الأرحام، الأرحام: أي الذين اشتركوا معك في دم واحد.

فتصور هذا المجتمع المتفكك الذي تنتشر فيه هذه الفاحشة وما دمر الإمبراطورية الرومانية وغيرها إلا النساء، وكتب أحد رجال بريطانيا مذكراته وعقد فصلا إلى أن هذه الحضارة ستزول أيضًا بالنساء حتى اليهود، اليهود أصحاب الدعايا والإعلانات هم الذين يدخلون عنصر النساء في كل شيء،يقولون هذا أفضل وهذا جذاب وهم أصحاب فكرة أن النساء هم الذين يعملون في المحال لأن هذا يكون ألطف بالنسبة للمشتري، فترى كثير من الناس يفضل المرأة عن الرجل مع أن الواقع أثبت أن المرأة لا تعمل عمل الرجل من جهة الجدوى، المرأة لا تعمل عمل الرجل وسريعة الملل بطبيعتها، الله تعالى أعطاها جلدا على شيئا لا يتجلد فيه الرجال وهو تربية الأولاد والصبر عليهم ونحو ذلك، فتجد الرجل يفضل المرأة، ويزعم أن يقولك أن المرأة بتأخذ مرتب أقل من مرتب الرجل، وهذا في الحقيقة ليس هو السبب الأصلي إنما السبب الأصلي أن تكون جذابة بالنسبة للمشتري، ولذلك مستحيل تجد مثلا رجل يقول أريد امرأة منقبة تبيع، لماذا فهذه امرأة أيضًا؟ لا هو يريد وجهها وقلما تجد رجلاً يقبل امرأة محجبة تعمل عنده في المحل، بل هو يريد أن تظهر هذه المرأة مفاتنها حتى تجذب الزبون بزعمهم. فإدخال العنصر النسائي هذا هو الذي دمر العرب وجعلهم متفككين، ودمر بعد ذلك إمبراطوريات التي تلت مثل الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية، وما هزم الحلفاء ونحو ذلك إلا بالنساء، كانت الحرب العالمية الثانية كانوا يسربون وهذا ما فعله أيضًا إلا اليهود كانوا يعطون للمرأة حقنة بحيث أن الرجل إذا أتاها تنحل أوصاله، ولذلك دمروا هتلر وجماعته مع أن هتلر كان مكتسح في بداية الأمر ولكنهم ادخلوا عنصر النساء وهذا رجل جندي ظل ستة أشهر سبعة أشهر يتدرب بعيدًا عن امرأته وبعيدًا عن المجتمع الحضاري فهو أول ما يرى المرأة فيحس بنوع من الحنين فما بالك إذا دخلت عليه المرأة ليلا في الخيمة وعرضت نفسها عليه، فكان يأتيها فلا يستطيع أن يقوم من مكانه، ولا يستطيع أن يجري ولا يفر ولا يحمل سلاحا ولا نحو ذلك وبذلك زال الحلفاء ، ألمانيا وغيرها، فالذي فعل هذه الفعلة أيضًا هم اليهود، فيقول هذا الكاتب الإنجليزي أن هذه الحضارة لا بد أن تزول لدخول عنصر النساء فيها، وأيضًا رجل نمساوي قرأت له مقالا وهو الذي فعل المستحيل لإباحة الحرية الجنسية في النمسا، حتى إذا صارت النمسا من بلاد الإباحية الأولى في العالم وراء هذا الدمار في النمسا كتب وأقر وندم على أنه طالب بهذه الحرية وطالب بعودة المرأة إلى البيت وهذا شيء غريب جدًا أن يصدر من هذا الإنسان الذي هو من ثلاثين سنة أو من خمسة وعشرين سنة طالب بحماس بالغ الحرية الجنسية، بل من ضمن ما طالب به أن يتزوج الرجل أخته، وقال هذا أيضًا من الحرية، ولا حجر، إن اشتهاها أخذها.

فتصور هذا المجتمع العربي إذا صار النكاح فيه على هذه الأنواع الفاحشة، رجل يرسل امرأته إلى رجل تستبضع منه أو امرأة يدخل عليها جماعة أو البغايا اللواتي ينصبن الرايات على البيوت، فكان هذا هو الحال العام في الجاهلية، هذا مع السكر ومع الخمر، وهذا أدعى للفاحشة، كل هذا أكيد أنه يؤثر على الحالة الاقتصادية، وكان العرب نظرًا لتفككهم الذي أشرت إليه تكثر فيهم العصابات، فلا يأمن التجار على تجارتهم ولا على أموالهم إلا في أشهر الحرم، التي هي الأشهر المعروفة كان العرب لا يأمنون على تجارتهم إلا في هذه الأشهر لأن العصابات أو هؤلاء الناس كانوا لا يقطعون الطريق ولا يؤذون أحدا في الأشهر الحرم، مع ما هم عليه من الفجور، فهم في هذه الجزئية أفضل من المسلمين الذين لا يراعون لا أشهر حرم ولا غيره ويقاتلون في كل وقت، ويستبيحون ما حرم الله تعالى، فهذا يبين لك أن التجارة كانت تنشط في عدة أشهر، وترخص في بقية العام وهذا بلا شك يؤثر على معيشة الناس اليومية فيؤدي إلى ارتفاع القوت في يوم وإلى انخفاضه في يوما آخر.

أخلاق الجاهليين:
فمع ما حكيته من انحطاطهم إلا أن بعض الأخلاق، وهذا من باب الإنصاف بعض الأخلاق الحميدة كانت موجودة في عرب الجاهلية، منها مثلا الشجاعة المنقطعة النظير وكانت هذه الشجاعة وليدة العصبيات والحرب التي كانت بين القبائل فكل إنسان كان على استعداد أن يضحي برأسه في مقابل كلمة قالها، وبعضهم قد تأخذه الشهامة وهذا أيضًا مما يُحمد لهم فيحمل حمالة بين أقوام المختصمين حتى يفض خصامهم.
وعندنا حديث في صحيح مسلم حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة في الجاهلية الحمالة: هي عبارة عن مال يغرمه رجلٌ ما في سبيل أن تتوقف مثلا الحرب أو المعركة بين قبيلتين أو بين أسرتين أو نحو ذلك، كأن يقول مثلا الأسرة تقول أنا مثلا لن أكف عن القتال حتى يدفعون لي كذا، والأسرة الأخرى تمتنع فهو يقول أنا أغرمه وأنا أدفع هذا المبلغ وكفوا عن القتال، هذا هو معنى الحمالة، فقال قبيصة تحملت حمالة في الجاهلية ما بين قبيلتين فتحمل هو المبلغ الباهظ حتى تنفض هذه المعركة فلما أسلم ابتدت القبيلة الأخرى تطالبه بهذا الدين فلم يجد عنده ما يسد به فذهب إلى النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم وقال له: أريد مالا من مال الزكاة استعين به فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «يا قبيصة اعلم أن المسألة لا تحل إلا لثلاثالحالات التي يجوز للرجل أن يسأل الناس من أموالهم: لا يجوز للإنسان أن يسأل الناس من أموالهم إلا في ثلاثة أمور فقط- الأمر الأول:رجلا تحمل حمالة فلا يستطيع أن يؤديها من ماله فهذا يحل له أن يسأل الناس ،ثانيًا: رجلا أصابته جائحة فأتت على أمواله كلهاكأن رجل مثلا شب في بيته حريق فهذا الحريق أؤدي بكل ماله فهذا يجوز له أن يسأل الناس،والثالث: رجلا أصابته فاقةيعني أصابه فقر- فيقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه –ذوي الحجا: يعني أصحاب العقول الراجحة- ثلاثة من ذوي الحجا من قومه فيشهدون أنه أصابته فاقة فهذا تحل له المسألة وما دون ذلك يا قبيصة فهو سحتٌ يأخذه صاحبه».
سحت: حرام، ما دون هذه الثلاثة هذا حرام فهذه الحمالة كانت تدفع بعض العرب أن يضحي بكل ماله في سبيل أن يفضوا نزاعا قائما بين قبيلتين، وهذا بلا شك من الأشياء المحمودة عند العرب، من أخلاق الجاهليين الكرم:أيضًا عندهم هذا الكرم المشهور حتى إن الرجل ليضحي بناقته الوحيدة التي هي قوام أسرته في سبيل ضيفٍ جاءه فيريد أن يكرمه فيذبح الناقة التي كما أقول ليس لهم إلا هي، و عندنا حاتم الطائي هذا مشهور جدًا وهو صاحب طئ ابنه عدي بن حاتم، هذا أسلم وهو صحابي أدرك النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم فسأل عن حال أبيه، سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن حال أبيه حاتم الطائي وأنه كان يعني يُطعم الطعام وكان رجلا كريما يضحي من ماله أله عند الله أجر فقال صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم : «إن أباك أراد شيئا فأدركه»، واضح من الجواب أنه ليس له عند الله شيء وأنه في النار «إن أباك أراد شيئا فأدركه» يعني أحب أن يكون كريما وأن يكون مذكورًا في الناس بالكرم فأدرك هذه الخصلة وصار الناس يتحدثون عن حاتم الطائي حتى الآن ويتحدثون عنه حتى تقوم الساعة.
«
إن أباك طلب شيئا فأدركه»، وفي الصحيح أن الثلاثة الذين تُسعر بهم النار أول ما تسعر منهم « ورجلٌ جواد أنفق ماله لأجل أن يقال جواد» حتى يقال أنه إنسان سخي، فهذا من الثلاثة الذين تُسعر بهم النار، والعياذ بالله تعالى، فحاتم الطائي بطبيعة الحال لم يكن ينفق من ماله في سبيل الله تعالى رجاء مرضاة ربه إنما لأجل أن يذكر بالكرم، وهذا أيضًا واضحٌ في عبد الله بن جدعان، وهذا كان رجلا في الجاهلية وكان على أمر عظيم من الصدقة ومن عتق الرقاب ومن صلة الرحم، فسألت السيدة عائشة النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم كما في البخاري عن عبد الله بن جدعان هذا وأنه كان بارا وكان له حسنات فقال له «هو في النار لأنه لم يقل يوما من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» إذن فكل فعل للكافر يضيع بكفره، يعني لا تُقبل حسنات الكافر أبدًا كلها تضيع لكن لأن الله حكم عدل ولا يضيع أجر من أحسن عملا فهذا قد يُصير أو يطير ذكر رجل في الدنيا، فتراه أذكر في الناس وأشهر من الصالحين.
و عندنا الكاتب الأمريكي لما كتب العظماء مائة: أعظمهم محمد صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم وترجمه بعض الصحفيين وكتب في مقدمة الكتاب أن هذه تعتبر شهادة عظيمة جدًا للنبي عليه الصلاة والسلام وللمسلمين أن يفخروا بهذا الكتاب، والحقيقة أنه ليس في الكتاب ما يمكن أن يفتخر به مسلم، لأن شهادة هذا الرجل بأن النبي عليه الصلاة والسلام هو أعظمهم نحن لا نحتاج إلى شهادة كافر، بدليل أنه لو أعجبه فعلا وراقه لأسلم، ولكنه لم يسلم.

ونحن رأينا اعتي منه وأكثر كـ مثلا كسرى وهرقل وهؤلاء الناس أثنوا على النبي صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّم ومنعهم أيضًا الكبر ونحو ذلك والسلطان في الناس من أن يسلموا فشهادتهم بالنسبة لشهادة هذا الكافر أفضل لما كانوا فيه من الذكر والصيت ومن السلطان، فعيب هذا الكتاب وهو محل الشاهد الذي أريده أنه طير أسماء بعض الناس الذين لا يستحقون على أسماء كثير من الصالحين بل الأنبياء، فمثلا وضع إسحاق نيوتن قبل عيسى بن مريم في الترتيب، والترتيب عنده له حكمة فكلما تقدمت من رقم واحد كلما كنت أعظم من المتأخر، فكيف يمكن أن يقول رجل أن إسحاق نيوتن أفضل من عيسى بن مريم؟

لأنه بنى كتابه على جزئية التأثير في الناس، فرأى أن إسحاق نيوتن في هذه المشروعات التي عملها أفضل من عيسى بن مريم الذي لم يعمل شيئا، ويضع عمر بن الخطاب مثلا رقم واحد وخمسين وقدم عليه كثير من الزناه وكثير من الفساق، ما معنى هذا الكلام؟

معناه مثلا أن رجل كعمر بن الخطاب لا يُعرف في الكرة الأرضية كما يعرف إسحاق نيوتن أو كما يعرف مثلا اينشتاين أو كما يعرف أي رجل مغني أو ممثل، فالله تعالى يعطيه ما أراده في الدنيا وليس له في الآخرة نصيب؛ لأن الله تعالى قال: ﴿
وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 35]، فهو من عدله سبحانه وتعالى أنه يعطيه الذكر في الدنيا ويصير اسمه على كل لسان، ولكن في الآخرة ليس له شيء.
فهذا عبد الله بن جدعان النبي عليه الصلاة والسلام قال: «
هو في النار لأنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين».


#3

افتراضي رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

تابعونى ان شاء الله
كل يوم بنزل درس جديد
وهحط رقم المشاركه فى الاول عشان اسهل عليكم البحث
ربنا يجمعنى واياكم فى الفردوس الاعلى

#4

افتراضي رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله
إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#5

افتراضي رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

رائع حبيبتى
جزاكى الله خيرا..
متابعة معك ان شاء الله

إظهار التوقيع
توقيع : توتى 1
#6

افتراضي رد: سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله

جزاك الله خيرا

تسلم ايدك

إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
تحميل القرآن الكريم كاملاً بصيغة (mp3) فتاة أنيقة القرآن الكريم
سيرة الشيخ محمد حسين يعقوب Nothing To Lose شخصيات وأحداث تاريخية
مختارات من الأحاديث النبوية عطور الجنه السنة النبوية الشريفة
الاحاديث القدسية الصحيحة الكاملة (ادخلوااا) ج3 فاطمة سعيد المنتدي الاسلامي العام
اسالكم الدعاء للشيخ أبو إسحاق الحويني خديجة فى قلبى مضيفة عدلات


الساعة الآن 12:00 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل