قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
[الزُّمر:53].
أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ
، وفي قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
، فهل يحلُّ ليائسٍ من رحمة الله أن يبقى على يأسه ولا يمدُّ يد النَّدم والتَّوبة إلى ربَّه؟!
: { لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجلٍ في أرض دويةٍ مهلكةٍ معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتَّى أدركه العطش ثمَّ قال: أرجع إلى مكاني الَّذي كنت فيه فأنام حتَّى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده طعامه وشرابه، فالله أشدُّ فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده } [رواه مسلم 2744].
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
[البقرة:222].
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ
[الأنفال:38].
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون َ
[آل عمران:135].
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيماً
[النِّساء:110] فلا تيأس من التَّوبة.. فإنَّك لست أوَّل من يذنب.. وتذكر دائمًا أنَّ كلَّ ابن آدم خطاء.. وأن خير الخطائين التَّوابون.. يقول الرَّسول
: { والَّذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم } [رواه مسلم:2749].
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ
[النَّحل:61]، ففي هذه الآية دليلٌ قاطعٌ على أنَّ جميع البشر يصدر منهم من المعاصي ما يوجب لهم الهلاك وإن كانت معاصيهم تتفاوت من شخصٍ إلى آخرٍ.. لكن تلك المعاصي مقارنةٌ بعظمة الله وجلاله تعدُّ موجبةً للهلاك، وهذا فيه تسليةٌ لكلِّ مذنبٍ مهما عظم ذنبه ليغتنم فرصة التَّوبة ويعود إلى الله.. ما داموا كلُّهم يستحقون العقاب لو حوسبوا.
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ
[الأعراف:156]، ولذلك حرَّم الله جلَّ وعلا على عباده اليأس منها فقال:
وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
[يوسف:87].
هذا العمل مانعًا من موانع الإجابة حتَّى لا يقطع العبد رجاءه من إجابة دعائه، ولو طالت المدَّة، فإنَّه سبحانه يحبُّ الملحين في الدُّعاء.
قال: قال رسول الله
: { يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي } [متفقٌ عليه].
قال: قال رسول الله
: { لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدُّعاء } [رواه مسلم:2735].
وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
[الأعراف:56]، فما دام العبد يلح في الدُّعاء ويطمع في الإجابة من غير قطعٍ؛ فهو قريبٌ من الإجابة، ومن أدام قرع الباب يوشك أن يفتح له
: { ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة } [رواه التِّرمذي 3479 وحسَّنه الألباني].
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَـزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ
[الحجر:21].
: { يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنَّهار. وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السَّماوات والأرض، فإنَّه لم يغض ما في يده. وقال: وكان عرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع } [رواه البخاري:7411].
يعجبه الفأل الحسن.. والمتشائم غالبًا ما يكون قد عاش لحظاتٍ عسيرةٍ.. طال معها بلاؤه.. ولقلَّة صبره يصيبه القلق والإنزعاج، وتصير نظرته للأمور كلُّها نظرةٌ خائبةٌ يشوبها تخوفٌ واحتمالٌ سيءٌ، وهذا الإنزعاج من صفات النَّفس البشريَّة.. وربما أصاب نفوس الأولياء الصَّالحين. فها هو القرآن يخبرنا عن الصَّحابة كيف ظنُّوا الله سوءًا واستيأسوا من نصره في غزوة من الغزوات،
وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا
[الأحزاب ].
: { احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنَّي فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله. وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشَّيطان } [رواه مسلم:2664].
بين الأمر بالحرص على الأمور النَّافعة في كلِّ حالٍ، والاستعانة بالله، وعدم الانقياد للعجز الَّذي هو الكسل الضَّارِّ، وبين الاستسلام للأمور الماضية النَّافذة ومشاهدة قضاء الله وقدره.
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ُ
[الطَّلاق:3]، ووعدك إن سألته بالإجابة
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
[غافر:60].
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
[الطَّلاق:2]، ووعدك إن أحسنت الظَّنَّ به أن يكون لك عند حسن ظنِّك: كما قال في الحديث القدسي: { أنا عند ظنِّ عبدي، فليظنّ بي ما شاء } [صحَّحه الألباني: 4316 في صحيح الجامع].
إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
[التَّوبة:120].
إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا
[الأنفال:70]،
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
[العنكبوت:69].
حينما أصاب صاحبه أبا بكر الحزن وهما في الغار: { لا تحزن إنَّ الله معنا } [متفقٌ عليه].
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| لا تحزن ولا تيأس | ياالله ياالله | المنتدي الاسلامي العام | 11 | 22-07-2017 08:44 AM |
| [قصص وعبر] قصة قصيرة.قصة وعبرة.لا تيأس ،هناك بدائل أفضل... | كيوت متل التوت | قصص - حكايات - روايات | 2 | 22-07-2016 09:18 PM |
| لا تيأس من حياةٍ أبكت قلبك | المتواكلة | المنتدي الاسلامي العام | 1 | 14-07-2015 07:03 AM |
| أستعن بالله ولآ تيأس ولآ تعجز ..!! | مسلمة مصرية | المنتدي الاسلامي العام | 5 | 21-12-2012 12:51 PM |
| لا تيأس مهما طال بك الكرب | رووية ورهوف | منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة | 4 | 07-09-2012 04:23 PM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع