أنهى سعيد مكالمته ووضع جواله في جيبه
والابتسامة ترتسم على وجهه ، بعد أن اتفق مع خطيبته ريم على الذهاب غـداً في نزهة إلى بعض الأماكن
وتناول الغــداء في أحـد المطاعم .
لم يرغب بتناول العشاء .....
أمسك المنبه و ضبطه على الساعة الثامنة صباحاً ،
ووضع رأسه على الوسادة وأغمض عينيه وهو يحلم
بالغد وبحبيبته و كيف سيسعدها ، ثم خلد إلى النوم .
بعد وقت قصير استيقظ سعيد على رنين جواله ..
( يا ترى من هذا المتصل في منتصف الليل ) ؟
إنه صديقه.... و الذي هو شقيق ريم أيضاً ،
يقول بصوت مرتجف: لقد توفيت ريم يا سعيد ،
تركتنا فجأة !!! ،ثم انقطع الحديث ،
وقع جوال سعيد على الأرض و لحق به سعيد .
لم يصدق ما حدث و اصطبغت الدنيا من حوله
بلون واحد .....هو الأسود.....
فريم كانت كل شيء بالنسبة له .
لم يكن بهذا الضعف أبداً ، فتح درج طاولته وأمسك مسدسه ووضعه على رأسه و بين تردد و إصرار ، انطلقت الرصاصة كالوحش لتشق طريقها في رأسه ... نهض سعيد خائفاً من سريره و هو يلتفت حوله ....
(( يا ربي ما الذي حدث ؟،
يبدو أني كنت أحلم ، الحمد لله .....
ولكن لماذا ألبس ثيابي السوداء ؟،
وما مصدر صوت البكاء الذي أسمعه من داخل
المنزل ؟؟ )) .
ركض بسرعة إلى غرفة الجلوس ،
و كانت الصدمة !....
الكل يلبس ثياباً سوداء و يبكي بحرقة، ثم تقدمت إليه أمه وضمته إلى صدرها بحنان ،
و قالت له : الحمد لله أنك استيقظت ، فمنذ وصلنا خبر وفاة ريم و أنت فاقد الوعي ....
رحمها الله يا بني ، عليك بالصبر فهذه إرادة الله .
لم يستطع تمالك نفسه ، و تساقطت دموعه من عينيه بسرعة البرق ،
لم يكن حلماً ....بل كان واقعاً .....
جلس على الكرسي ، منهكاً و محطماً و يائساً....
يقول في نفسه : ماذا أفعل الآن ؟؟
لقد كانت السبب في سعادتي و الدافع لي في هذه الحياة ، والآن تتركني هكذا..... وحيداً ؟!
لا أتصور حياتي من دونك يا ريم ، كيف سأعيش حياتي و حبيبتي تحت التراب ، كيف؟
خرج من منزله ليسير في الشوارع بلا هدى ،
كانت كل فتاة في الشارع تذكره بريم ، حتى أنه أحس برغبة بقتل كل فتاة يصادفها .....
فقد كان هناك صوت من أعماقه يناديه بأنه يجب
أن تموت كل الفتيات ، فليس من العدل أن تكون
حبيبتي تحت التراب و أنتن فوقه .
و بينما هو يسير سمع سعيد صوت منبه مرتفع ،
بحث بعينيه حوله و لكنه لم يعرف مصدر الصوت ، لابد أنني جننت !...
نعم إني أسمع صوتاً غير موجود !...
و لم يكمل كلامه حتى أحس بنفسه وكأنه يسقط من مكان مرتفع ...
استيقظ من نومه كالمجنون ، وجد نفسه على الأرض بجانب سريره و الصوت لم يكن إلا صوت المنبه في غرفته ....
فالساعة الآن الثامنة صباحاً ؟؟
(( يا ربي هل أنا أحلم ؟، هل موت ريم مجرد حلم ؟ ،لكنني استيقظت المرة الماضية و لم أكن أحلم ،
هل أحلم أم أنا مستيقظ ؟؟؟؟ ))
نهض مسرعاً من مكانه إلى المطبخ
وهو يحدث نفسه : في الحلم لا يمكن للإنسان أن يحس بطعم الأشياء في فمه ، نعم هكذا يحصل معي في أحلامي ، و أمسك بيده زجاجة العصير
وشرب منها بلهفة ثم تجمد مكانه منتظراً النتيجة ، ضحك بصوت مرتفع ، نعم إنه طعم البرتقال وأنا هذه المرة لا أحلم ، وريم بخير .
نعم لقد انتهى الكابوس المزعج .....
لبس ثيابه ، أمسك أمه و قبلها كثيراً ....
وهي طبعاً مندهشة لما يحصل ، ثم انطلق إلى حبيبته بفرح شديد كما لو كان العالم بأكمله له،
و قد أصبح لديه إحساس أن مجرد البقاء إلى جانب والدته و حبيبته يعني له كل شيء ......
يعني له .....الحياة.