
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِماً على أي شِقِّ كَانَ لله مَصْرَعِي
في شهر صفر من السنة الرابعة من الهجرة أرسلت قبيلتان من القبائل العربية المجاورة للمدينة المنورة ـ عضل والقارة ـ وافدهم إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام، ولما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حريصاً على نشر الإِسلام وإظهاره استجابة لأمر الله ـ عز وجل ـ:{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ }(المائدة من الآية: 67 )، فقد استجاب لهم وبعث لهم عشرة من أصحابه ـ وقيل سبعة ـ وكان منهم: خبيب بن عدي، مرثد بن أبي مرثد، خالد بن أبي البكير، معتب بن عبيد، عاصم بن ثابت، زيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق .. فلما وصلوا إلى مكان يُسمى الرجيع بين عسفان ومكة، أغار عليهم بنو لحيان (من هذيل) وهم قريب من مائتي مقاتل، فأحاطوا بهم، وقتلوا بعضهم وأسروا البعض الآخر، وقد عرفت هذه الحادثة المفجعة بالرجيع نسبة إلى ماء الرجيع الذي حصلت عنده، وقد سجلت فيها مواقف بطولية، ومنها موقف خبيب بن عدي ـ رضي الله عنه ـ .
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أي شِقِّ كَانَ لله مَصْرَعِي
إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي
إن أفعال الغدر مما يتميز به المشركون قديمًا وحديثًا، وينبغي أن يتنزه عنها أتباع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولنا عبرة في قصة الصحابي الجليل خبيب ـ رضي الله عنه ـ الذي ظل أسيراً حتى إذا أجمع المشركون على قتله استعار الموس من بنات الحارث، ليستحدّ فأعارته، وغفلت عن صبيٍّ لها فجلس على فخذه، ففزعت المرأة لئلا يقتله انتقاماً منهم، فقال خبيب: " أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله تعالى "، فالمسلم يعكس بخلقه الحسن وتصرفه الطيب صورة مشرقة عن دين الإسلام، فقد كان خبيب ـ رضي الله عنه ـ قادرأ على أن يقتل هذا الصبي انتقاما منهم قبل قتله لكنه لم يفعل، لأنه تربَّى في مدرسة النبوة على الوفاء وعدم الغدر، فترفع عن مقابلة الغدر بالغدر، عملاً بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) رواه الترمذي، فكسب في نفس هذه المشركة ومن نقلت الخبر إليه موقعاً عظيماً، ولذلك قالت: " والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب " .
قال الله تعالى: { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }(يونس من الآية 62: 64 )، قال الشيخ ابن باز: " من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة به، أو لإقامة حجة على أعداء الله لنصر الدين وإقامة أمر الله ـ عز وجل ـ، فهي تكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاماً عند جوعه، أو شراباً عند ظمئه لا يدرى من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام واضحة، أو غير ذلك من خوارق العادات، والميزان في ذلك أن يكون مستقيماً على الكتاب والسنة " .
في موقف خبيب ـ رضي الله عنه ـ وصلاته ركعتين قبل مقتله مشروعية صلاة ركعتين عند ذلك، ففي رواية أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ لهذه الحادثة أن خبيباً ـ رضي الله عنه ـ صلى ركعتين قبل قتله، وقال أبو هريرة: ( وكان خُبَيْبٌ هو سَنَّ لكلِّ مُسلمٍ قُتِلَ صَبْرًا ) رواه البخاري، ومعنى ( قُتِلَ صبرًا ) : قال ابن الأثير: " صبرتَ القتيل على القتل: إذا حبسته عليه لتقتله بالسيف وغيره من أنواع السلاح وسواه، وكل من قُتل أيَّ قِتلة كانت إذا لم يكن في حرب ولا على غفلة ولا غِرة فهو مقتول صبراً " .
التوقيع لا يظهر للزوار ..
التوقيع لا يظهر للزوار ..
التوقيع لا يظهر للزوار ..
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| لنتعرف على ألقاب الصحابة (( رضى الله عنهم )) | الرزان | قصص الانبياء والرسل والصحابه | 19 | 21-01-2019 07:33 PM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع