1. وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)
الله يناديهم بنفسه ليشهدوا!
الشهيد يجوز أن يكون بمعنى المشاهد، أي المبصر، أي ما منا أحدٌ يَرى الذين كنا ندعوهم شركاءك الآن، أو يكون الشهيد بمعنى الشاهد، أي ما منا أحد يشهد أنهم شركاؤك، فيكون هذا اعترافا بكذبهم في ما مضى.
2. لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49):
هذا خُلُقٌ مرتكز في نفس الإنسان والفطرة البشرية، وهو حب الاستزادة من الخير، واليأس عند نزول الشر، اليأس من زواله، واليأس أن يعقبه الخير، لكن يتم تهذيبه بوازع الإيمان.
3. وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي
هذا بجهدي وذكائي وسعيي، فأن الذي خطَّطت، وأنا الذي قدَّمت، وأنا، وأنا، وأنا حتى تُهلِكه (أنا).
4. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى
من أعظم الاغترار والجرأة على الجبار: أن تزعم أن لك مكانة خاصة عنده، وأنت لست كذلك.
5. وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51):
كلما زادت نعم الله على لعبد زاد نسيانه للشكر وإعراضه عن الذكر، والعكس عند نزل الضر، يكون إقباله على الذكر والاستعانة بالرب، وهنا تكون النعمة بلاء، والحرمان عطاء.
6. سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
السين تفيد الاستقبال، ومَنْ نزل فيهم القرآن قرءوها هكذا، ونحن نقرؤها هكذا، وستظهر كل يوم آيات جديدة تدلُّ الناس على ربهم حتى تقوم الساعة.
7. حم (1) عسق (2)
اشتهر تسميتها عند السلف «حم عسق»، وكذلك ترجمها البخاري في كتاب التفسير والترمذي في «جامعه»، وتُسمَّى «سورة عسق» بدون لفظ حم لقصد الاختصار، ولم يثبت عن النبي ﷺ شيء في تسميتها.
8. كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)
كيف قال تعالى: (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) بلفظ المضارع، والوحى إليه وإلى من قبله ماضي؟
قال الزمخشري: «قصَد بلفظ المضارع كون ذلك عادة وسُنَّة لله تعالى».
9. الله سبحانه هو الذي أوحى بالرسالات جميعها للرسل جميعهم، والرسالة لبنبوية الخاتمة ما هي إلا امتدادٌ لأمر قديم مطَّرد، يقرِّر وحدة الدين، ووحدة المنهج، ووحدة الالهدف والغاية.
10. لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4):
وأنت ليس لك فيهما شيء، وكل ما معك اليوم فهو مُعار، ومادة اختبار، نجاحك في جنة، وسقوطك فيها نار!
11. كلُّ ما في السموات وما في الأرض هو خلق الله ومُلْكُه ومِلْكُه، لذا يتصرف فيه كيف شاء، و (ما) اسمٌ موصول يفيد العموم، أي لتشمل العاقل وغير العاقل.
12. وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4):
هذا الخالق والمالك العظيم لابد أن يكون مُنَزَّهًا، فهو العَلِيُّ أي المتعالي عن الأشباه والأنداد والأمثال والأضداد، وهو العظيم في ذاته، وصفاته، وأفعاله.
13. وَهُوَ الْعَلِيُّ (4):
قال الطبري: «وهو ذو علوٍّ وارتفاع على كل شيء، والأشياء كلها دونه، لأنهم في سلطانه، جارية عليهم قدرته، ماضية فيهم مشيئته».
14. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ
أي ، تنشق كل سماء فوق التي تليها فَرَقا من عظمة الله، ولولا أن الله أمسكها لتفطَّرَت،
15. وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
من أسباب تسبيح الملائكة؟! قال القرطبي: «قيل: يتعجبون من جرأة المشركين، فيذكر التسبيح في موضع التعجب، وعن علي : أن تسبيحهم تعجب مما يرون من تعرضهم لسخط الله».
16. وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ
ما أرحم الله بنا، نقترف الذنوب ونبارز بها علام الغيوب، فيكلِّف ملائكته بالاستغفار لنا عسانا نتوب!
17. وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ
من أسماء القيامة: يوم الجمع، يجمع الله فيه الأولين والآخرين في صعيد واحد للحساب ثم الجزاء، ويجمع فيه بين المرء وعمله، وبين الجسد وروحه، وبين المرء وشكله في الخير والشر، وكل هذا لا ريب فيه إلا عند المنافقين والمعاندين.
18. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
لو شاء لجعلهم جميعا على الهدى وأدخلهم الجنة، فهو القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، لكنه خلق الدنيا للاختبار؛ مِنّا من يختار الجنة، ومِنّا من يختار النار.
19. وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ (8)
ليست المشيئة إجبارا! قال الآلوسي ما ملخصه: «أي: أنه تعالى يُدخِل في رحمته من يشاء أن يُدخِله فيها، ويدخل في عذابه من يشاء أن يدخله فيه، ولا ريب في أن مشيئته تعالى لكل من الإدخالين، تابعة لاستحقاق كل فريق لعمله».
20. وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (8)
ولم يقل: (ويدخل من يشاء في عذابه)، للإيذان بأن الإدخال في العذاب، بسبب سوء اختيار الداخلين فيه.
21. أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)
هذه مقوِّمات الولي الحق: يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير، فمن اتخذ وليا من دون الله، فهو أعمى البصيرة، مشكوك في صحة عقله أو قوة إيمانه.
22. يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)
يوسِّع رزقه على من يشاء من خلقه، فيُكثِر ماله، ويُقَتِّر على من يشاء منهم فيضيِّق عليه ويُفْقِره؛ لأنه عليم بمن يُصلِحه بسط الرزق، ومن يفسِده.
23. وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
الهادي ليس فقط الذي يهدي الطائعين للطاعة، بل هو الذي يهدي كذلك العصاة للتوبة.
24. وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ
لا تغتر بأنك مسلم أو أن الله آتاك القرآن، فقد حدث ذلك مع غيرك، فاختلفوا، فمنهم من اهتدى، ومنهم من غوى.
25. أبغض الاختلاف ما كان بعد علم، لأن العلم في هذه الحالة حُجَّة على صاحبه.
26. اختلافهم لم يكن من أجل الوصول إلى الحق، بل الدافع إليه البغي والحسد والعناد.
27. وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ:
هذه الكلمة بتأخير الحساب والعذاب إلى الآخرة، وعدم تعجيل ذلك في الدنيا.
28. وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)
قال مجاهد: «معنى ﴿من بعدهم﴾: من قبلهم، يعني من قبل مشركي مكة، وهم اليهود والنصارى».
29. فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ
لابد مع الدعوة من استقامة، ومع الأمر بالمعروف من امتثالٍ للأمر، ومع النهي عن المنكر من اجتنابٍ له.
30. ﴿نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب﴾:
«كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها». صحيح الجامع رقم: 925
يغفر الذنوب العظيمة مهما كثرت، ويشكرك على العمل القليل بالأجر الكثير مهما قلَّ.
31. قال ابن القيم:
«من علِم أن الرب شكور تنوَّع في معاملته، ومن عرف أنه واسع المغفرة تعلق بأذيال مغفرته».
32. وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28):
إذا تولاك، فيا لَسَعْدك وهَناك، فاحمده على ما له من الكمال، وما أوصل إليك من ألوان الإفضال.
33. وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ
دواب في الآرض، لكن هل هناك دوابٌّ في السماء؟! قيل: لعلها الملائكة أو الجن أو خلقا مما لا نعلمه.
34. وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)
قل لمن يستبعد أمر البعث: كما لم يتعذر على الله خلقكم، فلن يتعذَّر عليه جمعكم بعد أن تبلى أجسامكم وتتفرق في القبور أوصالكم.
35. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2)
ولم يذكر ماذا يُبيِّن هذا الكتاب، ليدل على أنه مبيِّن لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والآخرة.
36. َمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)
كل أمرٍ لا دليل عليه من عقل أو نقل، فهو باطل، كما ظهر هنا في أمر عبادة الملائكة.
37. قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
هنا أوضَحَ إبراهيم بأظهر دليل وأقصر سبيل أنهم ما أرادوا اتباع الحق والهدى، بل قصدوا اتباع الباطل والهوى.
38. فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
هذا تهديد بالانتقام من كل من شابههم في أقوالهم وأفعالهم، فليست قصص القرآن للتسالي!
39. وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26):
حكمتان لتخصيص والد إبراهيم بالذكر:
الأولى: أنها أدَلُّ على اجتناب عبادة الأصنام، بحيث لا يُتَسامَح فيها ولو مع أقرب الناس إليه.
الثانية: إبراهيم قدوة في إبطال قول المشركين عن آبائهم: ﴿وإنّا على آثارهم مهتدون﴾، فقد خالف إبراهيم أباه لأنه على باطل، فخالِفوا أيها المشركون آباءكم المبطلين.
40. وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا
41. وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)
وأخذناهم بالعذاب أي بالأشياء التي سلطها عليها كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.
42. وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62):
عداوته لا تخفى، بدأت بإخراج أبيك من الجنة، ثم توعده بإضلالك، وسحبك معه إلى النار.
يتبع