أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون



1. حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3)
2. مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ } أي: لا عبثا ولا سدى بل ليعرف العباد عظمة خالقهما ويستدلوا على كماله
أن خلقهما وبقاءهما مقدر إلى { أَجَلٍ مُسَمًّى }
هذه السماوات ستتشقق، والأرض ستزلزل، وتتبدل الارض غير الارض والسماوات.
3. قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)
أفحمهم بالأدلة العقلية المتمثلة في شهادة هذا الكون المفتوح، وبالأدلة النقلية المتمثلة في أنه لا يوجد عندهم كتاب أو ما يشبه الكتاب. يستندون إليه في استحقاق هذه الأصنام للعبادة. وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)
4. وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
لما عجزوا عن الإتيان بمثله، اتهموه بأنه ساحر، وأن ما جاء به سحر، وتلمح في الآية سرعة ردهم دون تفكر أو تأمل أو انتظار.

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)
5. وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ (11)
قال ابن كثير:
«وأما أهل السنة والجماعة، فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها».
6. وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً
7. وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا
هذه الىية تكريم لكل عربي، وتذكير له بنعمة الله عليه، حيث جعل القرآن الذي هو أجمع الكتب السماوية وآخرها بلسانه، فالأحرى أن يكون أكثر فهما له، وأكثر عملا به.
8. لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)
بيان موجز لوظيفة هذا الكتاب، ففيه ترهيب وترغيب، وخوف ورجاء، وأخبار جحيم ونعيم.
9. إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
الإيمان قول وعمل، قول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان. قال ابن القيم: «إن الإيمان قول وعمل؛ والقول قول القلب واللسان، والعمل عمل القلب والجوارح».
10. في حديث ثوبان: «استقيموا ولن تحصوا».
أي لن تقدروا على الاستقامة كلها، فسدِّدوا وقاربوا. قال أبو علي القاري:
«ولن تطيقوا أن تستقيموا حق الاستقامة، ولكن اجتهدوا في الطاعة حق الإطاعة، فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله، وفيه تنبيه نبيه على أن أحدا لا يظن بنفسه الاستقامة، ولا يتوهم أنه خرج بالكلية من صفة النفس اللوامة، فيقع في العجب والغرور اللذين هما أقبح من كل ما يترتب عليه الملامة، نسأل الله السلامة».
11. الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1)
لا قيمة لأعمال البر والمعروف من غير إيمان.
12. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)
مغفرة الذنوب هي الطريق إلى إصلاح البال، وإصلاح البال نعمة عظمى لا يحس بها إلا من وهبه الله إياها.
13. وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)
أضل أعمالهم بعكس شهداء المسلمين، حيث قال في حق الشهداء: ﴿فلن يضل أعمالهم﴾، بينما قال في موتى الكفار: ﴿وأضل أعمالهم﴾

14. كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)
أنت على الخيار، بين نعيم الجنة أو لهيب النار، وليس لك غيرهما قرار، ولا منهما فرار، واختيارك يظهر اليوم بحسب ما تقضي به الأعمار من أعمال الأبرار أو أعمال الفجار.
15. وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا (15)
ليسوا على الخيار بل يسقون بالإجبار، ومن يسقيهم هم ملائكة العذاب في النار، فهنا القهر النفسي والألم البدني.
16. إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25)
يزيِّن الشيطان للمنتكسين سوء أعمالهم، ويمدُّ في آجالهم وآمالهم، فلا يعاجَلون بعقوبة، فيتابعون في ضلالتهم.
17. من علامات الانتكاس!
قال حذيفة بن اليمان : «من أحب أن يعلَم أصابتْه الفتنة أو لا: فلينظر، فإن رأى حلالا كان يراه حراما، أو يرى حراما كان يراه حلالا، فليعلم أن قد أصابته» .
18. لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32):
أعداء الإسلام يحاربون الله لا المسلمين، فاطمئنوا، لن يضروا الله شيئا؛ سيبطل كيدهم، ويحبط تدبيرهم.
19. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ (33)
ما حدود طاعة الرسول؟!
قال ابن عاشور:
«فطاعة الرسول ﷺ التي أُمِروا بها هي امتثال ما أمر به ونهى عنه من أحكام الدين. وأما ما ليس داخلا تحت التشريع، فطاعة أمر الرسول ﷺ فيه طاعة انتصاح وأدب، ألا ترى أن بريرة لم تطع رسول الله ﷺ في مراجعة زوجها مغيث، لما علمت أنَّ أمره إياها ليس بعزم».
20. وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)
سين:
هل السيئات والكبائر تمحو الحسنات؟!
جيم:
لا، بل الحسنات تمحو السيئات، وليس العكس، إلا أن تكون سيئة رياء أو مَنٍّ، فإنها بحبط العمل، وتضيع أجره.
21. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)
بيان صريح أن الموت على الكفر يوجِب الخلود في النار.
22. فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ
قال السيوطي: قال الكيا: فيه دليل على منع مهادنة الكفار إلا عند الضرورة وتحريم ترك الجهاد إلا عند العجز.
23. فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ
قال ابن كثير:
«أي في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله ﷺ حين صده كفار قريش عن مكة ودعوه إلى الصلح، ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم ﷺ إلى ذلك».
24. وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ
سبب علوكم هو استجلابكم معية ربكم، بطاعتكم له، وعدم مخالفة أمر نبيكم.
25. وَاللَّهُ مَعَكُمْ
قال صاحب الظلال:
«والله معكم، فلستم وحدكم، إنكم في صحبة العلي الجبار القادر القهار، وهو لكم نصير حاضر معكم، يدافع عنكم، فما يكون أعداؤكم هؤلاء والله معكم؟»
26. وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)
وعد من الله بتسديد أعمال عباده وتوفيقهم للنجاح فيها، فتعبير عدم وتر الأعمال أي عدم نقصانها فيه كناية عن التوفيق فيها.
27. إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ
الحياة الدنيا لعب ولهو حين لا يكون وراءها غاية سامية، وحين تعاش لمحض اللذة المنقطعة عن منهج الله، والإيمان والتقوى وحدهما يخرجان الدنيا عن هذا الوصف وهذا العبث.
28. قال ابن عاشور:
«هذا تحذير من أن يحملهم حب لذائذ العيش على الزهادة في مقابلة العدو، ويتلو إلى مسالمته، فإن ذلك يغري العدو بهم».
29. إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)
لو سألكم كل أموالكم، لبخلتم بها، وظهرت أضغان قلوبكم بكراهية ما أمر الله به، لذا كان من لطفه ورحمته بعباده أن راعى الطبيعة البشرية وسايرها حين فرض التكاليف، وهو الأعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير.
30. هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ

31. وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ
ما تبذله اليوم إن هو إلا رصيد مدَّخر لك، ستجده في يوم أحوج ما تكون فيه إلى رصيد، يوم تُجرَّد من كل ما تملك، فلا تجد إلا هذها الرصيد المذخور، فإذا بخلت اليوم بالبذل، فإنما تبخل عن نفسك، وتخصم من رصيدك، وتضن بالمال عن ذاتك، وتغلق باب العطاء في وجهك!
32. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (2)
قال ابن كثير:
«هذا من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله ﷺ، وهو صلوات الله وسلامه عليه في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو أكمل البشر على الإطلاق وسيدهم في الدنيا والآخرة».
33. لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
هذه الأعذار المقبولة للتخلف عن الجهاد، يبسطها الله رحمة بعباده وتخفيفا عنهم

34. إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ
وكانت حميتهم أي أنهم لم يقرّوا أنه نبيّ، ولم يقرّوا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.
35. كل حمية بغير حجة هي حمية جاهلية، ومحض تعصب، قد برزت هنا؛ فقد كان المشركون يقولون: قتل محمد آباءنا وإخواننا، ثم يدخل علينا في منازلنا! والنبي ﷺ جاء معظِّما للبيت لا محاربا.
36. وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)
كان الصحابة أحق بكلمة التوحيد من كفار مكة؛ لأن الله اختارهم لدينه وصحبة نبيه، وكان الله بكل شيء عليما.
37. وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ
تعريض لطيف بأن الذين لا يطيعون الرسول ﷺ فيهم بقية من الكفر والفسوق والعصيان
38. فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8):
حب الإيمان وكراهية العصيان فضل من الله لا فضل منكم، ونعمة منه سبحانه غير متعلقة بتقواكم أو صلاحكم.
39. قال صاحب الظلال:
«واختيار الله لفريق من عباده، ليشرح صدورهم للإيمان، ويحرك قلوبهم إليه، ويزينه لهم فتهفو إليه أرواحهم، وتدرك ما فيه من جمال وخير..هذا الاختيار فضل من الله ونعمة، دونها كل فضل وكل نعمة، حتى نعمة الوجود والحياة أصلا، تبدو في حقيقتها أقل من نعمة الإيمان وأدنى».
40. وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
التعبير بقوله: ﴿وإن﴾ للإشعار بأنه لا يصح أن يقع قتال بين المؤمنين، فإن وقع على سبيل الندرة، فعلى المسلمين أن يعملوا بكل وسيلة على إزالته.
41. يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
قال الآلوسي: «أي خلقناكم من آدم وحواء، فالكل سواء في ذلك، فلا وجه للتفاخر بالنسب، كما قال الشاعر:
الناس في عالم التمثيل أكفاء ... أبوهم آدم والأم حواء».
42. وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)
أي لا ينقصكم من أجور أعمالكم شيئا، والرسالة: إن أتيتم بما يليق بضعفكم وتقصيركم من الطاعات، فالله سيؤتيكم ما يليق بجوده وكرمه من الحسنات.
43. مَنُّ العبد بعمله عقبة في طريق الجنة!
في الحديث: «لا يدخل الجنة مَنّان، ولا عاقٌّ، ولا مُدمِن خمر».
صحيح الجامع رقم: 7676
44. بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)
عن أنس  أنَّه كان مع رسول الله ﷺ جالسًا ورجل يصلِّي، ثم دعا: اللَّهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلا أنت المنَّان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال واﻹكرام، يا حي يا قيوم، فقال النبي ﷺ: «لقد دعا اللهَ باسمِه العظيم، الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أَعطى». صحيح سنن أبي داود رقم: 1342



جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

45. إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
الله لا يخفى عليه أسراركم، ولا أعمال قلوبكم، ومستقبلكم لديه مثل ماضيكم، ونياتكم كتاب مفتوح أمام علمه.

46. ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]:
قال الرازي:
«هذه السورة تُقرأ في صلاة العيد، لقوله تعالى فيها ﴿ذلك يوم الخروج﴾ [ق: 42]، وقوله تعالى: ﴿كذلك الخروج﴾ [ق: 11]، وقوله تعالى: ﴿ذلك حشر علينا يسير﴾ [ق: 44]، فإن العيد يوم الزينة، فينبغي أن لا ينسى الإنسان خروجه إلى عرصات الحساب، ولا يكون في ذلك اليوم فرحا فخورا، ولا يرتكب فسقا ولا فجورا».
47. بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)
جُبِلُوا عَلَى الْكُفْرِ، فلذلك تعَجَّبوا مما لا عجب منه، ولا شك أن الكفر يطمس فطرة العبد، فيحول الطبيعي شاذا، ويقلب الشاذ طبيعيا!

48. الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)
في الحديث:
«يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصران وأذنان يسمعان ولسان ينطق، يقول: إني وُكِّلتُ بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين». صحيح الجامع رقم: 8051
49. قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27):
أخبرك الله أن من أغواك اليوم سيتبرأ منك غدا، حتى تنفض يديك منه اليوم!
50. قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28)
قال ابن عباس: «إنهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجتهم، وردَّ عليهم قولهم».
51. مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ
لا خلف لوعده، ولا معقِّب لحكمه، بل هو كائن لا محالة، ومن كان شاكا فيه في دنياه، فسيراه واقعا حاضرا بين يديه في أخراه.
52. وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)
لا يعذب الله أحدا بغير سبب.
لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة.
لا يعذب أحدا بذنب غيره.
لا يعذب أحدا فوق ما يستحق.

53. وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)
قال ابن عاشور: «والجنة موجودة من قبل وُرود المتَّقين إليها، فإزلافها قد يكون بحشرهم للحساب بمقربة منها، كرامة لهم عن كُلْفة المسير إليها ، وقد يكون عبارة عن تيسير وصولهم إليها بوسائل غير معروفة في عادة أهل الدنيا».
54. هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)
هو من لا ينسى ذنوبه! سئل ابن عباس عن الأوّاب الحفيظ، فقال: «حفِظ ذنوبه حتى رجع عنها».
55. ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ﴾ [ق: 33]:
لا تغتر بسعة رحمة الله، واجمع في قلبك مع رجاء الرحمة جرعة خشية.
56. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)
حتى لا يدخل قلوب المؤمنين أدنى خوف أو قلق من دوام هذا النعيم الرائع، فالجنة منزَّهة عن أي مشاعر سلبية.

57. لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)
آية من ست كلمات تساوي عن مجلدات تصف نعيم الجنة، فكل ما خطر ببالك فالجنة أعلى من ذلك.
نتفع بالآيات، وهو بمنزلة البصير الذي حدَّق إلى جهة المنظور إليه، حتى رآه وتبيَّن له طريق الحق.
58. وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)
قال سعيد بن جبير: «الله تعالى قادر على أن يخلق السموات والأرض وما بينهما في لمحة ولحظة، ولكنه سبحانه خلقهن في ستة أيام؛ ليعلم عباده التثبت في الأمور والتأنى فيها».
59. وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)
المسُّ: اللَّمس، فعبَّر عن نفي أقل إصابة بالتعب، بنفي المسِّ، فتأمل في قدرة الله وعظمته.
60. فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)
زاد الصبر لا يتم تحصيله إلا بااتصال بالله، وأعظم أسبابه: الصلاة، وأشار إليها هنا بالتسبيح، وأعظم الصلوات بركة ما كان قبل طلوع الشمس (الفجر)، ووقبل غروبها (العصر).
61. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40):
صلاة الليل زاد الصابرين، ومستراح المكروبين، ,عدة السائرين في طريق رب العالمين.
62. وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40):
فيها قولان:
• قال ابن عباس ومجاهد: «هو التسبيح باللسان في أدبر الصلوات المكتوبات».
• وقال الإمام ابن جرير: «وأولى الأقوال في ذلك بالصحة قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب».
63. وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41)
قال قتادة: «قال كعب الأحبار: يأمر الله ملكا أن ينادى على صخرة بيت المقدس: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء».
64. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42)
في حديث أبي هريرة: «ما بين النفختين أربعون» صحيح الجامع رقم: 5585
ولم يصح في تحديدها شيء، وقد مال النووي والطبري والقرطبي والشوكاني والآلوسي إلى أن ما بينهما أربعون سنة.
65. إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43):
بعد الموت ستعرف مصيرك، وترى نتيجة سعيك وثمرة كدِّك في هذه الحياة.
66. نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ
قال الإمام الرازي: «تسلية لقلب النبي ﷺ والمؤمنين، وتحريض لهم على ما أُمِر به النبي ﷺ من الصبر والتسبيح، أي اشتغل بما قلناه، ولا يشغلك الشكوى إلينا، فإنا نعلم أقوالهم ونرى أعمالهم».
67. وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
لا تستطيع أن تجبر أحدا على الإيمان، فالإيمان قرار، وللبشر حرية الاختيار، وبحسب هذا يكون دخول الجنة أو النار.
68. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)
إنما يؤثِّر إنذار القرآن في الخائفين، لذا ليس كل من تُلِي عليه القرآن اتعظ.
69. من لا يخاف الوعيد لأنه لا يؤمن به لا يُذَكَّر، فمثل هذا لا تنفع فيه الذكرى.

71. أقسم الله بآيات أربعة بديعة خارقة لعادات الناس فوق ما تطيقه قدراتهم، فمن قدَرَ عليها، فهُو قادرٌ عَلى بعثِ الناس بعد الموت، لإنفاذ وعده ووعيده.
72. وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6)
كما تدين تدان، وكما تعمل ستُجازى، ومهما كان زرعك ستحصده، وسعيك ستلقاه.
73. وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7)
المحبوك في اللغة ما أُجِيد عمله، فهل رأيتم أحسن من السماء في استوائها، وقيامها بغير عمد، وانعدام خللها، وتزينها بالنجوم والكواكب.

74. ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾ (8)
اختلافكم دليل افترائكم، فمن قائل عن محمد: ساحر، وآخر يقول: مجنون، وثالث: شاعر، ولو كنتم على حق، لاتفقتم على رأي.
75. ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذاريات: 9]: أي يُصرَف عن القرآن من صرفه الله عقوبةً له على ذنوبه، وبسبب إعراضه عن ربه.
76. قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10):
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي لُعِن المرتابون، وهكذا كان معاذ  يقول في خطبته: هلك المرتابون.
77. دعاء عليهم يراد به لعنهم، إذ من لعنه الله فهو بمنزلة الهالك المقتول، فليحذر كل عاقل من التعرض لما يستحق به لعنة الله.
78. الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (11)
بعض البشر مغمورون بالأوهام، غافلون عما ينفعهم، لا يستقبلون رسائل الله ولا نداءات الآخرة، كأنهم سكارى مذهولون!
79. يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12)
ليس المهم: متى يوم الحساب؟ متى يوم الدين؟ الأهم: ماذا أعددت له؟!

80. يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (13)
أي يُحْرَقون، وهو من قولهم: فتنتُ الذهب أي أحرقتُه لأختبره، وأصل الفتنة الاختبار، فكما فتنوا المؤمنين بنار الابتلاء والإيذاء، فتنهم الله بنار العذاب.
81. وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
قال القشيري:




«أخبر عنهم أنهم- مع تهجدهم ودعائهم- يُنزِلون أنفسهم في الأسحار منزلة العاصين، فيستغفرون استصغارا لقدرهم، واستحقارا لفعلهم».

82. نالوا شرف عبادتين: القيام والاستغفار!
قال الحسن: «مدوا الصلاة من أول الليل إلى السحر، ثم استغفروا في السَّحَر».
83. وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
المراد بالحق هنا غير الزكاة من الصدقات، وهذا يناسب وصف حال المحسنين الذين بذلوا بعد الزكاة الصدقات، ولأن السورة مكية، والزكاة إنما فرضت في السنة الثانية من الهجرة.

84. هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
إشارة إلى الملائكة المكرمين لأنهم كذلك عند الله، أو إشارة إلى إكرام إبراهيم لهم.
85. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)
قال صاحب الكشاف: «أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام، أو أراد أنهم ليسوا من معارفه، أو من جنس الناس الذين عهدهم، أو رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالا لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون فعرِّفوني من أنتم».
86. فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)
من آداب الضيافة!
قال القاسمي: «ذهب إليهم خفية من ضيوفه، ومن أدب المضيف أن يُخفِي أمره، وأن يبادر بالقِرى من غير أن يشعر به الضيف؛ حذرا من أن يكفَّه ويعذره».
87. فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)
بعجلٍ سمين لا هزيل، يعلِّمك أن تقدِّم لضيوفك أغلى ما تملك.
88. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27)
خمسة من آداب الضيافة! قال ابن كثير: «وهذه الآيات انتظمت آداب الضيافة:
• فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة.
• ولم يمتن عليهم أولا فقال: نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء.
• وأتى بأفضل ما وجد من ماله، وهو عجل سمين مشوى.
• فقرَّبه إليهم، لم يضعه وقال: اقتربوا، بل وضعه بين أيديهم.
• ولم يأمرهم أمرا يشق على سامعه بصيغة الجزم، بل قال: ﴿أَلا تَأْكُلُونَ﴾ على سبيل العرض والتلطف، كما يقول القائل اليوم: إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق، فافعل».



يتبع


جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون



#2

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

جزاكي الله خيرا

إظهار التوقيع
توقيع : دوما لك الحمد
#3

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

بارك الله فيكي
إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#4

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

زادكم الله نوراً في القلب وضياء ًفي الوجه وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وجعلنا الله واياكم من الذاكرين والمستغفرين "وغفر الله لنا ولكم ولوالدينا

#5

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون


89. ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأحقاف: 10]: تكررت هذه العبارة في القرآن بهذه الصيغة المؤكدة 4 مرات، فالظالم محروم من الهداية الربانية كعقوبة مستحقة على ظلمه، وهي أشد العقوبات.
90. ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأحقاف: 15]: التوبة خير ما يتقدَّم الدعاء، ومن أراد صلاح ذريته، فليتب من ذنوبه أولا.
91. ﴿قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ [الأحقاف: 15]: أي ألهمني ووفِّقني، فلولا توفيق الله ما شكره أحد، ولولا عونه ما أطاعه منهم أحد.
92. ﴿قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾ [الأحقاف: 15]: من برِّ الوالدين أن تشكر الله على النعم التي أنعم بها على والديك !
93. ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 25]: دمرتهم لإجرامهم، وتدمِّر مِنْ ورائهم كلَّ مجرم، فسبب التدمير الإجرام، وهو تحذير باقٍ لأصحاب العقول والأفهام.
94. ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [الأحقاف: 29]: جلسة قرآنية واحدة مع إصغاء كانت سبب تحطيم سنوات طويلة من الضلالة والإغواء، فعليكم بمجالس القرآن!
95. ﴿قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]: تأدبوا مع كلام ربهم بالإنصات، فكافأهم الله بأن وفَّقهم لأشرف المهام، وهي الدعوة إليه، لأن الحسنات ولود.
96. ﴿ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ﴾ [الأحقاف: 29]: فيه فضل التذكير بالخير، والتواصي بالحق بين الإخوان.
97. ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]: أوْلى الناس بدعوتك هم أهلك وعشيرتك.
98. ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]: زكاة العلم تبليغه، وشكر نعمة الهداية أن تُهدِيَ منها إلى غيرك.
99. ﴿فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا﴾ [الأحقاف: 29]: لا تأخير في البلاغ، ولا كسل في نشر الخير، ألا تغار من الجن أيها الإنسي!.
100. ﴿ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]: هل انتفعت بما سمعت اليوم من كتاب الله؟! من علامات انتفاعك ابتداؤك فورا في تبليغ ما سمعت.


رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون



101. ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]: نحتاج دائما إلى مثالٍ للاقتداء، ولذا فحين أمر الله رسوله بالصبر أرشده أن يصبر كما صبر هؤلاء العظماء.
102. ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنْ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ [الأحقاف: 35]: الصبر ضد الاستعجال، فبالصبر تتحقق الغايات، وبالاستعجال تيأس القلوب وتنقطع عن المواصلة.
103. ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ [محمد: 4]: للظالم دور مرسوم: يختبر الله به المظلوم؛ ليرى صبره، فإن نجح في الاختبار كافأه الله على صبره بالنصر المحتوم.
104. ﴿وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ﴾ [محمد: 5]: راحة بال الشهداء! قال البقاعي: «أي موضع فكرهم، فيجعله مهيأً لكل خير، بعيداً عن كل شر، آمناً من المخاوف، مطمئنا بالإيمان بما فيه من السكينة، فإذا قُتِل أحد في سبيله تولى سبحانه وتعالى ورثته بأحسن مِنْ تولي المقتول لو كان حياً».
105. ﴿وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: 6]: في صحيح البخاري: «فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا».
106. ﴿وَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: 6]: قال مجاهد: «يمشي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وما قسم الله عز وجل لهم فيها، لا يخطئون شيئا منها، كأنهم ساكنوها منذ خُلِقوا، لا يستدِلون عليها أحدا».
107. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]: لا يتأخر نصر الله إلا إذا تأخر نصر العبد لربه على نفسه، وذلك بطاعة أوامره واجتناب نواهيه.
108. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 9]: كراهية بعض ما أنزل الله من أحكام كفيل بإحباط الأعمال، وهنا تبرز خطورة عمل القلب!
109. ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [محمد: 10]: قال ابن القيم: «وكذلك كل موضع أمر الله سبحانه فيه بالسير في الأرض، سواء كان السير الحسي على الأقدام والدواب، أو السير المعنوي بالتفكر والاعتبار».
110. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ [محمد: 12]: قال البقاعي: فأنساهم دخولهم (الجنة) غصص ما كانوا فيه في الدنيا من نكد العيش ومعاناة الشدائد، وضَموا نعيمها إلى ما كانوا فيه في الدنيا من نعيم الوصلة بالله، ثم لا يحصل لهم كدرٌ ما أصلاً، وهي مأواهم لا يبغون عنها حولاً، وهذا في نظير ما زُوِي عنهم من الدنيا، وضيَّق فيها عيشهم نفاسة منهم عنها حتى فرَّغهم لخدمته، وألزمهم حضرته حبا لهم، وتشريفا لمقاديرهم».



101. ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد: 12]: لم كان الكفار أسوأ حالا من الأنعام؟! لأنهم تساوَوا مع الأنعام في الطعام، لكن زادوا عليهم في العذاب، فإن الأنعام غدا تتحول إلى تراب وهم يعذَّبون.
102. ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ﴾ [محمد: 12]: قال الشيخ عبد القادر الجيلاني لغلامه: «ياغلام: لا يكن همك ما تأكل وما تشرب، وما تلبس وما تنكح، وما تسكن وما تجمع، كلُّ هذا همُّ النفس والطبع، فأين همُّ القلب، همُّك ما أهمك، فليكن همك ربك عز وجل وما عنده».
103. ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ﴾ [محمد: 12]: من ثواب الهدى الهدى بعده، ولذا جاء في بعض الآثار: «من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم».
104. ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ﴾ [محمد: 12]: الربُّ شكور، طلبوا الهدىٰ فأعطاهم الله ما طلبوا و زيادة.
105. ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]: سئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال:
ألم تسمع قوله حين بدأ به: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾، فأمر بالعمل بعد العلم، وقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ إلى قوله: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ ﴾ [الحديد: 21 - 20].
وقال: ﴿واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ [الأنفال: 28]، ثم قال بعدها: ﴿فاحذروهم﴾ [التغابن: 14].
106. وقال تعالى: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه﴾ [الأنفال: 41]، ثم أمر بالعمل بعد».
107. ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]: ذكر القرطبي وجوها خمسة في استغفار النبي ﷺ:
الأول: يعني استغفر الله أن يقع منك ذنب.
الثاني: استغفر الله ليعصمك من الذنوب.
الثالث: أمره بالثبات على الإيمان، أي اثبت على ما أنت عليه من التوحيد والإخلاص والحذر عما تحتاج معه إلى استغفار.
الرابع: الخطاب له والمراد به الأمة.
الخامس: كان عليه السلام يضيق صدره من كفر الكفار والمنافقين، فنزلت هذه الآية.
108. ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ﴾ [محمد: 21]: الصدق لا يأتي إلا بخير.
109. ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ﴾ [محمد: 21]: قال ابن القيم: «وَمن صدق الله فِي جَمِيع أُمُوره صنع الله له فَوق مَا يصنع لغيره».
110. ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]: قال ابن عاشور: «وفي الآية إشعار بأن الفساد في الأرض وقطيعة الأرحام من شعار أهل الكفر، فهما جُرْمان كبيران يجب على المؤمنين اجتنابهما».

#6

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون



111-﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد: 22]: إن توليتم عن الجهاد ولم تقوموا به عمَّ الفساد الأرض وقُطِّعت الأرحام.
قال قتادة: «كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله؟! ألم يسفكوا الدم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرحمن؟».
قال البقاعي: «وقد عُلِم من هذا أن من أمر بالمعروف وجاهد أهل المنكر أمِن الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم، ومن تركه وقع فيهما».
الخطاب هنا للمنافقين: إن كنتم توليتم عن الجهاد بذريعة أن فيه إفسادا وقطع أرحام، لكون الكفار أقاربكم، فلا يُتوقَّع منكم إلا أن تفسدوا في الأرض بعدم معونة أهل الإسلام، فإن لم تعينوهم قطعتم ما بينكم وبينهم من أرحام.
112. ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]: قال ابن القيم: «فلو رُفِعَت الأقفال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن، واستنارت فيها مصابيح الإيمان».
كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «ثَوِّروا القرآن». أي: استخرجوا منه كنوزه بالتدبُّر.
قرأها قارئ عند عمر رضي الله عنه، فقال شاب عنده: اللهم عليها أقفالها، وبيدك مفاتيحها لا يفتحها سواك، فأُعجب بها عمر واستعان به.
. ﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]: ولم يقل: (أم على قلوبهم)، وأراد بذلك العموم، والمعنى: أي قلوب هؤلاء وقلوب أمثالهم، فأي قلب لا يستمع لكتاب الله، ولا يعيه، ولا يتدبره، فعلى قلبه قفل.
. ﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]: ولم يقل: (أقفال)، وكأن كل قلب من قلوب هؤلاء المنافقين عليه قفل خاصٌّ يناسبه ويحكم إغلاقه.
. ﴿ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]: قيل لحكيم: ألا تعظ فلانًا، فقال: ذلك على قلبه قفل ضاع مفتاحه، فلا سبيل إلى معالجة فتحه.
. ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]: ما الفارق بين الران والطبع والقفل؟ قال مجاهد: «الران أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الإقفال، والإقفال أشد ذلك كله».
113. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾ [محمد: 26]: قال المنافقون ذلك لليهود، فالمنافقون دائما طابور خامس لأعداء الله ومنهم اليهود، ويطيعون أوامر اليهود في الكيد والتآمر على الإسلام وأهله.
114. ﴿فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ ﴾ [محمد: 27]: قال ابن عباس: «لا يُتوَفَّى أحد على معصية إلا بضرب شديد لوجهه وقفاه».
115. ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ [محمد: 29]: قال عثمان رضي الله عنه: «ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله عز وجل على صفحات وجهه وفلتات لسانه»، وقال ابن عقيل في الفنون: وقلَّ أن يضمر مضمِرٌ شيئا إلا وظهر مع الزمان على فلتات لسانه وصفحات وجهه».
قال عثمان رضي الله عنه: «لو أنَّ عبدًا دخل بيتًا في جوف بيتٍ فأدمن هناك عملًا، أوشك الناس أن يتحدَّثوا به، وما من عاملٍ يعمل إلا كساه الله رداء عمله؛ إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشرٌّ».
116. ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: 30]: المنافق مفضوح بفلتات لسانه وزلات قلمه.
117. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد: 31]: قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبتلينا، فإنك إذا بلوتنا فضحتنا، وهتكت أستارنا.
. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ [محمد: 31]: لابد للمحبوب من اختبار المحب، ولابد مع كل قول من تمحيص الصدق، وإلا كثر المدَّعون، وتزاحم على الغنيمة المنافقون!

118. ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ﴾ [الفتح: 1]: قال الزهري: «لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام في قلوبهم، أسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام ».
119. ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الفتح: 4]: قال الرازي: «والسكينة: الثقة بوعد الله، والصبر على حكم الله، بل السكينة معين يجمع فوزاً وقوة وروحاً، يسكن إليه الخائف، ويتسلى به الحزين، وأثر هذه السكينة الوقار والخشوع وظهور الحزم في الأمور».



رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون



120. ﴿لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ﴾ [الفتح: 4]: أخذ العلماء من هذه الآية وأمثالها أن الإيمان يزيد وينقص. قال الإمام النووي وغيره: «إن الايمان بمعنى التصديق القلبي، يزيد وينقص أيضا بكثرة النظر، ووضوح الأدلة».
121. ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾ [الفتح: 6]: قال ابن عاشور: «والابتداء بذكر المنافقين في التعذيب قبل المشركين لتنبيه المسلمين بأن كفر المنافقين خفي، فربما غفل المسلمون عن هذا الفريق أو نسوه».
122. ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ [الفتح: 6]: من ظن أن الله لن ينصر دينه ولن يكتب لجنده العاقبة وأنهم يُستأصلون، فهو داخل تحت مظلة هذه الآية، وقد توعَّده الله بأن ما ظنَّ وقوعه بالمؤمنين سيقع به ودائر عليه.
. ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ [الفتح: 6]: وهذا عكس حال المؤمن! قال سيد قطب: «فالقلب المؤمن حسن الظن بربه، يتوقع منه الخير دائما، يتوقع منه الخير في السراء والضراء، ويؤمن بأن الله يريد به الخير في الحالين».
123. ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾ [الفتح: 9]: قال سهل التستري: «أي تعظِّموه غاية التعظيم في قلوبكم، وتطيعوه بأبدانكم، ولهذا سمى التعزير تعزيراً لأنه أكبر التأديب».
124. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الفتح: 10]: محظوظون ومحروم واحد! روى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه سئل: كم كان عددكم يوم الحديبية؟ قال: كنا أربع عشرة مائة، فبايعنا الرسول ﷺ على أن لا نفر- سوى الجد بن قيس فإنه اختفى تحت بطن بعيره، ولم يُسرِع مع القوم.
125. ﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا﴾ [الفتح: 11]: مهما كانت ارتباطاتك، فلا يشغلك عن ذكر الله شيء، فإن هذا علامة شؤم وحرمان وطرد وخذلان!
126. ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ﴾ [الفتح: 15]: قال ابن جزي:
«أي يريدون أن يبدِّلوا وعد الله لأهل الحديبية، وذلك أن الله وعدهم أن يعوِّضهم من غنيمة مكة غنيمةَ خيبر وفتحها، وأن يكون ذلك مختصا بهم دون غيرهم، وأراد المخلَّفون أن يشاركوهم في ذلك، فهذا هو ما أرادوا من التبديل».
127. ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا، بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الفتح: 15]: فسيقولون بعد أن منعتهم من الخروج معك إلى خيبر، تنفيذا لحكم الله: إنما تمنعوننا من الخروج لأنكم تحسدوننا، وتريدون حرماننا من نصيبنا في الغنيمة، والله لم يأمركم بهذا.
128. ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح: 16]: والقوم هم قبائل هوازن وثقيف الذين التقى بهم المسلمون في حنين بعد فتح مكة، وهذه الآية طمأنة للمخلَّفين بأنهم سينالون مغانم في غزوات آتية ليعلموا أن حرمانهم من الخروج إلى خيبر حرمان خاص بواقعة معينة، ووعدهم الله بالعوِض ليزيل عنهم آلام الانكسار من جراء الحرمان، وقد تحقق ذلك العوض حين خرجوا إلى حنين، وحسن إسلام كثير منهم.
129. ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 18]: لو علم الله في قلبك رضا وتسليما ويقينا، لأفاض عليك من وابل سكينته ما يكفيك، ويفيض على من حولك.

#7

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون


130. ﴿وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً﴾ [الفتح: 19]: قال ابن جزي: «يعني: فتح خيبر، وقيل: فتح مكة، والأول أشهر، أي جعل الله ذلك ثوابا لهم على بيعة الرضوان، زيادة على ثواب الآخرة».
131. ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾ [الفتح: 20]: كفَّ عنكم مشركي قريش ومنعهم من حربكم، بأن قذف في قلوبهم الرعب منكم، وكان هذا نصرا وفتحا بدليل قول رسول الله ﷺ: «أى والذي نفسي بيده، إنه لفتح».
132. ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً﴾ [الفتح: 21]: أرجح الأقوال أنه فتح مكة، لأنه ترتب على نقض المشركين لصلح الحديبية، وتمَّ دون قتال يُذكَر، وسلَّم الله مكة للمسلمون بأقل أنواع القتال، وهذا دليل قدرته سبحانه.
133. ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴾ [الفتح: 25 ]: أي الهدي محبوسا أن يبلغ مكان نحره، وكان الهدي سبعين بَدَنة، وجعل الله الحديبية محل النحر، ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: «نحرنا مع رسول الله ﷺ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة».
134. ﴿وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الفتح: 25]:
كانوا تسعة نفر: سبعة رجال وامرأتين، كانوا في مكة بين كفارها يكتمون إسلامهم، والوطء الدَّوس، والمراد به الإهلاك، والمعرَّة هي المكروه والأذى، والمراد بالمعرَّة هنا: تعيير الكفار للمؤمنين بقولهم: لقد قتلتم من على دينكم، والمعنى: لولا كراهة أن تقتلوا أناسا مؤمنين موجودين في مكة بين كفارها، لسلَّطكم الله على مشركي مكة فقتلتموهم.
135. ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ [الفتح: 25]: لو تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات الذين يعيشون في مكة عن كفارها وفارقوهم وخرجوا منها، لعذَّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما، فالمؤمنون كانوا سبب وقاية أهل مكة من العذاب.
136. ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الفتح: 27]: قال الآلوسي: «وفيه تعريض بأن وقوع الدخول من مشيئته تعالى لا من جلادتهم وتدبيرهم».
137. ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ [الفتح: 27]: السيما العلامة، فأثر الخشوع واضح في نور الوجه وحسن السمت، وهذا لا يكون إلا بالإخلاص والمداومة والكثرة.
رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون


138. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [الحجرات: 1]: قال السعدي: «وفي هذا النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول ﷺ، على قوله، فإنه متى استبانت سنة رسول الله ﷺ ، وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان».
139. ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾ [الحجرات: 2]: قدم ركب من بني تميم على النبي ﷺ فقال أبو بكر: أمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمِّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله هذه الآية.
140. ﴿ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 2]: نزلت في أبي بكر وعمر وهما المبشَّران بالجنة، فكيف بمن سواهما؟!
141. ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: 2]: لما نزلت هذه الآية بكى ثابت بن قيس، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أنا صيِّت وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت فيَّ، فقال له ﷺ: أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟ قال: رضيت، ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله ﷺ، ومات بعدها شهيدا.
142. ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: 2]: قيل نزلت في الأقرع بن حابس، حين نادى رسول الله ﷺ يوما من وراء الحجرات، فلم يجبه رسول الله ﷺ، فقال الأقرع:
. «إنَّ حَمدي زَيْنٌ، وإنَّ ذَمِّي شَيْنٌ»، فقال له ﷺ: «ذاك اللهُ عز وجل»، وفي رواية: «كذَبتَ .. ذاك الله»، أي: هو سبحانه الذي مدحه جميل وذمُّه قبيح، فإذا مدحك الله ارتفع قدرك، ولو سخط عليك الناس، وإذا ذمَّك الله، فلست جميلاً ولو أثنى عليك كل الخلق.
142. ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ﴾ [الحجرات: 3]: الامتحان: التجربة والاختبار، أي مرَّن الله قلوبهم للتقوى، وهي كناية عن صبرهم على التقوى وثباتهم عليها.
﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى﴾ [الحجرات: 3]: قال الآلوسي: «أو المراد ضرَب الله تعالى قلوبهم بأنواع المحن والتكاليف الشاقة لأجل التقوى، أي لتظهر ويُعلَم أنهم متقون، إذ لا تُعلَم حقيقة التقوى إلا عند المحن، والاصطبار عليها، وعلى هذا فالامتحان هو الضَّرْب بالمحن».
143. ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحجرات: 4]: قال السعدي: »أدب العبد عنوان عقله ، وأن الله مريدٌ به خيرا«.
144. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]: نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه النبي ﷺ ليقبض الزكاة من الحارث بن أبي ضرار الخزاعي، فرجع من منتصف الطريق وأتى رسول الله ﷺ قائلا له: إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي، وكان كاذبا، فنزل قول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسق ...﴾
145. ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: 6]: وفي قراءة (فتثبَّتوا)، فلا يترك أحدٌ التثبت من الأخبار إلا ندِم.
146. ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: 6]: في صحبح مسلم أن النبي ﷺ قال: «كفى بالـمرء كذبا أن يُحدِّث بكل ما سمع»، وفي حديث المغيرة بن شعبة المتفق عليه: «وكرِه لكم قيل وقال، ... ».
147. ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]: على قدر الإيمان تكون الأخوة، ولذا قال ﷺ: «ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه» . صحيح الجامع رقم: 5594
148. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ﴾ [الحجرات: 11]: قال عبد الله بن مسعود: «البلاء موكَّل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيتُ أن أُحوَّل كلبا».
. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ﴾ [الحجرات: 11]: قال ابن زيد: «لا يسخر من سَتَر الله عليه ذنوبه ممن كشفه الله، فلعل إظهار ذنوبه في الدنيا خيرٌ له في الآخرة».
149. ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]: الناس بموجب هذه الآية فريقان: تائب وظالم، ولا ثالث لهما.


يتبع



رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون

#8

افتراضي رد: جعلناه نوراً (خالد أبوشادي)الجزء السادس والعشرون


150. ﴿وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ﴾ [الحجرات: 11]: قال ابن عباس: «التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق، فنهى الله تعالى أن يُعيَّر بما سلف من عمله».
151. ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ﴾ [الحجرات: 12]: قال الآلوسي: «ويُشترَط في حرمة هذا أن يكون المظنون به ممن شوهد منه التستر والصلاح وأونِست منه الأمانة، وأما من يتعاطى الرِّيَب والمجاهرة بالخبائث، كالدخول والخروج إلى حانات الخمر وصحبة الغواني الفاجرات وإدمان النظر إلى المُرْد، فلا يحرم ظن السوء فيه».
152. ﴿وَلا تَجَسَّسُو﴾ [الحجرات: 12]: : وقرأ الحسن وابن سيرين ﴿ولا تحسَّسوا﴾، قيل: التجسس بالجيم: تتبع الظواهر، وبالحاء تتبع البواطن.
153. ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [الحجرات: 12]: قال ﷺ: «أتدرون ما الغيبة؟
قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره قيل: أفرأيت لو كان في أخي ما أقول قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه».
. ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [الحجرات: 12]: مرَّ النبي ﷺ بقبرين، فقال: «إنهما ليعذَّبان وما يعذَّبان في كبير؛ أما أحدهما فيعذَّب في البول، وأما الآخر فيعذَّب في الغيبة»
. ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ [الحجرات: 12]: قال الغزالي: «والغيبة هي الصاعقة المهلكة للطاعات، ومَثَل من يغتاب كمن ينصب منجنيقًا، فهو يرمي به حسناته شرقًا وغربًا ويمينًا وشمالًا!».
. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي ﷺ: حسبك من صفية كذا وكذا، فقال ﷺ:
«لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَتْ بماء البحر لمزجته».
ومعنى مزَجَتْه أي خالطته مخالطةً يتغيَّر بها طعم البحر كله أو ريحه لشدة قُبحِها!
154. ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12]: قال الآلوسي: «جاء الأمر أولا باجتناب الطريق التي لا تؤدي إلى العلم وهو الظن، ثم نهى ثانيا عن طلب تحقيق ذلك الظن ليصير علما بقوله: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾، ثم نهى ثالثا عن ذِكْر ذلك إذا عُلِم، فهذه أمور ثلاثة مترتبة، ظنٌّ، فعلم بالتجسس، فاغتياب».
155. ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]: عن أم هشام بنت حارثة قالت: ما أخذت ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ إلا على لسان رسول الله ﷺ، كان يقرؤها كل يوم جمعة إذا خطب الناس. قال ابن كثير: «والقصد أن رسول الله ﷺ كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار، كالعيد والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والمعاد والقيام، والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب».
156. ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]: قال الرازي:
«هذه السورة تُقرأ في صلاة العيد، لقوله تعالى فيها ﴿ذلك يوم الخروج﴾ [ق: 42]، وقوله تعالى: ﴿كذلك الخروج﴾ [ق: 11]، وقوله تعالى: ﴿ذلك حشر علينا يسير﴾ [ق: 44]، فإن العيد يوم الزينة، فينبغي أن لا ينسى الإنسان خروجه إلى عرصات الحساب، ولا يكون في ذلك اليوم فرحا فخورا، ولا يرتكب فسقا ولا فجورا».
157. ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ [ق: 3]: من الغباء أن يقارن أحدٌ العجز البشري بالعظمة الإلهية!
158. ﴿فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ﴾ [ق: 5]: قال قتادة: «في هذه الآية من ترك الحق مرج عليه أمره، والتبس عليه دينه».
159. ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ﴾ [ق: 33]: لا تغتر بسعة رحمة الله، واجمع في قلبك مع رجاء الرحمة جرعة خشية.
160. ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]: قال ابن عمر: «إن أَحَقَّ ما طهَّر الرَّجلُ لسانَه».
161. ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19]: في الصحيح أن النبي ﷺ لما تغشّاه الموت كان يمسح العرق عن جبينه ﷺ ويقول: «إن للموت لسكرات».
162. ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19]: والصديق رضي الله لما رأت عائشة سكرات الموت عليه، أرادت أن تسلِّيَه، فامتثلت قول حاتم: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى .. إذا حشجرت يوماً وضاق بها الصدر
. فقال لها الصديق وهو في السكرات: يا بنية.. لا تقولي هذا، ولكن قولي كما قال الله: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19].
. ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ [ق: 19]: استعيرت السكرة للشدة، ووجه الشبه بينهما أن كلاً منهما يُذهِب العقل، فكما أن الخمر تذهب العقل كذلك الشدة أحيانا تذهب بعقل الإنسان، ويجوز أن يُشبَّه الموت بالشراب كما قال الشاعر: الموت كأس وكلُّ الناس شاربه.
163. ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ [الذاريات: 9]: أي يُصرَف عن القرآن من صرفه الله عقوبةً له على ذنوبه، وبسبب إعراضه عن ربه.
164. ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]: قال الحسن: كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلا، وعن عبد الله بن رواحة: هجعوا قليلا ثم قاموا.
165. ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾ [الذاريات: 17]: [الذاريات: 22]: لا يشغلك طلب الرزق عن عبادتي، وفي الحديث القدسي: «يقول الله تعالى: يا ابن آدم .. تفرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسُدَّ فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا، ولم أسدَّ فقرك». صحيح الجامع رقم: 1914
166. ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ [الذاريات: 23]: قال البغوي: «كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره،



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ حياه الروح 5 شخصيات وأحداث تاريخية
جوانب من الحياة الشخصية والاجتماعية لسيف الله (خالد بن الوليد)رضي الله عنه المشتاقة الى رسول الله قصص الانبياء والرسل والصحابه
خــالـــد بن الولـــيـــد الـمـتـألـقـة شخصيات وأحداث تاريخية
[قصص مرعبة] روايه صائد الإنس كامله , قصص وروايه رعب عن الجن حياه الروح 5 قصص - حكايات - روايات
قصة (( الحمو )) الموت الـمـتـألـقـة قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 12:01 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل