أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=388002
416 2
#1

افتراضي لا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خيرٌ لكم!


لا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خيرٌ لكم!

لقد مرّت بالرّسول صلى الله عليه وسلم، عبر مسيرته في الدَّعوة إلى الله عزّ وجلّ، ابتلاءات عظيمة، لكنّي أرى أنّ أعظمها وأشدّها هو ذلك الابتلاء الّذي مسّ عرضه الشّريف، فيما يُسمّى بحادث الإفك، الّذي اهتزّ له بيت النّبوّة، فاهتزّت له المدينةُ كلّها، وفي هذا الحادث، يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] ويلفت نظرنا في هذه الآية الكريمة قوله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}! وعندئذٍ يثور هذا السؤال: كيف يكون حادث الإفك خيراً للمؤمنين؟
نحن نعلم أنّه بالنسبة للمنافقين، لم يزِدهم إلا سوءاً على سوئهم، وهذا ما قرّرته الآية الكريمة: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)}.


وحتّى بالنّسبة للمؤمنين، نحن نعلم ما عانته عائشة الصديقة رضي الله عنها، من انتشار قالة السّوء عنها، وما عاناه الرّسول صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ الصديق وأمها، والصّحابة جميعاً، طوال شهرٍ كاملٍ، ولكنّ قوله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ينقلهم بعد المعاناة إلى أفقٍ آخر، أكثر رحابةً، إذ ينهاهم عن الاعتقاد العفويّ الّذي يوسوس به الشيطانُ في النّفوس، ويجعلها تعتقد أنّ هذا الأمر شرٌّ لها، فلذا جاء قوله تعالى في هذه الآية القرآنيّة مؤكّداً بأداة الإضراب "بل"، وبصيغة الجملة الاسميّة الدّالّة على الثّبوت، لتُقرّر في نفوس المؤمنين، أنّ هذا الحدثَ، بالرّغم مما يحف به من شرّ، هو خيرٌ لهم!



إنّ هذه الآية الكريمة، تُعتبر من أعظم الأدلة على خُلُق التّفاؤل، الّذي يرسمُ منهجاً إسلاميّاً في تفسير الأحداث، وكيفيّة التّعامل معها، منهجاً يستند إلى الإيمان بالله تعالى وإلى الإيمان بالقدر.

إنّ خلُق التّفاؤل، ليس من وظيفته، أن يعود بالإنسان إلى الماضي، ليُبدّل مسار الأحداث الواقعة التي ألمّت به فعلاً، بلى إنه يعود إليها، ليمسح الآثار السّيّئة التي ترسّبت عنها في نفسه، ويُعيد بناءَ وعيه وتفكيره، ليُوجّهه إلى أفقٍ جديد! إذن، ففي هذا المنهج التّفاؤليّ، ينبغي أن نُميّز في الأحداث بين ما قد وقع فعلاً، وما لم يقع بعدُ.







والقاعدة الكبرى التي يقوم عليها هذا المنهجُ، هي قاعدة التَّمييز بين القدر الكونيّ والقدر الشّرعيّ، فالقدر الكونيّ هو ما قدّر الله وُقوعه، سواءٌ كان مُراداً يُحبّه، أو مُبغضاً ولا يُريده، أمّا القدر الشّرعيُّ فهو ما يُريده الله ويُحبّه، سواءٌ كان قد وقع أو لم يقع.
فحادث الإفك قَدَرٌ كونيٌّ، وليس قَدَراً شرعيّاً، أي إنّ الله عزّ وجلّ لا يُحبّ وُقوعه، فلماذا قدّره؟ لا شكّ أنّ الله عزّ وجلّ، إنّما قدّره لحِكَمٍ جليلة، فلذا جاء تنبيهُه لعباده المؤمنين، بأنّه -أي هذا الحدث المزلزلُ- في الحقيقة خيرٌ لهم!


وهذا مبدأٌ عامٌّ، فكلُّ قدرٍ إلهيٍّ كونيٍّ، ألمَّ بالمؤمن، فليتذكّر عنده قول الله تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ونحو هذا، وقوله سبحانه: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: من الآية19]، وليعتقد بخيريّة البلاء الّذي وقع به، متفائلاً بما سوف يعقُبُه بإذن الله من الخير العميم، إذا أخذ بالأسباب المؤدية إلى ذلك.

وكما استُثنيَ المنافقون من هذه الخيريّة، في سياق الآية الكريمة، كذلك يُشترطُ للاعتقاد بخيريّة البلاء، والتّفاؤل بناءً عليه، أن لا يكون مقروناً بوقوع معصيةٍ من المرء، بل: إنّ من وقع في المعصية، فلا ينبغي أن يتفاءل بها خيراً، ما لم يتُب منها توبة صادقة كما بين شيخ الإسلام.
على الإنسان أن يرضى بالقدر الإلهيّ الكونيّ، ويتفاءل موقناً بأنّه –لا شكّ- خيرٌ له. ومن مقتضى صدق يقينه وصحّة تفاؤله، أن يجتهد في سياق الحدثِ نفسه، على الالتزام بمقتضى ما ورد في القدر الإلهيّ الشَّرعيّ، من الأمر والنّهي ومدافعة آثار هذا القدر.



ومن أعظم ما يُعين المرءَ، على تحقيق هذه المعاني القدريّة، ويُهوِّنُ عليه المصائب: تعظيمُ الله عز وجلّ في قلب المؤمن، فإنّه يُيسّرُ له حسن التّعامل مع أقدار الله الكونيّة، والاستعانةِ عليها بأقداره الشرعيّة، الأمر الّذي يوفّق صاحبه بإذن الله إلى الحكمة والصواب، وقطع دابر كلّ الوساوس.

لا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خيرٌ لكم!




#2

افتراضي رد: لا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خيرٌ لكم!

جزاكِ الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: لا تحسبوه شرّاً لكم، بل هو خيرٌ لكم!




بارك الله فيكِ


إظهار التوقيع
توقيع : مريم 2


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
فضل شهر رمضان ,فضل شهر رمضان علينا,فضل شهر رمضان المبارك Marwa El-shazly عدلات في رمضان
لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ضــي القمــر القرآن الكريم
مالكم ربي رضاك والجنة القرآن الكريم
وما جعله الله إلا بشرى لكم / ديني ضــي القمــر القرآن الكريم
فوائد في قوله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر جويريه القرآن الكريم


الساعة الآن 02:39 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل