الفَرْعُ الأول: سُنَّةُ المغربِ القَبليَّة
يُندَبُ صلاةُ ركعتينِ قبلَ صلاةِ المغربِ ، وليستْ سُنَّةً راتبةً، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الصَّحيح ، وبعضِ الحنفيَّةِ ، والظاهريَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، وبه قال أصحابُ الحديثِ ، وطائفةٌ من السَّلفِ ، واختاره ابنُ تيميَّة ، وابنُ القيِّم ، وابنُ حجرٍ ، والصنعانيُّ ، والشوكانيُّ ، وابنُ باز , والألبانيُّ ، وابنُ عُثَيمين .
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
1- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((صَلُّوا قبلَ صَلاةِ المغربِ، قال في الثالثة: لِمَن شاء؛ كراهية أن يتَّخذها الناسُ سُنَّةً (رواه البخاري) ))
2- عن عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((بين كلِّ أذانينِ صلاةٌ)) (رواه البخاري ومسلم)
3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كان المؤذِّنُ إذا أذَّنَ قام ناسٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَبتدرونَ السَّواري حتى يخرُجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهم كذلك، يُصلُّونَ ركعتينِ قبلَ المغربِ، لم يكُن بين الأذانِ والإقامةِ شيءٌ))، وفي روايةٍ: ((إلَّا قليل)) ( رواه البخاري ومسلم) .
4- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((كنَّا بالمدينة، فإذا أذَّنَ المؤذِّنُ لصلاةِ المغربِ ابتدروا السواري فيَركعون ركعتينِ ركعتينِ، حتى إنَّ الرجُلَ الغريبَ ليدخُلُ المسجدَ فيَحسَبُ أنَّ الصلاةَ قد صُلِّيتْ؛ من كثرةِ مَن يُصلِّيهما)) ( رواه البخاري ومسلم) .
5- عن مختارِ بن فُلفُل، قال: سألتُ أنسَ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه عن التطوُّع بعدَ العصرِ؟ فقال: ((كان عُمرُ يَضرِبُ الأيدي على صلاةٍ بعد العصرِ، وكنَّا نُصلِّي على عهد النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ركعتينِ بعد غروبِ الشمسِ قبل صلاةِ المغربِ، فقلت له: أكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّاهما؟ قال: كان يرانا نُصلِّيهما، فلم يَأمُرْنا ولم يَنهَنا)) ( رواه مسلم) .
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يقرُّ إلَّا على الحقِّ الحسَن، ولا يرى مكروهًا إلَّا كَرِهه، ولا خطأً إلَّا نهى عنه .
6- عن مَرثدِ بنِ عبدِ اللهِ اليَزنيِّ، قال: أتيتُ عقبةَ بنَ عامرٍ الجهنيَّ، فقلتُ: ألَا أُعجبك من أبي تَميم؛ يركع ركعتينِ قبلَ صلاةِ المغربِ ! فقال عُقبة: ((إنَّا كنَّا نَفعلُه على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم))، قلت: فما يمنعكُ الآن؟! قال: الشُّغلُ (رواه البخاري) .
ثانيًا: مِن الآثار
عن الزهريِّ، عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: (أنَّه كان يُصلِّي ركعتينِ قبل صلاةِ المغربِ)
.
الفَرْعُ الثَّاني: سُنَّةُ المَغربِ البَعديَّة
سبَق ذِكرُها مع مسألةِ عددِ السُّننِ الرَّواتبِ، وهي ركعتان. عن عبدِ اللهِ بن شَقيقٍ رحمه الله، قال: سألتُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ عن تطوُّعه؟ فقالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي في بيتِه قبلَ الظهرِ أربعًا، ثم يخرُج فيُصلِّي بالنَّاس ثمَّ يدخُل فيُصلِّي ركعتَين، وكان يُصلِّي بالناسِ المغربَ ثم يدخُل فيُصلي ركعتَين، ويُصلِّي بالناس العِشاءَ ويَدخُلُ بيتي فيُصلِّي رَكعتينِ... وكان إذا طلَع الفجرُ صلَّى ركعتين))رواه مسلم
فعددُ السُّنَنِ الرَّواتبِ اثنتَا عَشرةَ ركعةً: ركعتانِ قبل الفجر، وأربعٌ قبل الظهر ورَكعتانِ بعدَها، وركعتانِ بعد المغربِ، وركعتانِ بعد العِشاءِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة ( ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة ، وابنِ باز ، وابنِ عُثَيمين