أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل



https://adlat.net/showthread.php?t=389381
288 0
#1

افتراضي تفسير السعدي لسورة المؤمنون من الآية 22:44



تفسير السعدي لسورة المؤمنون من الآية 22:44

۞حتى لاتكوني هاجرة للقرآن الكريم اقرئي هذا الورد اليسير
تفسير السعدي لسورة المؤمنون من الآية 22:44

تفسير السعدي لسورة المؤمنون من الآية 22:44

بســـــــــم الله الرحمن الرحيـــــــــــم

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ( 21 ) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ( 22 ) .
أي: ومن نعمه عليكم، أن سخر لكم الأنعام، الإبل والبقر، والغنم، فيها عبرة للمعتبرين، ومنافع للمنتفعين ( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا ) من لبن، يخرج من بين فرث ودم، خالص سائغ للشاربين، ( وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ ) من أصوافها، وأوبارها، وأشعارها، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ( وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) أفضل المآكل من لحم وشحم.
( وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ) أي: جعلها سفنا لكم في البر، تحملون عليها أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، كما جعل لكم السفن في البحر تحملكم، وتحمل متاعكم، قليلا [ كان ] أو كثيرا، فالذي أنعم بهذه النعم، وصنف أنواع الإحسان، وأدر علينا من خيره المدرار، هو الذي يستحق كمال الشكر، وكمال الثناء، والاجتهاد في عبوديته، وأن لا يستعان بنعمه على معاصيه.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ( 23 - 30 ) إلى آخر القصة .
وهي قوله إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ يذكر تعالى رسالة عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول رسول أرسله لأهل الأرض، فأرسله إلى قومه، وهم يعبدون الأصنام، فأمرهم بعبادة الله وحده، فقال: ( يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) أي: أخلصوا له العبادة، لأن العبادة لا تصح إلا بإخلاصها. ( مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) فيه إبطال ألوهية غير الله، وإثبات الإلهية لله تعالى، لأنه الخالق الرازق، الذي له الكمال كله، وغيره بخلاف ذلك. ( أَفَلا تَتَّقُونَ ) ما أنتم عليه من عبادة الأوثان والأصنام، التي صورت على صور قوم صالحين، فعبدوها مع الله، فاستمر على ذلك، يدعوهم سرا وجهارا، وليلا ونهارا، ألف سنة إلا خمسين عاما، وهم لا يزدادون إلا عتوا ونفورا.
فَقَالَ الْمَلأُ من قومه الأشراف والسادة المتبوعون - على وجه المعارضة لنبيهم نوح، والتحذير من اتباعه - : مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أي: ما هذا إلا بشر مثلكم، قصده حين ادعى النبوة أن يزيد عليكم فضيلة، ليكون متبوعا، وإلا فما الذي يفضله عليكم، وهو من جنسكم؟ وهذه المعارضة لا زالت موجودة في مكذبي الرسل، وقد أجاب الله عنها بجواب شاف، على ألسنة رسله كما في قوله: ( قالوا ) أي: لرسلهم إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فأخبروا أن هذا فضل الله ومنته فليس لكم أن تحجروا على الله وتمنعوه من إيصال فضله علينا
وقالوا هنا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْزَلَ مَلائِكَةً وهذه أيضا معارضة بالمشيئة باطلة فإنه وإن كان لو شاء لأنزل ملائكة فإنه حكيم رحيم حكمته ورحمته تقتضي أن يكون الرسول من جنس الآدميين لأن الملك لا قدرة لهم على مخاطبته ولا يمكن أن يكون إلا بصورة رجل ثم يعود اللبس عليهم كما كان
وقولهم مَا سَمِعْنَا بِهَذَا أي بإرسال الرسول فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ وأي حجة في عدم سماعهم إرسال رسول في آبائهم الأولين؟ لأنهم لم يحيطوا علما بما تقدم فلا يجعلوا جهلهم حجة لهم وعلى تقدير أنه لم يرسل فيهم رسولا فإما أن يكونوا على الهدى فلا حاجة لإرسال الرسول إذ ذاك وإما أن يكونوا على غيره فليحمدوا ربهم ويشكروه أن خصهم بنعمة لم تأت آباءهم ولا شعروا بها ولا يجعلوا عدم الإحسان على غيرهم سببا لكفرهم للإحسان إليهم
إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ أي مجنون فَتَرَبَّصُوا بِهِ أي انتظروا به حَتَّى حِينٍ إلى أن يأتيه الموت
وهذه الشبه التي أوردوها معارضة لنبوة نبيهم دالة على شدة كفرهم وعنادهم وعلى أنهم في غاية الجهل والضلال فإنها لا تصلح للمعارضة بوجه من الوجوه كما ذكرنا بل هي في نفسها متناقضة متعارضة فقوله مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أثبتوا أن له عقلا يكيدهم به ليعلوهم ويسودهم ويحتاج - مع هذا- أن يحذر منه لئلا يغتر به فكيف يلتئم مع قولهم إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ وهل هذا إلا من مشبه ضال منقلب عليه الأمر قصده الدفع بأي طريق اتفق له غير عالم بما يقول؟
ويأبى الله إلا أن يظهر خزي من عاداه وعادى رسله .
فلما رأى نوح أنه لا يفيدهم دعاؤه إلا فرارا قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ فاستنصر ربه عليهم غضبا لله حيث ضيعوا أمره وكذبوا رسوله وقال رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا قال تعالى: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ .
فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ عند استجابتنا له، سببا ووسيلة للنجاة، قبل وقوع أسبابه، أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ أي: السفينة بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا أي: بأمرنا لك ومعونتنا، وأنت في حفظنا وكلاءتنا بحيث نراك ونسمعك.
فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا بإرسال الطوفان الذي عذبوا به وَفَارَ التَّنُّورُ أي: فارت الأرض، وتفجرت عيونا، حتى محل النار، الذي لم تجر العادة إلا ببعده عن الماء، فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي: أدخل في الفلك من كل جنس من الحيوانات، ذكرا وأنثى، تبقى مادة النسل لسائر الحيوانات، التي اقتضت الحكمة الربانية إيجادها في الأرض، وَأَهْلَكَ أي: أدخلهم إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ كابنه، وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: لا تدعني أن أنجيهم، فإن القضاء والقدر، قد حتم أنهم مغرقون.

فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ أي: علوتم عليها، واستقلت بكم في تيار الأمواج، ولجج اليم، فاحمدوا الله على النجاة والسلامة. فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، وهذا تعليم منه له ولمن معه، أن يقولوا هذا شكرا له وحمدا على نجاتهم من القوم الظالمين في عملهم وعذابهم.
وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ أي: وبقيت عليكم نعمة أخرى، فادعوا الله فيها، وهي أن ييسر الله لكم منزلا مباركا، فاستجاب الله دعاءه، قال الله: وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ إلى أن قال: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ الآية.
إِنَّ فِي ذَلِكَ أي: في هذه القصة لآيَاتٍ تدل على أن الله وحده المعبود، وعلى أن رسوله نوحا صادق، وأن قومه كاذبون، وعلى رحمة الله بعباده، حيث حملهم في صلب أبيهم نوح، في الفلك لما غرق أهل الأرض.
والفلك أيضا من آيات الله، قال تعالى: وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ولهذا جمعها هنا لأنها تدل على عدة آيات ومطالب. ( وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ )
ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ( 31 ) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ( 32 ) وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ( 33 ) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ( 34 ) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ( 35 ) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ( 36 ) إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ( 37 ) إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ( 38 ) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ( 39 ) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ( 40 ) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 41 ) .
لما ذكر نوحا وقومه، وكيف أهلكهم قال: ( ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) الظاهر أنهم « ثمود » قوم صالح عليه السلام، لأن هذه القصة تشبه قصتهم.
( فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ ) من جنسهم، يعرفون نسبه وحسبه وصدقه، ليكون ذلك أسرع لانقيادهم، إذا كان منهم، وأبعد عن اشمئزازهم، فدعا إلى ما دعت إليه الرسل أممهم ( أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ) فكلهم اتفقوا على هذه الدعوة، وهي أول دعوة يدعون بها أممهم، الأمر بعبادة الله، والإخبار أنه المستحق لذلك، والنهي عن عبادة ما سواه، والإخبار ببطلان ذلك وفساده، ولهذا قال: ( أَفَلا تَتَّقُونَ ) ربكم، فتجتنبوا هذه الأوثان والأصنام.
( وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أي: قال الرؤساء الذين جمعوا بين الكفر والمعاندة، وأطغاهم ترفهم في الحياة الدنيا، معارضة لنبيهم، وتكذيبا وتحذيرا منه: ( مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) أي: من جنسكم ( يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) فما الذي يفضله عليكم؟ فهلا كان ملكا لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب ، ( وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ) أي: إن تبعتموه وجعلتموه لكم رئيسا، وهو مثلكم إنكم لمسلوبو العقل، نادمون على ما فعلتم. وهذا من العجب، فإن الخسارة والندامة حقيقة لمن لم يتابعه ولم ينقد له. والجهل والسفه العظيم لمن تكبر عن الانقياد لبشر، خصه الله بوحيه، وفضله برسالته، وابتلي بعبادة الشجر والحجر.
وهذا نظير قولهم: قَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ فلما أنكروا رسالته وردوها، أنكروا ما جاء به من البعث بعد الموت، والمجازاة على الأعمال فقالوا: ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ) أي بعيد بعيد ما يعدكم به من البعث بعد أن تمزقتم وكنتم ترابا وعظاما فنظروا نظرا قاصرا ورأوا هذا بالنسبة إلى قدرهم غير ممكن فقاسوا قدرة الخالق بقدرهم تعالى الله فأنكروا قدرته على إحياء الموتى وعجزوه غاية التعجيز ونسوا خلقهم أول مرة وأن الذي أنشأهم من العدم فإعادته لهم بعد البلى أهون عليه وكلاهما هين لديه فلم لا ينكرون أول خلقهم ويكابرون المحسوسات ويقولون إننا لم نزل موجودين حتى يسلم لهم إنكارهم للبعث وينتقلوا معهم إلى الاحتجاج على إثبات وجود الخالق العظيم؟
وهنا دليل آخر وهو أن الذي أحيا الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير وثم دليل آخر وهو ما أجاب به المنكرين للبعث في قوله بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ فقال في جوابهم قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ أي في البلى وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ
( إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا ) أي يموت أناس ويحيا أناس ( وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ )
إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فلهذا أتى بما أتى به من توحيد الله وإثبات المعاد فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ أي ارفعوا عنه العقوبة بالقتل وغيره احتراما له ولأنه مجنون غير مؤاخذ بما يتكلم به أي فلم يبق بزعمهم الباطل مجادلة معه لصحة ما جاء به فإنهم قد عرفوا بطلانه وإنما بقي الكلام هل يوقعون به أم لا؟ فبزعمهم أن عقولهم الرزينة اقتضت الإبقاء عليه وترك الإيقاع به مع قيام الموجب فهل فوق هذا العناد والكفر غاية؟ « ولهذا لما اشتد كفرهم ولم ينفع فيهم الإنذار دعا عليهم نبيهم فقال ( رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ) أي بإهلاكهم وخزيهم الدنيوي قبل الآخرة ( قَالَ ) الله مجيبا لدعوته ( عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ ) لا بالظلم والجور بل بالعدل وظلمهم أخذتهم الصيحة فأهلكتهم عن آخرهم .
» ( فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً ) أي هما يبسا بمنزلة غثاء السيل الملقى في جنبات الوادي وقال في الآية الأخرى إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ .
( فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) أي أتبعوا مع عذابهم البعد واللعنة والذم من العالمين . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ .
ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ ( 42 ) .
أي: ثم أنشأنا من بعد هؤلاء المكذبين المعاندين قرونا آخرين.
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ ( 43 ) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ( 44 ) .
كل أمة في وقت مسمى، وأجل محدود، لا تتقدم عنه ولا تتأخر، وأرسلنا إليهم رسلا متتابعة، لعلهم يؤمنون وينيبون، فلم يزل الكفر والتكذيب دأب الأمم العصاة، والكفرة البغاة، كلما جاء أمة رسولها كذبوه، مع أن كل رسول يأتي من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، بل مجرد دعوة الرسل وشرعهم، يدل على حقية ما جاءوا به، ( فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا ) بالهلاك، فلم يبق منهم باقية، وتعطلت مساكنهم من بعدهم ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ) يتحدث بهم من بعدهم، ويكونون عبرة للمتقين، ونكالا للمكذبين، وخزيا عليهم مقرونا بعذابهم. ( فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ ) ما أشقاهم!!. وتعسا لهم، ما أخسر صفقتهم!!.

تفسير سورة المؤمنون كاملة مسموعة




تفسير السعدي





تفسير السعدي لسورة المؤمنون من الآية 22:44








إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
تفسير السعدي من الآيــــــة(143:142)من سورة البقرة أم أمة الله القرآن الكريم
تفسير سورة الأعلى - للشيخ السعدي, تفسير سورة الاعلي من جزء عم للشيخ السعدي جنا حبيبة ماما القرآن الكريم
تفسير قوله تعالى (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ)، تفسير الآية 51 من سورة الأحزاب إشرآقـــة أمل القرآن الكريم
حصرى لعدلات تفسير سورة الملك من تصويرى2024 تفسير الجلالين لسورة الملك من تصويرى2024 ام سيف 22 القرآن الكريم
تفسير سورة التحريم ، تفسير ابن كثير للجنة اسعى❤ القرآن الكريم


الساعة الآن 06:13 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل