أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١٤﴾ ﴾ [العنكبوت آية:١٤]

﴿ فلبث فيهم ألف سنة إﻻ خمسين عاما ﴾ العام يطلق على الخصب والخير السنة تطلق على الشدة والقحط .


﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٧٣﴾ ﴾ [البقرة آية:١٧٣]

(غفور رحيم) قيل : سبب تقديم الغفور على الرحيم أن المغفرة سلامة والرحمة غنيمة ، والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة.


﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٥﴾ ﴾ [المؤمنون آية:٥]

إنّ اختيار هذا التعبير اختيارٌ عجيب، وفيه آياتٌ عظيمة لمن تدبَّر ونظر!
فلم يقل: (ممسكون) أو نحو ذلك؛ لأنّ الذي يمسك فرجه عما لا يحل يكون حافظًا لنفسه من العقاب والآفات والأمراض والأوجاع!

لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5


  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿٩﴾ ﴾ [المنافقون آية:٩]
  • ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴿٥٥﴾ ﴾ [يس آية:٥٥]

اختار لفظ (لَا تُلْهِكُمْ) ولم يقل (تشغلكم)، والحكمة في ذلك أن من الشغل ما هو محمود؛ فقد يكون شغلًا في حق، كما جاء في الحديث: «إن في الصلاة لشغلا» وكما قال تعالى: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ) (يس:٥٥)، أما الإلهاء فمما لا خير فيه؛ وهو مذموم على وجه العموم، فاختار ما هو أحق بالنهي.



  • ﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿١٢١﴾ ﴾ [النحل آية:١٢١]
  • ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴿٢٠﴾ ﴾ [لقمان آية:٢٠]
قال تعالى عن إبراهيم: (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ)، وقال: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) ، فجمع النعمة في آية النحل جمع قلة (أنعم)؛ لأن نعم الله لا تحصى، وإنما يستطيع الإنسان معرفة بعضها وشكرها وهو ما كان من إبراهيم، فذكر جمع القلة في هذا المقام، أما آية لقمان فجمعها جمع كثرة (نعمه)؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعًا.



  • ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ﴿٥٨﴾ ﴾ [النمل آية:٥٨]
  • ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴿٢٨﴾ ﴾ [الشورى آية:٢٨]
لا تجد في القرآن ذكر (المطر) إلا في موضع الانتقام والعذاب بخلاف (الغيث) الذي يذكره القرآن في الخير والرحمة؛ قال تعالى: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ)، في حين قال (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ).



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5



  • ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴿٦٩﴾ ﴾ [النساء آية:٦٩]
تَدرُّجٌ من القلة إلى الكثرة، ومن الأفضل إلى الفاضل؛ إذ قدم ذكر (الله) على (الرَّسُولَ ) ورتب السعداء من الخلق بحسب تفاضلهم كما تدرج من القلة إلى الكثرة، فبدأ بالنبيين وهم أقل الخلق عددًا، ثم الصديقين وهم أكثر، فكل صنف أكثر من الذي قبله.





  • ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴿١٠﴾ ﴾ [البلد آية:١٠]
  • ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴿٣﴾ ﴾ [الإنسان آية:٣]
  • ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴿٢٠﴾ ﴾ [عبس آية:٢٠]
اختيار كلمة (النجدين) في هذه السورة بينما في السور الأخرى جاء التعبير (إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ) و (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) وغيرها؛ لمناسبتها جو السورة، فإن سلوك النجد فيه مشقة وصعوبة؛ لما فيه من صعود وارتفاع، فهو مناسب للمكابدة والمشقة التي خلق الإنسان فيها، ومناسب لاقتحام العقبة وما فيه من مشقة وشدة.


  • ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴿٣٣﴾ ﴾ [الأنفال آية:٣٣]
صيغة الاسم تفيد الثبات والدوام وصيغة الفعل تفيد التجدد والاستمرار، ومن لطائف هذا التعبير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )، فجاء الفعل (لِيُعَذِّبَهُمْ)؛ لأن بقاء الرسول بينهم مانع مؤقت من العذاب وجاء بعده بالاسم (مُعَذِّبَهُمْ)؛ لأن الاستغفار مانع ثابت من العذاب في كل زمان.


لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5



﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٧٨﴾ ﴾ [الأعراف آية:٧٨]

﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٦٧﴾ ﴾ [هود آية:٦٧]
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) وقال: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ) ،
فحين ذكر الرجفة -وهي الزلزلة الشديدة- ذكر الدار مفردة (فِي دَارِهِمْ)، ولما ذكر الصيحة جمع الدار (فِي دِيَارِهِمْ)؛ وذلك لأن الصيحة يبلغ صوتها مساحة أكبر مما تبلغ الرجفة التي تختص بجزء من الأرض؛ فلذلك أفردها مع الرجفة وجمعها مع الصيحة.





﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣١﴾ ﴾ [الأعراف آية:١٣١]

لو تدبرت التقابل البديع في هذه الآية لوقفت خاشعًا لله!
انظر كيف عبر في جانب الحسنة بالمجيء! في حين عبر في جانب السيئة بالإصابة! لأنها تحصل فجأة من غير رغبة ولا ترقب.
وفي التعبير عن السيئة بـ(تُصِبْهُمْ) دقة؛ فالإصابة وحدها توحي بالسوء، فكيف إذا عَدَّى الإصابة بالسيئة فهو ألم فوق ألم!





﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿٢٦﴾ ﴾ [الحج آية:٢٦]

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿١٢٥﴾ ﴾ [البقرة آية:١٢٥]
قال في سورة الحج: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ)
وقال في سورة البقرة: ( أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ) ،
فلم يذكر الاعتكاف في الموضع الأول، وذلك لأنه ذكر بعده فريضة الحج والحجاج الذين يأتون من كل فج عميق، ومن هؤلاء من سيعود إلى أهليهم بعد قضاء فريضة الحج، فلا يناسب ذلك ذكر العكوف والإقامة، وإنما يناسبه القيام.



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5



﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿٨٢﴾ ﴾ [يس آية:٨٢]

﴿ أن يقول له كن فيكون ﴾

فيكون ولم يقل ثم يكون؛ للدلالة على التعقيب، وأنه يكون ما أراده مباشرة كما أمر، وليس في ذلك تراخ أو مهلة.





﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴿٢٥٥﴾ ﴾ [البقرة آية:٢٥٥]

" لا تأخذه سنةٌ ولا نوم "
قدّم السنة على النوم لأنها أسبق منه فالنعاس يسبق النوم



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5



﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴿٣١﴾ ﴾ [الكهف آية:٣١]

آية (31):
* في سورة البقرة يقول تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ (25))
وفي الكهف يقول (أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)) فما الفرق؟(د.فاضل السامرائى)
من تحتها الكلام عن الجنة (وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) البقرة)
ومن تحتهم يتكلم عن ساكني الجنة المؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) الكهف)، الكلام على الساكن، على المؤمن. إذا كان الكلام على المؤمنين يقول (من تحتهم) وإذا كان الكلام على الجنة يقول (من تحتها).



قد يقول بعض المستشرقين أن في القرآن تعارض مرة تجري من تحتها ومرة من تحتهم لكن نقول أن الأنهار تجري من تحت الجنة ومن تحت المؤمنين ليس فيها إشكال ولا تعارض ولكن الأمر مرتبط بالسياق عندما يتحدث عن المؤمنين يقول (من تحتهم). قبل آية الجنة تكلم عن المؤمنين (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) لما يكون الكلام على المؤمنين يقول (من تحتهم).وعندما يتكلم عن الجنة أكثر يقول (من تحتها).



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5








(مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) ص)

*ما دلالة استعمال الوصف (متكئين) لأهل الجنة خاصة؟(د.فاضل السامرائى)
الاتّكاء غاية الراحة كأن الانسان ليس وراءه شيء لأن الانسان لو وراءه شيء لتهيّأ له ولم يتكيء. والاتّكاء في القرآن ورد مع الطعام والشراب ومع الجلسات العائلية هذا أكثر ما ورد إلا في موطن واحد.
مثل قوله تعالى (هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57) يس) والاتكاء يحسُن في هذا الموضع. وقال تعالى (مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) ص) يرتبط الاتكاء مع الطعام والشراب وكذلك في سورة الرحمن (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)) دائمايأتى في السياق ذكر الطعام والشراب.


الآية الوحيدة التي لم تأت فيها كلمة متكئين مع الطعام والشراب هي الآية في سورة الكهف (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)). ونلاحظ في هذه السورة نجد أن الآية التي ليس فيها طعام وشراب سبقها قوله تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)) فكأنما الله تعالى يخاطب الرسول  الذي كأنه يريد القيام فصبّره الله تعالى فجاءت متكئين في الآية بعدها فكأنها مقابلة فهؤلاء المؤمنين في راحة وأراد تعالى أن يًصبّر رسوله .


فالاتكاء غاية الراحة ولهذا وًصِف به أهل الجنة ولم يأت وصفهم بالنوم لأنه لا نوم في الجنة أصلاً. ووصِفوا في القرآن بأوصاف السعادة فقط يتحادثون فيما بينهم ويتذاكرون ما كان في الدنيا والاتكاء غاية الراحة والسعادة.



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5



* في القرآن الكريم يستخدم الفعل المضارع في وصف أفعال أهل الجنة (يحلون فيها، يلبسون، يشتهون) أما في أفعال أخرى في الآخرة يستخدم الفعل الماضي فهل من لمسة بيانية في هذا الخصوص؟(د.فاضل السامرائي)



ليس دائماً لكن حسب الآية نفسها والسياق (إ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) الكهف) هذه تدل على المستقبل، (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) لما كان الكلام على المستقبل جاء بالفعل المضارع (يحلّون) يتكلم عن أمر في المستقبل. لكن في مكان آخر يستعمل الماضي مثلاً في سورة الإنسان قال (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)) لأنه قال (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)) قال جزاهم، هذا حدث في الماضي لأن الفعل الماضي أحياناً يستعمل بمعنى المستقبل للدلالة على أن هذا بمنزلة الماضي ليس فيه شك. هي أحداث مستقبلة، العرب - والقرآن بالغ فيها كثيراً - يستعملوها بمعنى الماضي بمنزلة الماضي كأن الأمر قد وقع تحقق وثبوت (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) الزمر) لم ينفخ بعد ولم يصعق (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) الحاقة) لم تحمل بعد، (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) هذا كله في المستقبل وعبّر عنه بالماضي لتحققه بمنزلة الماضي الذي وقع والذي ليس فيه شك أو بمنزلة أنه حدث (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)) (وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21)) جزاهم، تلك الكلام عن المستقبل وهنا الكلام كأنما هو عن الماضي، كل واحدة تناسب كل موقف وكل مشهد وكل حالة.



  • لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5

* نزل في القرآن الكريم (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف) أيهما أهمّ المال أو البنون؟ الواو واو عطف معطوفة على المال فهل البنون أهم أو المال؟(د.فاضل السامرائي)

  • في الزينة المال مقدّم ولذلك لما ذكر ربنا قارون قال (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ َالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ (79) القصص) ما ذكر له ابناء يتبعونه (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ (81)) ما ذكر لا بنين ولا أهل. إذا كان التعبير عن المحبة يقدم الأبناء (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ (24) التوبة) * في المحبة أخّر المال وقدّم الأولاد طبعاً المال يُترك للأولاد ورعايتهم ويُصرف لهم، قطعاً عندما يتكلم عن الزينة يقدّم المال كل واحدة في سياقها.


* آية المال والبنون (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) هل الواو حرف عطف وهل حرف العطف يهتم بأن المال أهم من البنون أو أن المال يأتي أولاً لأجل البنون؟(د.فاضل السامرائى)
الواو هنا عاطفة وهذا يدخل في باب التقديم والتأخير قدم المال على البنين هنا لأنه قال زينة الحياة الدنيا والزينة بالمال أظهر من البنين فقدم المال لأنه لما قال زينة قدم ما هو أدل على الزينة (وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ (6) الإسراء) وتقدم الأموال على الأولاد بحسب السياق. قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (14) آل عمران) هنا أخرها (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة) أخر الأموال، لما يذكر مسألة الحب الفطري يؤخر الأموال لأن الأموال تترك للأبناء يعمل ويكد ويعلم أنه ميت ويترك الأموال للأبناء. أحياناً نرى كلمة متقدمة وفي موطن آخر نراها متأخرة كما مر بنا في النفع والضر. الواو لها أغراض أخرى في اللغة غير العطف مثل واو القسم (والليل) واو الحال (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ (8) يوسف) واو الاسئتناف، واو الثمانية قالها بعض النحاة ورفضها عموم النحاة وأنا شخصياً لا أقبلها.


لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5







  • ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾ ﴾ [الكهف آية:٤٩]


*متى تستعمل يا ويلتنا ويا ويلنا؟ (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا (49) الكهف) و(قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) القلم)؟(د.فاضل السامرائى)



الويل هو الهلاك عموماً والويلة هي الفضيحة والخزي.



الويل هو الهلاك (ويل للمطففين)، (ويل لكل همزة)، (يا ويلنا إنا كنا ظالمين). (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود) فضيحة قالت يا ويلتى ولم تقل يا ويلي، المرأة تقول يا ويلي وإذا أرادت الفضيحة تقول يا ويلتي. فإذن الويلة هي الفضيحة والخزي. (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) سيفضحنا، كل الأفعال التي فعلوها ستظهر يا للفضيحةّ وهناك أعمال هم لا يحبون أن يطلع عليها أحد وستفضحهم فقال (يا ويلتنا) لأن فيها أعمال وخزي وفضيحة وهم يحبون أن يستروها فقالوا (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). ورد على لسان ابني آدم (قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31) المائدة) يا للفضيحة والخزي والعار هذا الغراب فكّر أحسن مني.

(يا ويلنا) هي ويل هلاك (ويل للمصلين) هذا للهلاك.
إذن ويل للهلاك وويلة للفضيحة والخزي هذا في اللغة. ويلة تأتي يا ويلتى أو يا ويلتي أو يا ويلتنا للجمع. ويل تأتي ويل.






لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5


  • ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴿٥٠﴾ ﴾ [الكهف آية:٥٠]


* (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (50) الكهف) هل (كان) هنا بمعنى صار؟(د.فاضل السامرائى)



(كان) تأتي لمعاني كثيرة طويلة وليست بالبساطة التي يأخذها الطلبة. قد تأتي للإنقطاع كأن تقول (كان نائماً، كان في البيت) أمر حصل وإنقطع. وقد تأتي بمعنى الوجود على الأصل أي هو هكذا (وكان الإنسان عجولا) هذا ليس انقطاعاً، لم يكن عجولاً ثم صار عجولاً، يقولون هو بمعنى الوجود على الأصل أي هكذا وُجِد. (كان من الجن) أي هكذا خُلِق على الأصل.



في النحو هناك (كان) تامة و (كان) ناقصة. (كان من الجن) ناقصة تحتاج لإسم وخبر. (كان) بحد ذاتها عند النُحاة فيها كلام طويل: "ما كان ليفعل، ما كان له أن يفعل"، فيها استعمالات خاصة بقية الأفعال لا تشابهها. أما (كان) تأتي تامة (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) ربنا يقول له صِر فيصير. (وإن كان ذو عسرة) بمعنى إن وُجِد. (كان) التامة بمعنى وُجِد لا تحتاج لإسم أوخبر (وذو تمام) وإنما تحتاج لفاعل.(إلا إبليس كان من الجن) هنا ليست بمعنى صار وإنما هو في أصل خلقته من الجنّ.



لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي 5

  • ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴿٥٤﴾ ﴾ [الكهف آية:٥٤]

آية (54): *ما الفرق بين قوله تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) الإسراء) وقوله (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف)؟
(د.فاضل السامرائى)


قدم (للناس) على (في هذا القرآن) في الإسراء وأخّرها في الكهف وذلك لأنه تقدم الكلام في الإسراء على الإنسان ونعم الله عليه ورحمته به فقال (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) ) إلى أن يقول (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ) فناسب تقديم الناس في سورة الإسراء. ولم يتقدم مثل ذلك في سورة الكهف. ثم انظر في افتتاح كل من السورتين فقد بدأ سورة الكهف بقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) ) فقد بدأ السورة بالكلام على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس، فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر القرآن على الناس في هذه الآية كما في البدء.



وأما في سورة الإسراء فقد بدأت بالكلام على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ (1) )ثم تكلم على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلك: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) ) فكان المناسب أن يتقدم ذكر الناس فيها على ذكر القرآن في هذه الآية وهذا تناسب عجيب بين الآية ومفتتح السورة في الموضعين. ثم انظر خاتمة الآيتين فقد ختم آية الإسراء بقوله (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) ) والكفور هو حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل ألا ترى مقابل الشكر الكفران ومقابل الشاكر الكفور قال تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) الإنسان) فكان ختام الآية مناسب لما تقدم من السياق.


أما آية الكهف فقد ختمها بقوله (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) ) لما ذكر قبلها وبعدها من المحاورات والجدل والمراء من مثل قوله تعالى (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (34) ) وقوله (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (37) ) وبعدها (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ (56) ) وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما كان يفعل. وقال (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا (22) ) ولم يرد لفظ الجدل ولا المحاورة في سورة الإسراء كلها. فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكلام!.




موقع تدارس القرآن الكريم

















أدوات الموضوع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
القرآن وفضل قراءته والتحذير من هجره وفتاوى هامــــة خاصة بالقرآن أم أمة الله القرآن الكريم
فوائد سماع القرآن عند النوم..7 فضائل عظيمة اغتنمها حياه الروح 5 القرآن الكريم
طرق إبداعية في حفظ القرآن الكريم / أحدث الطرق لتسهيل الحفظ نَقاء الرُّوح القرآن الكريم
تعريف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم وغارت الحوراء الاعجاز العلمي
اجمل ما قيل عن القرآن الكريم أنٌثًى ٱسًتُثًنٌٱئيّة القرآن الكريم


الساعة الآن 01:40 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل