- ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴿١٦﴾ ﴾ [النحل آية:١٦]
: الهدى قسمين قد يكون ظاهراً وقد يكون باطناً، ظاهراً في الكتب ورب العالمين سمى الكتب هدى التوراة والنجيل والقرآن هدى ورحمة، والهدى الظاهر أدلاء الطريق (إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) طه) من يهديه وذكر النجوم (وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) النحل) هذا هدى ظاهر
والهدى الباطن هو توفيق الله وما يقذفه من نور في قلب الإنسان (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) الكهف) (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى (76) مريم) (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا (13) السجدة).

- ﴿رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴿٢٥﴾ ﴾ [الإسراء آية:٢٥]
* (اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ) وفي الإسراء قال (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ (25)) فما الفرق بين أنفس ونفوس؟ (د.فاضل السامرائي)
الأنفس جمع قلة (إلى عشرة) ونفوس جمع كثرة لكن عندنا أحياناً قلة نسبية، القرآن أحياناً يستعمل القلة النسبية، إذا كان أكثر من جمع للجمع القليل وإن كان أكثر من عشرة يستعمل جمع قلة والكثير يستعمل جمع الكثرة مثل الأبرار والبررة، الأبرار جمع قلة لكن يستعملها للبشر والبررة جمع كثرة يستعمل للملائكة (كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) عبس). هنا قال (اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ) أنفس جمع قلة لأنهم قليل (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) هود). بينما الآية الثانية جميع الخلق (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ) جميع الناس ففيها كثرة، هذه لعموم الخلق المكلفين (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ) عامة. لما كان أولئك قلة استخدم أنفس جمع قلة ولما كان الخلق استعمل نفوس.
* هل نفهم هذا إذا قال في هود (الله أعلم) وفي الإسراء قال (ربكم) لماذا اختلف لفظ الجلالة مع أن الذي يتحدث عنه واحد؟ هل لهذا علاقة بالكثرة والقلة؟
لا ليس له علاقة بالقلة والكثرة وإنما له علاقة بشيء آخر في المقام. في هود (اللّهُ أَعْلَمُ) هذا في مقام العبادة (أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ (26)) في مقام العبادة، أصلاً الله أكثر الاشتقاق أنه من لفظ العبادة، كثيراً ما يأتي لفظ الله مع العبادة من ألِهَ بمعنى عبد وفي الإسراء (ربكم) ، هذا في مقام الإحسان للمربي، التربية، (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) الإسراء) هذا في مقام التربية، الوالدان يربيان أولادهما والرب هو المربي فناسب ذكر الرب مع التربية.

- ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٢٠﴾ ﴾ [التوبة آية:٢٠]
*ما دلالة تقديم وتأخير (في سبيل الله) في آية سورة التوبة وسورة الأنفال؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة التوبة (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ {20}) وقال تعالى في سورة الأنفال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {72}) . الخط العام: إذا كان المقام في جمع وحفظ الأموال يبدأ بالتضحية به وإذا كان السياق في القتال وليس في الأموال يقدّم (في سبيل الله)على الأموال . سورة التوبة كلها في الجهاد وليست في الأموال فسياق الآيات كلها عن الجهاد والقتال وليس المال لذا اقتضى تقديم (في سبيل الله) على الأموال والأنفس. أما في سورة الأنفال قدّم الأموال على(في سبيل الله) لأنه تقدّم ذكر المال والفداء في الأسرى وعاتبهم الله تعالى على أخذ المال إذن السياق كله في المعاتبة على أخذ المال من الأسرى.

- ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴿٥٠﴾ ﴾ [النحل آية:٥٠]
* ما الفرق بين الخشية والخوف والوجل؟ (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ (50) النحل)؟(د.فاضل السامرائى)
الخوف توقع أمر مكروه يخاف من شيء أي يتوقع أمر مكروه لأمارة معلومة فيخاف شيئاً. الخشية خوف يشوبه تعظيم ولذلك أكثر ما يكون ذلك إذا كان الخاشي يعلم ماذا يخشى ولذلك قال تعالى (إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (28) فاطر) أكثر من يكون الخشية عن علم مما يخشى منه، الخشية أشد الخوف، وفي بعض السياقات تحتمل الخوف الذي يشوبه تعظيم والسياق هو الذي يحدد. الوجل يقولون هو الفزع ويربطونه باضطراب القلب تحديداً كضربة السعفة (سعفة النخل) كما قالت عائشة رضي الله عنها "الوجل في قلب المؤمن كضربة السعفة" ويقولون علامته حصول قشعريرة في الجلد. وقالوا الوجل هو اضطراب النفس ولذلك في القرآن لم نجد اسناد الوجل إلا للقلب. إما للشخص عامة (قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ (52) الحجر) أو للقلب خاصة (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (35) الحج) فقط أسند للقلب في حين أن الخوف والخشية لم يسندا للقلب في القرآن كله. الوجل في اضطراب القلب تحديداً (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ (60) المؤمنون). وترتيب هذه الكلمات هو: الخوف، الخشية، الوجل.
التفاسير العظيمة