{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عبس:٣٨]
تبدأ رحلة المأوى والمصير حينما يحشر المتقون إلى الرحمن وفدًا، ويُساق المجرمون إلى جهنم وردًا، هناك تبيض وجوه وتسود وجوه، هناك وجوه قد أشرقت بالنور وفاضت بالبِشْر فابيضت من البشر والبشاشة، وهناك وجوه كمدت من الحزن واغبرت من الغم واسودت من الكآبة، وجوه مستنيرة ضاحكة مستبشرة راجية ربها مطمئنة بما تستشعره من رضاه عنها، ووجوه تعلوها غبرة الحزن والحسرة ويغشاها سواد الذل والانقباض (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ)[عبس: 38-42].
قوم يقال لهم: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، وآخرون يخاطبون بعد الارتهان والاحتباس في اليوم الطويل، (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ)[المرسلات: 29-31].
: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[السجدة: 18-21].
إن ربكم -سبحانه- يدعو عباده للاستجابة لمنهجه قبل أن يفجأهم هذا المصير (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)[الشورى:47]؛ استجيبوا لربكم قبل أن يفجأكم المصير فلا تجدوا ملجأ يقيكم ولا نصير ينصركم.
يا عبد الله: إذا هممت بالشهوات وفكرت بالمعاصي، وبدأت الخطوات فتذكر (يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)[غافر:18]، تذكر أن هذا اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة المليء بالشدائد والأهوال سيكون على المتقين كمقدار صلاة مكتوبة، فاصنع أنت اليوم مدة ذلك اليوم ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها وما ربك بظلام للعبيد.

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عبس:٣٨]
غيمة الحزن التي تعلو وجهك ستذهب بها بهجة الجنة حيث لا هم ولا حزن إلا سلاما سلاما .
لقاء الناس بالتبسم وطلاقة الوجه من صفات أهل الجنة وهي صفة تجلب المودة وتنفي التكبر ..
سورة عبس أولها صفة للوجه(عبس) وختمت هذه السورة بوصف للوجوه في قوله سبحانه {وجوه يومئذ مسفرة ○ ضاحكة مستبشرة}
بعد تعب الدنيا والصبر والألم ... أشرقت تلك الوجوه ، وحق لها أن تشرق وتفرح في جنة عرضها السموات والأرض
رائع أن ندخل البسمة على الناس في حياتهم ، والأجمل والأهم من ذلك أن نساعدهم في الدنيا ليكونوا من أصحاب الوجوه المسفرة السعيده في الآخرة .