الجزء الثانى عشر
"وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ " هود
الإنسان -بطبعه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ثم نزعها منه، فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، أو خير من مصيبته
﴿ وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾ [هود:6]
• لا تخَف على نفسك من ذهابِ الرزق، فإن رزقَك قد ضُمِنَ لك، ولكن خَف عليها من انحرافك عن طريقِ النجاة، فإن النجاةَ لم تُضمَن لك.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)
قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال: ثلاث من الصبر: أن لا تحدث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك.
(على الله رزقها) أصل الكلام رزقها على الله، قدم الجار والمجرور ليعلم أن الرزق على الله وحده، وأن ذلك حقاً أحقه على نفسه، فأبعد من تعلق بأسباب ومظاهر ونسي مسببها! وضل طريق الرزق من تعلق بقتور ممسك باخل ظن أن مفاتيح الرزق عنده دون الجواد الكريم الباذل!
{ ولم يؤت سعة من المال }
{ لولا أنزل عليه كنز }
هؤلاء هم أهل الدنيا .. نظرتهم للمال أولا ويدورون حوله ويحكمون على الناس من خلاله .
(إِنْ أرِيد إِلَّا الإِصلاح ما استطعت وما توفيقي إِلَّا بِاللَّه عليه توكلت وإليه أنيب)
شعار المؤمن الثابت على الحق الذي فهم المهمة التي أوكلت إليه: الاستخلاف في الأرض
بذل الوسع في الإصلاح
التبرؤ من الحول والقوة
التوكل على الله
الإنابة إلى الله
﴿ من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون﴾ [هود:15]
• مَن قصُرَ نظرُه جعل همَّه الدنيا، والظفرَ بشهواتها، ومن بعُدَ نظرُه جعل غايتَه الآخرة، والفوزَ بخيراتها.
[هدايات القرآن الكريم:223]
(يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ، وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ)
الجزاء من جنس العمل، فكما يكون الطاغية متقدماً على قومه بالباطل في الدنيا؛ فهو سابق لهم في العذاب
{وَأَقِمِ الصلَاة طرَفَيِ النهَارِ وَزلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}
تلك أرجى آية في كتاب الله .
لنعلم أن الصلاة في قمة الحسنات وأن جميع الحسنات ، تذهب السيئات .
الأحزان لاتبقى والهموم لاتدوم ومهما استوحشت روحك ذلك الظلام فحتمًا سيتبعه صبحٌ مشرق جميل؛ فأحسن الظن وتأمل قوله تعالى: ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)
{مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}
تشعرك بالراحة والسكينة وتبدد كل مخاوفك
(إنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)
ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ) أي: وما يحصل لي من التوفيق لفعل الخير والانفكاك عن الشر إلا بالله تعالى، لا بحولي ولا بقوتي
(قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ )
كثير من الناس يحبونك صالحا ، و يحاربونك مصلحا !!
(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا)
ففي هذا أن السلام قبل الكلام
تفسير السعدي
قال تعالى:"قالت يا ويلتى ءألِدُ وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من إمر الله"
هو الله لايعجزه شي يارب ارزقنا اليقين وحسن الظن بك
( اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ )
الخوض في النوايا والتقول عليها من الظلم والتعدي..
فإنما علمها من اختصاص الله سبحانه..
(الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ)
رسالة لكل مظلوم مهما غابت الحقيقة وأخفاها الخلق
فلابد من ظهورها ولو بعد حين!
فقط فوض أمرك لله..
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ ) ..هود
الاستغفار والتوبة مفتاح الأرزاق وبوابة النعم من نزول المطر وكثرة الذرية والخير
﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ﴾
قال: مع الكافرين ، ولم يقل: مع الغارقين
لأن مصيبة (الدين) أعظم مصيبة.
«اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا»
{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}
من الحكمة ، عدم البوح بالأخبار
التي هي مظنة الغيرة أو الحسد .
(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين)
بقدر ما تجاهد نفسك في الابتعاد عن مواطن الريب يكن خلاصك منها
(ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون)
اخذ المال على الدعوة قد يقدح في مصداقية الداعية... ولذلك ترفع عنه الانبياء والصالحون
﴿ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
﴿فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
﴿ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا﴾.
الإيمان الصادق يحفظ صاحبه من الفتن، وينجيه في الأزمات والمهلكات بفضل الله ورحمته.
فوض أمره إلى الله ، فصار أقوى الخلق .....بتوكله على الله.
(فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُون)
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا)
{ أصلاتك تأمرك }
لقد رأوا صلاته وعلموا أنها أعظم ما تؤثر عليه .. فانظر في صلاتك وهل لها أثر كبير في حياتك .
سورة هود افتتحت (إلى الله مرجعكم) وختمت (وإليه يرجع الأمر كله)
وبينهما (وإليه ترجعون)
يا من أيقنت بأن المرجع إليه اعبده وتوكل عليه.
( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل)
لا تتخلى عن الدعوة إلى الله مهما سمعت من الناس..
إذا أذن الله بشيء هيّأ أسبابه، فلما أذن الله بخروج يوسف قدّر أن يرى الملك رؤياه التي ما زادت يوسف إلا عزاً ورفعة إلى رفعته
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ ..)
﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾
مَنْ يَشْكِي لله بَثَّهُ يَجِدْ أُنْسَـًا يُنْسِيه هَمُّه.
(مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)
"الاجتهاد في نفى التهم، واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها"
﴿قالَ يا نوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِن أَهلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صالِح﴾
الإيمان والعمل الصالح هو المعتبر به عند الله وليس النسب ..
﴿ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾
أمر الله نافذ مهما كان في نظرگ مستحيل ...
آية أبكت جمعاً من السلف الصالح
(من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون - أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون )
( يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً ) ليس بالضرورة أن يكون المتاع الحسن بالمال وسعة العيش لكنه قد يمتع المرء بسعادة في قلبه وطمئنينة وقناعة ورضًا وإن ضُيق عليه في رزقه.!
(لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك إن الشيطان للإنسان عدو مبين)
(من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي)
الشيطان متربص فاحذر أن تفتح له نافذة الحسد فيدخل منها إلى قلبك فينزغ بينك وبين أحبابك!
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ }
وهو برهان الإيمان الذي حصل في قلبه؛ فصرف الله به ما كان هم به، وكتب له حسنة كاملة
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾
كما أَمرَ ربُّك الرحمٰن،
لا كما تشتهي نفسُك والشيطان.
(ولايلتفت منكم أحد)
إشاره للمؤمن ألا يلتفت في عمله للوراء إلا على سبيل تقويم الأخطاء..
لأن كثرة الإلتفات تضيع الوقت وربما أورثت وهناً..
{وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ} [سورة هود:38]
سخروا واستهزؤوا فغرق وهلك المستهزئ ونجا المستهزئ به.
فهل يعي مستهزؤوا زماننا هذا الدرس؟!
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (25)}
(سورة هود)
بتحديد المهمة والجهة والهدف..
اكتملت وظيفة الرسالة.
{يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76)} (سورة هود)
فلتنتظر دول الكفر التي تسمح بالشذوذ وتقره= عذاب الله !
{قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء} [سورة هود:43]
العصاة الجهلة يخطئون بتقدير عواقب عصيانهم، ويتمادون في الكبر والعناد..
حتي يلاقوا مصيرهم!
{لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } [سورة هود:43]
تتبع مظان ومواطن رحمة الله، وتحراها واقترب منها؛ لعلك تفوز بها،
فتنجو في الدنيا والآخرة.
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ } [سورة هود:91]
لم يفقهوا كلام خطيب الأنبياء وأفصحهم!
وهكذا شأنهم اليوم: يستكبرون عن قبول الحق فيزدرون أهله!
{أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ} [سورة هود:116]
بقايا من أهل الخير والفضل تميزوا بأنهم ينهون عن الفساد.
بهم تصلح المجتمعات وتنجوا الأمم.
{وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } [سورة يوسف:33]
نسب الصرف عن المعصية لله والإقدام عليها لنفسه تأدبًا مع الله .
من تأمل قوله{أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }[سورة هود:78]
يدرك أن إدمان الفواحش
- كما أنه يضعف الدين- فهو أحيانًا يذهب مروءة الإنسان. د/المقبل
المتاع الحسن، القوة، المط، الرحمة، إجابة الدعاء..
كلها جاءت بعد قوله تعالى:{اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ}
[سورة هود:3].
{ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [سورة يوسف:5]
من الخير حجب ذكر بعض النعم عن الأقارب حتى لا نثير ضغائن نفوسهم.
قصص القرآن ومافيها من عبر جاءت لتثبيت قلب النبي عليه الصلاة والسلام ، وعظة للمؤمنين
{مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [سورة هود:120].
{جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [سورة هود:82]
جاءت عقوبة قوم لوط بما يتناسب مع فعلتهم وهذا جزاء قلبهم للفطرة وانتكاستهم فالجزاء من جنس العمل.
{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ } [سورة يوسف:3]
إن لم يكن الوالدين موضع سر ابناءهم فمن يكون إذن ؟
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سورة هود:114]
مهما بلغت الذنوب والسيئات، أتبعها بالحسنات تمحها، كما ورد في الحديث.
بداية القصة
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [سورة يوسف:4]
ونهايتها {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [سورة يوسف:100] الشيطان.. العنصر الأخطر في بؤس البشر!
{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ }
[سورة يوسف:86]
أحزانك وهمومك ومصائبك التي تؤلمك وتبكيك أشكها لله فهو أرحم وألطف بك.
{اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ } [سورة هود:31]
أعظم ظلم لنفس هو الدخول بنيات الاخرين
لا يلام داع إلى حق إن خالفه أهله،فقد هلك ابن نوح كافرا، و امرأة لوط أصابها ما أصاب قومها من عقوبة .
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ} [سورة يوسف:6]
العلم الذي برزت به ليس مرجعه ذكاء منك بل نعمة اصطفاها الله لك
فأحسن قبولها.
{وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ}[سورة هود:85]
مديرًا كنت أو مسؤولًا أو معلمًا لا تبخس موظفك أو عاملك أو طالبك أجره.
( إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ)
تعجبت وحُقّ لها أن تتعجب!
عقيم وعجوز وشيخ كبير..!!
لكنه ربّ المعجزات سبحانه..
سيجبر قلبك متى شاء وكيفما يشاء..
فقط كن على يقين..
( يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا ) اصدع بها لمن حولك..
خاطب بها من تحب.. اصحبهم معك في سفينة النجاة..
فالدعوة أحيانًا تحتاج بعض اللين مع من نحب..
(وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
طلب المغفرة ابتداء ... ثم أعقبها بطلب الرحمة؛
لأنّه إذا كان بمحل الرضى من الله؛ كان أهلاً للرحمة
{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ}
قال القرطبي رحمه الله :
في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم وإن كانوا صالحين .
(الذين يبلغون رسالات الله)
رحم الله من أعان على نصرة الدين ولو بشطر كلمة..
(وَاسْتَبَقَا الْبَابَ)
ينبغي للعبد- إذا رأى محلاً فيه فتنة وأسباب معصية- أن يفر منه، ويهرب غاية ما يمكنه؛ ليتمكن من التخلص من المعصية؛ لأن يوسف- عليه السلام- لما راودته التي هو في بيتها؛ فر هارباً، يطلب الباب؛ ليتخلص من شرها
اضلال الآخرين سبب لمضاعفة العذاب
فإياك ان تدل غيرك على معصية
ۘ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ۚ
(وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ۖ ) هود
احذر أن تنظر إلى أحدهم فيقع في نفسك
أنك أفضل منه وتزدري شكله أو عمله فقد يكون خيرا منك وأعظم منزلة عند الله والله أعلم بما في أنفسكم
(فاصبر إن العاقبة للمتقين)
إن من سنة الله تعالى أن الأعمال العظيمةلاتتم إلا بالثبات والاستمرار .
{وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
الإهلاك بعلة الظلم ، والآخذ هو الله
فأخذه شديد على قدر قوته سبحانه .
فهو يأخذ أخذَ عزيزٍ مقتدر .
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}
المصلحون بوابة خير وأمان ، في كل مجال ، وعلى كل أرض .
فجاهد أيها المصلح لإصلاح محيطك ، ومن حولك ، لتأمن على نفسك ، من وعيد الله .
"... أو ءاوي إلى ركن شديد"
إذا لم تكن لديك القدرة لتغيير منكر ما،فابتعد كل البعد عن هؤلاء الجماعة التي تفعل المنكر.
{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} [سورة يوسف:29]
المشركون مع شركهم يرون الفواحش من الذنوب لذا أمرها بالاستغفار
~ابن تيمية~
{لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} [سورة يوسف:7]
قصة يوسف سلوى لكل محزون وأمل لكل مظلوم
وعبرة وموعظة لكل مفتون وثبات في زمن الفتون.
{ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا} [سورة هود:42]
اجعلها شعارك لإنقاذ من تحب إبنك، صديقك، جارك ..
كل من تخاف عليه الغرق ادعوه لسفينة النجاة "تقوى الله"
عاطفة الأبوَّة حاضرة حتى في أصعب المواقف. تدبَّر:
{وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا } [سورة هود:42]
{وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ} [سورة هود:64]
مسها كناية بالنهي عن اقل أذى
{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ } بسورة هود:65]
كلما عظم الذنب دنت العقوبة وتقلصت الدنيا ومتاعها.
{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [سورة هود:88]
القدوة أهم صفة تميز الداعية إلى الله.
{إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } [سورة هود:38]
السخرية بأهل الحق بضاعتهم من القِدَم وسخريتهم في الدنيا تفنى والموعد الآخرة.
{فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [سورة هود:69]
{ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي } [سورة هود:78]
ليس إكرام الضيف من العادات والتقاليد وإنما هي سجايا الأنبياء .
"{أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } [سورة هود:78]
إذا أُدمِنت الفواحش والمنكرات فُقِد الرشد وغاب العقل والدين والأخلاق
نسأل الله السلامة.
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)} (سورة هود)
وجود أهل الحسبة في المجتمع صلاح له وإصلاح، ومانع من وقوع العذاب الإلهي.
من فقه هذه الآية:
{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [سورة هود:7]
أن العمل الدائم أحسن من المتقطع
وأن محك الإبتلاء هو الإخلاص والإتقان.
إقامة الصلاة على الوجه الذي يريده الله تنهى عن سوء الفعال والأخلاق
{أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء } [سورة هود:87].
{وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [سورة هود:91]
عادة أهل الباطل في كل الزمان
تقديس الحس والمادة في مقابل الكفر بالغيبيات رغم البراهين القاطعة.
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} بسورة يوسف:83]
إذا اجتمع مع الصبر الجميل حسن ظن بالله اقترب الفرج.
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [سورة يوسف:24] من علامات اصطفاء الله للعبد صرفـه عن محرمات.
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا } [سورة هود:6]
كيف تقلق أيها الإنسان؟! أيرزق الله الدواب ويتركك أنت؟!
توكل على الله يأتك الرزق..
(قال معاذ الله )
كن صارمًا مع الشهوات واتخذ أحسم المواقف في الخلوات..
(ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابُنيَّ اركب معنا و لا تكن مع الكافرين )
قال (لا تكن مع الكافرين ) ولم يقل من الكافرين
فتأمل ذلك
(إنا أنزلناه قرآنا "عربيًا" لعلكم "تعقلون" )
كلما زاد حظك من اللغة العربية زاد تدبرك وتعقلك للقرآن..

(ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين)
قد يصدّقك البعيد ويكذّبك القريب ..
ولست أنت المسؤول .
لم يكون حوله بحر أبدًا لكنّ يقينه بالله تخطّى ماتراه عيناه .
(ويصتع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون)
" وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللهِ رزقُها "
الدوابّ : هي كل ما يدب على هذه الأرض ، ومنها أنت ..
فثِق بالرزاق
من علامة إخلاص الداعية ..
ثباته على الدعوة وإن قل من اهتدى على يديه ..
(وما آمن معه إلا قليل)
أما يخشى دعاة الشذوذ الجنسي أن تحل بهم عقوبة أسلافهم من قوم لوط؟!
" وما هي من الظالمين ببعيد "
(وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه)
لا تحزنك سخرية الغافلين من يقين المؤمنين
نحن نتنفس التوكل وهم بلهوهم مشغولون
يجعل الله على قلوب الكفار حجبًا تثقل فهمهم
" قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول "
من الناس من لا يدفعه إلى المعصية الحاجة، بل دناءة النفس
" ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير "
{وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
لم يقل صالحون؛ لأن الصلاح الشخصي المنزوي بعيدا، لايأسى لضعف الإيمان.
"ويتمّ نعمته"
اسأل الله النعمة .. فإن وهبك إياها فاسأله تمامَها ..
وتمامُها أن تكون سببا في دخولك الجنّة ..
نفسك الشيطان صديق السوء كلما دعوك إلى معصية قل لهم:
(فمن يَنصُرني من اللهِ إنْ عَصيتُه فما تَزيدُونني غير تخسير)
( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْر الله )،
اللهم حقق لكل منّا مادعاه وتمنّاه،
اللهم ارزق كل عقيم ذرية صالحة ...
(وجاؤوا أباهم عشاء يبكون)
جاؤوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظُلمة، لأن الحياء يكمن في العينين .
(قال رب "السجن أحب إلي" مما يدعونني إليه)
المحب تكون المكاره لديه محبوبات إذا علِم بحب محبوبه لها
(وشهد شاهد"من أهلها" إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين)
حين يتولاك الله حتى الفرج يأتيك من حيث لا تحتسب
(ليؤوس كفور) (لفرح فخور)
تفقد قلبك مع مجيء النعم وفواتها
(وماكان ربك مهلك القرى وأهلها مصلحون)
ليس المهم أن تكون صالحًا بنفسك
إنماالأصل أن تكون صالحا مصلحا،هذا أمانك من الإهلاك
سورة هود وما قبلها وبعدها تقوي العقيدة في نفوس المسلمين خاصة في زمن الأزمات وسورة هود تغرس مبدأ التوكل على الله.
(فاستقم كما أمرت)
لا يكفي أن تكون مستقيما
وإنما الاستقامة ينبغي أن تكون وفق المنهج الرباني حتى تجني ثمارها..