ومن أوتي علم القرآن فلم ينتفع
وزجرته نواهيه فلم يرتدع
وارتكب من الإثم قبيحًا، ومن الجرائم فضوحًا
كان القرآن حجة عليه، وخصمًا لديه، قال صلى الله عليه وسلم: «القرآن حجة لك أو عليك»
[القرطبي]
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}
هذه نتائج اتباع القدوات الضالة تنتهي بأصحابها للهاوية
"وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ."
(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت)
هذه مهمة كل داعية وكل مؤمن مكلّف
(وما توفيقي إلا بالله) وهذا زاده في الدعوة
(عليه توكلت وإليه أنيب)
التبرؤ من الحول والقوة وحسن التوكل على الله والإخلاص أساس في أداء المهمة وقبولها عند الله عزوجل. على العبد أن يقنع بما آتاه الله ويقنع بالحلال عن الحرام، وبالمكاسب المباحة عن المكاسب المحرمة، وأن ذلك كُله! "خيّرٌ له"
لقوله تعالى( بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ )
{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ}
من أسباب الاستقامة :
الرفقة الصالحة (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)
{فاستقم كما أمرت}
شيء واحد أساس، يعصمك من الانجراف وراء المتاهات، ويمنحك الثبات أمام مغريات الدعايات، وهو حقيقة إيمانية كبرى: أن تبحث عما يريد الله منك، لا عما تريد أنت منه؛ فأنت العبد، وهو السيد الربّ العظيم جل جلاله.
فلا ينعكس بين يديك الميزان!
الناس عند المحن إما:
- فاقد للأمل يقابله (فاستقم) اصبر واستمر
- متهوّر في ردة فعله يقابله (ولاتطغوا)
- متخاذل يركن للقوي يقابله (ولاتركنوا)
(فاستقم كما أمرت)112
(ولا تركنوا ..)113
(وأقم الصلاة .)114
(واصبر)115
بهذا الترتيب:في طريق الثبات على نهج الاستقامة ، قد تضعف النفس وتميل إلى الظالمين ، فإذا أرادت تخطي هذه العقبة والتمسك بالصراط المستقيم ، فعليها أن تتسلح بمثبتات منها إقامة الصلاة ، والصبر .
{ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}
هذا تجهيل لمتبعيه، حيث شايعوه على أمره، وهو ضلال مبين لا يخفى على من فيه أدنى مسكة من العقل.
كما قال الزمخشري.
فلا أجهل من الطغاة وأسوأ منهم إلا من اتبعهم وأيدهم وركن إليهم وصفّق لهم!
{إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِمَن خافَ عَذابَ الآخِرَةِ}
لا يتعظ بالآيات حقا إلا من خاف عذاب الآخرة!
التذكر الدائم للآخرة وما فيها من الأهوال قضية جوهرية في حياة الصالحين، وبه يحصل الاتعاظ والانتفاع بالآيات الشرعية والكونية.
(قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد)
المطالبة بالحرية الدينية و الاقتصادية غير المنضبطة ؛ ليس مطلبًا حداثيا تطوريًا ؛ بل هو مطلب قديم بالغ القِدَمْ فهكذا كان أصحاب الأيكة .
{ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }العاقل لا يغتر بتأخر العقوبة
وإنما يدفعها قبل وصولها بالتوبة!
[السيوطي]
( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ... )
إذا أرادَ الله بعبدٍ خيرًا
جعله مُعترِفا بذنبه
مُمسكًا عَن ذنب غَيره
جوادا بِما عِنْده
زاهدا فِيما عِنْده
مُحْتملا لأذى غَيره.
وَإن أرادَ به شرا عَكَس ذلك عليه.
اعبد الله لما أراده منك لا لمرادك منه
فمن عبده لمراد نفسه منه، فهو ممن يعبد الله على حرف
(فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْر اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْه فِتْنَةٌ انْقَلَب عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَة) ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يرد صاحبها إلا ما يريده مولاه [ابن رجب]
تخيَّر ألفاظَ دعاءك!
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)
سُئل الإمام مالك عن الداعي يقول: يا سيِّدي
فقال: يعجبني دعاءَ الأنبياء (ربَّنا.. ربَّنا).
قال الشافعي في قوله تعالى :
{ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } المطففين / 15:
في هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ .
وعلق ابن كثير فقال :وهذا الذي قاله الإمام الشافعي في غاية الحسن ،
وهو استدلال بمفهوم هذه الآية ، كما دل عليه منطوق قوله تعالى :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة / 22-23 .
في قوله تعالى عن موسى عليه السلام :
{ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } القصص / 24
إشارة إلى سبب عظيم من أسباب إجابة الدعاء ،
وهو إظهار الافتقار إلى الله عز وجل .
[ د . محمد الحمد ]
الشريعة جامعة بين القيام بحق الله تعالى كالصلاة والذكر ،
وبين القيام بمصالح النفس كالسعي في الرزق ؛
وذلك ظاهر من قوله تعالى
{ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } الجمعة / 10.
كان سحرة فرعون آية في اليقين الصحيح , والإخلاص العالي ,
عندما رفضوا الإغراء , وحقروا الإرهاب , وداسوا حب المال والجاه ,
وقالوا للملك الجبار : { فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } طه / 72
وشتان بين هؤلاء الذين يستهينون بالدنيا في سبيل الله ,
وبين الذين يسخرون الدين نفسه في التقرب من كبير , أو الاستحواذ على حقير .
[ محمد الغزالي ]
تأمل في خطاب شعيب لقومه :
{ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً
وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ} هود / 88
فلهذه الأجوبة الثلاثة - على هذا النسق – شأن :
وهو التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره
أحد حقوق ثلاثة :
أهمها وأعلاها حق الله تعالى ،
وثانيها: حق النفس ،
وثالثها : حق الناس .
[ البيضاوي ]
قال تعالى -في وصف عباده المؤمنين-:
(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)
كان التعليق بـ(إذا)؛ لأن مخاطبة الجاهلين لهم بالسوء أمر محقق
ومتى سلم أهل العلم والدين من الجاهلين؟!
[ابن باديس]
لنستعد!
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)
يجتمع عليه كرب الموت وهول المطلع.
قال الضحاك:
«هو في أمر عظيم
الناس يجهزون بدنه
والملائكة يجهزون روحه».
{ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } آل عمران / 95 ،
{ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } لقمان / 15 ،
{ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } الأنعام / 90
تأمل الرابط بينها ،
تجد أنه أمر باتباع السبيل والملة والهدى مع أن هؤلاء أئمة معصومون ؛
وذلك لتوجيه الأمة بأن لا تقتدي بالأفراد لذواتهم مهما علا شأنهم وارتفعت مكانتهم ,
وإنما تقتدي بهداهم ، فإن زل أحد عن المنهج بقيت هي على الطريق،
وهذا درس عظيم لو وعاه كثير من المسلمين لسلموا من التعصب الذي أضل الأمة .
[ أ . د . ناصر العمر ]
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
أكثر من سبعين تغريدة حول تدبر القرآن | امانى يسرى | المنتدي الاسلامي العام | 0 | 11-12-2024 08:48 PM |
تدبر الجزء العاشر من القرآن الكريم | امانى يسرى | القرآن الكريم | 0 | 19-03-2024 09:07 PM |
كتاب أثر القراءة بالتجويد في تدبر الكتاب المجيد | ام مالك وميرنا | كتب اسلامية | 2 | 23-05-2018 06:07 PM |
حرمة دماء المسلمين ... تدبر قول الله تعالى ... | حسناء | المنتدي الاسلامي العام | 12 | 01-07-2013 03:31 AM |
مفاتيح تدبر القران الكريم | sho_sho | القرآن الكريم | 1 | 26-10-2012 12:15 PM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع