الحمدُ لله رَبِّ العالمين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمُرسلين ،
وعلى آلهِ وصحبه أجمعين .
 وبعـد ؛؛
 الأُسْـرةُ : أهلُ الرجل وعشيرتُه ..
 والأُسْـرةُ تتكونُ مِن أبٍ وأُمٍّ وأبناء ..
 وهى وِحْـدةٌ مِن وِحـدات المُجتمع ، وعُنصرٌ فعَّالٌ فيه ..
 و
 يقولُ نبينا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( كُلُّكُم راعٍ ، وكُلُّكُم مَسئولٌ عن رعيَّتِه ))
 متفقٌ عليه .
 وبما أَنِّي عُضوةٌ داخل هذا المُجتمع الصغير ( الأُسْـرة ) ،
 فأنا مَسئولةٌ عنه ، ولا بُدَّ أن يكون لي دورٌ فاعِلٌ فيه ،،
 و مَسئوليتي تَمتدُّ إلى أمي وأبي وأختي وأخي ..
 مِن غير المُمكن أنْ أعيشَ وحدي ، وأسعى لمصالح نفسي ،
 وأتركُ أهلي لحالهم ..
 مِن غير المُمكن أنْ أعزلَ نفسي عَمَّن حولي ، ولو بدت منهم بعضُ الأخطاء ..
 مِن غير المُمكن أنْ أُنيرَ الطريقَ لِمَن هُم بعيدين عَنِّي ،
 وأتركُ أهلي في ظلامٍ دامِس ..
 مِن غير المُمكن أن يتعب أهلي في تربيتي وتعليمي ،
 ثُمَّ لا يجدون مِنِّي إلا الجفاء والجُحودَ والنُّكْران ..
 فـ
 لكنْ :ما المطلوبُ مِنِّي بما أنِّي مَسئولةٌ في هذا المَقام ؟ وما هو دوري ؟
 يقولُ رَبُّنا تبارك وتعالى : ﴿ يا أَيُّها الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
 وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ ﴾ التحريم/6 ،،
 فهذا أحـدُ دوري في الأُسْـرة .
 
 
 لكنْ :كيف أفعلُ ذلك ؟
 أولاً : بنقل ما أعرفُ مِن أمور ديني وما يحتاجونه مِنها إليهم .
 ثانيًا : بالنُّصْح والتوجيه لِمَن يحتاجُ ذلك مِن أفرادِ أُسْـرتي .
 ثالثًا : أمرُهُم بالمعروف ، ودعوتُهم إليه ، وتشجيعُهُم عليه .
 رابعًا : نهيهُم عن المُنكر ، إنْ ظهر منهم .
 لكنْ :كيف يكونُ نهيي عن المُنكر ؟
 هل أضرِب ؟
 هل أشتم ؟
 هل أُعَنِّف ؟
 هل أهجُـر ؟
 يقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَن رأى منكم مُنكرًا فليُغيِّره بيده ،
 فإنْ لم يستطع فبلسانه ، فإنْ لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعفُ الإيمان ))
 رواه مُسلم ..
 فإنْ رأيتُ مُنكرًا ، فعلَىَّ أنْ أُبادِرَ بتغييره بيدي إنْ استطعت ؛
 كأنْ يكونَ شئٌ يحتاجُ إلى إتلافٍ كآلاتِ اللهو والغناء ،
 أو صورٍ ذوات الأرواح ، أو تلفاز ( بتغيير القناة ) ، وغيرها .
 لكنْ : قد يُؤدِّي هذا التغيير إلى ما لا تُحمَد عُقباه ، فماذا عَلَىَّ ؟
 عَلَىَّ في هذه الحالة أنْ أستخدمَ لساني ؛ بأنْ أنصح ، وأُبَيِّنَ حُرْمَةَ الأمر .
 لكنْ : قد يُعَرِّضُني ذلك لشئٍ مِن الإهانةِ أو الضرب مِن قِبَلِ والدىَّ أو أحدهما ..
 إذًا .. عَلَىَّ الإنكارُ بالقلب ؛ بأنْ أُغادرُ المكانَ مَثلاً ، أو أُبدىَ استيائي مِن
 الأمرِ دُون كلام ..
 و الأبُ مَسئولٌ داخل أُسْـرته ، مَسئولٌ عنها ، وعن أفعالها ،
 وهو مُطالَبٌ بعـددٍ مِن الواجبات ، وعليه تقعُ كثيرٌ مِن المسئوليات
 تجاه أُسْـرته .. ومِن ذلك :
 - الإنفاقُ عليهم .. يقولُ رسولنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
 (( دينارٌ أنفقته في سبيل الله ، ودِينارٌ أنفقته في رقبة ، ودِينارٌ تصدَّقتَ
 به على مِسكين ، ودِينارٌ أنفقته على أهلك ، أعظمُها أجرًا الذي أنفقته
 على أهلك )) رواه مُسلم .
 - تعليمُهم أمـور دينهم ، ومنها : الصَّلاة وما يتعلقُ بها مِن أركانٍ
 وواجباتٍ وسُنَن ومُبطلات ،، والصَّوم ومُفسداتِه ،، إلى غير ذلك ..
 يقولُ رَبُّنا سبحانه وتعالى : ﴿ وَاْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ طه/132 ..
 ومِنها : أمـرُ الزوجة والبنات بلبس الحِجاب الشرعىِّ الكامِل ..
 ومُعالجة التقصير إنْ وُجِد .. وخلق جَوٍّ مِن التعاون والمَحبَّة داخل الأُسْـرة .
 ومِن الناس مَن تخلَّى عن مَسئوليته ، أو تغافلها ، أو تجاهلها ،
 ولم يعبأ بها ، ولم يُعطها اهتمامًا ..
 فـ مِن الآباء مَن ترك أُسْـرته ورحل عنها ، بلا نفقة ، ونسى أو تناسى
 أنَّ ورائه مَسئولياتٍ كبيرة رُبَّما تكونُ أهم مِمَّا رحل له .
 ومِنهم مَن عاش بين زوجته وأولاده ، لكنَّ دوره قد غاب ، فلم يُشاركهم
 حياتَهم ، ولم يتضح دورُه بينهم .
 ومِنهم مَن رأى زوجتَه مُتبرجةً كاشفةً ولم ينصحها ، بل لم يأمرها بالتزام
 شرع الله وستر نفسها ، ولبس حِجابها الشرعىّ .
 ومِنهم مَن رأى أولاده لا يُصَلُّون ، ولم يأمرهم بالصَّلاة ، بل لم يستاء مِن
 ذلك ، وكأنَّ الأمرَ عادىٌّ جدًا ، وكأنَّه يكفي أنْ يُصلِّىَ هو ، أمَّا أولادُه فلا
 مُشكلة ..! صلَّوا أو لم يُصلُّوا ، الكُلُّ عنده سواء .
 ومِن الآباء مَن جرى وراء مَصالحه ، وترك مَصالحَ أُسْـرته ،
 ولم يُعْرها اهتمامًا .
 وفي تعامُلي ونُصحي لِكُلِّ فردٍ مِن أفرادِ أُسْـرتي ، لا بُدَّ أنْ أُراعي مُستواه
 العُمْرِىّ ، و مَدى قُربه مِنِّي ، و تقبُّله لنُصحي ، مع احتمال ما قد يظهر منه
 من الرفض لقولي ، وعـدم الاهتمام بنُصحي ..
 فـ تقديمُ النصيحةِ لأمي - مَثلاً - يختلفُ عن تقديمها لأبي ..
 و مَسئوليتي تجاه أختي تختلفُ عن مَسئوليتي تجاه أخي ،،
 و لا بُدَّ مِن وضع ذلك في الحُسْبان .
 وهـذه المسئوليةُ تعني أنَّ عَلَىَّ واجباتٍ تجاه أُسْـرتي ،
 لا بُـدَّ لي مِن الالتزامِ بها ..
 وبالتزامي بهذه الواجبات ، وبالتزام كُلِّ فردٍ مِن أفرادِ أُسْـرتي بواجباته
 تجاه أُسْـرتنا الصغيرة ، تبقى أُسْـرتُنا عُنصرًا فعَّالاً مِن عناصِر المُجتمع ،
 ولا يقتصرُ نفعُها داخليًا ، بل يمتدُّ للمجتمع المُسلم أجمع ..
 فبِدايـة تطـوُّر المُجتمع وتحـوُّلِه للأفضل يبـداُ مِن الأُسْـرة .
 منقول لارواحكن الطيبة