أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي شبهة حول حديث: استفت قلبك. والرد عليها

شبهة حول حديث: استفت قلبك. والرد عليها


السؤال
ما صحة هذا الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( استفت قلبك ولو أفتاك الناس ) (كتاب الترغيب والترهيب الجزء الثاني، ص 557)؟

نص الجواب
الحمد لله

أولاً :
هذا الحديث رواه الإمام أحمد (17545) عن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ) .
وهو من أحاديث الأربعين النووية ، وقد حسنه النووي والمنذري والشوكاني ، وحسنه الألباني لغيره في "صحيح الترغيب" (1734) .
وقد جاءت أحاديث أخرى تدل على ما دل عليه حديث وابصة ، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ) رواه مسلم (2553) .
وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ) رواه أحمد (29/278-279) طبعة مؤسسة الرسالة ، وصححه المحققون بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط . وقال المنذري : "إسناده جيد" انتهى . "الترغيب والترهيب" (3/23) ، وكذلك قال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (1/251) ، والشيخ الألباني في "صحيح الترغيب" (2/151) .

ثانياً :

يخطئ كثير من الناس في فهم هذا الحديث ، حيث يجعلونه مطية لهم في الحكم بالتحليل أو التحريم على وفق ما تمليه عليهم أهواؤهم ورغباتهم ، فيرتكبون ما يرتكبون من المحرمات ويقولون : (استفت قلبك) !! مع أن الحديث لا يمكن أن يراد به ذلك ، وإنما المراد من الحديث أن المؤمن صاحب القلب السليم قد يستفتي أحداً في شيء فيفتيه بأنه حلال ، ولكن يقع في نفس المؤمن حرج من فعله ، فهنا عليه أن يتركه عملاً بما دله عليه قلبه .
قال ابن القيم رحمه الله :
"لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه ، وحاك في صدره من قبوله ، وتردد فيها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك) .
فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولا ، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه ، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار) .
والمفتي والقاضي في هذا سواء ، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن ، سواء تردد أو حاك في صدره ، لعلمه بالحال في الباطن ، أو لشكه فيه ، أو لجهله به ، أو لعلمه جهل المفتي ، أو محاباته في فتواه ، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة ، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة ، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه ، وسكون النفس إليها" انتهى .
"إعلام الموقعين" (4/254) .
فالحديث الذي ذكره السائل إنما يصح الاستدلال به على عكس ما فهمه، فإن معناه أن المسلم إذا استفتى العالم عن شيء من أمر دينه فأباحه له، فلم تطمئن نفسه لذلك، فإن الأولى أن يدع ما يحز في نفسه, ثم إن هذا النوع من الاستفتاء لا يليق بكل أحد، وإنما هو متوجه في حق من استنار قلبه بنور الإيمان, وتزينت جوارحه بالاستقامة،
وقال الشوكاني في إرشاد الفحول: أما قوله صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس" فذلك في الواقعة التي تتعارض فيها الأدلة, قال الغزالي: واستفتاء القلب إنما هو حيث أباح المفتي، أما حيث حرم فيجب الامتناع، ثم لا نقول على كل قلب، فرب قلب موسوس ينفي كل شيء، ورب قلب متساهل يطير إلى كل شيء، فلا اعتبار بهذين القلبين، وإنما الاعتبار بقلب العالم الموفق لدقائق الأحوال، فهو المحك الذي يمتحن به حقائق الأمور، وما أعز هذا القلب. اهـ.


فالحديث إنما هو في باب الورع بترك الأمور المشتبه، على خلاف ما فهمه السائل تمامًا؛ ولذلك جاء في روايات أخرى ذكرها الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم:"استفت نفسَك" قلت: كيف لي بذاك؟ قالَ: "تدعُ ما يريبُك إلى ما لا يريبُك، وإنْ أفتاك المفتون" وفي رواية أخرى بلفظ: "ما أنكر قلبُك فدعه" وفي بعضها بلفظ: "إذا حاك في صدرك شيءٌ فدعه".

قال الشوكاني في إرشاد الفحول: من أحسن ما يستدل به على هذا الباب ـ يعني سد الذرائع ـ ما قدمنا ذكره من قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن حمى الله معاصيه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يواقعه" وهو حديث صحيح, ويلحق به ما قدمنا ذكره من قوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك", وهو حديث صحيح أيضًا، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس" وهو حديث حسن، وقوله صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون" وهو حديث حسن أيضًا. اهـ.




وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أي : حتى وإن أفتاك مفتٍ بأن هذا جائز ، ولكن نفسك لم تطمئن ولم تنشرح إليه فدعه ، فإن هذا من الخير والبر ، إلا إذا علمت في نفسك مرضا من الوسواس والشك والتردد فلا تلتفت لهذا ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يخاطب الناس أو يتكلم على الوجه الذي ليس في قلب صاحبه مرض" انتهى .
"شرح رياض الصالحين" (2/284) .
فالذي يستفتي قلبه ويعمل بما أفتاه به هو صاحب القلب السليم ، لا القلب المريض ، فإن صاحب القلب المريض لو استفتى قلبه عن الموبقات والكبائر لأفتاه أنها حلال لا شبهة فيها !
المصدر
الاسلام سؤال وجواب
اسلام ويب



شبهة حول حديث: استفت قلبك. والرد عليها




#2

افتراضي رد: شبهة حول حديث: استفت قلبك. والرد عليها

بارك الله فيكِ

إظهار التوقيع
توقيع : ام مالك وميرنا
#3

افتراضي رد: شبهة حول حديث: استفت قلبك. والرد عليها

تسلم ايدك

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
60 سؤالا في أحكام الحيض والنفاس للشيخ بن عثيمين رحمه الله شوشو السكرة فتاوي وفقه المرأة المسلمة
{والشمس تجري لمستقر لها} مدام نونا الاعجاز العلمي
أحاديث صحيحة عن فضل مجالس الذكر لافالانتينا السنة النبوية الشريفة
لا تُغلق النوافذ عن قلبك ثمَّة نُور ! Đāłāł منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة
أحاديث رمضانية مشهورة لكنها ضعيفة أو موضوعة جنا حبيبة ماما احاديث ضعيفة او خاطئة


الساعة الآن 10:41 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل