أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون


1. ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾[المجادلة: 1]: حوار كل اثنين مهما استترا عن العيون مسموع ومسجَّل عند الله، فعند كل إساءة أو تجاوز في كلامك تذكر هذه الآية.
2. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾[المجادلة: 2]: قال الآلوسي: «ويُعلَم من الآيات أن الظهار حرام، بل قالوا: إنه كبير؛ لأن فيه إقداما على إحالة حكم الله تعالى وتبديله بدون إذنه، وهذا أخطر من كثير من الكبائر، ومن ثم سماه عز وجل مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً».
3. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: ما أخوفني غدا من ذنوب منسية وهي عند الله مكتوبة محصية.
4. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: ما أخطر أن يجتمع إحصاء الرب مع نسيان العبد!
5. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: خطورة النسيان أنه يؤدي لترك الاستغفار على الذنب، فتتراكم الذنوب، فتقسو القلوب وتموت!
6. ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾[المجادلة: 7]: افتتح الكلام بالعلم وختمه بالعلم، ولهذا قال ابن عباس والضحاك وسفيان الثوي وأحمد بن حنبل: هو معهم بعلمه.
7. ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ﴾[المجادلة: 8]: كانوا إذا دخلوا على النبي ﷺ يخفتون لفظ «السلام عليكم»؛ ويعدلون عن ذلك ويقولون: أنعم صباحا، وهي تحية العرب في الجاهلية؛ لأنهم لا يحبون أن يتركوا عوائد الجاهلية. قاله ابن عباس.. ما هي تحيتك لزملائك؟!
8. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]: الحزن مؤامرة شيطانية وجندي من جنود إبليس ليشوِّش على المؤمنين إيمانهم وعبادتهم.
9. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المجادلة: 10]: في الحديث: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن يُحْزِنَهُ»، والحزن سببه أن يظن أن الاثنين يتناولانه بسوء أو يخفيان عنه شيئا.
10. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]: كان ابن عمر يتحدث مع رجل، فجاء آخر يريد أن يناجيه، فلم يناجِه حتى دعا رابعا، فقال له وللأول: تأخرا، وناجى الرجل الطالب للمناجاة.
11. ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة: 10]: لا شيء يقضي على الأحزان مثل التوكل على الرحمن.
12. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المجادلة: 11]: قال قتادة: «نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا، ضنوا بمجالسهم عند رسول الله ﷺ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض».
13. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المجادلة: 11]: وفي رواية أخرى لقتادة: كان رسول الله ﷺ يكرم أهل بدر، فجاء ناس منهم وقد سُبِقوا في المجالس، فلم يفسح أحدٌ لهم، فشقَّ ذلك على رسول الله، فقال لمن حوله من غير أهل بدر: قم يا فلان، فشقَّ ذلك على من أقيم من مجلسه، وعرف ﷺ الكراهة في وجوههم، وقال المنافقون: ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء، فقال رسول الله ﷺ: «رحم الله رجلا يُفسِح لأخيه»، فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا، ونزلت هذه الآية.




14. ﴿يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 11]: وحذف الله سبحانه متعلِّق ﴿يَفْسَحِ اللهُ﴾ ليشمل كل ما يرجو الناس أن يفسح الله لهم فيه من رزق، ورحمة، وخير دنيوي وأخروي.. انو هذه النية مع كل إفساحٍ تفسِحه في مجلس.
15. ﴿ فَافْسَحوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 11]: مجرد إفساحك لأخيك في المجلس يفسح الله لك به في الدنيا والآخرة، فكيف لو قضيت حاجته أو فرَّجتَ كربته؟!
16. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة: 12]: ذكر ابن عباس أنها نزلت بسبب أن المسلمين كانوا يكثرون المسائل على رسول الله ﷺ حتى شقوا عليه، فأراد الله أن يخفف عن نبيه، فلما نزلت هذه الآية، كف كثير من الناس، ثم وسَّع الله عليهم بالآية التي بعدها.
17. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة: 12]: ذكروا في سبب تقديم الصدقة أسبابا: تعظيم أمر مناجاة الرسول ﷺ وأنها لا تُنال بسهولة، والتخفيف عن النبي ﷺ ليتفرغ لعظيم المهام ، وتهوين الأمر على الفقراء الذين قد يسبقهم الأغنياء إلى مجلس النبي ﷺ، فإذا علموا أن مناجاة الأغنياء تسبقها الصدقة، لم يضجروا.
18. ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [المجادلة: 13]: نزلت بعد عشرة أيام من التي قبلها، ونسخت التي قبلها، وهي من أظهر آيات النسخ، لأنها أسقطت وجوب تقديم الصدقة. قال الألوسي: والظاهر- والله أعلم- أن الحادثة من باب الابتلاء والامتحان، ليظهر للناس محب الدنيا من محب الآخرة، والله بكل شيء عليم.
19. ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [المجادلة: 14]: نزلت في رجل منافق اسمه عبد الله بن نبتل، فقال له النبي ﷺ: «علام تشتمني أنت وأصحابك»، فحلف بالله ما فعل ذلك، فقال له النبي ﷺ: «فعلت» فانطلق فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما سبوه، فنزلت هذه الآية.
20. ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 18]: فيه دليل على أن العبد يبعث على ما مات عليه. قال القاضي عياض: هو عام في كل حالة مات عليها المرء، وقال السيوطي: يبعث الزمار بمزماره، وشارب الخمر بقدحه.
21. اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ﴾ [المجادلة: 19]: هذه عملية أسر متكاملة الأركان، وتجنيد في حزب الشيطان، وملامحها الرئيسية: نسيان الذكر وأعلاه: القرآن!
22. ﴿كتب الله ﻷغلبن أنا ورسلي﴾ [المجادلة: 21]:قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة.
23. ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22]:لا يجتمع في قلب مؤمن إيمان ومحبة أعداء الرحمن، فكيف يجتمع النقيضان؟!
24. ﴿أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ﴾ [المجادلة: 22]: أعطاهم ومنحهم شهادة الإيمان وجعلها في قلوبهم، لأن المودة مكانها القلب، فلما أخلَوْا قلوبهم لله كتب الله في قلوبهم الإيمان
25. ﴿أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]: أكّد ذلك بثلاث مؤكِّدات: (أَلَا) و(إِنَّ) و(هُمُ)

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

26. ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ﴾ [الحشر: 2]: هذا ظن أصحاب رسول الله ﷺ، وهم أفضل الخلق إيمانا بعد الأنبياء، فكان عطاء الله لهم خيرا مما ظنوا، فلا تستعجز قدرة الله أن تحقق أمانيك، وأطلق لآمالك العنان حين تعامل الحنان المنان.
27. ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: 7]: يعني بين الرؤساء والأقوياء، فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا اغتنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه، وتُسمَّى المرباع، ثم يوزع منها بعد المرباع ما شاء، فجعل الله الفيء لرسوله يقسِّمه كما أمره به.
28. ‏﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]: قال ابن عاشور: هذه الآية جامعة للأمر باتباع ما يصدر عن النبي ﷺ من قول أو فعل، ويندرج تحتها جميع أدلة السنة.
29. ‏﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]: في «الصحيحين» عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لعن الله الواشمات والمستوشمات»، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، فجاءت ابن مسعود فقالت: بلغني أنك لعنت كيت وكيت، فقال لها: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ وهو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: ‏﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾.
30. ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]: قال ابن القيم: «الفرق بين الشّحِّ والبخل أنّ الشّحّ هو شدّة الحرص على الشّيء والإحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله، والبخل: منع إنفاقه بعد حصوله وحبّه وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله».
31. ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]: قال ابن مسعود: البخل: «أن تمنع ما تقدر عليه. والشُّحُّ: أن تأخذ مال أخيك بغير حقِّه»، ولذا قال الأزهري: «إن من أخرج زكاته، وعفَّ عن المال الذي لا يحلُّ له، فقد وقي شحَّ نفسه».
32. ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 10]: قال ابن جزي: «يعني من جاء بعد الصحابة وهم التابعون، ومن تبعهم إلى يوم القيامة، وعلى هذا حملها مالك فقال: إن من قال في أحد من الصحابة قول سوء فلا حظ له في الغنيمة والفيء، لأن الله وصف الذين جاءوا بعد الصحابة بأنهم: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ ﴾، فمن قال ضدَّ ذلك فقد خرج عن الذين وصفهم الله».
33. ﴿ يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ هذا قول المنافقين ليهود قريظة والنضير: ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾، ولا نطيع محمدا في قتالكم، ولاحظ علاقة الأخوة بين المنافقين والكافرين، علاقة نسب شيطاني!
34. ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ [الحشر: 12]: في هذه الآية دليل على صحة نبوة النبي ﷺ من جهة علم الغيب، لأنه اليهود أُخرِجوا فلم يخرجوا معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم.
35. ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ [الحشر: 14]: قال ابن عاشور: «وفي الآية تربية للمسلمين ليحذروا من التخالف والتدابر، ويعلموا أن الأمة لا تكون ذات بأس على أعدائها إلا إذا كانت متفقة الضمائر، يرون رأيا متماثلا».
36. ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحشر: 16]: مثل المنافقين في تزيينهم الشر والفساد ليهود بنى النضير، كمثل الشيطان إذ قال للإنسان في الدنيا اكفر بالله، فلما كفر ومات على الكفر، وبعثه الله يوم القيامة، ندم وألقى التبعة على الشيطان الذي تبرأ منه، ووجه الشَّبَه: أن المنافقين تبرأوا من معاونتهم عند ساعة الجد، كما يتبرأ الشيطان من الكافر يوم القيامة.
37. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: قال قتادة: «قرَّب الله القيامة حتى جعلها غدا، وذلك أنها آتية لا محالة، وكل آت قريب».
38. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: قال مالك بن دينار: «مكتوبٌ على باب الجنة: وجدنا ما عملنا، وربحنا ما قدَّمنا، وخسرنا ما خلَّفْنا».
39. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: قال السعدي: «هذه الآية أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللاً تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرا في أمر من أوامر الله، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه، وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة».
40. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: تشمل كلماتك المكتوبة على صفحتك في مواقع التواصل، ومقاطعك المسجلة على اليوتيوب، فهذه حسنات أو سيئات جارية بعد موتك.
41. ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الحشر: 19]: قال ابن القيم: «من نسي ربه، أنساه ذاته ونفسه، فلم يعرف حقيقته ولا مصالحه، بل نسي ما به صلاحه وفلاحه، في معاشه ومعاده، فصار معطلا مهملا، بمنزلة الأنعام السائبة بل ربما كانت الأنعام أخبر بمصالحها منه، لبقائها علي هداها الذي أعطاها إياه خالقها».
42. ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]: قال القرطبي: «حثَّ على تأمل مواعظ القرآن، وبيَّن أنه لا عذر في ترك التدبر، فإنه لو خوطب بهذا القرآن الجبال مع تركيب العقل فيها لانقادت لمواعظه، ولرأيتها على صلابتها ورزانتها خاشعة متصدعة، أي متشققة من خشية الله».
43. ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]: كان مالكُ بنُ دينار يقرأُ هذه الآيةَ ثمَّ يقول: «أقسمُ لكم.. لا يؤمنُ عبدٌ بهذا القرآنِ إلا صُدِع قلبُه».
44. ﴿لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ﴾ [الممتحنة: 3]: لما اعتذر حاطب بأن له أولادا وأرحاما فيما بينهم، بيَّن الرب عز وجل أن الأهل والأولاد لا ينفعون صاحبهم شيئا يوم القيامة إن عصى الله.
45. ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الممتحنة: 4]: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل» . صحيح الجامع رقم: 2539
46. ﴿رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الممتحنة: 5]: لا تسلِّطهم علينا، وتنصرهم علينا، فيظنوا أن ذلك لأنهم على الحق ونحن على الباطل.
47. ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]: عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفتيت رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله .. إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها؟ قال: « نعم..صليها». قال ابن عيينة: فنزل قوله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ﴾.
48. ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]: الإسلام دين الإحسان، فالقسط هو العدل، والبِرُّ فوق العدل!
49. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10]: قال ابن عباس: ««امتحانها أن تُستَحلف ما خرجت لبغض زوج، ولا عشقا لرجل من المسلمين، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا لحدث أحدثته، ولا لالتماس دنيا، وما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبا لله ولرسوله».
50. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: 10]: جاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد صلح الحديبية، فأقبل زوجها في طلبها، وكان كافرا، فقال: يا محمد .. ردَّ عليَّ امرأتي، فإنك قد شرطت أن تردَّ علينا من أتاك منا، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾، فاستحلفها رسول الله ﷺ على ذلك، فحلفت فلم يردَّها، وأعطى زوجَها مهرَها، وكان يرد من جاءه من الرجال، ويحبس من جاءه من النساء بعد الامتحان، ويعطي أزواجهن مهورهن.

يتبع

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون



#2

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

جزاك الله خيرا

إظهار التوقيع
توقيع : نور الأصيل
#3

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

بارك الله فيك

#4

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون


51. ﴿وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا ﴾ [الممتحنة: 10]: عدالة الإسلام! قال القرطبي: «أمر الله تعالى إذا أمسكت المرأة المسلمة أن يُردَّ على زوجها ما أنفق وذلك من الوفاء بالعهد، لأنه لما مُنِعَ من أهله بحرمة الإسلام، أمر برد المال إليه حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين: الزوجة والمال».
52. ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [الممتحنة: 10]: الكوافر جمع الكافرة، فنهى الله المؤمنين عن المقام على نكاح المشركات، فمن كانت له امرأة كافرة بمكة، فقد انقطعت عصمة الزوجية بينهما. قال الزهري: فلما نزلت هذه الآية طلَّق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين.
53. ﴿وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ [الممتحنة: 12]: قال ابن تيمية: «ومعصيته لا تكون إلا في معروف؛ فإنه لا يأمر بمنكر، لكن هذا كما قيل: فيه دلالة على أن طاعة أولي الأمر إنما تلزم في المعروف، كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «إنما الطاعة في المعروف».
54. ﴿لِمَ تقولونَ ما لا تَفْعَلونَ﴾ [الصف: 2]: قال القشيري: «خلف الوعد مع كلِّ أحد قبيح، ومع الله أقبح».
55. ﴿لِمَ تقولونَ ما لا تَفْعَلونَ﴾ [الصف: 2]: في الحديث: «أتيتُ ليلة أسري بي على قوم تُقرَض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قُرِضَت وَفَت، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله، ولا يعملون به» . صحيح الجامع رقم: 129
56. ﴿لِمَ تقولونَ ما لا تَفْعَلونَ﴾ [الصف: 2]:قال الشَّعبِي: «ما خطب خطيب فِي الدُّنْيَا إِلَّا سيعرض الله عليه خطبَته ما أراد بها».
57. ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3]: والمقت هو البغض، ومن استوجب مقت الله لزمه العذاب، قال صاحب الكشاف: المقت أشد البغض وأبلغه وأفحشه، ومنه نكاح المقت لتزوج الرجل امرأة أبيه، ولم يقتصر على أن جعل بغض الله كبيرا حتى جعل أشده وأفحشه لمن خالف قوله فعله.
58. ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3]: «مَثَل العالم الذي يعلِّم الناس الخير وينسى نفسه، كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه» . صحيح الجامع رقم: 5831
59. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]: صفا توحي بوحدة الهدف، وتآلف القلوب، وجودة النظام، وشرعية العمل الجماعي، وحسن التعاون، وروح الفريق.. فكل هذا يحبه الله.
60. ﴿كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4]: البناء قوي بتماسكه، لكن لبناته لا قيمة لها وهي متفرقة، وكذلك هو الفارق بين العمل الفردي والجماعي.
61. ﴿كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4]: الإسلام دين النظام، ففي أحلك الظروف وساحة القتال أمَرَنا الله بالنظام، فما بالك بأوقات الرخاء؟!
62. ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف: 5]: بداية الزيغ من العبد، ثم يعاقبه عليها الرب، فلا يضل قوم ابتداء ؛ بل يبين لهم الطريق ، فإن اختاروا الضلال ؛الإنسان مخير لا مسير في أمر الهداية.
63. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8]: مهما كثر النافخون ولو كانوا كل الخلق، فلن يستطيعوا إطفاء نور الشمس، فكيف بنور الله!
64. ﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون﴾ [الصف: 8]: لا تقلق على دين الله ودعوته، لكن اقلق على نفسك أن لا يكون لك موضع قدم في سفينة العاملين لدينه والمنافحين عن دعوته.
65. ﴿وأُخْرَى تُحِبُّونهَا نَصْرٌ من اللهِ وفَتحٌ قَرِيبٌ﴾: غاية المؤمن الأساسية رضا الله والجنة، وما عدا ذلك من النصر والتمكين لا يعدو أن يكون هدفا ثانويا، عبَّر عنه بقوله: ﴿وأُخْرَى﴾.
66. روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين.
67. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾ [الجمعة: 5]: يا قارئ القرآن: هل تفهم ما تقرأ؟ وهل تعلم ما تقول؟!
68. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾ [الجمعة: 5]: قال ابن القيم: «فهذا المثل وإن كان قد ضُرِب لليهود، فهو متناول من حيث المعنى، لمن حمل القرآن، فترك العمل به، ولم يؤدِّ حقه، ولم يرعه حق رعايته».
69. ﴿وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الجمعة: 7]: المسيء يكره الموت، والمحسن لا يهابه. قال معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة: «مرحباً بالموت زائر مغيب، وحبيب جاء على فاقة».
70. ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: 8]: تحاول الفرار من الموت وتظنه وراءك، فإذا به أمامك!
71. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9]: قال القاسمي: «قال بعضهم: قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث: افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه فكذبهم بقوله: ﴿فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [البقرة: 94]، وبأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم، فشبَّههم بالحمار يحمل أسفارا، وبالسبت وليس للمسلمين مثله، فشرع الله لهم الجمعة».
72. ﴿إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]: قال السيوطي: «فيها مشروعية صلاة الجمعة، والأذان لها والسعي إليها، وتحريم البيع بعد الأذان، واستدل بالآية من قال إنما يجب إتيان الجمعة على من كان يسمع فيه النداء، ومن قال لا يحتاج إلى إذن السلطان، لأنه تعالى أوجب السعي، ولم يشترط إذن أحد، ومن قال لا تجب على النساء لعدم دخولهن في خطاب الذكور».
73. ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: 11]: قدم دحية الكلبي بتجارة من الشام، وذلك قبل أن يُسلِم، وكان ذلك أثناء الخطبة، فترك الصحابة النبي ﷺ يخطب حتى ما بقي مع النبي ^ إلا اثنا عشر صحابيًّا، فقال النبي ^: « والذي نفسي بيده.. لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحدٌ، لسال عليكم الوادي نارًا».
74. ﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الجمعة: 11]: أعلمهم الله أن ما عنده من ثواب صلاتهم واستماع الخطبة خيرٌ لهم من لذة لهوهم وفوائد تجارتهم، قال السعدي: (وإنْ حصل منها بعض المقاصد، فإن ذلك قليلٌ منغَّص، مُفوِّتٌ لخيرِ الآخرة، وليس الصبر على طاعة الله مُفوِّتًا للرزق، فإن الله خير الرازقين، فمن اتقى الله رزَقَه من حيث لا يحتسب، ومن قدَّم الاشتغال بالتجارة على طاعة الله لم يُبارَك له في ذلك، وكان هذا دليلًا على خُلُوِّ قلبه من ابتغاء الفضل من الله، وانقطاع قلبه عن ربه، وتعلُّقِه بالأسباب، وهذا ضررٌ محضٌ يعقُب الخسران).
75. أخرج مسلم في صحيحه: «كان رسول الله ﷺ يقرأ - أحيانا - في الركعة الأولى بسورة الجمعة، وفي الأخرى: إذا جاءك المنافقون».


يتبع

#5

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

77. حكمة ربانية! كثير من المنافقين لا يأتون الصلاة إلا يوم الجمعة، فيسمعون سورة (المنافقون)، وتقرع اسماعهم زواجر الآيات عن قبيح صفاتهم، فكأنها جلسة مصارحة إجبارية، وفصل من فصول الوعظ الإلزامي.
78. ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4]: هذا اللفظ يقتضي الحصر، أي لا عدوَّ إلا هم، ولم يُرِدْ الله هنا حصر العداوة في المنافقين، بل هو من باب إثبات الأولوية والأحقية لهم في الوصف بالعداوة.
79. ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4]: الحرب مع الأعداء أيام وتنقضي، وأما المنافقون فمقامهم مع المسلمين في الديار والمنازل صباح مساء، يدلّون العدو على عورات المؤمنين، ويتربَّصون بهم الدوائر ، لذا كانوا أحقَّ بالعداوة من العدو الظاهر.
80. ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4]: قال الفيلسوف الألماني كارل شميت في تعريف السياسة: «إن السياسة هي قبل كل شيء القدرة على استكشاف العدو«.
81. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المنافقون:5]: لما صدَّق اللهُ زيد بن أرقم في ما أخبر به عن عبد لله بن أبي، مقت الناس ابن أبي، وقال له بعضهم: امض إلى رسول الله يستغفر لك، فلوى رأسه وقال: لقد أشرتم عليَّ بالإيمان فآمنت، وأشرتم عليَّ بأن أعطي زكاة مالي فأعطيت، ولم يبق لكم إلا أن تأمرونى بالسجود لمحمد!
82. ﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ﴾ [المنافقون:7]: التضييق على أهل الإيمان في أرزاقهم أسلوب من أساليب المنافقين في كل العصور، ودليل على قلة الفقه وغياب اليقين.
83. ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ﴾ [المنافقون:8]: قال زيد بن أرقم: «خرجنا مع النبي ﷺ في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذلّ. فأتيت النبي ﷺ فأخبرته، فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل. قالوا: كَذَب زيدْ رسولَ الله ﷺ، فوقع في نفسي مما قالوا شدَّة، حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في: ﴿إِذا جاءَكَ المنافِقونَ﴾.
84. ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون:9]: الخاسر الحقيقي ليس في التجارة والأموال، بل المشغول عن ذكر الله.
85. ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون:10]: قال ابن عباس: «هذه الآية أشد على أهل التوحيد، لأنه لا يتمنى الرجوع في الدنيا أو التأخير فيها أحد له عند الله خير في الآخرة».
86. قال ابن عباس: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه، أو تجب عليه فيه زكاة، فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت، فقيل له: إنما يسأل الرجعة الكفار، فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآنا، ثم قرأ هذه الآية ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ﴾.
87. حديث نبوي يشرح آية قرآنية! قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهِل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، ألا وقد كان لفلان كذا». صحيح الجامع رقم: 1111
88. ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن:9]: قال الآلوسي: «التغابن تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ، والمراد بالمغبون من غُبِن في أهله ومنازله في الجنة، فيظهر يومئذ غُبْنُ كل كافر بترك الإيمان، وغُبْنُ كلِّ مؤمن بتقصيره في الإحسان».
89. ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [التغابن:11]: وكأن المصيبة تستأذن ربها أولا، فإن أذن لها نزلت وإلا تراجعت، فلا تظن أن شيئا أصابك إلا بإذنه.
90. ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن:11]: قال ابن عباس: «يَهْدِ قَلْبَهُ لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه».
91. ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن:13]: قال ابن القيم: «قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوى إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفاً، فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد».
92. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن:14]: قال عطاء بن يسار: «نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه فقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق فيقيم، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ..﴾».
93. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التغابن:14]: آية فيها عزاء لمن ابتُلِي بزوج ناشز، أو ولدٍ عاق، فصبر على ذلك وعفا عنهم، وفي وعد الله له بالمغفرة تسلية لهذا المبتلى.
94. ﴿ إِنَّ (مِنْ) أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ﴾: اتخذها منهجًا في حياتك: لا تُعمِّم!
95. ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [التغابن:15]: أي بلاء واختبار قد يحملكم على كسب الحرام، ومنع حق الله تعالى، فلا تطيعوهم في معصية الله.
96. ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [التغابن:15]:قال ابن مسعود: «لا يقولن أحدكم: اللهم اعصمني من الفتنة، فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن ليقل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن».
97. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]: قال سعيد بن جبير: «لما نزلت: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورِمَت أقدامهم، فأنزل الله هذه الآية ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ تخفيفا على المسلمين».
98. ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ [التغابن:17]: والله شكور يعطي على العمل اليسير الأجر الكثير، وحليمٌ لا يعاجِل بالعقوبة.
99. ﴿إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق:1]: إرشاد المؤمنين إلى ما يجب عليهم اتباعه إذا أرادوا طلاق أزواجهم، ونهيهم عن إيقاع الطلاق حالَ الحيض، لكونه طلاقا بدعيا محرَّما، ولكنه مع ذلك يعتبر نافذا. قال القرطبي: «من طلَّق في طُهْرٍ لم يجامع فيه، نفذ طلاقه وأصاب السنة، وإن طلَّقها وهي حائض نفذ طلاقه وأخطأ السنة».
100. ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق:1]: حق المطلقة أن تبقى في بيتها فترة العدة، هذا شرع الله، فما بال الناس ضربوا به عرض الحائط وخالفوه.



يتبع

#6

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

101. ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1]: لست حرا بل عبد، فلا تتجاوز حدودك مع الله، وإلا كنت ظالما.
102. ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾ [الطلاق:1]: ﴿يُحْدِثُ﴾ : ينشئ بلا مقدمات، وينشئ ماذا؟ أمرا إلهيا نافذا!
103. ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق:2]: ثبات الأخلاق من علامات قوة الإيمان.
104. ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق:2]: كلما كانت التقوى أقوى كان المخرج من الشدة أقرب.
105. ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3]: قال ابن مسعود: «إن أكثر آية تفويضا في القرآن: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾».
106. ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3]: قال ابن القيم: «فلما ذكر كفايته للمتوكل عليه، فربما أوهم ذلك تعجيل الكفاية وقت التوكل، فعقَّبه بقوله: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3] أي وقتا لا يتعداه فهو يسوقه إلى وقته الذي قدره له، فلا يستعجل المتوكل ويقول: قد توكلت، ودعوتُ فلم أر شيئا ولم تحصل لي الكفاية، فالله بالغ أمره في وقته الذي قدره له»
107. ﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: 6]: والائتمار معناه التشاور، وسُمِّي التشاور بذلك لأن المتشاورين في مسألة، يأمر أحدهما الآخر بشيء فيستجيب لأمره، فعليكم أيها الآباء والأمهات بالتشاور فيما ينفع أولادكم في ما يتعلق بالرضاعة والأجر عليها وغيرهما.
108. ﴿وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى﴾ [الطلاق: 6]: التعاسر مأخوذ من العسر الذي هو ضد اليسر، يقال تعاسر المتبايعان، أي لم يتفقا على شيء، بأن امتنع الأب عن دفع أجرة الأم، أو امتنعت الأم عن الإرضاع إلا بأجر معين، فللأب البحث عن مرضعة أخرى.
109. ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ﴾ [الطلاق: 7]:
فيه توجيه بأن ينفق كل واحد على مقدار حاله، ولا يكلف الزوج ما لا يطيق، وأن اختلاف أحوال الناس في النفقة طبيعي.
110. ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7]: ولم يقل (سوف) يجعل لشدة قرب الفرج كلما اشتدت الكرب، فكيف ييأس من يقرأ آية كهذه؟!
111. ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ [التحريم: 3]: قال سفيان: «ما زال التغافل من فعل الكرام»، وقال الحسن: «ما استقصى كريم قط».
112. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾ [التحريم: 8]: قال القرظي: «يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود بالجنان ومهاجرة سيئ الإخوان».
113. ﴿كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [التحريم: 10]: الخيانة هنا ليست الزنا! قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس: إنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط، فكانت تدُلُّ على الضيف، فتلك خيانتها».
114. ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: 11]: قال ابن القيم: «فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة، فإن الجار قبل الدار».
115. ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: 12]:قال البيضاوي: «القانتين: من عداد المواظبين على الطاعة، والتذكير للتغليب والإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عُدَّت من جملتهم».
116. ذكر الله ثلاثة أصناف للنساء: المرأة الكافرة التي لها صلة برجل صالح وهي امرأة نوح وامرأة لوط، والمرأة الصالحة التي لها صلة برجل كافر وهي آسيا امرأة فرعون، والمرأة العزباء التي لا صلة بينها وبين أحد وهي مريم عليها السلام، فالأولى: لا تنفعها صِلتها، والثانية: لا تضرها صلتها، والثالثة: لا يضرها عدم وجود الصِّلة شيئا.
117. قال يحيى بن سلام: «ضرب الله المثل الأول يحذر عائشة وحفصة، ثم ضرب لهما المثل الثاني يحرضهما على التمسك بالطاعة، وفي ضرب المثل للمؤمنين بمريم اعتبار آخر: وهو أنها لم يضرها عند الله شيئا قذف أعداء الله اليهود لها، ونسبتهم إياها وابنها إلى ما برَّأها الله عنه، مع كونها الصديقة الكبرى المصطفاة على نساء العالمين، فلا يضر الرجل الصالح قدح الفجار والفساق فيه، وفي هذه تسلية لعائشة أم المؤمنين إن كانت السورة نزلت بعد قصة الإفك».



يتبع

#7

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

118. ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾[المجادلة: 1]: ما أدق تعبير القرآن، فالمرأة تجادل رسول الله ﷺ في زوجها، أما شكواها فلا ترفعها إلا إلى الله.
119. ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾[المجادلة: 1]: حوار كل اثنين -مهما استترا عن العيون مسموع ومسجَّل عند الله، فعند كل إساءة أو تجاوز في كلامك تذكر هذه الآية.
129. ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ﴾[المجادلة: 2]: قال الآلوسي: «ويُعلَم من الآيات أن الظهار حرام، بل قالوا: إنه كبير؛ لأن فيه إقداما على إحالة حكم الله تعالى وتبديله بدون إذنه، وهذا أخطر من كثير من الكبائر، ومن ثم سماه عز وجل مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُورا».
130. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: ما أخوفني غدا من ذنوب منسية وهي عند الله مكتوبة محصية.
. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: ما أخطر أن يجتمع إحصاء الرب ونسيان العبد!
. ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ﴾[المجادلة: 6]: خطورة النسيان أنه يؤدي لترك الاستغفار على الذنب، فتتراكم الذنوب، فتقسو القلوب!
131. ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ﴾[المجادلة: 8]: كانوا إذا دخلوا على النبي ﷺ يخفتون لفظ «السلام عليكم»؛ ويعدلون عن ذلك ويقولون: أنعِم صباحا، وهي تحية العرب في الجاهلية؛ لأنهم لا يحبون أن يتركوا عوائد الجاهلية. قاله ابن عباس، فما هي تحيتك لزملائك؟!
132. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]: الحزن مؤامرة شيطانية ومن جنود إبليس ليشوِّش على المؤمنين إيمانهم وعبادتهم.
. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المجادلة: 10]: في الحديث: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن يُحْزِنَهُ»، وسبب الحزن أن يظن أن الاثنين يتناولانه بسوء أو يخفيان عنه شيئا.
. ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]: كان ابن عمر يتحدث مع رجل، فجاء آخر يريد أن يناجيه، فلم يناجِه حتى دعا رابعا، فقال له وللأول: تأخرا، وناجى الرجل الطالب للمناجاة.
133. ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة: 10]: لا يقضي على الأحزان مثل التوكل على الرحمن.
134. ﴿يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 11]: وحذف الله سبحانه متعلِّق ﴿يَفْسَحِ اللهُ﴾ ليشمل كل ما يرجو الناس أن يُفسِح الله لهم فيه من رزق، ورحمة، وخير دنيوي وأخروي.. استحضر هذه النية مع كل إفساحٍ في مجلس.
. ﴿ فَافْسَحوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 11]: مجرد إفساحك لأخيك في المجلس يفسح الله لك به في الدنيا والآخرة، فكيف لو قضيت له حاجته أو فرَّجتَ كُربَته؟!
135. اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ﴾ [المجادلة: 19]: عملية أسر متكاملة الأركان، وتجنيد في حزب الشيطان، وملامحها الرئيسية: نسيان الذكر، وأعلاه: القرآن!
136. ﴿كتب الله ﻷغلبن أنا ورسلي﴾ [المجادلة: 21]:قال الزجاج: غلبة الرسل على نوعين: من بُعِث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة.
137. ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22]:لا يجتمع في قلب مؤمن إيمان ومحبة أعداء الرحمن، فكيف يجتمع النقيضان؟!
138. ﴿أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ﴾ [المجادلة: 22]: أعطاهم ومنحهم شهادة الإيمان وجعلها في قلوبهم، لأن المودة مكانها القلب، فلما أخلَوْا قلوبهم لله كتب الله فيها الإيمان
139. ﴿أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: 22]: أكّد ذلك بثلاث مؤكِّدات: (أَلَا) و(إِنَّ) و(هُمُ).َ
140. ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ﴾ [الحشر: 2]: هذا ظن أصحاب رسول الله ﷺ، وهم أفضل الخلق إيمانا بعد الأنبياء، فكان عطاء الله لهم خيرا مما ظنوا، فلا تستعجز قدرة الله أن تحقق أمانيك، وأطلق لآمالك العنان حين تعامل الكريم المنان.
141. ‏﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]: قال ابن عاشور: هذه الآية جامعة للأمر باتباع ما يصدر عن النبي ﷺ من قول أو فعل، ويندرج تحتها جميع أدلة السنة.
142. ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]: قال ابن القيم: «الفرق بين الشّحِّ والبخل أنّ الشّحّ هو شدّة الحرص على الشّيء والإحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله، والبخل: منع إنفاقه بعد حصوله وحبّه وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله».
143. ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]: قال ابن مسعود: «البخل: أن تمنع ما تقدر عليه. والشُّحُّ: أن تأخذ مال أخيك بغير حقِّه»، ولذا قال الأزهري: «إن من أخرج زكاته، وعفَّ عن المال الذي لا يحلُّ له، فقد وقي شحَّ نفسه».
144. ﴿ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 10]: قال سعيد بن بريد النباجي: «ينبغي أن نكون بدعاء إخواننا أوثق منا بأعمالنا، نخاف في أعمالنا التقصير، ونرجو أن نكون في دعائهم لنا مخلصين».
. قال رجل لأويس القرني: صِلْنا يا أويس بالزيارة، فقال له: قد وصلتك بما هو خير من الزيارة واللقاء، وهو الدعاء بظهر الغيب؛ إن الزيارة واللقاء ينقطعان، والدعاء يبقى ثوابه.
145. ﴿ يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ [الحشر: 11]: هذا قول المنافقين ليهود قريظة والنضير: ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾، ولا نطيع محمدا في قتالكم، ولاحظ علاقة الأخوة بين المنافقين والكافرين، علاقة نسب شيطاني

#8

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون

146. ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ [الحشر: 12]: هذه الآية دليل على صحة نبوة النبي ﷺ من جهة علم الغيب، لأنه اليهود أُخرِجوا فلم يخرجوا معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم.
147. ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ [الحشر: 14]: قال ابن عاشور: «وفي الآية تربية للمسلمين ليحذروا من التخالف والتدابر، ويعلموا أن الأمة لا تكون ذات بأس على أعدائها إلا إذا كانت متفقة الضمائر، يرون رأيا متماثلا».
148. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: قال قتادة: «قرَّب الله القيامة حتى جعلها غدا، وذلك أنها آتية لا محالة، وكل آت قريب».
. ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: 18]: تشمل كلماتك المكتوبة على صفحتك في مواقع التواصل، ومقاطعك المسجلة على يوتيوب، فهذه حسنات أو سيئات جارية بعد موتك.
149. ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]: كان مالكُ بنُ دينار يقرأُ هذه الآيةَ ثمَّ يقول: «أقسمُ لكم.. لا يؤمنُ عبدٌ بهذا القرآنِ إلا صُدِع قلبُه».
150. ﴿إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الممتحنة: 4]: في الحديث: «أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل» . صحيح الجامع رقم: 2539
151. ﴿رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الممتحنة: 5]: لا تسلِّطهم علينا، وتنصرهم علينا، فيظنوا بذلك أنهم على الحق ونحن على الباطل.
152. ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾ [الممتحنة: 7]: لا تُفرِط في عداوة أحد، ولا تقطع حبل وصلك بينك وبينه، واجعل بينك وبينه شعرة لا تنقطع، ودع بابا بينكما لا يُغلَق.
153. ﴿أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]: الإسلام دين الإحسان، فالقسط هو تمام العدل، والبِرُّ فوق العدل!
154. ﴿وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾ [الممتحنة: 12]: قال ابن تيمية: «ومعصيته لا تكون إلا في معروف؛ فإنه لا يأمر بمنكر، لكن هذا كما قيل: فيه دلالة على أن طاعة أولي الأمر إنما تلزم في المعروف، كما ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: «إنما الطاعة في المعروف».
155. ﴿لِمَ تقولونَ ما لا تَفْعَلونَ﴾ [الصف: 2]: قال الشَّعبِي: «ما خطب خطيب فِي الدُّنْيَا إِلَّا سيعرض الله عليه خطبَته ما أراد بها».
156. ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: 3]: في الحديث: «مَثَل العالم الذي يعلِّم الناس الخير وينسى نفسه، كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه» . صحيح الجامع رقم: 5831
157. ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]: ﴿صفا﴾ توحي بوحدة الهدف، وتآلف القلوب، وجودة النظام، وشرعية العمل الجماعي، وحسن التعاون، وروح الفريق.. فكل هذا يحبه الله.
158. ﴿كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4]: البناء قوي بتماسكه، لكن لبناته لا قيمة لها وهي متفرقة، وكذلك هو الفارق بين العمل الفردي والجماعي.
. ﴿كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف: 4]: الإسلام دين النظام، ففي أحلك الظروف وساحة القتال أمَرَنا الله بالنظام، فما بالك بأوقات الرخاء؟!
159. ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8]: مهما كثر النافخون ولو كانوا كل الخلق، فلن يستطيعوا إطفاء نور الشمس، فكيف بنور الله!
. ﴿يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون﴾ [الصف: 8]: لا تقلق على دين الله ودعوته، لكن اقلق على نفسك أن لا يكون لك موضع قدم في سفينة العاملين لدينه والمنافحين عن دعوته.
160. ﴿وأُخْرَى تُحِبُّونهَا نَصْرٌ من اللهِ وفَتحٌ قَرِيبٌ﴾: غاية المؤمن الأساسية رضا الله والجنة، وما عدا ذلك من النصر والتمكين لا يعدو أن يكون هدفا ثانويا، عبَّر عنه بقوله: ﴿وأُخْرَى﴾.
161. روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين.
ورواه الطبراني بلفظ آخر فيه توضيح: كان رسول الله ﷺ مما يقرأ في صلاة الجمعة بـ: ﴿الجُمُعَة﴾؛ فيحرِّض به المؤمنين، وفي الثانية بسورة ﴿المُنَافِقِين﴾ ؛ فيقرِّع به المنافقين.
162. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾ [الجمعة: 5]: يا قارئ القرآن: هل تفهم ما تقرأ؟ وهل تعلم ما تقول؟!
. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ﴾ [الجمعة: 5]: قال ابن القيم: «فهذا المثل وإن كان قد ضُرِب لليهود، فهو متناول من حيث المعنى، لمن حمل القرآن، فترك العمل به، ولم يؤدِّ حقه، ولم يرعه حق رعايته».
163. ﴿وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الجمعة: 7]: المسيء يكره الموت، والمحسن لا يهابه، ولذا قال معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة: «مرحبا بالموت زائر مغيب، وحبيب جاء على فاقة».
164. ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: 8]: تحاول الفرار من الموت وتظنه وراءك، فإذا به أمامك!
165-﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [المنافقون:4]: قال الفيلسوف الألماني كارل شميت في تعريف السياسة: «إن السياسة هي قبل كل شيء القدرة على استكشاف العدو«.

#9

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن والعشرون


166. ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [المنافقون:9]: استخدم لفظ تلهكم بدلا من تشغلكم، لأن من الشغل ما هو محمود، كما في الحديث: «إن من الصلاة لشغلا»، وأما الإلهاء فهو مذموم في كل الأحوال.

. ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون:9]: الخاسر الحقيقي ليس في التجارة والأموال، بل المشغول عن ذكر الله.

167. ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ [التغابن:9]: قال الآلوسي: «التغابن تفاعل من الغبن وهو فوت الحظ، والمراد بالمغبون من غُبِن في أهله ومنازله في الجنة، فيظهر يومئذ غُبْنُ كل كافر بترك الإيمان، وغُبْنُ كلِّ مؤمن بتقصيره في الإحسان».

168. ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [التغابن:11]: وكأن المصيبة تستأذن ربها أولا، فإن أذن لها نزلت وإلا تراجعت، فلا تظن أن شيئا أصابك إلا بإذن ربك.

. ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن:11]: قال إبراهيم بن إسحاق: «أجمع عقلاء كل ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه».

169. ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن:11]: قال ابن عباس: «يَهْدِ قَلْبَهُ لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه».

170. ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التغابن:13]: قال ابن القيم: «قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوى إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفاً، فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد».

171. ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التغابن:14]: آية فيها عزاء لمن ابتُلِي بزوج ناشز، أو ولدٍ عاق، فصبر عليهم وعفا عنهم، وفي وعد الله له بالمغفرة تسلية لهذا المبتلى.

172. ﴿ إِنَّ (مِنْ) أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ﴾: اتخذها منهجًا في حياتك: لا تُعمِّم!

173. ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [التغابن:15]: أي بلاء واختبار قد يحملكم على كسب الحرام، ومنع حق الله تعالى، فلا تطيعوهم في معصية الله.

174. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]: قال سعيد بن جبير: «لما نزلت: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورِمَت أقدامهم، فأنزل الله هذه الآية ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ تخفيفا على المسلمين».

175. ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]: هل هذا تخفيف أم تكليف؟! الأمران محتملان، لكن أكثر الناس يحمل الآية على التخفيف دون التكليف، ويتخذونها ذريعة للتخفف والتهرب من التكاليف الشرعية.

176. ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ [التغابن:17]: والله شكور يعطي على العمل اليسير الأجر الكثير، وحليمٌ لا يعاجِل بالعقوبة.

177. ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق:1]: حق المطلقة أن تبقى في بيتها فترة العدة، هذا شرع الله، فما بال كثير من الناس ضربوا به عرض الحائط وخالفوه.

. ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق:1]: ونسبة البيت إلى المرأة فيه دلالة على أهمية إعطائها سلطة فيه وصلاحيات في اختيار أثاثه وإدارة شؤونه، فهو مملكتها.

178. ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق:1]: لست حرا بل أنت عبد، فلا تتجاوز حدودك مع الله، وإلا كنت ظالما.

179. ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ﴾ [الطلاق:1]: ﴿يُحْدِثُ﴾ : ينشئ بلا مقدمات، وينشئ ماذا؟ أمرا إلهيا نافذا!

180. ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق:2]: ثبات الأخلاق من علامات قوة الإيمان.

71. ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق:2]: كلما كانت التقوى أقوى كان المخرج من الشدة أقرب.

181. ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3]: قال ابن مسعود: «إن أكثر آية تفويضا في القرآن: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾».

182. ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3]: قال ابن القيم: «فلما ذكر كفايته للمتوكل عليه، فربما أوهم ذلك تعجيل الكفاية وقت التوكل، فعقَّبه بقوله: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3] أي وقتا لا يتعداه فهو يسوقه إلى وقته الذي قدره له، فلا يستعجل المتوكل ويقول: قد توكلت، ودعوتُ فلم أر شيئا ولم تحصل لي الكفاية، فالله بالغ أمره في وقته الذي قدره له»

183. (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) [الطلاق: 6]: إذا ولدت المطلقة، ورضيت أن ترضع ابنها، فعلى الرجل أن يدفع لها أجر الرضاعة.

184. ﴿وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى﴾ [الطلاق: 6]: التعاسر مأخوذ من العسر الذي هو ضد اليسر، يقال تعاسر المتبايعان، أي لم يتفقا على شيء، بأن امتنع الأب عن دفع أجرة الأم، أو امتنعت الأم عن الإرضاع إلا بأجر معين، فللأب البحث عن مرضعة أخرى.

185. ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ﴾ [الطلاق: 7]: توجيه بأن ينفق كل واحد على مقدار حاله، ولا يكلف الزوج ما لا يطيق، وأن اختلاف أحوال الناس في النفقة أمر طبيعي.

186. ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7]: ولم يقل (سوف يجعل) لشدة قرب الفرج كلما اشتدت الكرب، فكيف ييأس من يقرأ آية كهذه؟!

187. ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ [التحريم: 3]: قال سفيان: «ما زال التغافل من فعل الكرام»، وقال الحسن: «ما استقصى كريم قط».

188. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾ [التحريم: 8]: قال القرظي: «يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود بالجنان ومهاجرة سيئ الإخوان».

. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً ﴾ [التحريم: 8]: ليست التوبة بالكلام بل بالأفعال! قال الجيلاني: «التوبة قلب دولة! من تاب ولم يغيِّر ما كان عليه قبل التوبة فقد كذب في توبته».

189. ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: 11]: قال ابن القيم: «فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة، فإن الجار قبل الدار».

190. ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ﴾ [التحريم: 12]:قال البيضاوي: «القانتين: من عداد المواظبين على الطاعة، والتذكير للتغليب والإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عُدَّت من جملتهم».



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء السابع والعشرون امانى يسرى القرآن الكريم
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ حياه الروح 5 شخصيات وأحداث تاريخية
جوانب من الحياة الشخصية والاجتماعية لسيف الله (خالد بن الوليد)رضي الله عنه المشتاقة الى رسول الله قصص الانبياء والرسل والصحابه
خــالـــد بن الولـــيـــد الـمـتـألـقـة شخصيات وأحداث تاريخية
[قصص مرعبة] روايه صائد الإنس كامله , قصص وروايه رعب عن الجن حياه الروح 5 قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 12:59 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل