أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي تفسير الربع الرابع عشر والخامس عشر من سورة البقرة بأسلوب بسيط

تفسير الربع الرابع عشر والخامس عشر من سورة البقرة بأسلوب بسيط






تفسير الربع الرابع عشر من سورة البقرة بأسلوب بسيط




الآية 219، 220: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنْ ﴾ حُكم تعاطِي ﴿ الْخَمْرِ ﴾ شُربًا وبَيعًا وشِراءً، والخمرُ هو كل مُسكِرٍ غَطَّى العقلَ وأذهَبَهُ (مشروبًا كانَ أو مَأكولاً، أو تَمَّ إدخالهُ للجسَد بأي وَسِيلة)، ﴿ وَالْمَيْسِرِ ﴾: أي: ويسألونك عن حُكم القمار - وهو أَخْذُ المال أو إعطاؤه بالمُقامَرة، وهي المُغالبات التي فيها عِوَض من الطرفين، ﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ﴾: أي أضرارٌ ومَفاسدُ كثيرة في الدِين والدنيا، والعقول والأموال، ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس ﴾: أي وفيهما منافعُ للناس مِن جهة كَسْب الأموال وغيرها، ﴿ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ إذ يَصُدَّان عن ذِكر الله وعن الصلاة، ويُوقعان العداوة والبَغضاء بين الناس، ويُتلِفان المال، وكان هذا تمهيدًا لتحريمِهِمَا، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ﴾: أي عن القَدْر الذي يُنفقونه مِن أموالِهم تبرُعًا وصدقة، ﴿ قُلِ الْعَفْوَ ﴾: أي أنفِقوا القَدْر الذي يَزيدُ على حاجاتِكم الضرورية، ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لعلكم تتفكرونَ ﴾ فيما ينفعُكم ﴿ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ﴾: كيف يتصرفون معهم في مَعاشهم وأموالهم؟ ﴿ قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ﴾: أي إصلاحُكم لهم خيرٌ، فافعلوا الأنفعَ لهم دائمًا، ﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ ﴾ في سائر شؤون المعاش: ﴿ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾: أي فهُم إخوانكم في الدِين، وعلى الأخ أن يُراعي مصلحة أخيه؛ فقد قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم - كما في الصَحِيحَيْن (البخاري ومُسلِم) -: ((لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأِخيهِ ما يُحِبُّ لِنفسِه))، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ ﴾ المُضَيِّع لأموال اليتامى ﴿ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ الحريص على إصلاحها، ﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ ﴾: أي لضيَّقَ وشَقَّ عليكم بتحريم مُخالطةِ أموالِهِم ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.

الآية 221: ﴿ وَلا تَنكِحُوا ﴾: أي ولا تتزوجوا ﴿ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾: أي حتى يَدخُلنَ في الإسلام، ﴿ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ ﴾: أي واعلموا أنَّ امرأة مَمْلوكَة لا مال لها ولا حَسَب، ولكنها مؤمنةً ﴿ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ﴾ حُرَّة، ﴿ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ هذه المُشركة الحرة، ﴿ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ ﴾: أي ولا تُزَوِّجوا نساءَكُم المؤمنات - إماءً كانوا أو حَرائِر - للمشركين ﴿ حَتَّى يُؤْمِنُوا ﴾ بالله ورسوله، ﴿ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ ﴾ - وإنْ كانَ فقيرًا - ﴿ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُم ﴾ هذا المُشرك، ﴿ أُوْلَئِكَ ﴾ المُتصِفون بالشِرك - رجالاً ونساءً ﴿ يَدْعُونَ ﴾ كل مَن يُعاشرُهم ﴿ إِلَى النَّارِ ﴾: أي إلى ما يُؤدي به إلى النار، ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو ﴾ عباده إلى دينِهِ الحق، المُؤَدِّي بهم ﴿ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ﴾ ومَشيئتِهِ، فهو سُبحانهُ يَهدي مَن يشاءُ بفضلِهِ ورحمتِه، ويُضِلُّ مَن يشاءُ بعَدْلِهِ وحكمته، وقد أخبرَ تعالى - في آياتٍ أخَر - أنه يَهدِي إليهِ مَن أنابَ - يعني رَجَعَ إليه تائبًا - وأنه يُضِلُّ الظالمين، ويُضِلُّ الفاسقين، ﴿ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ فيَعتبروا.

الآية 222: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ - وهو الدَم الذي يَسِيلُ من رَحِمُ المرأة بعد بلوغها في أوقاتٍ مُعتادة، وهو دَمٌ طبيعيٌّ، ليسَ له سببٌ مِن مَرَضٍ، أو جُرْحٍ، أو سُقوطٍ، أو ولادَة - ﴿ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾: أي مُستقذَرٌ يَضُرُّ مَن يَقْرَبُه، ﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾: أي فاجتنبوا جمَاع النساء مُدَّة الحَيْض، ﴿ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾: أي حتى يَنقطِعَ الدم عنهُنَّ، ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ﴾ بالماء واغتسلنَ ﴿ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ وهو القبُل لا الدُّبُر، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ المُكثِرين من الاستغفار والتوبة، ﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ الذين يبتعدون عن الفواحش والأقذار).

الآية 223: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾: أي مَوضِع زرْعٍ لكم، تضَعُونَ النُّطفة في أرحامِهنَّ، ﴿ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾: أي بأي كَيْفِيَّةٍ شِئتم، طالما أنَّ ذلك في مَحِلِّ الجماع، وهو القبُل، ﴿ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ ﴾ أعمالاً صالحة، ومِن هذه الأعمال: تحصينُ النفس والزوجة بالجماع، وإنجابُ الأولاد الصالحين الذين يُوَحِّدُونَ اللهَ تعالى، ويَدعُونَ - طوالَ حياتِهم - لوالدَيْهِم، وقد قال بعضُ المُفسِّرين في قوله تعالى: ﴿ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ ﴾: أي وابدؤوا بالمُدَاعَبَة والمُلاطفة، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ بمُراعاة أوامِرهِ وَحُدودِه، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ﴾ فلا تَغفلوا عن ذِكْرهِ وطاعتِهِ؛ إذ إنَّ هذا هو الزادُ الذي ينفعُكُم يومَ تقفونَ بينَ يَدَيهِ سُبحانه، ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ بما يُفرِّحُهُم وَيَسُرُّهُم مِن حُسن الجزاء في الآخرة).

الآية 224: ﴿ وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ ﴾: أي ولا تجعلوا حَلِفَكُم باللهِ مانِعًا لكم مِن ﴿ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ﴾، وذلكَ بأن تُدْعَوا إلى فعل شيءٍ مِن هذه الأشياء: (البِر - وهو أيُّ فِعل مِن أفعال الخير - والتقوى، والإصلاح بينَ الناس)، فتحْتَجُّوا بأنكم قد أقسمتم باللهِ ألا تفعلوا ذلك، بل على الحالِفِ أن يَرجِعَ عن حَلِفِهِ، ويَفعل أفعالَ البرِّ، ويُكَفِّرَ عن يَمِينِهِ، ولا يَعتاد ذلك، ﴿ وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾ لأقوالِكم ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بجميع أحوالِكم).

الآية 225: ﴿ لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ﴾: أي لا يُعاقبُكمُ اللهُ بسبب أيمانِكُم التي تحلفونها بغير قصد؛ وذلك بأنْ يَذكُرَ الإنسان لفظ الجَلالة بصيغةِ القَسَم (وَاللهِ)، ولكنْ - ليسَ في نِيَّتِهِ - عقد اليَمين، كأنْ يُقَدِّمَ طعامًا لِضَيفِهِ، ويقول له: (وَاللهِ لَتأكُلنَّ)، وهو ليسَ في نِيَّتِهِ القسَم، وكذلك أن يَحلفَ الإنسانُ على شيءٍ يَظنُّهُ كَذا، ثم يَتبَيَّنُ لهُ خِلافُ ما ظَنَّ، مِثلَ أنْ يقول: (واللهِ ليسَ في جَيْبي دِرْهَمٌ ولا دِينارٌ)، وهو ظانٌّ - أو جازمٌ - أنه ليسَ في جيبهِ شيءٌ مِن ذلك، ثم يَجدهُ، فهذا لا يؤاخذكم اللهُ عليه، ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾: أي بما قصدَتْه قلوبُكُم مِن الإثم، وذلك كأن يَحلِفَ المرءُ باللهِ - كَذِبًا - ليَأخُذَ حَقَّ أخيهِ المُسلِم بيمينِهِ الكاذبة، فهذه هي اليَمِين الغَمُوس، التي تغمِسُ صاحبَها في الإثم، ثم تغمِسُهُ في النار، وهذه لا تنفعُ فيها كفارة اليَمين - وهي الكفارة المَشروعة لِمَن حَلفَ حَلِفًا ثم نَقضَهُ - وإنما على صاحب اليَمين الغمُوس: التوبة؛ وذلك بتكذيب نفسه، والاعتراف بذنبه، وَرَدِّ الحق الذي أخذهُ إلى صاحبه، وبذلكَ يغفرُ اللهُ تعالى له، ﴿ وَاللَّهُ غفورٌ ﴾ لِمَن تابَ مِن ذنوبه، ﴿ حليمٌ ﴾ على عبادِهِ؛ حيثُ لم يُعاجل مَن عَصاهُ بالعقوبة).





الآية 226: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسَائِهِمْ ﴾: أي على الذين يَحلِفون باللهِ ألاَّ يُجامِعُوا نساءَهم: ﴿ تَرَبُّصُ ﴾: أي انتظار ﴿ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا ﴾: أي فإن رجعوا - عن حَلِفِهم - وجامَعوا نِساءهُم قبل فوات الأشهر الأربعة: ﴿ فإنَّ اللهَ غفورٌ ﴾ لِما وقعَ منهم مِن الرجوع عن الحَلِف، وكذلك يَغفرُ لهم ما ارتكبوهُ مِن الذنب في حَق نسائِهم، ﴿ رحيمٌ ﴾ بهم؛ حيث جَعلَ لأيْمانِهِم كفارة، ولم يجعلها لازمة لهم غير قابلة للانفِكاك، ورحيمٌ بهم أيضًا بسبب توبتهم؛ حيثُ رجعوا إلى زوجاتهم، وَحَنُّوا عليهنَّ وَرَحِمُوهُنَّ).

الآية 227: ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ﴾: أي وإنْ صَمَّموا على الطلاق؛ وذلك باستمرارهِم في اليَمين، وترْكِ الجِمَاع، فقد وَجَبَ على الزوج أن يُطَلِّقَ زَوجته، وإلاَّ أجبرَهُ الحاكم - أو القاضي - على تَطليقِها، فإن أبَى: طلقهَا القاضي عليه، ﴿ فإنَّ الله سميعٌ عليم ﴾: أي وليَعلمْ مَن يَحلِفُ هذا الحَلِف أنَّ اللهَ سميعٌ لأقوالهِم، عليمٌ بمقاصِدِهِم السيئة، وسيُجازيهم على ذلكَ فليَحذروه، وفي هذا وَعِيدٌ وتهديدٌ لِمَنْ يَحلف هذا الحَلِف ويَقصِدُ به الإضرارَ بزوجته، واعلم أنَّ الطَّلاقَ هو: فكُّ رابطةِ الزوجية؛ وذلكَ بقوْلِ الزوج: (هي طالِق أو: هي مُطلقة أو: طلقتُكِ)، وأما إذا عَلقَ الزوجُ الطلاقَ بشرطٍ ما (كأن يقولَ مَثلاً: إنْ تفعلِي كذا: تكُونِي طالقًا)، فقد أفتى الشَيْخُ مصطفى العَدَويُّ - أثابهُ الله - بأنَّ هذا لا يَقَعُ طلاقًا، وإنما عليهِ أن يُكَفِّرَ كفارة يَمِين (وذلكَ بأن يُطعِمَ عشرة مساكين - وَجبة مُشبِعة - مِن أوْسَطِ طعام بَيتِه، أو أن يَكسِوَهُم (سواء كانَ الكِساء قديمًا أو جديدًا، المُهمُّ أن يكون يَصلح - لهم - للارتداء)، أو أن يَعتقَ عبدًا أو جارية، فمَن لم يستطعْ إطعامَ المساكين أو كِسوَتهم - بسبب فقرهِ مثلاً - وكذلك لم يَجدْ عبدًا يعتقه: فعليه أن يصومَ ثلاثة أيام)، وعليهِ ألاَّ يعتاد ذلك القول، حتى لا يقع في الإثم؛ فقد قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ [البقرة: 231]، (وبالطبع لا نُنكِرُ على مَن يأخذ بالرأي الآخَر في هذه المَسألة، فإنَّ ذلك الأمرَ - وهو وقوع الطلاق مِن عَدَمِهِ بسبب ذلك القول - هو مَحلُّ خِلاف مُعتبَر بين العلماء).

الآية 228: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ ﴾ اللاتِي ما زالَ يَنزلُ عليهنَّ الحَيْض، (يعني لم يبلُغنَ ما يُعرَفُ بـ (سِنِّ اليأس)، وكذلك لم يَستأصِلنَ الرَّحِم - أو غير ذلك - مما يتسبَّب في انقطاع الحَيض عنهُنَّ)، فهؤلاء يَجب عليهنَّ - بعدَ الطلاق - أن ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾: أي يَنتظِرنَ ﴿ بِأَنفُسِهِنَّ ﴾- دونَ زواجٍ مِن رجلٍ آخر، وذلك لِمُدَّةِ: ﴿ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ : أي ثلاث حَيْضات (وذلك على الراجح من أقوال العلماء)، يعني لا بد أن يَمُرَّ عليها الحَيْض ثلاث مرات، تبدأ في عَدِّ هذه الثلاث: مِن لحظة الطلاق، فإنْ أتَى عليها الحَيْض بعد الطلاق ولو بلحظة: احتسبت هذه الحَيضة من الحَيْضات الثلاث، أما إذا طلقها وهي حائض: فإنها لا تحتسب هذه الحَيْضة - التي وقع فيها الطلاق - مِن الثلاث حَيْضات، واعلم أنَّ تلك المُدَّة تكونُ على سبيل العِدَّة (وهي المدة التي تنتظر فيها المرأة دونَ زواجٍ مِن رجل آخر)؛ وذلك للتأكُد مِن فراغ الرَحِم مِن الحَمل، وكذلك لإعطاء الفرصة للزوجين في الترَوِّي والرجوع إلى بناء الأسرة المتهدمة بسبب الطلاق، وكذلك لضمان استحقاق الزوجة للنفقة والسَّكَن - مِن الزوج - ما دامت في العِدَّة، (وأما حُكم المُطلَّقة اليائسة مِن الحَيْض - وكذلك التي لم تبلغ سِنَّ الحَيْضِ بعد -: فهؤلاءِ عِدَتهُنَّ ثلاثة أشهُر مِن لحظة الطلاق، وأما المُطلَّقات الحَوَامِل: فعِدَتهُنَّ وَضْعُ الحَمْل، وأما المُطلَّقات اللاتِي لم يُدخَلْ بهنَّ بعد: فليسَ لهنَّ عِدَّة، وأما المُطلَّقات الإماء (أي الجَواري): فعِدَتهُنَّ حَيْضَتان فقط (كما هُوَ قوْلُ الصحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم)، ﴿ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ﴾: أي يُخفِينَ ﴿ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ﴾ مِن الحَمْل أو الحَيْض، فكِتمانُها لِلحَمْل - استعجالاً مِنها لانقضاءِ العِدَّة - يؤدي إلى اختلاط الأنساب؛ لأنها سَتُلْحِقُهُ بغير أبيهِ، مِمَّا سَيُؤدي إلى أنْ يقطَعَ هذا المَوْلُود - الذي في بطنِها - رَحِمَهُ الأصلي، وأنْ يُحرَمَ مِن حَقِّهِ في مِيراث أبيهِ الحقيقي، وَمِن الممكن أن يتزوجَ أحد مَحارمِهِ دونَ أن يعلم، وغير ذلك مِما فيهِ مِن الشر والفساد، ما لا يعلمه إلا ربُّ العِباد، وأما كِتمانُ الحَيْض؛ وذلك بأنْ تخبر أنَّ الحَيْض قد أتاها، وهو لم يأتِ بعد - كَذِبًا منها واستعجالاً لانقضاءِ العِدَّة - ففيهِ مِن انقطاع حق الزوج عنها، وإباحة نفسها لغيره، وما يتفرع عن ذلك مِن الشَر الذي ذكرناهُ من اختلاط الأنساب وغيره، وأما إنْ كذبَتْ وأخبرَتْ بعدم وجود الحيض - كذبًا منها وطلبًا لتطويل العِدَّة - حتى تأخذ مِن الزوجِ نفقة غير واجبة عليه، بل هي حرامٌ عليها، وربما راجَعَها بعد انقضاءِ العِدَّةِ عنها وهو لا يعلم، لأنها لم تُخبرْهُ بمرور ثلاث حَيْضات عليها، فيكونُ ذلك زنًا؛ لِكَوْنِها أصبحتْ أجنبية عنهُ، فلهذا قال تعالى: ﴿ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾، لأنَّ صُدُورَ الكِتمان مِنهُنَّ: دليلٌ على عدم إيمانِهنَّ باللهِ واليوم الآخر، وإلاَّ، فلو آمَنَّ باللهِ واليوم الآخِر، وَعَرَفنَ أنهنَّ مَجْزيَّاتٌ عن أعمالِهنَّ: لم يَصدرْ مِنهُنَّ ذلك الكِتمان، ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ ﴾: أي وأزواج هؤلاء المطلقات ﴿ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ﴾: أي أحَق بمُراجعتِهنَّ في ذَلِكَ الوقت (وهو وقت الانتظار أو وقت العِدة)، بأن يقول لها: (راجَعْتُكِ)، أو بأنْ يُجامِعَها، وذلكَ ﴿ إِنْ أَرَادُوا ﴾ بتلك المُراجَعَة: ﴿ إِصْلاحًا ﴾ وخيرًا، ولا يَحِلُّ أن تكونَ المُراجَعَة بقصدِ الإضرار - تعذيبًا لهُنَّ بتطويل العِدَّة - وذلك بأن يُطلِقها، ثم ينتظر إلى قبل انتهاء العِدَّة فيُراجعها، ثم يَعُودُ فيُطلقها مرة أخرى وهكذا، ﴿ وَلَهُنَّ ﴾ مِن الحقوق والواجبات ﴿ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ﴾ للزوج ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: أي على الوجه المُستَحْسَن شَرْعًا وعُرفًا، وقد قال ابنُ عباس رَضِيَ اللُهُ عنهما في هذه الآية: "إني لأحِبُّ أن أتزينَ لامرأتي، كما أحِبُّ أن تتزينَ لي"، ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾: أي مَنزلة زائدة مِن القوامَة على البيت، ومِلكُ الطلاق، ومَنصِبُ النُّبوة والقضاء والإمامة، وغير ذلك، ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم.

الآية 229: ﴿ الطَّلاقُ ﴾ الذي تحصُلُ بهِ الرَجْعَة ﴿ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ﴾: أي فحُكْمُ اللهِ بعدَ كلِ طلقةٍ منهما هو: إمساكُ المرأةِ بالمعروف، وَحُسْنُ العِشرَة بعدَ مُراجَعتِها، ﴿ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾: يعني أو تَخلِيَة سبيلِها، معَ حُسْن مُعاملتِها - بأداءِ حقوقِها، وألاَّ يَذكُرهَا مُطلِّقُهَا بسُوء، ﴿ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ ﴾ أيها الأزواج ﴿ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا ﴾ مِن المَهْر ونحوه، إلا في حالةٍ واحدة وهي: ﴿ إِلَّا أَنْ يَخَافَا ﴾ أي: الزوجان ﴿ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾: أي ألا يَقومَا بالحقوق الزوجية، وألا يقوما بما يَجب عليهما مِن طاعةِ الله تعالى، واجتناب مَعصيتِه، أو أن تكرَهَ المرأة زوجَها ولا تُطِق البقاءَ معه، فحينئذٍ يَعرضان أمرَهُما على أولياء الزوج والزوجة، أو القاضي، ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ أيها الأولياء ﴿ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾: أي فلا حرجَ على الزوجين فيما تدفعُهُ المرأة للزوج مقابل طلاقِها، وهو ما يُسَمَّى بـ (الخُلع)، ويكونُ الزوجُ في هذه الحالة غيرُ ظالمٍ لها في أخْذِ هذا المال، لأنها دفعتهُ له برضاها، وكذلك تكونُ عِدَّة المُختلعَة: ثلاثة قروء مثل عِدَّة المُطلقة، وهذا هو قول الجمهور، ﴿ تلك ﴾: أي ما سبقَ مِن التشريعات والأحكام هي ﴿ حدودُ الله ﴾ الفاصلة بين الحلال والحرام، ﴿ فَلا تَعْتَدُوهَا ﴾: أي فلا تتجاوزوها، ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هم الظالمونَ ﴾ أنفسَهُم بتعريضِها لعذاب الله، واعلم أنَّ الظلم ثلاثة أقسام: الظلمُ الأكبَر (الذي هو الشِّرك، كما قال تعالى: ﴿ إنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عظيمٌ ﴾، وهذا لا يُغفَرُ للعبدِ إلا بالتوبةِ منه، وظلمُ العبدِ لأخيهِ الإنسان، وهذا لا بد مِن التَحَلُّلِ منه وَرَدِّ الحقوق لأصحابها، وظلمُ العبدِ لِنفسِهِ بتعدي حَدٍّ مِن حدودِ اللهِ تعالى، فإنْ تابَ العبدُ منها، وقبِلَ اللهُ تَوْبَتَهُ: فإنَّ اللهَ تعالى يَغفِرُ له، وأما إذا لم يَتُبْ منها: فهذا أمْرُهُ إلى الله: إنْ شاءَ عَذّبَهُ، وإنْ شاء غفرَ له).

الآية 230: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ زوجُها الطلقة الثالثة ﴿ فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ زواجًا صحيحًا يُجامِعُها فيه، ويكون الزواجُ عن رَغبةٍ، لا بِنِيَّةِ تحليل المرأةِ لزوجها الأول؛ لأنَّ هذا مِن الكبائر، وبالطبع يكون هذا الزواج بعد انتهاء عِدَّتها، ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا ﴾ الزوجُ الآخرُ - أو ماتَ عنها - وانقضت عِدَّتها: ﴿ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾: أي المرأة وزوجُها الأول ﴿ أَنْ يَتَرَاجَعَا ﴾ بعقدٍ جديدٍ، ومَهرٍ جديد، هذا ﴿ إِنْ ظَنَّا ﴾: أي غلبَ على ظنِهِما ﴿ أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ﴾، وأن تطِيبَ العِشرَة بينهما، وألا يتكرَّر ذلك الاعتداء الذي أدَّى إلى الطلاق ثلاث مرات، ﴿ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يبينها لقوم يعلمونَ ﴾ أحكامَهُ وحدوده؛ لأنَّ العالِمِين بها هم الذين ينتفعون بتلك الأحكام، فيقفون عندها ولا يتعدونها، فيَسْلمونَ بذلكَ مِن الظلم وعقوبة الظالمين.

الآية 231: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ دونَ الثلاث، أي طلاقًا رَجعِيًّا بواحدةٍ أو ثِنتيْن، ﴿ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾: أي فقارَبْنَ انقضاءَ عِدَتِهنَّ: ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾: أي فراجعُوهُنَّ، وَنِيَّتكُم: القيامُ بحقوقِهنَّ على الوَجْهِ المُسْتحْسَن شَرعًا وعُرفًا، ﴿ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا ﴾: أي واحذروا أن تكونَ مُراجَعَتهُنَّ بقصدِ الإضرار بهنَّ ﴿ لِتَعْتَدُوا ﴾ على حُقوقِهن، حتى تضطر المرأة المظلومة إلى المُخالعة، فتفدِي نفسها منه بالمال وتتنازل عنه، حتى تتخلص مِن هذا الزوج الظالم، ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ﴾ منكم أيها الأزواج ﴿ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾: أي لَعِبًا بها، وهو التجَرُّؤ عليها، وعدم الامتثال لواجبها، ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ باللسانِ: ثناءً وحَمدًا، وبالقلبِ: اعترافًا وإقرارًا، وبالجَوارح: بصَرْفِها في طاعةِ الله، ﴿ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ﴾: أي واذكروا ما أنزلَ عليكم مِن القرآن والسُنَّة، فهو ﴿ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾: أي يُذكِّركم بما في الكتاب والسُنَّة مِن أحكام، ويُخوفكم مِن المُخالفة، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

الآية 232: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ دونَ الثلاث، أي طلاقًا رَجعِيًّا بواحدةٍ أو ثِنتيْن، ولكنْ: ﴿ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾: أي فانتهت عِدَّتُهُنَّ مِن غير أن تراجعُوهُنَّ في أثناء العِدَّة: ﴿ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ﴾: أي فلا تمنعوا - أيها الأولياء - المُطلقاتِ مِن ﴿ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ﴾: أي مِن العودة إلى أزواجهنَّ مرة أخرى بعقدٍ جديدٍ إذا أرَدْنَ ذلك، و﴿ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: أي إذا حدث التراضِي شَرعًا وعُرفًا بين الأزواج والزوجات، ﴿ ذَلِكَ ﴾: أي تَرْكَ العَضَل - وهو المَنْع - وتمْكِين الأزواج مِن نِكاح زوجاتِهم، ﴿ يُوعَظُ بِهِ مَن كانَ ﴾: أي بهذا يَعِظ اللهُ المُؤمِن الذي ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾، ويَستجيبُ للهِ ولرسوله، ولا يتبعُ هَوَاهُ، ﴿ ذَلِكُمْ ﴾: أي عودة الزوجين لبعضهما مرة أخرى ﴿ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ﴾: أي أكثرُ نماءً وطهارة لأعراضِكم، وأعظمُ مَنفعة وثوابًا لكم، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ﴾ ما فيه صَلاحكُم ﴿ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ ذلك، فسارعوا إلى التسليم بقبول شرْعِه، والانصِياع لأمْره.




تفسير الربع الخامس عشر من سورة البقرة بأسلوب بسيط


الآية 233: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ ﴾: أيْ: عامين﴿ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ﴾: أيْ: وعلى الآباء - الذين وُلد لهم هذا المولود -: ﴿ رِزْقُهُنَّ ﴾: أيْ: أن يكفُلوا للمُرضعات المُطلَّقات طعامَهن ﴿ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: أيْ: بحسب حال الوالد من الغنى والفقر، ﴿ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ﴾: أيْ: لا يُكلف اللهُ نفسًا إلا قدر طاقتها في الإنفاق، ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ﴾: أيْ: لا يحِل أن تؤذى الأمُّ بولدها، وذلك بمنعها من إرضاعه، أو بمنعها الأجرة على إرضاعه، هذا في حال طلاقها، أو موت زوجها، ﴿ وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾: أيْ: وكذلك لا يحِل أن يُؤذى المولودُ له - وهو الأب - بسبب ولده، وذلك بأن يُطالَب بنفقةٍ باهظةٍ لا يقدرُ عليها، ﴿ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾: أيْ: وإن كان الأبُ ميتًا، أو كان فقيرًا لا يقدرُ على دفع نفقة الأم المُرضِعة، أو كان غير موجودٍ لأيِّ سبب، وكان الطفلُ ليس له مالٌ: فإن نفقة الأم وكسوتها تجب على الوارث (الذي سيرثُ الطفل مُستقبلًا إذا مات)، وهذا هو قول الجُمهور، ومعنى قوله تعالى: ﴿ مثلُ ذَلِك ﴾ أيْ: مثلُ ماكان يجبُ على الوالد من النفقة (إذا كان موجودًا وقادرًا على دفعها)، ﴿ فَإِنْ أَرَادَا ﴾: أيْ: الوالدان ﴿ فِصَالًا ﴾: أيْ: أن يفطموا المولودقبل انتهاء السنتين، وكان ذلك ﴿ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ﴾ في ذلك؛ ليصلا إلى مافيه مصلحة المولود، فإن كان ذلك في مصلحته، ورضِيا: فلا جُناح عليهما، يعني: فلا إثم عليهما، ويُفهمُ من الآية: أنه إذا رضي أحدُهما دون الآخر، أو لم يكُن الفطام في مصلحة الطفل - فإنه لا يجوزُ فطامُه، ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ ﴾: أيْ: أن تطلبوا إرضاع المولود من مُرضِعة أخرى غيروالدته:﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ ﴾: أيْ: إذا أعطيتم المُرضعات من الأجر مثل ﴿ مَا آتَيْتُمْ ﴾: أيْ: مثل ما أعطيتمُوهن من وعدٍ واتفاق إذا تم الإرضاع، وهذا مثل قول أحدهم: (أنا أعطيتُك كلمة، أو أعطيتُك وعدًا)، فيكونُ معنى: ﴿ إذا سلمتُم ما آتيتُم ﴾ أيْ: إذا سلمتمُوهُن ما اتفقتم عليه من الأجر ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: أيْ: بما يتعارفُ عليه الناسُ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.

الآية 234:﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ﴾: أيْ: والذين يموتون منكم،﴿ وَيَذَرُونَ ﴾: أيْ: ويتركون ﴿ أَزْوَاجًا ﴾ بعدهُم، فعلى هؤلاء الزوجات أن ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾: يعنيْ: ينتظرن بأنفسهن مُدةأربعة أشهُرٍ وعشرة أيام، (لا يتزوَّجن في هذه المُدة، ولا يتزينَّ في البيت؛ وذلك إظهارًا للحُزن على الزوج، وفاءً لهُ واعترافًا منها بالفضل والجميل، ولا يخرُجن من منزل الزوجية إلا لضرورة)، واعلم أن تلك المُدة تكونُ على سبيل العدة، وهنا قد يتساءلُ بعضٌ عن الحكمة من هذه العدة، فدعُونا نُجِبْ ابتداءً بأن الأصل فينا أننا مسلمون، والإسلام معناه: الاستسلام والخضوع والانقياد التام لأوامر الله تعالى، سواء علمنا الحكمة من الأمر الشرعي، أم لم نعلمها؛ إذ إننا نطيع إيمانًا منا بأن الله تعالى قد أمرنا بذلك، وأنه سبحانه حكيمٌ في شرعه وتدبيره، يضع الشيء في موضعه المناسب، وأنه سبحانه يعلم ما فيه صلاحنا ونحن لا نعلم ذلك، ولذلك قال: ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وقد يظهر الله لنا الحكمة من أمرٍ ما، وقد يُخفيها عنا - اختبارًا لإيماننا - فينبغي ألا نعلق طاعتنا لله تعالى بمعرفة الحكمة، فإن علمناها: فلله الحمد والمنة، وإن لم نعلمها قلنا: (سمعنا وأطعنا).

هذا، وقد اجتهد بعضٌ - من العلماء وغيرهم - في معرفة بعض هذه الحِكَم، فمن ذلك: التأكُّد من فراغ الرحِم من الحمْل، وحتى تنسى الزوجة - في هذه المدة - سلوك الزوج الأول معها، حتى لا تحدث عندها مقارنة بين الزوجين، فيحدث لها من السخط ما يتسبَّب في إفساد حياتها مع الزوج الثاني،ومنها: إظهار حقِّ الزوج عليها؛ حيث إن طاعة المرأة لزوجها بالمعروف - يعني في غير معصية الله تعالى - والقيام بأمر الزوج، واحتساب الأجر في ذلك عند الله - من أعظم ما تتقرَّب به المرأة إلى ربِّها تبارك وتعالى؛ فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلت المرأة خَمسها، وصامت شهرها، وحفظَتْ فرجَها، وأطاعت زوجَها - قيل لها: ادخلي الجنَّةَ من أيِّ أبواب الجنة شئتِ))، (والحديث في صحيح الجامع برقم: 660)، وفي المقابل: فإن معصية الزوج، وتكدير حياته: ذنبٌ عظيم ومعصية تؤدِّي بالمرأة إلى غضب الله ولعنته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم – أيْ: لا ترتفع إلى السماء، وهو كناية عن عدم القبول، وذكر منهم -: وامرأة باتت وزوجُها عليها ساخط))،(والحديثُ في صحيح الجامع برقم: 3057)، قال الشوكاني رحمه الله: (إن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطًا عليها: من الكبائر)، هذاإذا كان ذلك السخط بسبب سوءخلقها، أو قلة طاعتها، وكان زوجها صالحًا لا يأمرها إلا بخير، ولا يطلب منها إلا ما تطيقه من الأمور المعروفة لا المنكرة، ولعل أحد هذه الحِكَم ما صرَّح به الدكتور جمال الدين إبراهيم (أستاذ علم التسمُّم بجامعة كاليفورنيا ومدير معامل أبحاث الحياة بالولايات المتحدة الأمريكية) مِن أنَّ العلم قد اكتشف حديثًا أن السائل الذكري يختلف من شخصٍ إلى آخر كما تختلف بصمة الأصبع، وأن لكل رجلٍ شفرة خاصة به، وأن المرأة تحمل داخل جسدها جهازًا يختزن هذه الشفرة،وإذادخل على هذا الجهاز أكثر من شفرة فإنه يُصاببالخلل والاضطراب والأمراض الخبيثة، ومع الدراسات المكثَّفة للوصول إلى حل لهذه المشكلة اكتشفوا الإعجاز، واكتشفوا أن الإسلام يعلم مايجهلونه: (وهو أن المرأة تحتاج إلى نفس مدة العدة التي شرعها الإسلام، حتى تستطيعَ استقبال شفرةٍ جديدةٍ بدون أن تُصاب بأذى)،(كما فسَّر هذا الاكتشاف سبب عدم تزوُّج المرأة إلا من رجلٍ واحد).

أما عن اختلاف مدة العدة بين المطلقة والأرملة: فقدأُجريت الدراسات على المطلقات والأرامل، وأثبتت التحاليل أن الأرملة تحتاج إلىوقتٍ أطول من المطلقة لنسيان هذه الشفرة، وذلك يرجع إلى حالتها النفسية؛ حيثتكون حزينة على فقدان زوجها أكثر؛ إذ لم تُصَب منه بضرر الطلاق، بل توفَّاه الله تعالى؛فلذلك هي لا تستطيع نسيان ذلك الزوج الذي عاش معها حياة المودة والرحمة والسكن إلا بعد فترة العدة)،﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾: أيْ: فإذا انتهت المدَّة المذكورة: ﴿ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ يا أولياء النساء ﴿ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: يعنيْ: فيمافعلن في أنفسهن على وجهٍ غيرِ محرَّم ولا مكروه، فيجوز لهنَّ التزيُّن في البيت، والتعرُّض للخُطَّاب، والزواج، والخروج من البيت - كما أمرَ الشرع – يعني: لا يتبرَّجن، ولا يضعن العِطر، وأن يخرجن بملابس واسعةٍ فضفاضة؛ وذلك حتى لا يدخلن في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن المتبرِّجات - كما في صحيح مسلم - : ((لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها))، ﴿ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾، واعلم أنها إذا كانت حاملاً فإنَّ عدَّتها تنقضي بوضْع حملِها.

الآية 235: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ أيها الرجال ﴿ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ ﴾: أيْ: فيما تُلمحون به ﴿ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ﴾ المتوفَّى عنهن أزواجهن، أو المطلقات طلاقًا بائنًا - أيْ: لا رجعةَ فيه - وذلك في أثناء عِدَّتهن، وأما الطلاق الرجعي: فلا تصح الخطبة فيه - لا تلميحًا ولا تصريحًا - لأنها تكون في حكم الزوجة، ﴿ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ﴾: أيْ: ولا جناح عليكم أيضًا فيما أخفيْتُموهفي أنفسكم من نية الزواج بهن بعد انتهاءعدَّتهن، ﴿ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ﴾، ولن تصبروا على السكوتعنهن - بسبب ضعفكم - لذلك أباح لكم أن تذكروهن تلميحًا أو إخفاءً في النفس فقط، ولا تصرِّحوا بذلك؛ لأن التصريح لا يحتمل غير النكاح؛ فلهذا حُرِّم خوفًا من استعجالها، وكذبِها في انقضاء عدتها؛ رغبةً في النكاح، ﴿ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ ﴾ على النكاح ﴿ سِرًّا ﴾ وذلك بالاتفاق معهن على الزواج بعدالعدَّة، فهذا الاتفاق لا يحل طالما أنهن ما زِلن في العدَّة ﴿ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾: أيْ: إلا أن تقولوا قولا يُفهم منه أن مثلها يَرغَب فيها الأزواجُ، أو غير ذلك، ﴿ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ ﴾: أيْ: ولاتعزموا على عقد النكاح﴿ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾: أيْ: حتى تنقضي عدتها، والمراد من الكتاب: المدة التي كتب الله على المعتدة أن تنتظر فيها دون زواج، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾: أيْ: فانووا الخير، ولا تنووا الشرَّ؛ خوفًا من عقابه ورجاءً لثوابه،﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾.

الآية 236: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ﴾ أيها الأزواج ﴿ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ بعد العقد عليهن،﴿ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾: أي قبل أنتدخلوا بهن، أو تحدِّدوا لهنَّ مهرًا، ﴿ وَمَتِّعُوهُنَّ ﴾: أيْ: وأعطوهن شيئًا من المال يتمتَّعن به أيَّامًا؛ عوضًا عما فاتهن من التمتُّع بالزواج، وجبرًا لهن، ودفعًالوحشة الطلاق، وإزالةً للأحقاد، وهذه المتعة تجب بحسب حال الرجل المطلق، فتجب ﴿ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ﴾: يعني: علىالغني قدر سعة رزقه، ﴿ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ ﴾: يعني: وعلى الفقير قدر ما يملكه، وهذا المتاع يكون ﴿ مَتَاعًا ﴾ من كسوةٍ ونفقةٍ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: أيْ: على الوجهالمستحسن شرعًا وعُرْفًا، ﴿ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ﴾: أيْ: وهو حقٌّ ثابتٌ على الذين يُحسنون إلى المطلقات، ويحسنون إلى أنفسهم بطاعةالله، وامتثال أمره).

الآية 237: ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ﴾: أيْ: من قبل أن تدخلوا بهنَّ، ولكن: ﴿ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾: أيْ: وقد حدَّدتم لهنَّ مهرًا: ﴿ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ﴾: أيْ: فيجب عليكم أن تعطوهنَّ نصف المهر المتفَق عليه ﴿ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ﴾: أيْ: إلا أن تعفوا المطلقات، فيتركن نصف المهر المستحَق لهن، ﴿ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ﴾: أو أن يسمح الزوج - الذي بيده حل عقد النكاح - بأن يترك المهر كله للمطلقة، ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾: يعني: وتسامحكم أيها الرجال والنساء - في ذلك - هو أقرب إلى خشية الله تعالى وطاعته، ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾: أيْ: ولا تنسوا أيها الناسأن تتفضلوا وأن تحسنوا فيما بينكم، وهو إعطاء ما ليس بواجبٍ عليكم،والتسامح في الحقوق، لما كان بينكم من معروفٍ وودٍّ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.

الآية 238: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾ الخمس المفروضة، وذلك بالمداومة على أدائها فيأوقاتها بشروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها، ﴿ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾: أيْ: وحافظوا - بالأخصِّ - على الصلاة المتوسِّطة بينها وهيصلاة العصر، ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ ﴾: أيْ: صلُّوا له قيامًا، وكونوا في صلاتكم ﴿ قَانِتِينَ ﴾: أيْ: مطيعين، خاشعين،ساكنين).

الآية 239: ﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾ من عدوٍّ أو من حيوان مفترس أو غير ذلك: ﴿ فَرِجَالًا ﴾: أيْ: فصَلُّوا صلاة الخوف ماشين على أقدامكم، ﴿ أو رُكْبَانًا ﴾: أو راكبين، أو على أي هيئةٍ تستطيعونها ولو بالإيماء - يعني بالانحناء - ولو إلى غير جهة القبلة، ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ ﴾: أيْ: فإذا زال خوفُكم: ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ﴾: أيْ: فأتمواالصلاة كما أمركم، وذلك بأن تُتمُّوا ركوعها وسجودها وقيامها وجلوسها كما تفعلون ذلك في حال الأمن وعدم الخوف، واذكروا الله فيها، ولا تنقصوها عن هيئتها الأصلية، واشكروه ﴿ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ من أمور العبادات والأحكام)، وفي هذا زيادة التأكيد على المحافظة على وقت الصلاة المفروضة؛ حيث أمر الله تعالى بذلك ولو مع الإخلال بكثير من الأركان والشروط، وأنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها، ولو في هذه الحالة الشديدة، فصلاتها على تلك الصورة أفضل - بل وأوجب - من صلاتها باطمئنان بعد انتهاء الوقت.

الآية 240: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾، هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾، وهذا هو قول الجمهور.

الآية 242: (﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ﴾: أيْ: بمثل ذلك البيان الواضح - في أحكام الأولاد والنساء -: يبيِّن الله لكم آياته وأحكامه في كل ما تحتاجونه في معاشكم وآخرتكم ﴿ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: أيْ: لكي تعقلوا تلك الآيات وتعملوا بها).

..........



من سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف أ.د. التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف) واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.



رامى حنفى محمود

شبكة الألوكه الشرعية




تفسير الربع الرابع عشر والخامس عشر من سورة البقرة بأسلوب بسيط






قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
تفسير الربع الرابع والخامس من سورة البقرة بأسلوب بسيط امانى يسرى القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت السديس .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
القران الكريم كاملاً بصوت الحصري 2024 .mp3 - استماع وتحميل Admin القرآن الكريم
معجزات وفواءد سورة البقره قوت القلوب 2 المنتدي الاسلامي العام
مصحف الشيخ ماهر المعيقلي كاملاً بجودة عالية mp3 عاشقة الفردوس القرآن الكريم


الساعة الآن 01:14 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل